«قتل طفل ونزع أحشائه» يعيدان الجدل بشأن «الجرائم البشعة» في مصر

تفاعل واسع مع بيان النيابة حول ملابسات الحادث

مكتب النائب العام في القاهرة (صفحة النيابة المصرية على «فيسبوك»)
مكتب النائب العام في القاهرة (صفحة النيابة المصرية على «فيسبوك»)
TT

«قتل طفل ونزع أحشائه» يعيدان الجدل بشأن «الجرائم البشعة» في مصر

مكتب النائب العام في القاهرة (صفحة النيابة المصرية على «فيسبوك»)
مكتب النائب العام في القاهرة (صفحة النيابة المصرية على «فيسبوك»)

أعادت واقعة قتل طفل مصري ونزع أحشائه، الجدل بشأن «الجرائم البشعة» في مصر، بعدما كشفت النيابة المصرية تفاصيل واقعة العثور على جثمان لطفل انتزعت أحشاؤه ووضعت إلى جواره في ضاحية شبرا الخيمة القريبة من القاهرة. وقالت النيابة في إفادة لها، مساء الخميس: «تبين أن مرتكب جريمة قتل الطفل هو جاره، وارتكبها بناء على طلب من مصري مقيم في الكويت تعرف عليه عبر أحد مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بتجارة الأعضاء البشرية».

ووفق بيان النيابة المصرية «نفذ المتهم جريمة قتل الطفل بعدما حصل على وعد بالحصول على 5 ملايين جنيه (الدولار الأميركي يساوي 47.90 جنيه في البنوك المصرية)؛ حيث اختار المتهم ضحيته وعرضها على المصري المقيم في الكويت عبر تقنية (الفيديو كول)، وطلب منه المصري المقيم بالكويت إزهاق روحه تمهيداً لسرقة أعضائه البشرية، على أن يتم نقل عملية انتزاع الأعضاء عن طريق تقنية (الفيديو كول) أيضاً، وأخبره بأنه سيتم إبلاغه بالخطوات التالية عقب قيامه بذلك، إلا أنه بعد أن قام بتنفيذ ما طلب منه، كلفه بتكرار الأمر مع طفل آخر ليحصل على المبلغ المتفق عليه، لكن تم ضبط المتهم قبل قيامه بذلك».

وبحسب البيان «لم تعثر النيابة المصرية بمعاينتها على أي تجهيزات طبية تشير إلى أن المقصود هو تجارة الأعضاء البشرية». وقالت النيابة «أسفرت التحريات عن معرفة المتهم المصري المقيم بالكويت الذي استخدم في ارتكاب الواقعة جوالاً مزوداً بشريحة اتصال يملكها والده». وبناء على تعليمات النائب العام المصري، اضطلعت «إدارة التعاون الدولي» بمكتب النائب العام المصري بالاتصال بالجهات المختصة بالكويت، والإنتربول الدولي؛ ما أسفر عن ضبط المتهم ووالده، وما بحوزتهما من أجهزة إلكترونية؛ حيث تم ترحيلهما إلى مصر.

وذكرت النيابة أنه باستجواب المصري المقيم في الكويت ووالده «أقر المتهم الأول (15 عاماً) أنه من أوعز لمرتكب الجريمة بارتكابها، قاصداً من ذلك الاحتفاظ بالمقاطع المرئية لواقعة قتل الطفل المجني عليه والتمثيل بجثمانه، وذلك حتى تسنح له فرصة بيعها ونشرها عبر المواقع الإلكترونية التي تبثها مقابل مبالغ مالية طائلة، كما قرر أنه سبق أن قام بهذا الفعل في مرات سابقة».

بنايات على نيل القاهرة (الشرق الأوسط)

وصدمت الواقعة الجديدة المصريين، الخميس والجمعة، وذكّرتهم بـ«جرائم القتل البشعة» التي وقعت خلال الفترة الماضية، ومن بينها، قيام زوج في محافظة القليوبية المجاورة للقاهرة بـ«قتل زوجته وإشعال النار فيها وبالمنزل بعد طلبها الطلاق في أكتوبر (تشرين أول) الماضي»، وقيام «زوج بخنق زوجته وطفليه في محافظة الدقهلية (دلتا مصر) في يناير (كانون ثاني) الماضي بسبب خلافات عائلية». أيضاً أقدم شاب بمحافظة بورسعيد المصرية، في سبتمبر (أيلول) الماضي، على «ذبح شقيقته في الشارع اعتراضاً على خطبتها».

