ما الدعم الذي تطالب به مصر لرعاية اللاجئين على أراضيها؟

عقب شكواها من عدم تناسب المساعدات الدولية مع زيادة تدفق المهاجرين

لاجئون سودانيون يزورون عيادة طبية في حي الزمالك بالقاهرة (أرشيفية - المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين)
لاجئون سودانيون يزورون عيادة طبية في حي الزمالك بالقاهرة (أرشيفية - المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين)
TT

ما الدعم الذي تطالب به مصر لرعاية اللاجئين على أراضيها؟

لاجئون سودانيون يزورون عيادة طبية في حي الزمالك بالقاهرة (أرشيفية - المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين)
لاجئون سودانيون يزورون عيادة طبية في حي الزمالك بالقاهرة (أرشيفية - المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين)

تشكو مصر من عدم تناسب المساعدات الدولية المقدمة إليها، مع زيادة تدفق اللاجئين والمهاجرين إلى أراضيها؛ بسبب انتشار الصراعات في المنطقة. وبينما تطالب الحكومة المصرية بزيادة الدعم الدولي المقدم لها، تحدّث مسؤولون حكوميون وأمميون، لـ«الشرق الأوسط»، عن أشكال الدعم الذي تطالب به القاهرة من المجتمع الدولي، مع زيادة الأعباء الاقتصادية الخاصة بتقديم خدمات للأجانب المقيمين.

وتواجه مصر تدفقات مستمرة من مهاجرين اضطروا إلى ترك بلادهم؛ بسبب الصراعات أو لأسباب اقتصادية ومناخية، خصوصاً من دول الجوار العربي والأفريقي، ومنها سوريا، واليمن، والسودان وفلسطين.

ووفق تقديرات حكومية مصرية ودولية، فإن أعداد اللاجئين والأجانب المقيمين على أراضيها يتعدى 9 ملايين أجنبي، من نحو 133 دولة.

واستغل رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، لقاء المدير العام للمنظمة الدولية للهجرة إيمي بوب، الاثنين، التي تزور القاهرة، بالتشديد على أن «الدعم الذي تتلقاه مصر من المجتمع الدولي لا يتناسب مع ما تتحمله من أعباء لتوفير حياة كريمة للوافدين إليها»، منوهاً، بحسب إفادة رسمية، إلى أن «هذه الظاهرة تتزامن مع وقت يعاني فيه الاقتصاد المصري تبعات الأزمات العالمية؛ وهو ما يتطلب قيام المنظمة الدولية بدورها في توفير الدعم لمصر».

وبينما لم يحدد مدبولي قيمة الدعم المطلوب لمواجهة الزيادة في أعداد اللاجئين، أكد أن «الزيادة الحادة في أعداد المهاجرين دفع الحكومة لبدء عملية تقييم شاملة لتلك الأعباء؛ حتى يمكن التواصل مع الجهات المانحة لتقديم الدعم المناسب».

وفي يناير (كانون الثاني) الماضي، أعلنت الحكومة المصرية عن عملية شاملة لـ«حصر أعداد اللاجئين والأجانب المقيمين على أراضيها، وتقدير تكلفة استضافتهم والأعباء التي تتحملها الدولة نظير راعيتهم»، خاصة الخدمات التعليمية والصحية وتوفير السلع الأساسية لهم.

وتعهدت المدير العام للمنظمة الدولية للهجرة، وفق البيان المصري، بـ«التواصل بصورة دائمة مع الجهات المانحة لحثهم على تقديم الدعم اللازم للاجئين والدول المُستضيفة لهم، ومنها مصر»، التي وصفتها بأنها «شريك مُهم للمنظمة في المنطقة».

وتتميز مصر بأنها «لا تضع قيوداً أو ضغوطاً» على إقامة اللاجئين والمهاجرين أو على عملهم، وفق رئيس اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر السفيرة نائلة جبر، التي أوضحت لـ«الشرق الأوسط»، أن «مصر تقدم الخدمات الأساسية دون تفرقة مع المواطنين المصريين أو قيود»، بعكس دول أخرى «تهدد المجتمع الدولي بملف اللاجئين على أراضيها».

