تفاعل «سوشيالي» في مصر مع تصاعد الدولار أمام الجنيه

مشهد علوي من العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)
مشهد علوي من العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)
TT

تفاعل «سوشيالي» في مصر مع تصاعد الدولار أمام الجنيه

مشهد علوي من العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)
مشهد علوي من العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)

ارتفع سعر صرف الدولار أمام الجنيه بالبنوك المصرية في منتصف تعاملات، الأربعاء، مواصلاً الارتفاع الطفيف في سعره والذي بدأ في التحرك قبل يومين، مما أثار اهتمام المصريين خلال الساعات الماضية وتحول هاشتاغ «#الدولار» إلى مادة متداولة بينهم عبر «السوشيال ميديا» في مصر. وسجل سعر صرف العملة الخضراء مقابل الجنيه المصري ارتفاعاً بنحو 13 قرشاً في بنكي «الأهلي» و«مصر» الرسميين خلال بداية التعاملات الصباحية، الأربعاء، مقارنة بنهاية تعاملات الثلاثاء، في حين سجل متوسط سعر صرف الدولار نحو 48.5 جنيه بنهاية تعاملات الأربعاء. وكان البنك المركزي المصري قد قرر في 6 مارس (آذار) الماضي، السماح لسعر صرف الجنيه بالتحرك وفقاً لآليات السوق.

وشهدت سوق الصرف في مصر حالة من الاستقرار خلال الأسابيع القليلة الماضية بعد قرار «المركزي»، خاصة مع استمرار زيادة الحصيلة الدولارية في البلاد عقب الصفقات الاستثمارية التي أعلنتها الحكومة المصرية، إضافة إلى إعلان تعديل اتفاق التمويل مع صندوق النقد الدولي.

وفي حين أكد رئيس مجلس الوزراء المصري، الدكتور مصطفى مدبولي، خلال اجتماعه مع رؤساء ومسؤولي المجالس التصديرية، الثلاثاء، أن الفترة الحالية تشهد استقراراً في إتاحة الموارد الدولارية، مشيراً إلى أن الحكومة تعمل من خلال أكثر من محور كي تضمن استدامة موارد الدولة من العملة الصعبة؛ لكن بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي في مصر أبدوا قلقهم من «ارتفاع سعر الدولار مجدداً وتأثير ذلك على أسعار السلع في البلاد». وتخوف حساب يحمل اسم «مَانّا»، على منصة «إكس»، من انعكاس سعر صرف العملة الخضراء على قطاع العقارات في مصر، لافتة إلى «ارتفاع سعرها مع اقتراب الدولار من 50 جنيهاً».

https://twitter.com/mannasalah/status/1779185166998466776

وجاء تفاعل حساب آخر بالإشارة إلى غلاء سعر البيض. كما تفاعل حساب باسم «أحمد مكاوي» مع ارتفاع الدولار بالاستعانة بأحد الأدعية.

https://twitter.com/ahmedme25341775/status/1780583612477284583

فتيات مصريات يسرن بجوار أحد محال الذهب في القاهرة (الشرق الأوسط)

وقال الخبير الاقتصادي المصري، الدكتور أشرف غراب، لـ«الشرق الأوسط»، إن «سعر صرف الدولار شهد ارتفاعاً طفيفاً وكسر حاجز الـ48 جنيهاً بزيادة جنيه واحد تقريباً بعد عطلة عيد الفطر وعودة البنوك الرسمية للعمل، وهذا يعود إلى عدد من الأسباب؛ أولها نشاط السوق السوداء في عطلة عيد الفطر نتيجة عطلة المصارف الرسمية، حيث نشطت تلك السوق ورفعت السعر، وبالتالي عند عودة البنوك للعمل والسيطرة على السوق السوداء والقضاء عليها ارتفع سعر الصرف رسمياً بالبنوك»، موضحاً أن السبب الثاني لارتفاع الدولار يتمثل في زيادة الطلب على العملة الصعبة وتلبية البنوك هذه الطلبات للمستوردين والصناع والمنتجين، إضافة إلى التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط نتيجة الصراع الإيراني-الإسرائيلي، الذي حدث في الأيام الماضية، وهذا أدى لخروج جزء طفيف من الاستثمارات الأجنبية المباشرة والمتمثلة في أذون الخزانة والسندات والتي زادت الفترة الماضية بعد القضاء على السوق السوداء، وهي عمليات خروج وقتية سريعة وقليلة وليست كبيرة، وهذا دفع الدولار للصعود قليلاً مقابل الجنيه.

ويشير غراب إلى أن «سعر صرف الدولار منذ تحرير سعر الصرف الشهر الماضي حتى الآن يشهد استقراراً، لذا فصعود أو هبوط جنيه أو أكثر لا يعد صعوداً، ولن يكون له تأثير سلبي كبير، لأننا لاحظنا الفترة الماضية قد هبط سعر صرف الدولار ووصل لما يقارب الـ46 جنيهاً ثم عاود الارتفاع قليلاً، وذلك نتيجة زيادة الطلب عليه».

