عثرات أمام استئناف مفاوضات الجيش و«الدعم السريع»

مصادر: البرهان رفض مواصلتها ما دام حميدتي يواصل التسلح

قائد الجيش عبد الفتاح البرهان (يسار) وقائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو «حميدتي» (أرشيفية)
قائد الجيش عبد الفتاح البرهان (يسار) وقائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو «حميدتي» (أرشيفية)
TT

عثرات أمام استئناف مفاوضات الجيش و«الدعم السريع»

قائد الجيش عبد الفتاح البرهان (يسار) وقائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو «حميدتي» (أرشيفية)
قائد الجيش عبد الفتاح البرهان (يسار) وقائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو «حميدتي» (أرشيفية)

ازدادت الشكوك بشأن استئناف المفاوضات المتوقفة بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» في «منبر جدة»، على الرغم من الجهود الحثيثة التي يبذلها الوسطاء الدوليون والإقليميون لعودة الطرفين إلى مائدة التفاوض بحدود سقف زمني لا يتجاوز الأسبوع الأول من مايو (أيار) الحالي، لكن لم تظهر أي مؤشرات قاطعة من الطرفين بالاستجابة النهائية للعودة إلى طاولة المفاوضات.

ووفقاً لمصادر سياسية، فإن المحاولات الرامية لحث رئيس «مجلس السيادة» السوداني وقائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات «الدعم السريع»، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، لم تخرج عن إطار حثهما على تسريع العودة مجدداً إلى المباحثات السياسية.

وأفادت مصادر عربية مطلعة على المفاوضات، لـ«الشرق الأوسط»، بأن «البرهان أظهر تمسكاً غير مسبوق برفض العودة إلى طاولة المفاوضات، إلا إذا توقّف حميدتي عن المضيّ في مسار شراء مزيد من الأسلحة»، وفق قول المصادر.

وقيّمت المصادر، التي طلبت عدم ذكر اسمها، لـ«الشرق الأوسط»، أن «رفض البرهان بدا قوياً، هذه المرة، مقارنة بتفاعله السابق مع فكرة التفاوض مع (الدعم السريع)».

وفشلت تحركات مكوكية كانت قد أجرتها الولايات المتحدة الأميركية عبر مبعوثها الخاص للسودان، توم بيرييلو، في حمل الطرفين إلى طاولة المفاوضات، في أبريل (نيسان) الماضي، ثم عاد وحدد بداية الشهر الحالي.

لكن بيرييلو تحدّث، في إحاطة للكونغرس، الثلاثاء الماضي، عن «بداية جولة مفاوضات جديدة في غضون الأسابيع المقبلة، وبمشاركة قيادات عربية وأفريقية»، بعد أن كان قد ألمح، في وقت سابق، إلى مفاوضات غير مباشرة تجري بين الجيش و«الدعم السريع».

وتوقّع المتحدث الرسمي باسم تنسيقية القوى الديمقراطية والمدنية «تقدم»، بكري الجاك، أن «يحدث بعض التأخير في استئناف محادثات (منبر جدة)، لكن ذلك يأتي في ضوء الإعداد لها، بالتزامن مع الضغوط التي تمارَس على الطرفين».

ورأى الجاك أن «التعثر الحالي بسبب تعنت الطرفين، والإصرار على شروطهما السابقة، ومن ناحية أخرى يحاول كل طرف تحسين وضعه التفاوضي عبر المكاسب العسكرية التي يريد تحقيقها على الأرض، قبل العودة إلى طاولة المفاوضات».

وقال الجاك: «يبدو واضحاً من التصريحات التي تصدر من قيادة الجانبين بعدم وجود موافقة رسمية على العودة إلى (منبر جدة)، ما يمكن حسبانه تفاوضاً بينهما عبر الإعلام».

وكان قائد «الدعم السريع»، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، خلال الاتصال الهاتفي الذي أجراه معه وزير الخارجية السعودي، الأربعاء، قد اتهم الجيش السوداني بأنه «لا يملك إرادة حقيقية لوقف الحرب، ويسعى لإطالة أمدها وتوسيع نطاقها، وذلك من خلال عرقلة (منبر جدة) الأول والثاني، وكذلك رفضه مبادرة الهيئة الحكومية المعنية بالتنمية (إيغاد)».