أستاذ الطب النفسي في مصر، الدكتور جمال فرويز، رأى أن «تكرار الجرائم البشعة» يكشف عن «زيادة الاضطرابات الشخصية، ونقص النضج خاصة في المرحلة العمرية التي يفترض أنها تمثل انتقالاً من الطفولة للشباب (وهو عُمر الطفل المُحرض على الواقعة المقيم في الكويت)»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «الانشغال لساعات طويلة على منصات مواقع التواصل الاجتماعي، في ظل غياب الرقابة والمتابعة الأبوية، بشكل مستمر، يؤدي لوقوع الأطفال في مشكلات قانونية». فرويز أوضح أن «كثرة الفيديوهات التي يتعرض لها الأطفال عبر مشاهدة أمور غير مألوفة والتربح منها، ونجاح بعض النماذج التي يتابعونها في تحقيق أموال كبيرة، وفي ظل غياب دور الأسرة، يقع هؤلاء الأطفال ضحايا لهذه الفيديوهات».

وشغل حادث قتل «طفل شبرا الخيمة»، الذي أصبح متداولاً إعلامياً، رواد مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، الجمعة، كما تفاعل الرواد مع بيان «النيابة المصرية». وعلق حساب باسم «أحمد محمد»، على الواقعة، عبر «إكس»، الجمعة، بالقول إنه «يتم تصوير فيديوهات القتل وبيعها للدارك ويب».

https://twitter.com/ahmed_m_muhamed/status/1783738015795278294

فيما عبر حساب باسم «خلفاوي»، على «إكس»، عن صدمته من تفاصيل الحادث.

https://x.com/_KHALAFAWY_/status/1783625556665229797


مقالات ذات صلة

عبد العاطي: نتواصل مع جميع الأطراف من أجل تسوية شاملة للأزمة السودانية

شمال افريقيا وزير الخارجية المصرية خلال لقائه قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان (الخارجية المصرية - فيسبوك)

عبد العاطي: نتواصل مع جميع الأطراف من أجل تسوية شاملة للأزمة السودانية

صرح وزير الخارجية المصري  بدر عبد العاطي، اليوم الثلاثاء، بأن مصر تتواصل مع جميع الأطراف الإقليمية والدولية لتعزيز جهود التوصل إلى تسوية شاملة للأزمة السودانية.

«الشرق الأوسط» (بوسودان)
شمال افريقيا سيارات إسعاف (أرشيفية-هيئة الإسعاف المصرية)

مصر: مصرع شخصين وإصابة 39 بينهم أجانب في حادث تصادم بالبحر الأحمر

لقي شخصان حتفهما و أصيب 29 آخرون بينهم 34 أجنبياً في حادث تصادم وقع صباح اليوم الثلاثاء شمال محافظة البحر الأحمر المصرية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي إحصائيات رسمية تشير إلى انخفاض معدلات التدخين في مصر (أ.ف.ب)

انخفاض معدلات التدخين في مصر... ثمرة توعية أم ارتفاع للأسعار؟

أثار انخفاض معدلات التدخين في مصر تساؤلات حول أسباب هذا التراجع، وما إذا كان ثمرة حملات التوعية أم بسبب ارتفاع أسعار التبغ.

عصام فضل (القاهرة)
العالم العربي المشاركون في «منتدى التجارة والاستثمار المصري الخليجي» بالقاهرة يوم الاثنين (مجلس الوزراء المصري)

مصر تشدد على أولوية العلاقات مع دول الخليج

شددت مصر على أولوية العلاقات مع دول الخليج وأهمية مواصلة العمل على تعزيزها وذلك خلال استضافة القاهرة، الاثنين، فعاليات «منتدى التجارة والاستثمار المصري الخليجي»

أحمد جمال (القاهرة)
شمال افريقيا من أمام مقر لجنة انتخابية بمحافظة الجيزة المصرية (رويترز)

