الجزائر: دفعة جديدة من وجهاء النظام أمام القضاء بتهم «فساد»

المؤبد بحق عسكري تسلمته السلطات الجزائرية من إسبانيا عام 2021

الرئيس تبون رفع شعار محاربة الفساد منذ تسلمه حكم البلاد (د.ب.أ)
الرئيس تبون رفع شعار محاربة الفساد منذ تسلمه حكم البلاد (د.ب.أ)
TT

الجزائر: دفعة جديدة من وجهاء النظام أمام القضاء بتهم «فساد»

الرئيس تبون رفع شعار محاربة الفساد منذ تسلمه حكم البلاد (د.ب.أ)
الرئيس تبون رفع شعار محاربة الفساد منذ تسلمه حكم البلاد (د.ب.أ)

في حين بدأت، اليوم (الأربعاء)، محكمة الاستئناف بالجزائر العاصمة مساءلة مدير الديوان برئاسة الحكومة سابقاً، مصطفى رحيال، مع رجل أعمال ومدير بنك حكومي في قضية «فساد»، دان القضاء العسكري، أمس (الثلاثاء)، العسكري محمد عبد الله بالسجن مدى الحياة، وذلك بعد 3 سنوات من ترحيله من إسبانيا التي لجأ إليها هارباً بطائرة عمودية.

وأكدت صحيفة «الشروق»، بموقعها الإلكتروني، أن 60 متهماً يردون بمحكمة الاستئناف بتهمة الفساد في الملف المسمى «منح قروض وعقود الامتياز تحت غطاء تشجيع الاستثمار في الجنوب».

وأبرز المتهمين رجل الأعمال المعروف عبد المالك صحراوي، والمدير السابق لـ«بنك الجزائر الخارجي»، إبراهيم س. إضافة إلى رحيال، مدير ديوان الوزير الأول سابقاً، عبد المالك سلال، الذي يقضي عقوبة 12 سنة سجناً لاتهامه في قضايا فساد مرتبطة بتسيير الشأن العام خلال توليه مسؤوليات كبيرة، خلال فترة حكم الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة (1999 - 2019).

وتشمل لائحة الاتهامات، حسب الصحيفة ذاتها «تبديد أموال عمومية واستعمالها على نحو غير شرعي لصالح أشخاص آخرين، وتحريض موظف عمومي على استغلال نفوذه الفعلي، بهدف الحصول من إدارة سلطة عمومية غير مستحَقَّة». وخصت هذه التهم مشروعات وصفقات عمومية كبيرة خلال الفترة الممتدة ما بين 2012 و2015، حينما كان سلال وزيراً أول.

عبد المالك سلال رئيس الوزراء سابقاً يوجد في السجن بتهمة الفساد (الشرق الأوسط)

وكان «القطب الجزائي المختص في مكافحة الفساد»، التابع لـ«محكمة سيدي امحمد» بالعاصمة، قد حكم، نهاية 2023، ابتدائياً على رحيال بالسجن لست سنوات مع التنفيذ، وعلى صحراوي بالسجن 10 سنوات مع التنفيذ، بينما تراوحت الأحكام بحق باقي المتهمين بين ثلاث وخمس سنوات سجناً مع التنفيذ.

تأتي محاكمة رموز من النظام سابقاً غداة إيداع ثلاثة مسؤولين الحبس الاحتياطي لاتهامهم بـ«ارتكاب تجاوزات في إبرام صفقة»، تخص الشركة الحكومية للهاتف الثابت «موبليس». وقالت محكمة الاستئناف بالعاصمة في بيان، أمس (الثلاثاء)، إن الوقائع «تؤكد تبديد أموال عمومية ضخمة بطريقة غير مشروعة، بتواطؤ بعض مسؤولي مؤسسة (موبيليس)».

مصطفى رحيال (يمين) مدير الديوان برئاسة الحكومة سابقاً متهم بالفساد (حزب جبهة التحرير الوطني)

يُشار إلى أن ثلاثة رؤساء حكومات، و20 وزيراً سابقين وعدداً كبيراً من رجال الأعمال يقضون عقوبات ثقيلة بالسجن، صدرت في سياق حملة اعتقالات طالت وجهاء النظام، بعد تنحّي بوتفليقة عن السلطة في الثاني من أبريل (نيسان) 2019.

