مرشح لـ«رئاسية» الجزائر: نزاع الصحراء تهديد لاستقرار المنطقة

ساحلي بحث في قضايا الدفاع والإرهاب مع دبلوماسية بريطانية

ساحلي مع السفيرة البريطانية (حساب المترشح بالإعلام الاجتماعي)
ساحلي مع السفيرة البريطانية (حساب المترشح بالإعلام الاجتماعي)
TT

مرشح لـ«رئاسية» الجزائر: نزاع الصحراء تهديد لاستقرار المنطقة

ساحلي مع السفيرة البريطانية (حساب المترشح بالإعلام الاجتماعي)
ساحلي مع السفيرة البريطانية (حساب المترشح بالإعلام الاجتماعي)

نقل بلقاسم ساحلي، المرشح لانتخابات الرئاسة الجزائرية، المقررة في السابع من سبتمبر (أيلول) المقبل، عن السفيرة البريطانية بالجزائر، شارون واردل، «حرص» حكومة بلادها على تطوير التعاون مع الجزائر في قضايا الدفاع ومحاربة الإرهاب والجريمة، وعلى «استفادة الشركات الجزائرية من البرنامج التجاري البريطاني، الخاص بالحرية التجارية»، والمعتمد بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، لافتاً إلى أن نزاع الصحراء يشكل «تهديداً لاستقرار المنطقة».

المرشح الرئاسي مع طاقم حملته خلال لقائه سفيرة بريطانيا بالجزائر (من حسابه بالإعلام الاجتماعي)

وقدم ساحلي عرضاً مطولاً مكتوباً عن اللقاء الذي جمعه في العاصمة، الخميس، بالدبلوماسية الغربية، مؤكداً أنها «أولت اهتماماً لمواقف وتصورات التحالف الوطني الجمهوري»، وهو حزب يرأسه وأسسه رجل الثورة الراحل، رضا مالك، في تسعينيات القرن الماضي.

وأكد ساحلي أن السفيرة البريطانية «أبدت استعداد بلادها لتعميق العلاقات الاقتصادية، وفي مجالي التعليم والثقافة مع الجزائر، بوصفها شريكاً يملك رصيداً سياسياً ودبلوماسياً مهماً، في عدة مناطق من العالم، لا سيما في أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية». كما نقل عنها «إشادتها بالمزايا التي يتيحها قانون الاستثمار الجديد، وانفتاح الجزائر على تدريس اللغة الإنجليزية في المدارس الابتدائية والجامعات»، مبرزاً أن محادثاتهما شملت الأحداث في غزة ونزاع الصحراء، الذي وصفه بـ«قضية تعرف تطورات مؤلمة، من شأنها أن تؤدي إلى تهديدات حقيقية على أمن واستقرار المنطقة».

ترقب في الجزائر بخصوص إعلان تبون ترشحه لولاية ثانية (الرئاسة)

وأوضح ساحلي أنه بلغ نظرته للسفيرة بخصوص قضايا عديدة، مشيراً إلى أن «الأهمية التي يكتسيها التعاون في مجالات الطاقة والتجارة والأمن، ومكافحة الإرهاب والثقافة، بوصفها حجر الزاوية في العلاقات الثنائية بين البلدين»، مبرزاً «ضرورة البحث عن آفاق جديدة للتعاون والاستثمار، تماشياً مع الحوار الاستراتيجي الذي يجمع البلدين منذ مدة من خلال ترقية تحويل الخبرات والمعارف، وتشجيع التعاون في القطاعات الواعدة كالطاقات المتجددة والفاعلية الطاقوية، والانتقال الطاقوي، والذكاء الاصطناعي، والهيدروجين الأخضر والمؤسسات الناشئة، إضافة إلى قطاع الصحة وصناعة الدواء والزراعة والاتصالات، وتعزيز البعد الإنساني في العلاقات الثنائية، من خلال دعم اللغة الإنجليزية في الجزائر، وإعادة تنظيم برامج تدريسها في الجامعات الجزائرية».

ويخوض ساحلي حالياً مرحلة جمع التواقيع (50 ألف توقيع فردي أو 600 توقيع منتخبين في 29 ولاية على الأقل من 58)، التي يشترطها قانون الانتخابات. ويساعده في هذا التحدي غير السهل ستة أحزاب صغيرة، شكلت حلفاً داعماً لترشيحه، سمته «الإصلاح والاستقرار».