مصريون يتخوفون من تأثير ارتفاع سعر الدولار على أسعار السلع في البلاد (رويترز)

واهتم رواد آخرون على «إكس» بمتابعة وتسجيل ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه المصري خلال تعاملات الأربعاء.

https://twitter.com/dr_fareselmasry/status/1780256309952098802

كذلك، تفاعلت بعض الحسابات على «فيسبوك» مع «صعود سعر الدولار». ودعا متابعون إلى «استمرار إجراءات مواجهة السوق السوداء حتى يعود الدولار للانخفاض».

عودة إلى الخبير الاقتصادي المصري الذي يتوقع «ارتفاع قيمة الجنيه مقابل الدولار، وانخفاض سعر صرف الدولار لما بين 40 و42 جنيهاً في الشهور المقبلة»، مشيراً إلى وجود الكثير من العوامل التي تقود إلى ذلك، من بينها «دخول الجزء الثاني من مشروع تطوير رأس الحكمة والبالغ 20 مليار دولار، إضافة إلى دخول تمويلات الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي على هيئة دفعات، وكذا زيادة تحويلات المصريين العاملين بالخارج، التي بدأت في الزيادة تدريجياً بالفعل، إضافة إلى استمرار الحكومة في تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية».


مقالات ذات صلة

توافق مصري - نرويجي على «حل الدولتين» ووقف إطلاق النار بغزة

شمال افريقيا استقبال رئيس وزراء النرويج للرئيس المصري في أوسلو  (الرئاسة المصرية)

توافق مصري - نرويجي على «حل الدولتين» ووقف إطلاق النار بغزة

أعربت مصر والنرويج عن «قلقهما البالغ إزاء الوضع في الشرق الأوسط، بما في ذلك المعاناة الهائلة للمدنيين والاحتياجات الإنسانية الماسة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا محادثات بدر عبد العاطي في تشاد (الخارجية المصرية)

مصر تؤكد دعمها تشاد في مكافحة «الإرهاب والتطرف»

أكدت مصر حرصها على دعم تشاد في مكافحة «الإرهاب» والتطرف

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مقر جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

«الجامعة العربية» تحذر من «إشعال الفتنة» في سوريا

حذرت جامعة الدول العربية، الخميس، من «إشعال فتنة» في سوريا.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من اجتماع رئيس الوزراء المصري مع عدد من المستثمرين (مجلس الوزراء)

تحويلات المصريين بالخارج تصل إلى أعلى مستوياتها

شهدت تحويلات المصريين العاملين بالخارج «ارتفاعاً قياسياً» أخيراً، وسط تأكيدات مسؤولين مصريين أن ذلك جاء في ظل «تحرير» سعر صرف الجنيه.

محمد عجم (القاهرة )
شمال افريقيا مطار الغردقة الدولي (موقع وزارة الطيران المدني المصرية)

مصر تعوّل على القطاع الخاص في تحسين الخدمات بالمطارات

تُعوّل الحكومة المصرية على «القطاع الخاص» لإدارة وتشغيل المطارات المصرية، سعياً لـ«تحسين جودة الخدمات» الجوية في حركة النقل الجوي.

أحمد إمبابي (القاهرة)

تلميحات الدبيبة بـ«غياب الرقابة» تلاحق «إعادة الإعمار» بشرق ليبيا

أحد الجسور التي يدشنها «صندوق إعادة الإعمار» بشرق ليبيا (المكتب الإعلامي للصندوق)
أحد الجسور التي يدشنها «صندوق إعادة الإعمار» بشرق ليبيا (المكتب الإعلامي للصندوق)
TT

تلميحات الدبيبة بـ«غياب الرقابة» تلاحق «إعادة الإعمار» بشرق ليبيا

أحد الجسور التي يدشنها «صندوق إعادة الإعمار» بشرق ليبيا (المكتب الإعلامي للصندوق)
أحد الجسور التي يدشنها «صندوق إعادة الإعمار» بشرق ليبيا (المكتب الإعلامي للصندوق)

دأب رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة، على التلميح إلى غياب «الرقابة والشفافية» عن مشروعات إعادة الإعمار بشرق البلاد، التي يديرها «صندوق» يشرف عليه بلقاسم، نجل المشير خليفة حفتر، قائد «الجيش الوطني».

وقال الدبيبة أكثر من مرة، إن أجهزة «تبني مشروعات في بعض مدن ليبيا دون أن تمر على الأجهزة الرقابية»، وهو ما عدّه محللون إشارة ضمنية إلى مشروعات إعمار شرق ليبيا. وسبق ذلك تصريح آخر للدبيبة ضمن فعاليات أقيمت في 9 ديسمبر (كانون الأول)، قدر فيه حجم الإنفاق في هذه المشروعات بأكثر من 40 مليار دينار خلال العام الحالي (الدولار يساوي 4.91 دينار).

وفي حين تجنب الدبيبة توجيه اتهامات مباشرة للصندوق والقائمين عليه، آثر الحديث عما «خصص لإحدى الجهات، غير الخاضعة للرقابة، في دفعة واحدة، ما يتجاوز ميزانية التنمية في ليبيا لأكثر من 4 سنوات». ويأتي حديث الدبيبة في أجواء تتصاعد فيها الاتهامات بـ«الفساد» بين جبهتي شرق ليبيا وغربها.