وعدت مصادر سياسية أخرى، تحدثت لــ«الشرق الأوسط»، حديث نائب القائد العام للجيش السوداني، الفريق أول شمس الدين كباشي، خلال لقائه نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف في بورتسودان، الذي تحدّث فيه عن أن «السودان منفتح على كل مبادرات حقن الدماء»، يعبر عن إشارات إيجابية لموقف قادة الجيش، لكن المصادر عادت وقالت: «إنه على الرغم من المواقف التي تظهر متناقضة داخل مستوى قادة الجيش من مسألة التفاوض، فإن الموقف الرسمي ما يستند إلى الاتفاقيات التي جرى التوصل إليها سابقاً في محادثات جدة، وعلى وجه الخصوص شروطهم فيما يتعلق بخروج (الدعم السريع) من الأعيان والمنازل المدنية».

ووفق المصادر، شهد منبر جدة، خلال جولة المفاوضات الثانية، توسيع المشاركة، بإضافة ممثلين لـ«الاتحاد الأفريقي»، والهيئة الحكومية المعنية بالتنمية «إيغاد»، لاستصحاب كل المبادرات والتحركات على مستوى دول الجوار الإقليمي الداعية لوقف الحرب في السودان.

وتتداول أنباء عن التحاق كل من دولتي الإمارات العربية المتحدة ومصر بمنبر جدة بعد مشاركتهما وسطاء في المباحثات التي جرت بين نائب البرهان شمس الدين كباشي، وقائد ثاني قوات «الدعم السريع» عبد الرحيم دقلو، في العاصمة البحرينية المنامة، وأفضت إلى التوقيع على اتفاق، في 20 يناير (كانون الثاني) الماضي.

وكان رئيس الوزراء السوداني الأسبق، عبد الله حمدوك، قد عدَّ «اتفاق المنامة» مكملاً لـ«اتفاق جدة» الذي يُعوَّل عليه لوقف «الحرب المدمرة» في السودان.

من جهة ثانية أفادت مصادر دبلوماسية بأن مؤتمر باريس، الذي عُقد منتصف أبريل (نيسان) الماضي، بشأن الأزمة الإنسانية في السودان، وشاركت فيه أكثر من 55 دولة، شكّل دفعة جديدة لـ«منبر جدة»، لما جرى التوصل إليه من اتفاقيات بين الجيش و«الدعم السريع».

وأظهر القادة والوزراء في دول الاتحاد الأوروبي وغيرهم من الدول المشارِكة في باريس، دعماً غير محدود لاستمرار المحادثات حتى الوصول لاتفاق نهائي بشأن وقف إطلاق النار، وما يليه من ترتيبات سياسية للانتقال المدني.


مقالات ذات صلة

البرهان عن صراعات حزب البشير: لن نقبل ما يُهدد وحدة السودان

شمال افريقيا قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان يخاطب حضور مؤتمر اقتصادي في مدينة بورتسودان اليوم الثلاثاء (الجيش السوداني)

البرهان عن صراعات حزب البشير: لن نقبل ما يُهدد وحدة السودان

أعلن قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان رفضه للصراعات داخل حزب «المؤتمر الوطني» (المحلول) الذي كان يقوده الرئيس السابق عمر البشير.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا سودانيات ينتظرن في طابور للحصول على مساعدات بمدينة أدري التشادية بعد فرارهن من دارفور (رويترز)

​ما سر خلاف الجيش السوداني و«الدعم السريع» حول معبر «أدري»؟

أعلنت الحكومة السودانية التي تتخذ من مدينة بورتسودان الساحلية عاصمة مؤقتة الاستجابة لمطلب تمديد فتح معبر «أدري» الحدودي مع تشاد

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا مناقشات أممية موسعة لوقف النار فوراً في السودان

مناقشات أممية موسعة لوقف النار فوراً في السودان

انخرط مجلس الأمن في نقاشات حول مشروع قرار بريطاني لمطالبة القوات المسلحة السودانية و«قوات الدعم السريع» بوقف القتال فوراً والسماح بتسليم المساعدات الإنسانية.

