الجيش السوداني يكثف عملياته شمال الخرطوم لقطع إمدادات «الدعم»

الكباشي والحلو يتفقان على تسهيل توصيل المساعدات

الكباشي (يمين) والحلو (يسار) في جوبا بحضور مستشار سلفا كير توت قلواك (وكالة الأنباء السودانية)
الكباشي (يمين) والحلو (يسار) في جوبا بحضور مستشار سلفا كير توت قلواك (وكالة الأنباء السودانية)
TT

الجيش السوداني يكثف عملياته شمال الخرطوم لقطع إمدادات «الدعم»

الكباشي (يمين) والحلو (يسار) في جوبا بحضور مستشار سلفا كير توت قلواك (وكالة الأنباء السودانية)
الكباشي (يمين) والحلو (يسار) في جوبا بحضور مستشار سلفا كير توت قلواك (وكالة الأنباء السودانية)

قال الجيش السوداني في بيان السبت، إنه كثف عملياته في منطقة الكدرو العسكرية شمال العاصمة الخرطوم، لقطع الإمدادات عن قوات «الدعم السريع».

في حين تشهد مختلف جبهات القتال الساخنة في السودان نوعاً من التباطؤ في حدة المواجهات العسكرية، على الرغم من أن طرفي الحرب ظلا يواصلان حشد التعزيزات العسكرية «غير المسبوقة» تأهباً لمعارك مرتقبة في القريب العاجل، لكن بعض التحليلات تصف ذلك الوضع بأنه أقرب إلى هدنة غير معلنة تسبق إرهاصات العودة إلى مسار التفاوض.

وقال الجيش السوداني في بيانه إنه دمر عدداً من شاحنات الوقود والمركبات القتالية «التابعة لقوات الدعم السريع، وقتل جميع من فيها» في شمال الخرطوم.

وفي سياق آخر، تحاول قوات الجيش والفصائل المتحالفة معها منذ أشهر، تنفيذ هجمات مضادة من عدة محاور لاختراق دفاعات «الدعم السريع» التي تسيطر على ولاية الجزيرة (وسط) دون إحراز تقدم يذكر.

آلية للجيش السوداني خلال دورية في الخرطوم مارس الماضي (رويترز)

وأفادت مصادر محلية ونشطاء بأن القوات المشتركة المكونة الجيش السوداني والحركات المسلحة، بأن معارك محدودة تدور منذ يومين في محور الفاو بالقرب من بلدة الشبارقة، التي تقع في المدخل الشرقي لولاية الجزيرة، إلا أن قوات «الدعم السريع» المتمركزة بأعداد كبيرة تصدت لها.

الجدير بالذكر أن استيلاء الجيش على تلك البلدة الصغيرة التي تقع على بعد نحو 40 كيلومتراً من جسر حنتوب الذي يؤدي مباشرة إلى مدخل مدينة ود مدني عاصمة الولاية من ناحية الشرق، ستسهل مهمة استرداد ود مدني.

والأسبوع الماضي، قال المتحدث الرسمي باسم الجيش السوداني، نبيل عبد الله، إن قوات الجيش «أحرزت تقدماً في كل المحاور»، دون أن يكشف أي تفاصيل إضافية عن سير المعارك.

معارك في ولاية الجزيرة

ومنذ أشهر يخطط قادة الجيش السوداني لاستعادة ولاية الجزيرة، وحشدوا لها قوات كبيرة ضمت مقاتلين من الحركات المسلحة والمتطوعين المدنيين «المستنفرين» لتطويق قوات «الدعم السريع» في الولاية من 3 محاور جغرافية.

وقال مقيمون في بلدات قريبة من موقع العمليات العسكرية، إن قوات الجيش السوداني تحاول منذ فترة شن هجمات مباغتة بهدف التسلل، ما يمكنها من التقدم عسكرياً على الأرض، لكن سرعان ما يتم التصدي لها من قبل «الدعم السريع»، وتعود إلى أدراجها إلى مناطق دفاعاتها الأولى خارج الولاية.

ووفقاً للمصادر ذاتها، فإن قوات «الدعم السريع» تحافظ على دفاعاتها المتقدمة التي تنصبها في الطريق الرئيسية وداخل البلدات لمواجهة أي هجوم ينطلق من محور «الفاو»، وهو ما يمكنها من منع أي توغل عميق لقوات الجيش في تلك المناطق.

وقالت المصادر المحلية إن خلو البلدات من السكان ونزوحهم إلى مناطق آمنة أتاح لقوات «الدعم السريع» مساحة من التحرك الواسع والالتفاف، وعرقل أي هجوم بري للجيش السوداني في تلك المنطقة.

الفاشر هادئة

من جهة ثانية، أفادت مصادر في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور بأن المدينة تعيش على صفيح ساخن، على الرغم من توقف المواجهات بين الجيش و«الدعم السريع». وقال الفاضل إبراهيم لـ«الشرق الأوسط»، إن الأوضاع في الفاشر هادئة، إذ لم تشهد أي اشتباكات تذكر خلال الأيام الثلاثة الماضية، مضيفاً: «لكن المخاوف تزداد وسط سكان المدينة من اندلاع معركة في أي وقت».