لكن بعض الصحافيين والسياسيين يشككون في قدرة ساحلي على تخطي هذه العقبة التي تحطمت عندها طموحات العديد من الراغبين في تولي منصب رئيس الجمهورية خلال استحقاقات سابقة، حيث لا يقوى على جمع هذا العدد من التواقيع إلا الأحزاب، التي تملك عدداً كبيراً من المقاعد في البرلمان والمجالس البلدية والولائية، ومناضلين كثيرين في غالبية الولايات.

زبيدة عسول كانت أول شخصية سياسية تعلن ترشحها لرئاسية الجزائر (حسابها بالإعلام الاجتماعي)

وساحلي هو ثاني رئيس حزب سياسي يعلن دخوله سباق الانتخابات، بعد المحامية زبيدة عسول، رئيسة حزب «الاتحاد من أجل الرقي والتقدم»، فيما تظل الأوساط السياسة والإعلامية تترقب أن يفصح الرئيس عبد المجيد تبون عن رغبته في ولاية ثانية، بعدما كان أوحى بذلك في تصريحات صحافية.

وفي مقابلة مع «الشرق الأوسط»، نشرتها في 23 أبريل (نيسان) الماضي، قال ساحلي إن «توازنات تتحكم في استحقاقات الرئاسة الجزائرية، يجب مراعاتها». وتكون هذه «التوازنات»، حسبه، بين «الجيش والمؤسسات المدنية»، مؤكداً أن الجيش «ما زال يملك كلمته في الانتخابات لاعتبارات دستورية وتاريخية. كما أن هناك توازنات خارجية تتمثل في مصالحنا مع الدول، على رئيس البلاد أن يراعيها. فلا يمكن مثلاً أن تفضي الانتخابات إلى وضع مستقر، إذا تفاقمت المشاكل مع فرنسا، بحكم حجم جاليتنا هناك».


مقالات ذات صلة

وزير جزائري سابق يطعن في أسباب رفض ترشحه للرئاسة

شمال افريقيا الوزير السابق بلقاسم ساحلي يعلن رفع طعون في قرار رفض ترشحه للرئاسة (إعلام الحملة)

وزير جزائري سابق يطعن في أسباب رفض ترشحه للرئاسة

رفض وزير جزائري سابق المسوّغات التي قدمتها «سلطة الانتخابات» لتفسير رفض ترشحه لاستحقاق الرئاسة، فيما أعلن مرشحان تم قبول ملفهما عزمهما خوض الحملة الشهر المقبل.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا 
عبد المجيد تبون أبرز المرشحين للفوز في الانتخابات الرئاسية (الرئاسة)

تبون ومرشحان آخران لخوض سباق الرئاسة في الجزائر

أُعلن في الجزائر أمس (الخميس) أن سباق الانتخابات الرئاسية المقررة في السابع من سبتمبر (أيلول) المقبل، سيقتصر على الرئيس المنتهية ولايته عبد المجيد تبون.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا قرار اعتراف فرنسا بخطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء قد يعيد التوتر مجدداً للعلاقات الفرنسية - الجزائرية (أ.ف.ب)

الجزائر «تستنكر بشدة» اعتراف فرنسا بخطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء

الجزائر «تستنكر بشدة» اعتراف فرنسا بخطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء وتقول إنه نتيجة «حسابات سياسية مشبوهة».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس عبد المجيد تبون أبرز المرشحين للفوز بولاية ثانية (الرئاسة)

غربلة ملفات المرشحين لـ«رئاسة» الجزائر تبقي على 3

سيقتصر السباق في الانتخابات الرئاسية الجزائرية، المقررة في السابع من سبتمبر المقبل، على ثلاثة مترشحين، بحسب ما أعلنت عنه هيئة الانتخابات.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا أعوان الدفاع المدني أثناء إطفاء حريق ببجاية الثلاثاء (الدفاع المدني)

الجزائر تتأهّب لمواجهة حرائق الصيف

أثار اندلاع حريق كبير، الثلاثاء، في غابة بولاية بجاية، الواقعة شرق الجزائر، مخاوف سكان المنطقة من احتمال تكرار كارثة حقيقية عاشوها عام 2021.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