بدء التصويت في انتخابات مجلس النواب المصري

بدأ الناخبون في مصر، اليوم (الاثنين)، الإدلاء بأصواتهم في المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب، التي تجرى على مدى يومين في 14 محافظة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

البرهان يبحث مع وزير الخارجية المصري تطورات الأوضاع في السودان

رئيس «مجلس السيادة» السوداني عبد الفتاح البرهان يستقبل وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي في بورتسودان (موقع المجلس على «فيسبوك»)
رئيس «مجلس السيادة» السوداني عبد الفتاح البرهان يستقبل وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي في بورتسودان (موقع المجلس على «فيسبوك»)
TT

البرهان يبحث مع وزير الخارجية المصري تطورات الأوضاع في السودان

رئيس «مجلس السيادة» السوداني عبد الفتاح البرهان يستقبل وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي في بورتسودان (موقع المجلس على «فيسبوك»)
رئيس «مجلس السيادة» السوداني عبد الفتاح البرهان يستقبل وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي في بورتسودان (موقع المجلس على «فيسبوك»)

التقى رئيس مجلس «السيادة الانتقالي» القائد العام للجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، الثلاثاء، في بورتسودان، وزير الخارجية والهجرة المصري بدر عبد العاطي، وبحث معه العلاقات الثنائية وتطورات الأوضاع في السودان.

ونقل وزير الخارجية المصري لرئيس المجلس السيادي «رسالة دعم وتضامن من شقيقه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي»، مؤكداً موقف مصر المبدئي الداعم لوحدة وسيادة السودان، والحفاظ على مقدرات الشعب السوداني الشقيق.

وأعرب البرهان عن شكره وتقديره لمصر، حكومةً وشعباً، لوقوفها مع السودان في كل المحافل الإقليمية والدولية، وحرصها على سلامة وأمن واستقرار السودان وسيادته. كما أكد توفر الإرادة لدى البلدين لدفع مجالات التعاون المشتركة في المجالات كافة، وفق إعلام مجلس السيادة.

وقال وزير الخارجية المصري في تصريحات صحافية إن اللقاء تناول العلاقات الثنائية وسبل تطويرها في المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية، مضيفاً: «تحدثنا عن المصير المشترك الذي يجمع بين البلدين، فيما يتعلق بالأمن المائي، بعدّهما دولتي مصب لنهر النيل».

وزير الخارجية المصري في تصريحات صحافية عقب لقاء رئيس مجلس السيادة السوداني في بورتسودان الثلاثاء (موقع المجلس على «فيسبوك»)

وتابع: «هناك تطابق في مواقف البلدين فيما يرتبط بالأمن المائي و(مياه النيل) بعدّها قضية وجودية للبلدين الشقيقين».

وقال عبد العاطي: «استمعت إلى شرح من رئيس مجلس السيادة عن الأوضاع الميدانية والإنسانية على الأرض».

وأكد أن بلاده تقف بقوة مع وحدة السودان ودعم مؤسساته الوطنية، ومن بينها القوات المسلحة.

وذكر عبد العاطي أن زيارته الرابعة للسودان منذ تقلده منصب وزير الخارجية تعكس عمق العلاقات بين البلدين وحرص الرئيس السيسي على متابعة الأوضاع في السودان، والعمل على ترقية وتطوير العلاقات الثنائية بما يحقق مصلحة شعبي وادي النيل.

وكان وزير الخارجية المصري قد زار بورتسودان في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، والتقى حينها رئيس مجلس السيادة، وناقشا مبادرة «الرباعية الدولية» بهدف التوصل إلى هدنة إنسانية تقود إلى وقف فوري لإطلاق النار في السودان.

وفي الشهر نفسه اتفق رئيس مجلس السيادة السوداني والرئيس المصري على أهمية «الآلية الرباعية»، التي تضم السعودية ومصر، والإمارات، والولايات المتحدة، بعدّها «مظلة للسعي إلى تسوية الأزمة السودانية، ووقف الحرب بالسودان».

وطرحتِ «الرباعية» في أغسطس (آب) الماضي خريطة طريق، دعت فيها إلى هدنة إنسانية لمدة ثلاثة أشهر، تليها هدنة دائمة لبدء عملية سياسية وتشكيل حكومة مدنية مستقلة خلال تسعة أشهر.