وتشير جبر إلى تضاعف أعداد الأجانب في مصر أخيراً، وتقدر بأن «تعدادهم ربما وصل إلى 10 ملايين أجنبي، بينهم نصف مليون لاجئ مسجلون لدى مفوضية الأمم المتحدة، منهم مهاجرون شرعيون وغير شرعيين»، وقالت: «مع اشتعال الأزمة في السودان استقبلت مصر أكثر من نصف مليون سوداني، بالإضافة إلى نحو 5 ملايين آخرين كانوا موجودين في مصر».

لاجئون سودانيون يسجّلون لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في مصر (المفوضية)

وقبل ثلاثة أشهر، انتشرت حملات على مواقع التواصل الاجتماعي بمصر، تنادي بترحيل اللاجئين والمهاجرين؛ كونهم «تسببوا في غلاء المعيشة» على حد مروجيها، في مواجهة رأي مقابل يعدّهم في «بلدهم الثاني».

وحول حجم الدعم الذي تطالب به مصر، تقول جبر إن «الحكومة المصرية تعمل الآن على تقييم كامل لحجم ما تتكفل به، حيث تقدم سلعاً ومنتجات مدعمة من الدولة، مثل رغيف العيش والمشتقات البترولية، وما تطالب به هو زيادة الدعم المقدم من المانحين الأوروبيين والدول المستقبلة للهجرة»، لافتة إلى أن «ما يُقدّم إلى مصر من دعم من المجتمع الدولي لا يضاهي الخدمات المقدمة لأعداد الأجانب المقيمين على أرضها».

وتوضح رئيس اللجنة الوطنية التنسيقية، أن «هدف مصر هو أن يكون هناك دعم يوازي ما يقدم من خدمات للأجانب في صورة منح ومعونات تلبي الخدمات المقدمة للمهاجرين»، وتستهدف القاهرة بشكل أساسي زيادة الدعم من «دول المقصد للمهاجرين»، خصوصاً الدول الأوروبية المستقبلة للهجرة غير الشرعية.

وفي مارس (آذار) الماضي وقّع الاتحاد الأوروبي اتفاقات في مصر تضمنت حزمة تمويل بقيمة 7.4 مليار يورو (8.06 مليار دولار) على مدى أربعة أعوام، تشمل قروضاً واستثمارات وتعاوناً في ملفي الهجرة إلى أوروبا ومكافحة الإرهاب.

وتزايدت أعباء الحكومة المصرية المالية، في توفير الخدمات الأساسية للأجانب على أراضيها، مع تفاقم الأزمة الاقتصادية التي تمرّ بها البلاد خلال الأشهر الأخيرة، في ظل ارتفاع معدلات التضخم على خلفية تراجع سعر الجنيه أمام الدولار، وتراجع إيراد قناة السويس والسياحة؛ بسبب تداعيات حرب غزة.

وتؤيد مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة كريستين بشاي، الموقف المصري بضرورة زيادة الدعم الدولي المقدم، موضحة لـ«الشرق الأوسط»، أن المفوضية «تقدّم دعماً محدوداً للحكومة المصرية في ضوء الإمكانات التي تمتلكها وفي ضوء ضعف التمويل المتاح لها، مثل خدمات التعليم والصحة ومعونات مادية للأسر الأكثر احتياجاً من اللاجئين».

وكشفت عن دعم المفوضية للمدارس والمستشفيات الحكومية، خاصة التي تقدم خدمات للاجئين المسجلين، حيث قدمت دعماً لوزارة الصحة المصرية خلال السنوات العشر الماضية بأكثر من 5 ملايين دولار في صورة مستلزمات طبية، وفي مجال التعليم شاركت المفوضية في مشروع مدارس الشبكة الفورية مع إحدى شركات الاتصالات، وتم دعم 48 مدرسة بهذا المشروع، وجار العمل في 22 مدرسة إضافية، بإجمالي 70 مدرسة.

وتسجل المفوضية في مصر، بحسب كريتسين بشاي، نحو 590 ألف لاجئ من 60 دولة، أكثرهم من السودان بواقع 315 ألف لاجئ، يليهم السوريون بواقع 155 لاجئ سوري، بالإضافة إلى جنسيات أخرى.

وفي مايو (أيار) العام الماضي، كشف المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي، عن تخصيص 114 مليون دولار لمصر؛ لدعم جهودها في استضافة الفارين من الصراع بالسودان، ضمن خطة عاجلة لحشد تمويل قدره 470 مليون دولار لمواجهة تدفق اللاجئين للجوار، غير أن مصر شكت من عدم التطبيق. ودعت «الخارجية المصرية»، في منتصف أبريل (نيسان) الماضي، الدولَ المانحة لـ«تنفيذ تعهداتها التي أعلنت عنها العام الماضي».


