تحرك حكومي بشأن «مقررات غير أخلاقية» في مدرسة دولية بمصر

عقب مناشدات على «السوشيال ميديا» تحدثت عن تدريس «قيم مرفوضة»

مقر وزارة التربية والتعليم بالعاصمة الجديدة (وزارة التربية والتعليم)
مقر وزارة التربية والتعليم بالعاصمة الجديدة (وزارة التربية والتعليم)
TT

تحرك حكومي بشأن «مقررات غير أخلاقية» في مدرسة دولية بمصر

مقر وزارة التربية والتعليم بالعاصمة الجديدة (وزارة التربية والتعليم)
مقر وزارة التربية والتعليم بالعاصمة الجديدة (وزارة التربية والتعليم)

في أول تحرك حكومي عقب الجدل، الذي أثير حول وجود «مقررات غير أخلاقية» ضمن المناهج الدراسية بإحدى المدارس الدولية بمصر، أصدرت وزارة التربية والتعليم بمصر بياناً أكدت فيه تشكيل لجنة من الخبراء، وقيادات الوزارة ليتم إرسالها إلى المدرسة المعنية؛ بهدف «الوقوف على الموقف، واتخاذ كل الإجراءات القانونية اللازمة فورا في حال ثبوت تلك المخالفات التي تم تداولها».

وانتشرت حالة من الجدل الواسع على «السوشيال ميديا» بسبب ما تردد عن قيام مدرسة دولية بمنطقة «التجمع الخامس» (شرق القاهرة) بتدريس مواد دراسية، تتضمن «قيماً وأخلاقيات مرفوضة تخالف ثوابت المجتمع». وعلى أثر ذلك توالت المناشدات الموجهة إلى السلطات المختصة بضرورة التحقيق العاجل في تلك الشكاوى.

وزير التربية والتعليم المصري (وزارة التربية والتعليم)

وشدّد بيان الوزارة على «رفض قيام أي مدرسة على أرض مصر بترويج، أو تدريس الطلاب مواد دراسية، تخالف ثوابت الغريزة الإنسانية أو العقائد السماوية، أو الأخلاقيات والقيم التي يقوم عليها هذا المجتمع».

من جهته، تقدم النائب محمود عصام، عضو مجلس النواب، بسؤال برلماني إلى المستشار الدكتور حنفي جبالي، رئيس المجلس، ليوجهه إلى الدكتور رضا حجازي، وزير التربية والتعليم، بشأن انتشار شكاوى حول «قيام مدرسة دولية بتقديم مواد دراسية غير سوية، تتضمن أفكاراً هدامة تدعو فيها إلى إتيان الرذيلة، وهدم القيم والأخلاق».

وقال الدكتور كمال مغيث، الخبير التربوي، لـ«الشرق الأوسط» إن «هذه الواقعة ليست الأولى من نوعها في مصر، التي تعبر عن تبني قيم مخالفة وصادمة للمجتمعات الشرقية عبر بعض المدارس»، مشيراً إلى أن «الأزمة تتطلب تعديلاً في العلاقة القانونية بين الوزارة والمدارس الدولية، حيث إن الأخيرة كثيراً ما تتحلل من التزاماتها تجاه الأولى، وتدرس مقررات أو تروج لأفكار يراها كثيرون صادمة».

ووفق وزارة التربية والتعليم المصرية، فإن عدد المدارس الرسمية الدولية يبلغ 25 مدرسة، فيما تسعى الوزارة للتوسع في عدد هذه المدارس.

وأكد الدكتور تامر شوقي، الخبير التربوي وأستاذ علم النفس بجامعة عين شمس، لـ«الشرق الأوسط» أن «التعليم هو الأداة الرئيسية في نقل القيم والعادات والسلوكيات الإيجابية في أي مجتمع، ولذلك لا بد أن يتسق وما يتضمنه من مناهج مع المنظومة القيمية والأخلاقية والدينية لهذا المجتمع، حيث يكون للمناهج تأثير هدام على شخصية الطلاب إذا تضمنت ما يخالف القيم والأخلاق»، مشيراً إلى أنه «يزداد الخطر حدة كلما كان الطلبة في سن التشكيل والتكوين، مثل سن المرحلة الابتدائية، حيث يترتب على تدريس تلك المقررات غير الأخلاقية مجموعة من التأثيرات السلبية، مثل هز ثقة الطالب في معتقداته وثوابته الدينية والأخلاقية، التي تضع ضوابط للعلاقات بين الأفراد».