تدريبات على إزالة الألغام ومخلفات الحروب في العاصمة الليبية

جانب من المشاركين في دورة إزالة الألغام بغرب ليبيا (إدارة التوجيه المعنوي لقوات الوحدة)
جانب من المشاركين في دورة إزالة الألغام بغرب ليبيا (إدارة التوجيه المعنوي لقوات الوحدة)
TT

تدريبات على إزالة الألغام ومخلفات الحروب في العاصمة الليبية

جانب من المشاركين في دورة إزالة الألغام بغرب ليبيا (إدارة التوجيه المعنوي لقوات الوحدة)
جانب من المشاركين في دورة إزالة الألغام بغرب ليبيا (إدارة التوجيه المعنوي لقوات الوحدة)

أنهى عدد من الفنيين العسكريين بغرب ليبيا دورة تدريبية على إزالة الألغام ومخلفات الحروب، في وقت تعمل فيه الأمم المتحدة على مشاركة الأجهزة الأمنية المحلية، في «تدمير المخلفات المتفجرة بشكل آمن».

فريق أممي يشارك في التخلص من الألغام في غرب ليبيا 25 أكتوبر الماضي (البعثة)

وقالت «إدارة التوجيه المعنوي» بالقوات التابعة لغرب ليبيا، الثلاثاء، إن الدورة التي انعقدت في طرابلس خلال اليومين الماضيين، نظمها «المركز الليبي للأعمال المتعلقة بالألغام ومخلفات الحروب» بالتعاون مع «مركز جنيف الدولي للأغراض الإنسانية».

وذكرت الإدارة أن الدورة استهدفت «تحقيق الكفاءة والفاعلية والأمان، وتوضيح المسؤوليات والالتزامات التعاقدية، ومراقبة القياس، ورفع مستوى تنمية القدرات».

وشهدت ليبيا منذ إسقاط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي انشقاقات عسكرية وأمنية فتحت «بوابة الموت»، وجعلت من مواطنيها خلال الأعوام التي تلت رحيله، «صيداً» لمخلفات الحروب المتنوعة، من ألغام و«قنابل موقوتة» مزروعة في الطرقات والأراضي المهجورة؛ ما أوقع قتلى وجرحى.

تعمل «أونماس» على توعية الأطفال بمخاطر الألغام (UNMAS Libya)

وأشارت «إدارة التوجيه المعنوي» إلى أن الدورة التدريبية شارك فيها أيضاً ممثلون عن «مبادرة 5+5 دفاع»، التي تشمل ليبيا والجزائر والمغرب وتونس وإيطاليا وإسبانيا، إلى جانب مشاركة الإدارة الهندسية العسكرية وعدد من المنظمات المحلية والدولية.

ونوهت بأن الدورة «تهدف لتعزيز نهج مشترك ومنسق، وتقديم التوجيهات، والرجوع إلى المنظمات والمواصفات الدولية عند القيام بالتخلص من مخلفات الحرب».

وكان فريق دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام، التابع لبعثة الأمم المتحدة في ليبيا، قد رافق المركز الليبي في «تطبيق إجراءات ضمان الجودة على عملية التدمير الآمن لِطُنَّيْنِ من مخلفات الحرب»، نفذها شركاء دوليون ومحليون في منطقة الكراريم بمصراتة.

وقالت فاطمة زريق، مديرة برنامج دائرة الأعمال المتعلقة بالألغام في بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا: «شعرنا بالارتياح، لا سيما أن عمليات التطهير والتخلص الآمن من مخلفات الحرب المتفجرة تسهم في تقليل المخاطر، ودعم المجتمعات للعيش في بيئة أكثر أماناً».

حملة توعية بمخاطر الألغام (UNMAS Libya)

كما نفذت «دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام»، و«المركز الليبي للأعمال المتعلقة بالألغام ومخلفات الحروب»، زيارة «ضبط جودة» في موقع حادث انفجار مخزن الذخيرة في مصراتة الذي وقع في 31 أغسطس (آب) الماضي، حيث جرى حينها «تنفيذ أعمال التطهير ضمن مشروع ممول من الحكومة الإيطالية».