مقالات ذات صلة

عودة 100 ألف لاجئ سوري من تركيا منذ سقوط نظام الأسد

المشرق العربي سوريون ينتظرون عند معبر جيلفي غوزو الحدودي للعبور إلى سوريا بعد سقوط نظام الأسد... الصورة في مدينة ريحانلي في محافظة هاتاي التركية في 10 ديسمبر 2024 (رويترز)

عودة 100 ألف لاجئ سوري من تركيا منذ سقوط نظام الأسد

أفادت الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا)، اليوم (الاثنين)، بأن أكثر من 100 ألف لاجئ عادوا من تركيا منذ سقوط نظام الرئيس بشار الأسد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شمال افريقيا رحلات عودة السودانيين من القاهرة (صفحة الجالية السودانية- فيسبوك)

ازدياد أعداد السودانيين المغادرين مصر مع توالي «انتصارات الجيش»

تزداد أعداد السودانيين المغادرين مصر، مع توالي انتصارات الجيش السوداني، عائدين إلى بلادهم في رحلات برية يومية، تشرف على تسييرها مبادرات «تطوعية».

أحمد إمبابي (القاهرة)
آسيا لاجئون أفغان في إسلام آباد عاصمة باكستان يحتجون على تعليق الرئيس ترمب قبول اللاجئين الشهر الماضي (أ.ب)

باكستان تجبر عشرات الآلاف من اللاجئين الأفغان على مغادرة العاصمة

جاء الأمر الذي أعطى الأفغان مهلة حتى 31 مارس للذهاب إلى أي مكان آخر في باكستان في أعقاب تعليق الرئيس ترمب قبول اللاجئين بالولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (كراتشي (باكستان))
تحقيقات وقضايا تلامذة سوريون يلعبون خلال الاستراحة في باحة مدرستهم في مخيم للاجئين في أعزاز قرب الحدود التركية (غيتي) play-circle 02:16

«المدرسة العالمية للاجئين»: بصيص أمل وسط الحروب والنزوح

وسط الكوارث الناجمة عن الحروب والنزاعات، لا يزال هناك أمل تعيده مبادرات إنسانية لمن فقدوه، منها «المدرسة العالمية للاجئين» التي وفَّرت التعليم لأكثر من 38 ألفاً

«الشرق الأوسط» (عمّان)
أوروبا متظاهرة تقف خارج مبنى البرلمان للتعبير عن التضامن مع المهاجرين في بريطانيا (رويترز)

بريطانيا: طالبة لجوء باكستانية تحصل على 125 ألف دولار بسبب «معاملتها كمجرمة»

حصلت طالبة لجوء باكستانية على ما يقرب من 100 ألف جنيه إسترليني (نحو 125 ألف دولار) بعد أن اشتكت من «معاملتها كمجرمة» عندما تجاوزت مدة إقامتها في بريطانيا.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«تقدم» تنقسم حول «الحكومة الموازية»

«تقدم» تنقسم حول «الحكومة الموازية»
TT

«تقدم» تنقسم حول «الحكومة الموازية»

«تقدم» تنقسم حول «الحكومة الموازية»

أعلنت تنسيقية «تقدم»، التحالف المدني الأكبر في السودان، انقسامها إلى مجموعتين بسبب تباين حول تشكيل «حكومة موازية» لتلك التي يرأسها قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، لتمارس سلطتها في مناطق سيطرة «قوات الدعم السريع».

وعقدت «تقدم» اجتماعاً، برئاسة رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، أصدرت في نهايته بياناً قالت فيه إن كل طرف سيعمل «بما يراه مناسباً ومتوافقاً مع رؤيته حول الحرب وسبل وقفها... وسوف تعلن كل مجموعة ترتيباتها السياسية والتنظيمية والاسم الجديد الذي ستعمل به بصورة منفصلة».

من جانبه، قال وزير الخارجية يوسف الشريف، في اجتماع بالقاهرة مع ممثلي بعثات دبلوماسية لـ55 دولة، إن الحرب باتت على مشارف نهايتها، بانتصار الجيش على «قوات الدعم السريع».