النيران تلتهم سوقاً في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور نتيجة معارك سابقة (أ.ف.ب)

وأشار إلى أن الجميع يتابعون «بقلق كبير» الحشود العسكرية للجيش والحركات المسلحة من جهة، والحصار الذي تفرضه قوات «الدعم السريع» على المدينة من 3 جهات. وقال إن حدوث أي مواجهات عسكرية داخل الفاشر قد يودي بحياة الآلاف من المدنيين.

ونشرت منصات تابعة لـ«الدعم السريع» في وسائط التواصل الاجتماعي وصول الآلاف من مقاتليها من القبائل العربية إلى مناطق شمال دارفور، وسط تهديدات باقتحام المدينة في أي وقت، على الرغم من التحذيرات الدولية والإقليمية من التداعيات الإنسانية.

كباشي في جوبا

إلى ذلك، أفاد مجلس السيادة الانتقالي بأن عضو المجلس نائب القائد العام للقوات المسلحة، الفريق شمس الدين كباشي، اتفق مع رئيس الحركة الشعبية شمال، عبد العزيز الحلو، على تسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى المتضررين من الحرب.

وذكر بيان المجلس أن الطرفين اتفقا خلال اجتماع في جوبا على «تسهيل إيصال المساعدات الإنسانية في مناطق سيطرة الحكومة، وفي مناطق سيطرة الحركة بشكل فوري كل طرف في مناطق سيطرته».

سلفا كير لدى لقائه الكباشي في جوبا الجمعة (وكالة الأنباء السودانية)

وناقش اللقاء الأزمة السودانية، وتبادل الطرفان الرؤى حول الحلول للملف الإنساني والحل السياسي للأزمة... وتم الاتفاق على أن يلتقي خلال أسبوع وفد لإقرار وثيقة تحدد كيفية إيصال المساعدات»، على حد قول البيان.

وكان كباشي قد وصل إلى جوبا الجمعة، والتقى مع رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت، وناقشا «إحلال السلام في السودان وإيصال المساعدات الإنسانية»، على حد قول بيان لمجلس السيادة.


مقالات ذات صلة

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

شمال افريقيا أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أعلن الجيش السوداني اليوم (السبت) «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع».

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)

«الجنائية الدولية»: ديسمبر للمرافعات الختامية في قضية «كوشيب»

حددت المحكمة الجنائية الدولية ومقرها لاهاي 11 ديسمبر المقبل لبدء المرافعات الختامية في قضية السوداني علي كوشيب، المتهم بارتكاب جرائم حرب وضد الإنسانية بدارفور.

أحمد يونس (كمبالا)
الولايات المتحدة​ مسعفون من جمعية «الهلال الأحمر الفلسطيني» ومتطوعون في الفريق الوطني للاستجابة للكوارث (أ.ب)

الأمم المتحدة: عمال الإغاثة الذين قُتلوا في 2024 أعلى من أي عام آخر

أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن عدد عمال الإغاثة والرعاية الصحية الذين قُتلوا في 2024 أعلى من أي عام آخر، بحسب «أسوشييتد برس».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
شمال افريقيا سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة، فيما تعتزم الحكومة الألمانية دعم مشروع لدمج وتوطين اللاجئين السودانيين في تشاد.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا النيران تلتهم سوقاً للماشية نتيجة معارك سابقة في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أ.ف.ب)

السودان: توغل «الدعم السريع» في النيل الأزرق والجيش يستعيد بلدة

تشير أنباء متداولة إلى أن الجيش أحرز تقدماً كبيراً نحو مدينة سنجة التي سيطرت عليها «قوات الدعم السريع»، يونيو (حزيران) الماضي.

محمد أمين ياسين (نيروبي)

«النواب» المصري على خط أزمة أسعار خدمات الاتصالات

من جلسة سابقة لمجلس النواب المصري (الحكومة المصرية)
من جلسة سابقة لمجلس النواب المصري (الحكومة المصرية)
TT

«النواب» المصري على خط أزمة أسعار خدمات الاتصالات

من جلسة سابقة لمجلس النواب المصري (الحكومة المصرية)
من جلسة سابقة لمجلس النواب المصري (الحكومة المصرية)

دخل مجلس النواب المصري (البرلمان) على خط أزمة أسعار خدمات الاتصالات في البلاد، وذلك بعد أيام من إعلان «الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات» (جهاز حكومي يتبع وزارة الاتصالات) الموافقة مبدئياً على «رفع أسعار خدمات الاتصالات»، و«قرب تطبيق الزيادة الجديدة».

وقدَّم عضو مجلس النواب، النائب عبد السلام خضراوي، طلب إحاطة لرئيس المجلس، ورئيس الوزراء، ووزير الاتصالات حول الزيادة المرتقبة، مطالباً الحكومة بالتدخل لوقف أي زيادات جديدة في أسعار المحمول والإنترنت، في ظل «سوء خدمات شركات المحمول»، على حد قوله.