ويهدف المشروع إلى تقليص التهديد الذي تمثله الذخائر غير المنفجرة، وحماية المدنيين في ليبيا، و«تعزيز القدرات الوطنية في مجال الأعمال المتعلقة بالألغام»، وهي عناصر أساسية في تعزيز السلام المستدام والاستقرار، وضمان الملكية الليبية لهذا القطاع، بحسب البعثة الأممية.


مصير غامض يواجه مئات المهاجرين المحتجزين غرب ليبيا

مئات من المهاجرين المحتجزين بمركز «بئر الغنم» في غرب ليبيا سبتمبر الماضي (جهاز مكافحة الهجرة)
مئات من المهاجرين المحتجزين بمركز «بئر الغنم» في غرب ليبيا سبتمبر الماضي (جهاز مكافحة الهجرة)
TT

مصير غامض يواجه مئات المهاجرين المحتجزين غرب ليبيا

مئات من المهاجرين المحتجزين بمركز «بئر الغنم» في غرب ليبيا سبتمبر الماضي (جهاز مكافحة الهجرة)
مئات من المهاجرين المحتجزين بمركز «بئر الغنم» في غرب ليبيا سبتمبر الماضي (جهاز مكافحة الهجرة)

أعادت تخوفات حقوقية في ليبيا أزمة مئات المهاجرين غير النظاميين المحتجزين في مقري «بئر الغنم» و«العسّة» بغرب البلاد، إلى واجهة الأحداث، وسط تساؤلات عن مصيرهم الغامض، في ظل ما يوصف بـ«فوضى إدارية وانقسام داخلي في جهاز مكافحة الهجرة».

جانب من زيارة «المجلس الوطني للحريات» إلى «بئر الغنم» غرب ليبيا سبتمبر الماضي (جهاز مكافحة الهجرة)

و«بئر الغنم» هو مقر لتجميع المهاجرين غير النظاميين، جنوب غربي العاصمة، ويضم مئات الأطفال المصريين، وجنسيات أخرى، بينما يقع «العسّة» في منطقة حدودية مع تونس.

وتعكس تقارير دولية، وشهادات حقوقية ليبية، واقعاً مأسوياً يتعلق بأوضاع المهاجرين غير النظاميين.

ودعا طارق لملوم الباحث الليبي في قضايا المهاجرين وطالبي اللجوء، وزارة الداخلية بحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، «بصفتها المسؤولة عن مقري بئر الغنم والعسة، للكشف عن مصير المئات المحتجزين فيهما»، ووصفهما بأنهما «خارج الرقابة والمساءلة».

وحمّل لملوم في تصريح صحافي، وزير الداخلية عماد الطرابلسي، «المسؤولية بشكل مباشر عن سلامة المئات من المحتجزين داخل المركزين»، وأشار إلى أنه «رغم زيارة المجلس الوطني للحريات مقر بئر الغنم، وإطلاق الوعود بتحسين أوضاع المحتجزين هناك، والتنسيق مع سفارات بلدانهم لترحيلهم أو الإفراج عنهم، فإنه لم يُسجل أي تحرك فعلي بشأن إعادة ترحيل المصريين المحتجزين منذ عدة أشهر».

مهاجرون تم إنقاذهم من الموت بعد غرق مركبهم الذي انطلق من سواحل ليبيا في اتجاه أوروبا (أ.ب)

وتقول منظمات حقوقية دولية ومحلية، إن مراكز احتجاز المهاجرين كافة في ليبيا «تُرتكب فيها انتهاكات واسعة»، لكن يبرز اسم «بئر الغنم» في شكاوى كثيرة، خصوصاً من مصريين يتحدثون عن اعتقال أبنائهم في هذا المركز.

والحال في «بئر الغنم» لا تختلف كثيراً عن باقي مراكز إيواء المهاجرين - بحسب المختصين في ملف الهجرة وحقوق الإنسان - غير أن الأنباء الصادرة عن هذا المركز، تتحدث عن وجود 600 مهاجر ينتمون إلى عشر دول على الأقل، غالبيتهم من الأطفال والقُصَّر.