شعار وزارة التربية والتعليم المصرية (وزارة التربية والتعليم)

ويشير مصطلح «المدارس الدولية» إلى المدارس التي تقدم شهادات أجنبية، صادرة غالباً عن الولايات المتحدة أو بريطانيا بشكل أساسي، ثم ألمانيا وفرنسا وكندا لاحقاً، وليس شهادة الثانوية العامة الحكومية المصرية.

ويتسم التعليم في تلك المدارس بمستوى راق، وكثافة أقل في الفصول مقارنة بنظيرتها الحكومية، لكنها في المقابل كثيراً ما تثير أزمات ومخاوف تتعلق بازدواجية نظم التعليم في البلاد، وعدم تنمية الحس بالانتماء الوطني لدى طلبة هذه المدارس، فضلاً عن إجبار أولياء الأمور على دفع رسوم الدراسة في بعض الأحيان بالعملات الأجنبية.

وأضاف شوقي موضحاً: «حتى لو تم الادعاء من جانب مسؤولي المدرسة بأن تلك المقررات موجودة في المناهج لكن لا يتم تدريسها، فهذا يعد مبرراً غير مقبول، لأن مجرد وجودها وإطلاع الطلبة عليها يندرج تحت ما نسميه نحن خبراء المناهج بـ(المنهج الخفي)، ويُقصد به التأثير على الطلبة بشكل غير مباشر، من خلال إتاحة مقرر مثير لفضولهم فينجذبون إليه، ويندفعون إليه بالرغبة في الاكتشاف في تلك السن المبكرة، وهكذا يصبح (المنهج الخفي) أشد تأثيراً من (المنهج الصريح) بصورته التقليدية المعتادة».


مقالات ذات صلة

شراكة سعودية – أميركية لدعم تعليم اللغتين العربية والإنجليزية بين البلدين

يوميات الشرق حظي المنتدى بجلسات علمية بين الجانبين (وزارة التعليم)

شراكة سعودية – أميركية لدعم تعليم اللغتين العربية والإنجليزية بين البلدين

السفير الأميركي مايكل راتني: المنتدى هو نتيجة عامٍ من التعاون بين سفارتنا ووزارة التّعليم السعودية.

عمر البدوي (الرياض)
الاقتصاد مسؤولو الذراع الاستثمارية لشركة «إي إف جي هيرميس» ومجموعة «جي إف إتش» المالية خلال إطلاق صندوق التعليم السعودي (إكس)

«هيرميس» تطلق صندوقاً للتعليم بـ300 مليون دولار في السعودية

أطلقت شركة «إي إف جي هيرميس» صندوقاً للتعليم السعودي (SEF) بقيمة 300 مليون دولار لبناء مشغل تعليمي عالمي المستوى في السعودية

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شؤون إقليمية جانب من اجتماع الوفدين المصري والتركي في مقر وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بالقاهرة (من حساب رئيس مجلس العليم العالي التركي في «إكس»)

مصر وتركيا تتفقان على إنشاء جامعة مشتركة في القاهرة

تم الاتفاق على إنشاء جامعة مصرية - تركية مشتركة بالقاهرة تنفيذاً لمذكرة تفاهم وُقِّعت بين الجانبين خلال زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لأنقرة في سبتمبر.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي وزير التربية والتعليم يتابع انتظام العملية التعليمية بمدارس محافظة القليوبية (وزارة التربية والتعليم)

مصر: مقتل طالب يثير قلقاً من انتشار «العنف» بالمدارس

تجدد الحديث عن وقائع العنف بين طلاب المدارس في مصر، مع حادثة مقتل طالب في محافظة بورسعيد طعناً على يد زميله، ما أثار مخاوف من انتشاره.

محمد عجم (القاهرة)

​رئيس «أطباء بلا حدود» لـ«الشرق الأوسط»: حرب السودان تخلف صدمات نفسية سيئة

نساء وأطفال بمخيم زمزم للنازحين بالقرب من الفاشر شمال دارفور (رويترز)
نساء وأطفال بمخيم زمزم للنازحين بالقرب من الفاشر شمال دارفور (رويترز)
TT

​رئيس «أطباء بلا حدود» لـ«الشرق الأوسط»: حرب السودان تخلف صدمات نفسية سيئة

نساء وأطفال بمخيم زمزم للنازحين بالقرب من الفاشر شمال دارفور (رويترز)
نساء وأطفال بمخيم زمزم للنازحين بالقرب من الفاشر شمال دارفور (رويترز)

قال رئيس منظمة «أطباء بلا حدود»، كريستوس كريستو، إن كثيراً من النساء وأطفالهن يعانون من صدمات نفسية سيئة جراء الحرب الدائرة في السودان، مشيراً إلى أن بعض الأطفال الذين لا تتعدى أعمارهم بضعة أشهر تعرضوا لإصابات بالذخيرة الحية في مناطق الرأس والصدر.