السودان في مواجهة إحدى أسوأ المجاعات في العالم

هرباً من الجوع والحرب عبرت عائلات سودانية من منطقة دارفور إلى مخيم للاجئين في تشاد هذا الشهر (نيويورك تايمز)
هرباً من الجوع والحرب عبرت عائلات سودانية من منطقة دارفور إلى مخيم للاجئين في تشاد هذا الشهر (نيويورك تايمز)
TT

السودان في مواجهة إحدى أسوأ المجاعات في العالم

هرباً من الجوع والحرب عبرت عائلات سودانية من منطقة دارفور إلى مخيم للاجئين في تشاد هذا الشهر (نيويورك تايمز)
هرباً من الجوع والحرب عبرت عائلات سودانية من منطقة دارفور إلى مخيم للاجئين في تشاد هذا الشهر (نيويورك تايمز)

في الوقت الذي يتجه فيه السودان صوب المجاعة، يمنع جيشه الأمم المتحدة من جلب كميات هائلة من الغذاء إلى البلاد عبر معبر حدودي حيوي؛ ما يؤدي فعلياً إلى قطع المساعدات عن مئات الآلاف من الناس الذين يعانون من المجاعة في أوج الحرب الأهلية. ويحذّر الخبراء من أن السودان، الذي بالكاد يُسيّر أموره بعد 15 شهراً من القتال، قد يواجه قريباً واحدة من أسوأ المجاعات في العالم منذ عقود. ولكن رفْض الجيش السوداني السماح لقوافل المساعدات التابعة للأمم المتحدة بالمرور عبر المعبر يقوّض جهود الإغاثة الشاملة، التي تقول جماعات الإغاثة إنها ضرورية للحيلولة دون مئات الآلاف من الوفيات (ما يصل إلى 2.5 مليون شخص، حسب أحد التقديرات بحلول نهاية العام الحالي).

ويتعاظم الخطر في دارفور، المنطقة التي تقارب مساحة إسبانيا، والتي عانت من الإبادة الجماعية قبل عقدين من الزمان. ومن بين 14 ولاية سودانية معرّضة لخطر المجاعة، تقع 8 منها في دارفور، على الجانب الآخر من الحدود التي تحاول الأمم المتحدة عبورها، والوقت ينفد لمساعدتها.

نداءات عاجلة

ويقع المعبر الحدودي المغلق -وهو موضع نداءات عاجلة وملحة من المسؤولين الأميركيين- في أدري، وهو المعبر الرئيسي من تشاد إلى السودان. وعلى الحدود، إذ لا يزيد الأمر عن مجرد عمود خرساني في مجرى نهر جاف، يتدفق اللاجئون والتجار والدراجات النارية ذات العجلات الأربع التي تحمل جلود الحيوانات، وعربات الحمير المحملة ببراميل الوقود.

رجل يحمل سوطاً يحاول السيطرة على حشد من اللاجئين السودانيين يتدافعون للحصول على الطعام بمخيم أدري (نيويورك تايمز)

لكن ما يُمنع عبوره إلى داخل السودان هو شاحنات الأمم المتحدة المليئة بالطعام الذي تشتد الحاجة إليه في دارفور؛ إذ يقول الخبراء إن هناك 440 ألف شخص على شفير المجاعة بالفعل. والآن، يقول اللاجئون الفارّون من دارفور إن الجوع، وليس الصراع، هو السبب الرئيسي وراء رحيلهم. السيدة بهجة محكر، وهي أم لثلاثة أطفال، أصابها الإعياء تحت شجرة بعد أن هاجرت أسرتها إلى تشاد عند معبر «أدري». وقالت إن الرحلة كانت مخيفة للغاية واستمرت 6 أيام، من مدينة الفاشر المحاصرة وعلى طول الطريق الذي هددهم فيه المقاتلون بالقضاء عليهم.

دهباية وابنها النحيل مؤيد صلاح البالغ من العمر 20 شهراً في مركز علاج سوء التغذية بأدري (نيويورك تايمز)

لكن الأسرة شعرت بأن لديها القليل للغاية من الخيارات. قالت السيدة محكر، وهي تشير إلى الأطفال الذين يجلسون بجوارها: «لم يكن لدينا ما نأكله». وقالت إنهم غالباً ما يعيشون على فطيرة واحدة في اليوم.

