الجزائر تبدأ عملية لتنظيم عمل الصحافة الإلكترونية والمطبوعة

بدأت وزارة الاتصال الجزائرية هذا الأسبوع عملية تحديث ملفات الصحف الإلكترونية والمطبوعة لتتوافق مع أحكام قانون جديد للإعلام، وقانون الصحافة، في خطوة وصفها وزير الاتصال بأنها تهدف إلى سد ثغرات في التشريعات الإعلامية. وصادق البرلمان الجزائري في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي على القانون المتعلق بالصحافة المكتوبة، والصحافة الإلكترونية، ونُشر في الجريدة الرسمية في الشهر التالي بحيث يدخل حيز التنفيذ الفعلي.

وزير الاتصال يناقش القوانين الجديدة للإعلام في البرلمان (الوزارة)

وقال وزير الاتصال محمد لعقاب وقت مناقشة القانون الجديد في البرلمان إن القانون «يهدف إلى دعم أداء الإعلام الوطني، فضلاً عن سد الثغرات التي شابت التشريعات الإعلامية، وإعطاء أرضية قانونية للممارسة الإعلامية من خلال ضبط مجموعة من المصطلحات». كما يهدف إلى ضبط الجهات، والأشخاص المسموح لهم بممارسة الصحافة المكتوبة، والإلكترونية، والشروط المتعلقة بذلك، بحسب وزير الاتصال. ويشترط القانون على مدير النشر أن يكون حائزاً على شهادة جامعية، أو ما يعادلها، وألا تقل خبرته عن ثمانية أعوام، وأن يكون جزائري الجنسية. وقد حددت وزارة الاتصال الثاني من يونيو (حزيران) المقبل ليكون آخر موعد لتسلم ملفات التكيف مع القانون الجديد.

* إلغاء الاعتماد

كان النشاط الصحافي في السابق يخضع لنظام «الاعتماد»، وكان إصدار الصحف المطبوعة أو الإلكترونية يستلزم بحسب قوانين الإعلام الحصول أولاً على اعتماد صادر من الوزارة المنوط بها الإشراف على قطاع الإعلام. لكن هذه الخطوة كانت تواجه تعقيدات إدارية تستغرق وقتاً ربما يصل إلى عام كامل لمجرد استخراج هذا الاعتماد، وأحياناً يقابَل طلب الحصول على اعتماد بالرفض بعد شهور من تقديمه.

وزير الإعلام في استقبال مدراء وسائل إعلام محلية (الوزارة)

لكن مع القانون الجديد، يكفي أن يتقدم صاحب مشروع الجريدة الورقية أو المطبوعة بملفه إلى وزارة الاتصال التي تسلمه إيصالاً في التو إذا كان ملفه يستوفي الشروط المنصوص عليها في القانون، ويكفي هذا الإيصال للانطلاق في النشاط. وبدلاً من «الاعتماد»، بات المطلوب يقتصر على «تصريح» من المسؤول عن الوسيلة الإعلامية المقترحة. ويعني هذا اختصار وقت المستثمرين في قطاع الصحافة. ومن لا تتوفر فيهم الشروط القانونية اللازمة، سيكونون على علم منذ البداية بأنهم لا يمكنهم إصدار جريدة. واعتبر فيصل سراي، مدير الموقع الإخباري (الجزائر اليوم)، القانون الجديد «المحطة الأخيرة قبل التسوية النهائية لموضوع الصحافة المكتوبة الإلكترونية منها والمطبوعة». وقال لوكالة «أنباء العالم العربي» إن هذه الخطوة «ألغت الرقابة المباشرة، حيث أصبح بإمكان من يستوفي الشروط القانونية مزاولة النشاط الإعلامي». وتعد هذه الخطوة فرصة للصحف الإلكترونية، التي لم تكن تحصل على الاعتماد سابقاً، أن تسوي وضعيتها القانونية.

* من مدون إلى صحافي

مع القانون الجديد، ينتقل من ينشر كتابات في صحيفة إلكترونية من صفة «مدون» إلى «صحافي»، ومن ثم لن يُعامل وفقاً للقانون العام في حالة ارتكابه أخطاء مهنية، وإنما سيخضع لأحكام القانون الخاص المتعلق بالمهنة، والذي لا يتضمن عقوبات سالبة للحرية. وبهذا الخصوص قال سراي إن القانون أصبح يوفر للصحافيين الإلكترونيين غطاء قانونياً لممارسة نشاطهم لأول مرة. مضيفاً أن مديري الصحف الإلكترونية «ينتظرون بعد الانتهاء من مسألة الاعتمادات، وتكييف الصحف والنشريات مع قانون الإعلام وقانون الصحافة المطبوعة والإلكترونية، الخطوة الثانية، وهي مباشرة الاتفاقيات مع الوكالة الوطنية للنشر والإشهار».

وزير الاتصال خلال زيارته لمقر وكالة الأنباء الجزائرية (الوزارة)

ويوجد في الجزائر ما يزيد على 150 صحيفة ورقية، ونحو 200 صحيفة إلكترونية. لكن الكثير من الصحف الورقية الجزائرية لا تطبع أكثر من ألف نسخة. فيما يقول صحافيون جزائريون إن القطاع كانت تسوده الفوضى، وكان بحاجة ماسة للتنظيم. في هذا السياق، يعتقد أستاذ علوم الإعلام والاتصال في جامعة الجزائر، حسين دوحاجي، أن ما تقوم به وزارة الاتصال «هو عملية روتينية هدفها تنظيمي بحت». وتوقع في حديثه لوكالة «أنباء العالم العربي» أن يؤدي هذا الإجراء في النهاية إلى اختفاء بعض الصحف التي لا تستطيع التوافق مع الوضع الجديد، وهو ما اعتبره «أمراً طبيعياً».

ويرى دوحاجي أن تنظيم عملية الاستفادة من الإشهار يعد أحد أبرز أهداف القانون الجديد، وقال إن الوزير يستخدم ورقة الانضباط في القانون الجديد شرطاً للاستفادة من الإشهار العمومي. لكنه استطرد موضحاً: «أرى أن الأمر ليس سهلاً، ويتجاوز سلطة الوزير، وقد يعجز في النهاية عن ضبط الأمر كما يتصور». ولا يرى أستاذ علوم الإعلام الإجراء الجديد تضييقاً على الحريات الإعلامية، وقال موضحاً: «الأمر مرتبط بالممارسة في الميدان التي تخضع لمزاجية أصحاب القرار». مبرزاً أن «القانون ألغى تجريم النشر الصحافي من خلال إلغاء العقوبة السالبة للحرية عن جرائم النشر، ومع ذلك دخل الكثير من الصحافيين السجن تحت مبررات لم تستند قط إلى هذا النص»، ومؤكداً أن «الحريات مرتبطة بسلوك صاحب القرار، لا بمضمون النص القانوني».