الرئيس التونسي يدعو لوقف «تدفق غير طبيعي للمهاجرين على البلاد»

السلطات تقول إنه لا يمكنها تحمل أعباء الأزمة بمفردها

الرئيس التونسي دعا لوقف «تدفق غير طبيعي للمهاجرين على البلاد» (د.ب.أ)
الرئيس التونسي دعا لوقف «تدفق غير طبيعي للمهاجرين على البلاد» (د.ب.أ)
TT

الرئيس التونسي يدعو لوقف «تدفق غير طبيعي للمهاجرين على البلاد»

الرئيس التونسي دعا لوقف «تدفق غير طبيعي للمهاجرين على البلاد» (د.ب.أ)
الرئيس التونسي دعا لوقف «تدفق غير طبيعي للمهاجرين على البلاد» (د.ب.أ)

وصف الرئيس التونسي، قيس سعيد، تدفق المهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء على بلاده بـ«غير الطبيعي»، داعياً في اجتماع لمجلس الأمن القومي إلى مواجهة الوضع بـ«طريقة مختلفة»، حسبما أوردته «وكالة الأنباء الألمانية» اليوم.

تونسيون يتظاهرون وسط مدينة العامرة للمطالبة بإجلاء المهاجرين غير الشرعيين (إ.ب.أ)

وقال سعيد، في كلمة له خلال الاجتماع الذي بثته الرئاسة التونسية على صفحتها الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، إن المئات يدخلون البلاد يومياً، موضحاً أنه تم أمس (الاثنين) إعادة 400 مهاجر على الحدود الشرقية، المتاخمة لليبيا.

وتشهد تونس منذ عامين أو ثلاثة أعوام تدفقاً لافتاً للمهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء، بنيِّة العبور إلى سواحل الجزر الإيطالية، ومنها إلى دول الاتحاد الأوروبي، بحثاً عن فرص أفضل للحياة.

وقد سجلت الوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل (فرونتكس) طفرة قياسية في تدفق المهاجرين عبر سواحل تونس في 2023، بما يعادل ثلثي الواصلين إلى الجزر الإيطالية، والبالغ عددهم أكثر من 150 ألفاً.

مهاجرون سريون داخل أحد المخيمات التي أقاموها بضواحي مدينة جبنيانة (إ.ب.أ)

وتقول تونس إنه لا يمكنها تحمل أعباء الأزمة بمفردها، ولا يمكن أن تتحول إلى بلد لتوطين آلاف من المهاجرين غير النظاميين وطالبي اللجوء. وأضاف سعيد موضحاً أن بلاده «تقوم بالتنسيق المستمر مع الدول المجاورة؛ لكن لا بد من أن نواجه الوضع اليوم بطريقة مختلفة؛ لأنه لا يمكن أن يستمر... فالمهاجرون -وإن كانوا ضحايا- فلسنا نحن سبباً في وضعياتهم؛ بل هم ضحايا نظام عالمي».

وكثفت إيطاليا والاتحاد الأوروبي عمليات التنسيق مع تونس، للحد من التدفقات العالية للمهاجرين، وتقديم مساعدات مالية ولوجيستية. لكن الأعداد الكبيرة للمهاجرين تنذر بأزمة اجتماعية مع السكان المحليين في عدة ولايات، في وقت تواجه فيه البلاد صعوبات اقتصادية.

في هذا السياق، قال خالد الغالي، رئيس «الاتحاد الجهوي للشغل»، أكبر المنظمات الوطنية التونسية في مدينتي جبنيانة والعامرة، بولاية صفاقس التي تشهد تركيزاً كبيراً للمهاجرين في غابات الزيتون، إنه يتعين على الاتحاد الأوروبي أن يشارك في تحمل أعباء الأزمة. وتابع الغالي، في تصريحه لـ«وكالة الأنباء الألمانية»، قائلاً: «يجب أن تكون هناك حلول وتعاون بين جميع الأطراف. وإذا كان التفكير في مخيم للإخوة المهاجرين، فمَن سيشرف عليه. يتعين على الاتحاد الأوروبي والمنظمات الدولية تحمل مسؤولياتهم».

مهاجران أفريقيان داخل خيمة بأحد مخيمات المهاجرين في صفاقس (إ.ب.أ)

والسبت الماضي، تظاهر مئات التونسيين في ولاية صفاقس (وسط) للمطالبة بالإجلاء «السريع» لآلاف المهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء الموجودين في المنطقة، حسب تقرير لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». كما تظاهر مئات وسط مدينة العامرة. واعتبر النائب البرلماني طارق مهدي أن «الوضع في العامرة غير مقبول، وعلى السلطات إيجاد حل»، مستنكراً وجود عدد كبير من المهاجرين من دول جنوب الصحراء في المدينة الصغيرة.