وينوه لملوم بأنه «لا تتوفر معلومات دقيقة حول أوضاع بقية الجنسيات، أو مصير المهاجرين القصّر المحتجزين في مركز بئر الغنم».

وقالت منظمة «هيومن رايتس ووتش» في مايو (أيار) 2025 إن معظم مراكز احتجاز المهاجرين في ليبيا «تخضع لسيطرة جماعات مسلحة منتهكة وغير خاضعة للمساءلة»، وأشارت إلى أن هذه الانتهاكات تشمل «الاكتظاظ الشديد، والضرب، والتعذيب، ونقص الطعام والماء، والعمل القسري، والاعتداء الجنسي والاغتصاب، واستغلال الأطفال».

مهاجرون غير شرعيين في ليبيا (متداولة)

وبخصوص «مركز إيواء العسّة» الواقع بالقرب من الحدود التونسية - الليبية، قال لملوم، إن السلطات الليبية تحتجز فيه هو الآخر «المئات من المهاجرين، وسط غياب تام للمعلومات عن مصيرهم أو أماكن نقلهم».

ويرى لملوم، أن «هذا الغموض يعكس فوضى إدارية، وانقساماً داخلياً في إدارة مراكز الاحتجاز، ولم يعد واضحاً ما الجهة المسؤولة عن الاحتجاز أو عن إجراءات الترحيل والإفراج».

وذهب إلى أنه «إن لم تُقدِم السلطات الليبية على حسم ملف هذه المراكز سيئة السمعة، وإخضاعها للرقابة والمساءلة، فإن التحرك الدولي قد يصبح الخيار الوحيد القادر على فرض المساءلة، وإنقاذ الضحايا والمغيبين».

وسبق أن راج مقطع فيديو لسيدة مصرية على «إنستغرام»، تناشد السلطات المصرية سرعة التحرك لإنقاذ محتجزين في «بئر الغنم»، قالت إنهم «يتعرضون للمساومة على دفع فدية مقابل إطلاق سراحهم».

قبيل ترحيل مهاجرين غير نظاميين من ليبيا إلى نيجيريا في 13 أكتوبر الماضي (جهاز مكافحة الهجرة)

وكانت «منظمة ضحايا لحقوق الإنسان» الليبية، قالت إنها تلقت شكاوى من ناجين تم إنقاذهم من الغرق في البحر تحدثوا عن «إهانة وضرب وتعذيب واستغلال في أعمال البناء داخل مركز الإيواء وخارجه، والإفراج عن البعض مقابل مبالغ مالية».

ولا تزال عصابات الاتجار بالبشر تعمل على تهريب المهاجرين عبر البحر المتوسط إلى أوروبا، لكن عناصر خفر السواحل الليبي تعيد عدداً كبيراً منهم جبراً إلى شواطئ البلاد، وتودعهم مقار الإيواء.

وأعلنت «المنظمة الدولية للهجرة»، اعتراض وإعادة 568 مهاجراً من البحر إلى ليبيا خلال الفترة من 2 إلى 8 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، لافتة إلى اعتراض وإعادة 23.513 مهاجراً منذ بداية العام الحالي، من بينهم 2037 امرأة، و851 طفلاً.

ودائماً ما تؤكد المنظمة الدولية، أن «ليبيا ليست ميناءً آمناً لإنزال المهاجرين، وأنها لم تشارك في إعادتهم إليها».

مهاجرون غير نظاميين ينتظرون الترحيل في مدينة درنة بشرق ليبيا (جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية)

وعلى خلفية إعادة المهاجرين جبراً من البحر، قالت 13 منظمة إغاثة دولية في 8 نوفمبر الحالي، إنها «علّقت الاتصال مع حرس السواحل الليبي في البحر المتوسط، بداعي زيادة حالات العنف أثناء اعتراض قوارب الهجرة غير المشروعة في البحر، وتعرض المهاجرين واللاجئين إلى انتهاكات وتعذيب داخل مراكز الاحتجاز الليبية».

وبحسب ما نقلته «الغارديان» البريطانية، أرجعت المنظمات قرارها، إلى رفض «ضغوط متنامية من قبل الاتحاد الأوروبي وإيطاليا على وجه الخصوص، لمشاركة المعلومات مع حرس السواحل الليبي».