الجيش: معبر لتهريب الأسلحة

وكان الجيش السوداني قد فرض قراراً بإغلاق المعبر منذ 5 أشهر، بدعوى حظر تهريب الأسلحة. لكن يبدو أن هذا لا معنى له؛ إذ لا تزال الأسلحة والأموال تتدفق إلى السودان، وكذلك المقاتلون، من أماكن أخرى على الحدود الممتدة على مسافة 870 ميلاً، التي يسيطر عليها في الغالب عدوه، وهو «قوات الدعم السريع».

لاجئون فرّوا حديثاً من منطقة في دارفور تسيطر عليها «قوات الدعم السريع» في مخيم بتشاد (نيويورك تايمز)

ولا يسيطر الجيش حتى على المعبر في أدري، إذ يقف مقاتلو «قوات الدعم السريع» على بُعد 100 متر خلف الحدود على الجانب السوداني. وعلى الرغم من ذلك، تقول الأمم المتحدة إنها يجب أن تحترم أوامر الإغلاق من الجيش، الذي يتخذ من بورتسودان مقراً له على بُعد 1000 ميل إلى الشرق، لأنه السلطة السيادية في السودان. وبدلاً من ذلك، تضطر الشاحنات التابعة للأمم المتحدة إلى القيام برحلة شاقة لمسافة 200 ميل شمالاً إلى معبر «الطينة»، الذي تسيطر عليه ميليشيا متحالفة مع الجيش السوداني؛ إذ يُسمح للشاحنات بدخول دارفور. هذا التحول خطير ومكلّف، ويستغرق ما يصل إلى 5 أضعاف الوقت الذي يستغرقه المرور عبر «أدري». ولا يمر عبر «الطينة» سوى جزء يسير من المساعدات المطلوبة، أي 320 شاحنة منذ فبراير (شباط)، حسب مسؤولين في الأمم المتحدة، بدلاً من آلاف شاحنات المساعدات الضرورية التي يحتاج الناس إليها. وقد أُغلق معبر «الطينة» أغلب أيام الأسبوع الحالي بعد أن حوّلت الأمطار الموسمية الحدود إلى نهر.

7 ملايين مهددون بالجوع

وفي الفترة بين فبراير (شباط)، عندما أُغلق معبر «أدري» الحدودي، ويونيو (حزيران)، ارتفع عدد الأشخاص الذين يواجهون مستويات طارئة من الجوع من 1.7 مليون إلى 7 ملايين شخص. وقد تجمّع اللاجئون الذين وصلوا مؤخراً على مشارف مخيم أدري، في حين انتظروا تسجيلهم وتخصيص مكان لهم. ومع اقتراب احتمالات حدوث مجاعة جماعية في السودان، أصبح إغلاق معبر «أدري» محوراً أساسياً للجهود التي تبذلها الولايات المتحدة، كبرى الجهات المانحة على الإطلاق، من أجل تكثيف جهود المساعدات الطارئة. وصرّحت ليندا توماس غرينفيلد، سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، مؤخراً للصحافيين: «هذه العرقلة غير مقبولة على الإطلاق».

أحد مراكز سوء التغذية تديره منظمة «أطباء بلا حدود» في أدري إذ يُطبّب طفل من جرح ملتهب في ذراعه ناجم عن العلاج الوريدي المستمر لسوء التغذية (نيويورك تايمز)

وكان إيصال المساعدات إلى دارفور صعباً حتى قبل الحرب. وتقع أدري تقريباً على مسافة متساوية من المحيط الأطلسي إلى الغرب والبحر الأحمر إلى الشرق، أي نحو 1100 ميل من الاتجاهين. فالطرق مليئة بالحفر، ومتخمة بالمسؤولين الباحثين عن الرشوة، وهي عُرضة للفيضانات الموسمية. وقال مسؤول في الأمم المتحدة إن الشاحنة التي تغادر ميناء «دوالا» على الساحل الغربي للكاميرون تستغرق نحو 3 أشهر للوصول إلى الحدود السودانية. ولا يقتصر اللوم في المجاعة التي تلوح في الأفق على الجيش السوداني فحسب، فقد مهّدت «قوات الدعم السريع» الطريق إليها أيضاً، إذ شرع مقاتلو «الدعم السريع»، منذ بدء الحرب في أبريل (نيسان) 2023 في تهجير ملايين المواطنين من منازلهم، وحرقوا مصانع أغذية الأطفال، ونهبوا قوافل المساعدات. ولا يزالون يواصلون اجتياح المناطق الغنية بالغذاء في السودان، التي كانت من بين أكثر المناطق إنتاجية في أفريقيا؛ ما تسبّب في نقص هائل في إمدادات الغذاء.