من جهة أخرى، كشف المحامي زكرياء لحرش في حسابه بالإعلام الاجتماعي أن موكله العسكري محمد عبد الله دانته المحكمة العسكرية بالبليدة (جنوب العاصمة)، (الثلاثاء)، بالسجن المؤبد بناء على تهمتَي «إضعاف الروح المعنوية للجيش» و«الخيانة»، معلناً استئناف الحكم.

وكانت النيابة العسكرية قد أطلقت مذكرة اعتقال دولية بحق عبد الله عام 2021، عندما استقل طائرة عمودية تابعة للقوات الجوية، وحطَّ بها في إسبانيا، حيث كان يرغب باللجوء والالتحاق بالتنظيم الإسلامي المعارض، «رشاد»، حسبما ورد في وقائع الاتهام. وفي أغسطس (آب) 2021، سلمت السلطات الإسبانية العسكري للجزائر، بينما كان ملف طلب اللجوء الذي رفعه إليها قيد الدراسة. وانتقدت منظمات حقوقية دولية ترحيله، بحجة «تعريض حياته للخطر». وأطلق عبد الله خلال وجوده في إسبانيا حملة ضد بعض المسؤولين المدنيين والعسكريين في الجزائر، بداعي «كشف المتورطين في الفساد».

العسكري محمد بن حليمة المتهم بضرب معنويات الجيش (الشرق الأوسط)

ويتابع العسكري الثلاثيني، حسب دفاعه، على أساس 12 تهمة في ملفات عديدة، أغلبها متصل بـ«رشاد»، المصنف «تنظيماً إرهابياً» وبـ«إهانة الهيئات النظامية للبلاد». وكانت المحكمة العسكرية ذاتها قد حكمت عليه بالسجن ست سنوات مع التنفيذ، العام الماضي.

وأبعدت السلطات الإسبانية في 2021 أيضاً عسكرياً جزائرياً آخر يسمى محمد بن حليمة، كان غادر صفوف الجيش في 2019، إثر إبلاغه بأن اسمه مُدرَج في «لائحة العسكريين المطلوبين للمساءلة»، وذلك بسبب مشاركته في مظاهرات الحراك الشعبي ضد النظام. ودانته المحكمة العسكرية في يونيو (حزيران) 2022 بالسجن 10 سنوات مع التنفيذ، بتهم «الانخراط في جماعة إرهابية، والمس بأمن وسلامة التراب الوطني، ونشر معلومات كاذبة، وإحباط معنويات الجيش، والإضرار بالأمن وسلامة الوطن».


مقالات ذات صلة

الجزائر: تبون يهاجم فترة حكم بوتفليقة في ملف «محاسبة المسيرين النزهاء»

شمال افريقيا تبون يلقي خطاباً أمام القضاة (الرئاسة)

الجزائر: تبون يهاجم فترة حكم بوتفليقة في ملف «محاسبة المسيرين النزهاء»

تبون: «مؤسسات الجمهورية قوية بالنساء والرجال المخلصين النزهاء، ومنهم أنتم السادة القضاة… فلكم مني أفضل تحية».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا من لقاء سابق بين الرئيسين الفرنسي والجزائري (الرئاسة الفرنسية)

لائحة الخلافات بين الجزائر وفرنسا في اتساع متزايد

يقول صنصال إن «أجزاء كبيرة من غرب الجزائر تعود إلى المغرب»، وإن قادة الاستعمار الفرنسي «كانوا سبباً في اقتطاعها، مرتكبين بذلك حماقة».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)

كاتب جزائري شهير يواجه السجن بسبب «تحقير الوطن»

يواجه الكاتب الجزائري - الفرنسي الشهير بوعلام صنصال، عقوبة سجن تتراوح بين 12 شهراً و5 سنوات، بسبب تصريحات مستفزة بالنسبة للسلطات، أطلقها في فرنسا.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الروائي المثير للجدل كمال داود (حسابه بالإعلام الاجتماعي)

«قضية الروائي داود» تأخذ أبعاداً سياسية وقضائية في الجزائر

عقوبة سجن بين 3 و5 سنوات مع التنفيذ ضد «كل من يستعمل، من خلال تصريحاته أو كتاباته أو أي عمل آخر، جراح المأساة الوطنية، أو يعتدّ بها للمساس بمؤسسات الجمهورية».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس تبون مع قائد الجيش (وزارة الدفاع)