علي بردى (واشنطن) محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان (رويترز)

البرهان يجري تعديلات شملت 4 وزارات

أصدر رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان مراسيم رئاسية مفاجئة، أقال بموجبها 4 وزراء، وعيّن بدلاء لهم، أبرزهم وزيرا الخارجية والإعلام، وذلك قبل ساعات.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان (قناة مجلس السيادة الانتقالي عبر «تلغرام»)

البرهان يقيل وزيري الخارجية والإعلام

أعلن مجلس السيادة السوداني، اليوم، أن  قائد الجيش السوداني، الفريق عبد الفتاح البرهان، أصدر قراراً بإقالة وزيري الخارجية والإعلام.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)
أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)
TT

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)
أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)

استعادت قوات الجيش السوداني، السبت، مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار في جنوب شرقي البلاد، ما يسهل على الجيش السيطرة على كامل الولاية. وأظهرت مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، مئات الأشخاص يخرجون إلى الشوارع احتفالاً باستعادة المدينة التي ظلت لأكثر من 5 أشهر تحت سيطرة «قوات الدعم السريع».

وقال مكتب المتحدث الرسمي باسم الجيش، في بيان نشر على مواقع التواصل الاجتماعي، إن «القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى دخلت رئاسة الفرقة 17 مشاة بمدينة سنجة». ولم يصدر أي تعليق من «قوات الدعم السريع» التي كانت استولت في مطلع يوليو (حزيران) الماضي، على مقر «الفرقة 17 مشاة» في مدينة سنجة بعد انسحاب قوات الجيش منها دون خوض أي معارك. ونشر الجيش السوداني مقاطع فيديو تظهر عناصره برتب مختلفة أمام مقر الفرقة العسكرية الرئيسة.

بدوره، أعلن الناطق الرسمي باسم الحكومة وزير الثقافة والإعلام، خالد الأعيسر، عودة مدينة سنجة إلى سيطرة الجيش. وقال في منشور على صفحته في «فيسبوك»، نقلته وكالة أنباء السودان الرسمية، إن «العدالة والمحاسبة مقبلتان وستطولان كل من أسهم في جرائم، وستتم معاقبة المجرمين بما يتناسب مع أفعالهم».

وأضاف أن «الشعب السوداني وقواته على موعد مع تحقيق مزيد من الانتصارات التي ستعيد للبلاد أمنها واستقرارها، وتطهرها من الفتن التي زرعها المتمردون والعملاء ومن يقف خلفهم من دول وأطراف متورطة».

وفي وقت سابق، تحدث شهود عيان عن تقدم لقوات الجيش خلال الأيام الماضية في أكثر من محور صوب المدينة، بعد أن استعادت مدينتي الدندر والسوكي الشهر الماضي، إثر انسحاب «قوات الدعم السريع». وقال سكان في المدينة لـ«الشرق الأوسط»، إن قوات الجيش وعناصر المقاومة الشعبية انتشروا بكثافة في شوارع سنجة، وإنهم فرحون بذلك الانتصار.

مسلّحون من «قوات الدعم السريع» في ولاية سنار بوسط السودان (أرشيفية - مواقع التواصل)

وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، خاض الجيش معارك ضارية ضد «قوات الدعم السريع»، نجح من خلالها في استعادة السيطرة على منطقة «جبل موية» ذات الموقع الاستراتيجي التي تربط بين ولايات سنار والجزيرة والنيل الأبيض. وبفقدان سنجة تكون «قوات الدعم السريع» قد خسرت أكثر من 80 في المائة من سيطرتها على ولاية سنار الاستراتيجية، حيث تتركز بقية قواتها في بعض البلدات الصغيرة.

يذكر أن ولاية سنار المتاخمة لولاية الجزيرة في وسط البلاد، لا تزال تحت سيطرة «قوات الدعم السريع»، التي تسيطر أيضاً على معظم أنحاء العاصمة الخرطوم ومنطقة غرب دارفور الشاسعة، إضافة إلى جزء كبير من ولاية كردفان في جنوب البلاد.

ووفقاً للأمم المتحدة نزح أكثر من نحو 200 ألف من سكان ولاية سنار بعد اجتياحها من قبل «قوات الدعم السريع».

واندلعت الحرب بين الجيش و«قوات الدعم السريع» في منتصف أبريل (نيسان) 2023، بعد خلاف حول خطط لدمج «الدعم السريع» في الجيش خلال فترة انتقالية كان من المفترض أن تنتهي بإجراء انتخابات للانتقال إلى حكم مدني، وبدأ الصراع في العاصمة الخرطوم وامتد سريعاً إلى مناطق أخرى. وأدى الصراع إلى انتشار الجوع في أنحاء البلاد وتسبب في أزمة نزوح ضخمة، كما أشعل موجات من العنف العرقي في أنحاء البلاد.