في هذا السياق، عدّ أستاذ القانون بجامعة طرابلس، فرج حمودة، عدم إخضاع «جهاز الإعمار» في شرق ليبيا لأجهزة الرقابة، «تصرفاً خارج نطاق القانون؛ حتى إن صدر عن جهة تشريعية»، متسائلاً عن سبب عدم اللجوء إلى القضاء الدستوري.

وتتنازع على السلطة في ليبيا حكومتان: الأولى وهي «الوحدة الوطنية» في طرابلس، والأخرى مكلَّفة من مجلس النواب، وتدير المنطقة الشرقية وأجزاء من الجنوب، ويقودها أسامة حمّاد.

ويترأس بلقاسم حفتر «صندوق إعمار ليبيا» منذ بداية عام 2024، بتكليف من مجلس النواب الذي مُنح امتيازات واسعة، وفق قانون سنّه البرلمان يستثني كل الإجراءات، والتعاقدات من الرقابة الإدارية وديوان المحاسبة؛ وهما أرفع جهازين رقابيين سياديين في ليبيا.

بلقاسم حفتر يتفقد مشروعات يشرف عليها «صندوق إعادة الإعمار» بشرق ليبيا (المكتب الإعلامي للصندوق)

ويتمسك فرج حمودة في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، بالقول إن الأجهزة الرقابية تفرض رقابة سابقة ولاحقة على هذه المشروعات، حفاظاً على المال العام، محذراً مما يعتقد أنه «باب مفتوح على مصراعيه لمزيد من التجاوزات المالية، خصوصاً مع الإنفاق عالي التكلفة».

ولا توجد أرقام مفصلة لميزانية إعادة إعمار المنطقة الشرقية، التي ينفذها «الصندوق» بتعاون مع شركات عربية وأجنبية، لكن التكلفة الاستثمارية بلغت نحو 950 مليون دولار خلال الفترة الممتدة من يناير (كانون الثاني) إلى سبتمبر (أيلول) الماضيين، وفق آخر أرقام مصرف ليبيا المركزي.

وفي مقابل ما ذهب إليه حمودة، يعتقد المحلل الاقتصادي الليبي، علي الصلح، أن إنشاء صندوق إعمار ليبيا «جاء متماشياً مع متطلبات المرحلة واحتياجات المواطنين، وفي ظل منافسة باتت واضحة، في مقارنة ما يبدو مع مشروعات تنفذها حكومة الدبيبة في العاصمة».

ورغم أن الصلح يقر في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، بأن «إصدار قانون خاص للصندوق واستثناءه من الرقابة أصبحا محل جدل»، إلا أنه «تخلص من قيود ومراجعات قد تكون دون جدوى، وسرّع وتيرة جهود البناء والإعمار، بما لقي ارتياح المواطنين»، وفق اعتقاده.

وذهب الصلح إلى القول إن أهمية «تحديد حجم نفقات المال العام وغرضها يأتيان أولوية قبل الرقابة، دون مساءلة ومحاسبة حقيقيتين»، متسائلاً في المقابل عما رآها «نفقات عامة لحكومة (الوحدة) لا تخضع لمعايير واضحة».

صورة توضح حجم الدمار الذي تعرضت له أحياء درنة جراء الإعصار (أ.ف.ب)

ومؤخراً، ذكرت وكالة التحقيق الأميركية «سنتري» أن تكلفة إعادة الإعمار أثقلت كاهل الميزانية العامة، مما تسبب في أزمة لمصرف ليبيا المركزي.

لكن، وعلى نحو أبعد من الحديث عن الأرقام والشفافية، تبدو «المناكفة» تفسيراً مرجحاً لتلميحات الدبيبة، وفق عضو المجلس الأعلى للدولة، بلقاسم قزيط، الذي أشار إلى «غياب تام للرقابة والشفافية في ليبيا».

ويبدو أن الهدف من هذه التلميحات، حسب تصريح قزيط لـ«الشرق الأوسط»، هو «حشد خصوم حفتر في غرب البلاد»، متوقعاً «تبخر هذه الاتهامات حال إتمام صفقة توحيد». كما تحدث عما قال إنه «تواصل لم ينقطع بين رئيس حكومة (الوحدة) وقائد الجيش الوطني وصفقات أنجزت بينهما».

ومن بين عدة مدن بشرق ليبيا، كانت مدينة درنة هي الأكثر في تكبد فاتورة الخسائر البشرية والمادية جراء فيضانات سبتمبر 2023، إذ اختفت أحياء بكاملها، ودمرت مدارس وأسواق وبنيات تحتية عامة؛ إلى جانب آلاف الوفيات، ونزوح آلاف آخرين من منازلهم.

لكن درنة شهدت مؤخراً افتتاح عدد من المشروعات، التي يشرف عليها «صندوق إعادة إعمار ليبيا»، من بينها «جسر وادي الناقة»، ومقرّ مديرية أمن درنة، بالإضافة إلى مسجد الصحابة.