استجابة دولية هزيلة

وكانت الاستجابة الدولية لمحنة السودان هزيلة إلى حد كبير، وبطيئة للغاية، وتفتقر إلى الإلحاح.

في مؤتمر عُقد في باريس في أبريل، تعهّد المانحون بتقديم ملياري دولار مساعدات إلى السودان، أي نصف المبلغ المطلوب فقط، لكن تلك التعهدات لم تُنفذ بالكامل. وفي مخيمات اللاجئين المزدحمة في شرق تشاد، يُترجم الافتقار للأموال إلى ظروف معيشية بائسة. وقالت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، التابعة للأمم المتحدة، التي تدير مخيمات اللاجئين في تشاد، إن عملياتها ممولة بنسبة 21 في المائة فقط في شهر يونيو. وقد اضطر برنامج الأغذية العالمي مؤخراً إلى خفض الحصص الغذائية، إثر افتقاره إلى الأموال.

يعيش ما يقرب من 200 ألف شخص في مخيم أدري الذي يمتد إلى الصحراء المحيطة حيث المأوى نادر ولا يوجد ما يكفي من الطعام أو الماء (نيويورك تايمز)

ومع هطول الأمطار بغزارة، جلست عائشة إدريس (22 عاماً)، تحت غطاء من البلاستيك، تمسّكت به بقوة في وجه الرياح، في حين كانت تُرضع ابنتها البالغة من العمر 4 أشهر. وكان أطفالها الثلاثة الآخرون جالسين بجوارها، وقالت: «نحن ننام هنا»، مشيرة إلى الأرض المبتلة بمياه الأمطار. لم يكن هناك سوى 3 أسرّة خالية في مركز لسوء التغذية تديره منظمة «أطباء بلا حدود»، وكان ممتلئاً بالرضع الذين يعانون من الجوع. وكان أصغرهم يبلغ من العمر 33 يوماً، وهي فتاة تُوفيت والدتها في أثناء الولادة. في السرير التالي، كان الطفل مؤيد صلاح، البالغ من العمر 20 شهراً، الذي كان شعره الرقيق وملامحه الشاحبة من الأعراض المعروفة لسوء التغذية، قد وصل إلى تشاد في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بعد أن اقتحم مسلحون منزل أسرته في الجنينة، عبر الحدود في دارفور، وقتلوا جده. وقالت السيدة دهباية، والدة الطفل مؤيد: «لقد أردوه قتيلاً أمام أعيننا». والآن، صار كفاحهم من أجل البقاء على قيد الحياة بفضل حصص الأمم المتحدة الضئيلة. ثم قالت، وهي تضع ملعقة من الحليب الصناعي في فم طفلها: «أياً كان ما نحصل عليه، فهو ليس كافياً بالمرة».

سفير سوداني: المساعدات مسيّسة

وفي مقابلة أُجريت معه، دافع الحارث إدريس الحارث محمد، السفير السوداني لدى الأمم المتحدة، عن إغلاق معبر «أدري»، مستشهداً بالأدلة التي جمعتها الاستخبارات السودانية عن تهريب الأسلحة.

مندوب السودان لدى الأمم المتحدة الحارث إدريس خلال جلسة سابقة لمجلس الأمن (أ.ب)

وقال إن الأمم المتحدة «سعيدة» بترتيب توجيه الشاحنات شمالاً عبر الحدود في الطينة. وأضاف أن الدول الأجنبية التي تتوقع مجاعة في السودان تعتمد على «أرقام قديمة»، وتسعى إلى إيجاد ذريعة «للتدخل الدولي». ثم قال: «لقد شهدنا تسييساً متعمّداً ودقيقاً للمساعدات الإنسانية إلى السودان من الجهات المانحة». وفي معبر أدري، يبدو عدم قدرة الجيش السوداني على السيطرة على أي شيء يدخل البلاد واضحاً بشكل صارخ. وقال الحمّالون، الذين يجرّون عربات الحمير، إنهم يُسلّمون مئات البراميل من البنزين التي تستهلكها سيارات الدفع الرباعي التابعة لـ«قوات الدعم السريع»، التي عادة ما تكون محمّلة بالأسلحة.

*خدمة نيويورك تايمز