وأضاف في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط»، أننا إزاء أسوأ أزمة إنسانية شهدتها المنظمة على الإطلاق... آلاف الأسر تفرقت، خرج أفرادها من دون أن يحملوا شيئاً، أحياناً كانوا حفاة ويسيرون على أقدامهم، ومن الصعوبة أن يتم توفير المساعدات لهم من الغذاء والمياه والأدوية، يبدو هذا الأمر مستحيلاً في بعض أجزاء البلد.

سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم زمزم للنازحين (أ.ف.ب)

ورأى أن «الحرب تعد مشكلة حقيقية للنساء والأطفال تحديداً... أجرينا في أحد المستشفيات العاملة بالعاصمة الخرطوم فحوصات لنحو 4200 امرأة وطفل، ووجدنا أن ثلثهم يعاني من سوء التغذية الحاد، وهذا القياس يدل على أن كل الذين أجريت لهم فحوصات، يعانون من سوء التغذية المتوسط والحاد بدرجات متفاوتة».

وأوضح أن «واحداً من كل 6 جرحى يعالجون في المستشفى ذاته، يعاني من أمراض مصاحبة... لدينا أطفال لا تتعدى أعمارهم شهوراً تعرضوا لإصابات بالرصاص في الرأس أو الصدر، وللأسف في بعض الأحيان لا تتوفر المواد الطبية اللازمة لعلاجهم، في ظل حالة الحصار على المستشفى، ومنع وصول المعونات الطبية إليه».

الوضع في دارفور

وكشف الرئيس الدولي لمنظمة «أطباء بلا حدود»، كريستوس كريستو، عن ارتفاع نسبة حالات الإصابة بسوء التغذية وسط النساء الحوامل والمرضعات والأطفال الرضع في إقليم دارفور (غرب البلاد)، «وهو ما يتسبب في الوفيات لأسباب بسيطة يمكن علاجها لو توفرت الإمدادات الطبية».

امرأة وطفلها في مخيم زمزم للنازحين قرب الفاشر شمال دارفور بالسودان (أرشيفية - رويترز)

وقال إن «نسبة انتشار أمراض سوء التغذية وفقر الدم أعلى بكثير من قدرة فرقنا على علاجها».

وأضاف كريستو: «في أغسطس (آب) الماضي، أجرينا فحوصات لنحو 30 ألف طفل في عمر سنتين وأقل، حيث أثبتت أن ثلث هذا العدد يعاني من سوء تغذية حاد».

وكشف تقرير سابق لمنظمة «أطباء بلا حدود» في فبراير (شباط) الماضي عن وفاة طفل كل ساعتين في «مخيم زمزم» للنازحين في ولاية شمال دارفور.

ووفقاً للمنظمة، فإن الصراع في إقليم دارفور «أخذ طابعاً عرقياً، وعلى وجه الخصوص أحداث العنف التي جرت في ولاية غرب دارفور، وأدت إلى مقتل الآلاف ولجوء أكثر من 500 ألف شخص إلى تشاد».

وتجاوزت نسبة وفيات الأمهات في جنوب دارفور منذ مطلع العام الحالي التي سجلتها مرافق «أطباء بلا حدود»، 7 في المائة، وبينت الفحوصات التي أُجريت لرصد سوء التغذية بين الأطفال، معدلات هائلة تتجاوز عتبات الطوارئ.

وحض كريستو المجتمع الدولي «على بذل مزيد من الجهود للضغط على الأطراف المتحاربة للسماح بمرور المساعدات الإنسانية العاجلة؛ لتوفير الغذاء والدواء للآلاف من المدنيين في السودان».

وعالجت فرق «أطباء بلا حدود» أكثر من 4214 إصابة ناجمة عن العنف، بما في ذلك الأعيرة النارية وانفجارات القنابل، وشكلت نسبة الأطفال دون سن الخامسة عشرة، 16 في المائة منهم.