الجزائر: شنقريحة يطلق تحذيرات بـ«التصدي للأعمال العدائية»

أطلق قائد الجيش الجزائري الفريق أول سعيد شنقريحة، تحذيرات شديدة اللهجة، في أول ظهور إعلامي له.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

تشكيلة جديدة للهيئات الإعلامية بمصر وسط ترقب لتغييرات

مبنى التلفزيون المصري في ماسبيرو (الهيئة الوطنية للإعلام)
مبنى التلفزيون المصري في ماسبيرو (الهيئة الوطنية للإعلام)
TT

تشكيلة جديدة للهيئات الإعلامية بمصر وسط ترقب لتغييرات

مبنى التلفزيون المصري في ماسبيرو (الهيئة الوطنية للإعلام)
مبنى التلفزيون المصري في ماسبيرو (الهيئة الوطنية للإعلام)

وسط ترقب وانتظار لما ستسفر عنه الأيام المقبلة، استقبلت الأوساط الإعلامية والصحافية المصرية، التشكيلة الجديدة للهيئات المنظمة لعملهم، آملين في أن تحمل معها تغييرات إيجابية بالمشهد الإعلامي.

وتصدر قرار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الاثنين، بإعادة تشكيل الهيئات الإعلامية والصحافية، الترند في مصر عبر «هاشتاغات» عدة، حمل بعضها أسماء ضمها التشكيل الجديد، لا سيما وزير الشباب والرياضة السابق خالد عبد العزيز الذي ترأس «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام»، والإعلامي أحمد المسلماني رئيس «الهيئة الوطنية للإعلام»، وعبد الصادق الشوربجي رئيس «الهيئة الوطنية للصحافة».

وأعيد تشكيل «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام»، لمدة 4 سنوات، بموجب القرار الجمهوري «رقم 518 لسنة 2024»، «برئاسة خالد عبد العزيز، وعضوية كل من: المستشار عبد السلام النجار، نائب رئيس مجلس الدولة، والدكتور محمود ممتاز، رئيس جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، والدكتور حسام عبد المولى، ممثلاً للجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، والصحافيين عبد المحسن سلامة وعادل حمودة، من الشخصيات العامة وذوي الخبرة، والصحافية علا الشافعي، والإعلامي عصام الأمير، والدكتورة منى الحديدي، ممثلاً للمجلس الأعلى للجامعات».

ونص القرار الجمهوري رقم 520 لسنة 2024 على «تشكيل الهيئة الوطنية للإعلام، لمدة أربع سنوات، برئاسة أحمد المسلماني، وعضوية كل من: المستشار حماد مكرم، نائب رئيس مجلس الدولة، وخالد نوفل، ممثلاً لوزارة المالية، والمهندس وليد زكريا، ممثلاً للجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، والإعلاميين أسامة كمال وريهام الديب، من الشخصيات العامة وذوي الخبرة، وهالة فاروق حشيش، ممثلاً لنقابة الإعلاميين، وسامي عبد السلام، ممثلاً للنقابة العامة للعاملين بالصحافة والطباعة والإعلام، والكاتبة صفية مصطفى أمين، من الشخصيات العامة وذوى الخبرة».

كما أعيد تشكيل «الهيئة الوطنية للصحافة» لمدة 4 سنوات أيضاً، بموجب القرار الجمهوري رقم 519 لسنة 2024، حيث احتفظ عبد الصادق الشوربجي، بمنصبه رئيساً للهيئة التي ضمت في عضويتها كلاً من: المستشار محمود عمار، نائب رئيس مجلس الدولة، وياسر صبحي، ممثلاً لوزارة المالية، والصحافيين علاء ثابت وعمرو الخياط، من الشخصيات العامة وذوي الخبرة، والصحافيين حمدي رزق، وسامح محروس، ممثلين للصحافة القومية، وأسامة سعيد أبو باشا، ممثلاً للعاملين بالمؤسسات الصحفية القومية، والكاتبة سحر الجعارة من الشخصيات العامة وذوي الخبرة».