وجاءت إحاطة خضراوي بالتزامن مع إعلان عدد من النواب، اليوم (السبت)، رفضهم الزيادات المرتقبة، ومنهم النائبة عبلة الهواري، التي قالت لـ«الشرق الأوسط» إنها ترفض قرار الزيادة «في ظل الظروف الاقتصادية الحالية».

وبحسب مصدر برلماني مطلع «يتجه عدد من النواب إلى تقديم طلبات إحاطة برلمانية بشأن زيادة الأسعار المرتقبة على خدمات الاتصالات، حتى لا يتم إقرارها من قبل الحكومة المصرية».

وكان خضراوي قد أكد في إحاطته البرلمانية أنه كان على الحكومة أن تتدخل لإجبار الشركات على تحسين الخدمة، التي «أصبحت سيئة خصوصاً في المناطق الحدودية والقرى»، عادّاً أن الشركات «تحقق أرباحاً كبيرة جداً»، ولا يوجد ما يستدعي رفع الأسعار، سواء في الوقت الحالي أو حتى في المستقبل.

وأعلن الرئيس التنفيذي لـ«الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات»، محمد شمروخ، قبل أيام «الموافقة المبدئية على رفع أسعار خدمات الاتصالات؛ بسبب ارتفاع تكاليف التشغيل التي تواجه شركات الاتصالات». وقال خلال مشاركته في فعاليات «معرض القاهرة الدولي للاتصالات» أخيراً، إن الجهاز «يدرس حالياً التوقيت المناسب لتطبيق الزيادة».

الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات (مجلس الوزراء المصري)

من جهتها، أكدت وكيلة «لجنة الاتصالات» بمجلس النواب، النائبة مرثا محروس، لـ«الشرق الأوسط» أن قرار الزيادة لم يُتَّخذ بعد، لكنه مطروح منذ تحريك سعر الصرف في مارس (آذار) الماضي لأسباب عدة، مرتبطة بالإنفاق الدولاري للشركات، والرغبة في عدم تأثر الخدمات التي تقدمها «نتيجة تغير سعر الصرف»، عادّة أن الزيادة المتوقعة ستكون «طفيفة».

ويشترط القانون المصري موافقة «الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات» قبل تطبيق شركات الاتصالات أي زيادة في الأسعار، في حين ستكون الزيادة الجديدة، حال تطبيقها، هي الثانية خلال عام 2024 بعدما سمح «الجهاز» برفع أسعار خدمات الجوال للمكالمات والبيانات، بنسب تتراوح ما بين 10 و17 في المائة في فبراير (شباط) الماضي.

وتعمل في مصر 4 شركات لخدمات الاتصالات، منها شركة حكومية هي «المصرية للاتصالات»، التي تمتلك أيضاً حصة 45 في المائة من أسهم شركة «فودافون مصر»، وجميعها طلبت زيادة الأسعار مرات عدة في الأشهر الماضية، بحسب تصريحات رسمية لمسؤولين حكوميين.

وجاء الإعلان عن الزيادة المرتقبة بعد أسابيع قليلة من إنهاء جميع الشركات الاتفاق مع الحكومة المصرية على عقود رخص تشغيل خدمة «الجيل الخامس»، مقابل 150 مليون دولار للرخصة لمدة 15 عاماً، التي من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ مطلع العام المقبل، مع انتهاء التجهيزات الفنية اللازمة للتشغيل. (الدولار الأميركي يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية).

احدى شركات الاتصالات تقدم خدماتها للمستخدمين (وزارة الاتصالات)

بدوره، رأى عضو «الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والإحصاء»، أحمد مدكور، أن الحديث عن زيادة أسعار خدمات الاتصالات في الوقت الحالي «يبدو طبيعياً مع زيادة تكلفة المحروقات على الشركات، والتزامها بزيادات الأجور السنوية، بالإضافة إلى زيادة نفقات التشغيل بشكل عام»، عادّاً أن الزيادة «ستضمن الحفاظ على جودة انتظام الشبكات».

وقال مدكور لـ«الشرق الأوسط» إن نسب الأرباح التي تحققها الشركات، والتي جرى رصد زيادتها في العام الحالي حتى الآن، «لا تعكس النسب نفسها عند احتسابها بالدولار في سنوات سابقة»، متوقعاً «ألا تكون نسب الزيادة كبيرة في ضوء مراجعتها حكومياً قبل الموافقة عليها».

الرأي السابق تدعمه وكيلة «لجنة الاتصالات» بالبرلمان، التي تشير إلى وجود زيادات جرى تطبيقها في قطاعات وخدمات مختلفة، على غرار «الكهرباء»، و«المحروقات»، الأمر الذي يجعل لدى الشركات مبرراً قوياً لتنفيذ زيادات في أسعار الخدمات «لكي تتمكّن من استمرار تنفيذ خططها التوسعية، وتحسين جودة الخدمات، وتطوير الشبكات المستمر».