عززت تحركات عسكرية من قبل الجيش السوداني، و«قوات الدعم السريع»، الأربعاء، من الترقب لاتساع المعارك بين الطرفين حول مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (غرب البلاد) والتي ظلت لفترة طويلة بمنأى عن الحرب بين الجانبين، وكانت مركزاً لتوزيع المساعدات الإغاثية.
وقال شهود عيان إن الجيش السوداني أجرى عملية إنزال جوي لإيصال أسلحة وذخيرة لقواته في القاعدة العسكرية بمدينة الفاشر، حيث تدور مواجهات مع «الدعم السريع».
وشاهد سكان في الفاشر، عصر الثلاثاء، الطيران الحربي التابع للجيش يُسقط «مظلات تحمل صناديق» في محيط المدينة، إلى جانب قوات يرجح أنها لفنيين من قوات سلاح المهندسين.
وقال مقيم بالمدينة، طلب عدم ذكر اسمه، إن «الطائرات الحربية التابعة للجيش أسقطت قرابة 150 مظلة بعضها تحمل قوات من المظليين، وأخرى لمعدات عسكرية وضعت في صناديق من القماش».
ودارت خلال الأيام الماضية معارك ضارية بين الجيش السوداني وحلفائه من الحركات المسلحة ضد «الدعم السريع» التي أعلنت سيطرتها الكاملة على مدينة مليط شمال الفاشر. وتصاعدت التحذيرات الدولية والأممية من تفاقم الأزمات الإنسانية وتفشي الجوع في ولايات إقليم دارفور جراء الحرب.
ونشرت منصات تابعة لـ«الدعم السريع» مقطع فيديو لأحد قادتها العسكريين يعلن تكوين إدارة في «مليط» التي تبعد نحو 50 كيلومتراً عن الفاشر، كما أصدر قرارات بحل كل اللجان التابعة للحكومة والحركات المسلحة، وفتح السوق الرئيسية، وتأمين السكان في البلدة.
واستولت «الدعم» على البلدة، مطلع الأسبوع الحالي، بعد اشتباكات عنيفة والقوات المشتركة لحركات الكفاح المسلحة المتحالفة مع الجيش، التي تراجعت إلى داخل الفاشر.
وقالت مصادر طبية لـ«الشرق الأوسط» إن ما لا يقل عن 20 شخصاً قتلوا، فيما أصيب 150 من المدنيين في الاشتباكات التي جرت بين «الدعم» والحركات المسلحة الداعمة للجيش في أحياء غرب الفاشر.
وأفادت المصادر ذاتها بـ«انعدام المعدات الطبية والجراحية في قسم الطوارئ بالمستشفى الجنوبي الوحيد الذي يعمل في المدينة».
ويشهد الاتجاه الغربي للفاشر حركة نزوح واسعة للمواطنين بسبب التبادل العشوائي للقصف المدفعي، والقصف الجوي لسلاح الجو السوداني.
وخلال الأشهر الماضية، نزح مئات الآلاف إلى الفاشر بوصفها أكبر مدن ولاية شمال دارفور، عقب استيلاء «الدعم السريع» على بقية ولايات الإقليم.
ووصف نشطاء في المجتمع المدني الوضع الإنساني بـ«الكارثي»، وسط تزايد المخاوف بين المدنيين من أي هجمات محتملة لـ«الدعم السريع» للاستيلاء على عاصمة الإقليم.
ووفق متحدثين، من غرف الطوارئ ولجان المقاومة يسقط يومياً ضحايا ما بين قتلى وجرحى جراء القصف المدفعي العشوائي الذي تستهدف به «الدعم السريع» الأحياء السكنية. وفي أثناء ذلك تشهد الفاشر وجوداً كثيفاً لقوات الجيش والحركات المسلحة الداعمة لها تأهباً لاندلاع عمليات عسكرية.
وفي المقابل، نشرت «الدعم السريع» تسجيلات مصورة لعدد من المركبات العسكرية، قالت إنها تتوجه إلى ولاية شمال دارفور.
والأحد الماضي، قال حاكم إقليم دارفور، مني آركو مناوي، إن «القوة المشتركة تراقب محاولات الهجوم على البلدات حول الفاشر».
وتتكون القوات المشتركة من الحركات المسلحة الموقعة على «اتفاق جوبا» للسلام، والتي كانت أعلنت سابقاً الانتقال من موقف الحياد في الصراع إلى القتال إلى جانب الجيش، وأبرزها حركة «جيش تحرير السودان» بقيادة مني آركو مناوي، وحركة «العدل والمساواة»، بزعامة وزير المالية، جبريل إبراهيم، وفصائل أخرى صغيرة.
وخلال عام واحد، أدّت الحرب في السودان إلى سقوط آلاف القتلى، بينهم ما يصل إلى 15 ألف شخص في الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور، وفق خبراء الأمم المتحدة.
كما دفعت الحرب البلاد، البالغ عدد سكانها 48 مليون نسمة، إلى حافة المجاعة، ودمّرت البنى التحتية المتهالكة أصلاً، وتسبّبت بتشريد أكثر من 8.5 مليون شخص، وفقاً للأمم المتحدة.