ومن المتوقع أن تشهد الجلسات العامة لمجلس النواب المصري (البرلمان)، الأسبوع المقبل، أداء رؤساء الهيئات الإعلامية الجدد اليمين أمام النواب.

وتعهد الشوربجي، في مداخلة لقناة «إكسترا نيوز» المصرية، الاثنين، بـ«استكمال مسيرة التطوير»، مشيراً إلى أن «الهيئة تعمل على مواجهة التحديات والاهتمام بالصحافة الورقية ومواكبة التطورات».

وقال إن «الفترة السابقة شهدت مصاعب كثيرة جداً، من بينها جائحة كورونا والحرب الروسية - الأوكرانية، ما أثر في صناعة الصحافة بمصر».

وأضاف أنه «استطاع تحويل التحديات إلى إيجابيات، حتى بدأت مؤسسات صحافية تنهض»، متعهداً بأن «تشهد الفترة المقبلة تحقيق المؤسسات الصحافية التوازن المالي، إلى جانب تطوير المحتوى التحليلي، دون إهمال الصحافة الورقية».

ويأتي تشكيل هذه الهيئات بموجب المواد 211 و212 و213 من الدستور المصري لعام 2014، وتعديلاته عام 2019، التي تنص على تشكيل «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام» باعتباره «هيئة مستقلة تختص بتنظيم شؤون الإعلام المسموع والمرئي، وتنظيم الصحافة المطبوعة، والرقمية، وغيرها»، إلى جانب هيئتي الصحافة والإعلام، حيث «تختص الأولى بإدارة المؤسسات الصحفية المملوكة للدولة»، بينما تعمل الثانية على «إدارة المؤسسات الإعلامية المرئية والإذاعية والرقمية المملوكة للدولة».

وحظي خالد عبد العزيز بالنصيب الأكبر من الاحتفاء على مواقع التواصل الاجتماعي، لا سيما بين الصحافيين والنقاد الرياضيين، والمتابعين للشأن الرياضي بشكل عام، كونه شغل في وقت سابق منصب وزير الشباب والرياضة.

وأعرب الفنان نبيل الحلفاوي، عبر حسابه على «إكس»، عن «تفاؤله» بإعادة تشكيل الهيئات الإعلامية، وعدّ اختيار عبد العزيز لرئاسة «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام»، بمثابة «بشرى خير واختيار صادف أهله ورضا المتطلعين للأفضل».

وكذلك أكد الناقد الرياضي إكرامي الرديني، عبر «إكس»، أن عبد العزيز هو «الرجل المناسب في المكان المناسب»، معرباً عن أمله في أن يسهم التشكيل الجديد في «وضع المعايير المناسبة لهذه الفترة المنفلتة إعلامياً».

وأشار الصحافي والناقد الرياضي رضوان الزياتي، عبر «إكس»، إلى أن التشكيل الجديد للهيئات الإعلامية «لاقى نسبة كبيرة من القبول الشعبي»، معرباً عن أمله في أن «يكون هناك إعلام محترم وموضوعي ينحاز للوطن والشعب».

وبينما أكد العميد الأسبق لكلية الإعلام بجامعة القاهرة، الدكتور حسن عماد مكاوي، أنه «من المبكر الحديث عن دلالات أو انعكاسات التغيير على المشهد الإعلامي»، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «التغيير كان مطلوباً بدرجة كبيرة، لا سيما أن المجالس السابقة لم تؤدِّ ما عليها من دور، ولم تحقق أهدافها بالشكل المرغوب».

وأعرب عن أمله في أن «يحمل التشكيل الجديد تغييراً ملحوظاً في المشهد الإعلامي».

وجاء قرار إعادة تشكيل الهيئات متأخراً بضعة شهور، حيث صدر قرار تشكيل الهيئات السابقة في 24 يونيو (حزيران) 2020، لمدة 4 سنوات، وأدى الصحافي كرم جبر، اليمين أمام مجلس النواب، رئيساً لـ«المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام» في 5 يوليو (تموز) من العام نفسه. وتزامناً مع موعد انتهاء مدة ولاية الهيئات السابقة، نشرت وسائل إعلام محلية أسماء مرشحين لرئاستها، مع الإشارة إلى قرب صدور قرار بتعيينهم.