في منتصف سبتمبر (أيلول) الماضي، أقام آلاف المهاجرين ملاجئ في مخيمات مؤقتة، بعد إجلائهم من وسط مدينة صفاقس، وانضم إليهم آخرون في بساتين الزيتون؛ حيث ينتظرون فرصة الهجرة خلسة إلى إيطاليا من الشواطئ التي تبعد عن المدينة نحو 15 كيلومتراً فقط. وفي الأسابيع الأخيرة، دمَّرت الشرطة الملاجئ في عدة مخيمات، بعد شكاوى من السكان الغاضبين. كما تم الجمعة الماضي إجلاء مئات من المهاجرين قسراً من مخيمات أقيمت أمام مقرات وكالات الأمم المتحدة في العاصمة تونس، ثم «تم ترحيلهم إلى الحدود الجزائرية»، حسب المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.


مقالات ذات صلة

تونس: احتجاجات بعد تشييع 3 ضحايا لانهيار سور مدرسة

شمال افريقيا الرئيس قيس سعيد وجّه بتحديد المسؤولين عن وقوع الحادث الأليم (أ.ف.ب)

تونس: احتجاجات بعد تشييع 3 ضحايا لانهيار سور مدرسة

تجمع المئات من المحتجين في تونس، الثلاثاء، أمام مقر الحرس الوطني بمدينة مزونة، بعد تشييع ضحايا انهيار سور مدرسة ثانوية.

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا جانب من المظاهرات التي رافقت محاكمة المتهمين في ملف التآمر على أمن الدولة (رويترز)

احتجاجات ترافق محاكمة معارضين للرئيس التونسي بتهمة «التآمر»

انطلقت اليوم الثلاثاء في العاصمة التونسية محاكمة عشرات الأشخاص من مسؤولين في أحزاب سياسية، ومحامين وشخصيات في مجال الأعمال ووسائل الإعلام.

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا مظاهرات سابقة ضد السلطات احتجاجاً على «قمع الحريات» (إ.ب.أ)

الأمم المتحدة تُدين «اضطهاد» المعارضين في تونس

أدانت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، الثلاثاء، «اضطهاد المعارضين» في تونس، ودعت السلطات إلى وضع حد لموجة الاعتقالات.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا من مظاهرة سابقة نظَّمها صحافيون احتجاجاً على تقييد الحريات (رويترز)

القضاء التونسي يخفف أحكام 4 من صناع المحتوى

خفّفت محكمة الاستئناف في تونس العاصمة، عقوبات أربعة من صانعي المحتوى على منصتي «إنستغرام» و«تيك توك»، حُكم عليهم ابتدائياً بالسجن لمدد تصل إلى أكثر 4 سنوات.

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا نجيب الشابي رئيس «جبهة الخلاص» المعارضة (إ.ب.أ)

تونس «جبهة الخلاص» المعارضة تطالب بالإفراج عن سجناء الرأي

دعت «جبهة الخلاص الوطني» المعارِضة في تونس السلطات إلى الإفراج عن سجناء الرأي، وفتح حوار وطني حول الإصلاحات.

«الشرق الأوسط» (تونس)

عشرات القتلى المدنيين في الفاشر بدارفور

نازحون فروا من مخيم «زمزم» إلى مخيم بالعراء في دارفور الغربية (أرشيفية - أ.ف.ب)
نازحون فروا من مخيم «زمزم» إلى مخيم بالعراء في دارفور الغربية (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

عشرات القتلى المدنيين في الفاشر بدارفور

نازحون فروا من مخيم «زمزم» إلى مخيم بالعراء في دارفور الغربية (أرشيفية - أ.ف.ب)
نازحون فروا من مخيم «زمزم» إلى مخيم بالعراء في دارفور الغربية (أرشيفية - أ.ف.ب)

قُتل عشرات المدنيين في مدينة الفاشر في إقليم دارفور غرب السودان، وفق ما أفاد مصدر طبي ونشطاء محليون، الخميس، في ظل تصاعد الاشتباكات، ووسط مخاوف من اقتحام «قوات الدعم السريع» للمدينة.

وأوضحت «لجان المقاومة في الفاشر» أن المدنيين قُتلوا الأربعاء في اشتباكات وقصف نفذته «قوات الدعم السريع» التي تخوض حرباً ضد الجيش منذ أبريل (نيسان) 2023.

ووقعت أعمال العنف بعد أيام من مقتل أكثر من 400 شخص في هجمات لـ«الدعم السريع» على الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، ومخيمات نازحين قريبة، وفقاً للأمم المتحدة.

وقدّر الجيش السوداني عدد القتلى الأربعاء بـ62 شخصاً، بينهم 15 طفلاً تتراوح أعمارهم بين ثلاث وعشر سنوات، فضلاً عن إصابة العشرات.

صورة قمر اصطناعي تُظهر نيراناً مشتعلة في مخيم «زمزم» للاجئين (أرشيفية - رويترز)

وقال الجيش في بيان إنه صد «الهجوم الشرس» على شرق المدينة، في رد منسق مع «القوة المشتركة من حركات الكفاح المسلح، والمخابرات، والشرطة، والمستنفرين، والمقاومة الشعبية». وأضاف أن «قوات الدعم السريع» قد «قامت بقصف عشوائي للمدينة خلال فترات متقطعة».

وتدافع عن الفاشر مجموعات مسلحة متحالفة مع الجيش تُعرف باسم «القوات المشتركة»، وقامت في الأشهر الماضية بقطع خط إمدادات «الدعم السريع» مراراً.

ويصف خبراء معركة الفاشر بـ«الحيوية» بالنسبة للجيش السوداني وحلفائه.

وتحاصر «الدعم السريع» الفاشر منذ أشهر في محاولة للسيطرة عليها، حيث تظل آخر مدينة رئيسية في دارفور تحت سيطرة الجيش، في حين تسيطر «الدعم السريع» على معظم الإقليم ذي المساحة الشاسعة غرب السودان.

مائة قذيفة يومياً

بحسب محمد، أحد المتطوعين النازحين من مخيم «زمزم» إلى الفاشر، لم يتوقف القصف على الفاشر خلال الأيام الماضية.

وقال محمد لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إنه أصيب بطلق ناري أثناء الهجوم على «زمزم» الأسبوع الجاري. ولعدم وجود منشآت طبية، تلقى محمد ومئات المصابين علاجاً أولياً في أحد منازل المخيم، إلى أن نزح محمولاً إلى داخل مدينة الفاشر.

وأشار محمد إلى نفاد الأدوية من الفاشر التي لم يعد فيها «مسكنات آلام أو مواد حيوية... ونستخدم الكي بالنار لتضميد الجروح وتطهيرها».

ويتلقى وسط الفاشر «مائة قذيفة يومياً»، بحسب محمد الذي طلب عدم نشر اسم عائلته حفاظاً على أمنه، بلا ملاجئ للمدنيين.

وحذرت الأمم المتحدة من توابع وخيمة في حال اقتحام «الدعم السريع» للمدينة التي تعاني انعداماً حاداً للأمن الغذائي.

ويعيش في محيط الفاشر 825 ألف طفل في «جحيم على الأرض»، بحسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة.

فارون من مخيم «زمزم» للاجئين يبحثون عن مأوى في العراء (أرشيفية - أ.ف.ب)

مئات آلاف النازحين

أدت الحرب التي دخلت عامها الثالث الثلاثاء الماضي، إلى مقتل عشرات الآلاف، ونزوح 13 مليون شخص، في ما وصفته الأمم المتحدة بأكبر أزمة جوع ونزوح في العالم.

كما أدى النزاع إلى تقسيم البلاد إلى قسمين عملياً؛ إذ يسيطر الجيش على الوسط والشمال والشرق، في حين تسيطر «الدعم السريع» على كل دارفور تقريباً، بالإضافة إلى أجزاء من الجنوب مع حلفائها.

وبعد الهجوم الكبير الذي شنته الجمعة في دارفور، أعلنت «الدعم السريع» الأحد سيطرتها الكاملة على مخيم «زمزم» للاجئين الذي كان يضم نحو مليون لاجئ، حسب مصادر إغاثية.

وأدى الهجوم إلى نزوح 400 ألف على الأقل من سكان المخيم إلى المدن المجاورة. وقالت «غرفة الطوارئ»، وهي مجموعة متطوعة مدنية بمدينة طويلة القريبة من الفاشر، إن النازحين الجدد «يعانون نقصاً في الغذاء ومياه الشرب ومواد الإيواء»، مع عدم توافر أي مساعدات إنسانية في المنطقة.

وكان مخيم «زمزم» أول منطقة في السودان أُعلنت فيها المجاعة في أغسطس (آب) الماضي. وبحلول ديسمبر (كانون الأول) امتدت المجاعة إلى مخيمين آخرين في دارفور، وفق تقييم مدعوم من الأمم المتحدة.

وحذرت الأمم المتحدة من أن الكثير من النازحين ربما ما زالوا عالقين في «زمزم».