تونس: جدل قانوني وسياسي حول شروط الترشح للانتخابات الرئاسية

اجتماع لهيئة الانتخابات (موقع الهيئة)
اجتماع لهيئة الانتخابات (موقع الهيئة)
TT

تونس: جدل قانوني وسياسي حول شروط الترشح للانتخابات الرئاسية

اجتماع لهيئة الانتخابات (موقع الهيئة)
اجتماع لهيئة الانتخابات (موقع الهيئة)

​ينتظر أن تعلن هيئة الانتخابات التونسية، خلال هذا الأسبوع، شروط الترشح للانتخابات الرئاسية المقررة نهاية السنة الحالية، في ظل جدل سياسي حاد حول «قائمة الشروط المتوقعة، ونيات إقصاء كثير من المرشحين المحتملين لهذا الاستحقاق الانتخابي».

ويتم التوافق حول هذه الشروط بين رئيس الجمهورية وهيئة الانتخابات، وهو ما جعل المعارضة تتحدث بصفة مبكرة عن «شروط على المقاس» هدفها إقصاء كثير من المنافسين قبل الدخول في السباق الانتخابي.

وأعلن فاروق بوعسكر، رئيس هيئة الانتخابات، أن تحديد روزنامة الانتخابات الرئاسيّة سيتم بعد الإعلان عن النتائج النهائية لانتخابات المجلس الوطني للجهات والأقاليم، والتركيز المنتظر لهذه الغرفة البرلمانية الثانية منتصف أبريل (نيسان) الحالي.

مشهد من أجواء انتخابية سابقة في العاصمة التونسية (أ.ف.ب)

ومن المنتظر إضافة 3 شروط جديدة، وهي: السن، والجنسية، ومسألة التزكيات التي كانت في دستور 2014 تُجمع من أعضاء المجالس البلدية أو أعضاء البرلمان، في حين ينص الدستور الجديد على المجالس المنتخبة، بما فيها مجلس الجهات والأقاليم، وهو ما قد يطرح مشكلات عدة أمام المترشحين المحتملين للرئاسة، ومعظمهم قد لا يكون متفقاً مع المسار السياسي الذي أقره قيس سعيد سنة 2021؛ إذ إن الأعضاء المنتخبين في البرلمان ومجلس الجهات والأقاليم هم من المؤيدين لمسار سعيد، ومن غير المنطقي أن يساندوا أطرافاً معترضة على ذاك المسار.

وفي هذا الشأن، أكدت نجلاء العبروقي، عضوة هيئة الانتخابات، في تصريح إعلامي، أن شروط الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة تتمثل في السن القانونية للترشح، وهي 40 سنة بدلاً من 35 سنة في السابق، والشرط المتعلق بالجنسية التي يجب أن تكون تونسية فقط وأباً عن جدّ، من دون أن تكون هناك ازدواجية في الجنسية، والشرط الثالث، هو أن يكون متمتّعاً بجميع حقوقه المدنية والسياسية من خلال الاعتماد على بطاقة السوابق العدلية، وهذا الشرط الأخير قد يمنع كثيراً من السياسيين من الترشح، بعد أن وُجهت لمعظمهم تهمة التآمر ضد أمن الدولة، وزُج بهم في السجن المدني بـ«المرناقية» لمدة تجاوزت السنة. وذكرت أن ضمانات إنجاح الانتخابات الرئاسية متوفرة، وهي الشفافية والنزاهة والحياد.

الرئيس التونسي قيس سعيد (أرشيفية- إ.ب.أ)

في المقابل، أكد رابح الخرايفي، أستاذ القانون الدستوري في الجامعة التونسية، أن شرط الإدلاء ببطاقة السوابق العدلية في باب التمتع بالحقوق السياسية والمدنية سيحدث جدلاً قانونياً وسياسياً حاداً، كما أن شرط إقامة المترشحين المحتملين للرئاسة في تونس، وهو شرط اقترحه مؤيدو المسار السياسي لقيس سعيد، سيسبب بدوره جدلاً مماثلاً، فاقتراع الناخب في دائرته خلال الانتخابات البرلمانية والمحلية مرتبط بإقامته في الدائرة التي يترشح عنها، وفي الانتخابات الرئاسية هناك دائرة وحيدة هي كل تراب الجمهورية التونسية، وهذا الشرط إذا أضافته هيئة الانتخابات فسيكون محل طعن أمام المحكمة الإدارية التي ستفصل في هذه المسألة الشائكة.

وفي هذا السياق، قال حسان العيادي، المحلل السياسي، إن ترشح الرئيس التونسي الحالي محتمل، وفي حال إعلانه سيكون تحت عنوان «الترشح لاستكمال معركة التحرير» وهي حرب ستتواصل ولن يتراجع الرئيس عنها وعن عهده للتونسيين بشأنها، وهو الباب الذي يُنتظر أن يكون مدخل الحملة الانتخابية التي ستركز على ضرورة استكمال حرب التحرير ومقاومة الفساد، واستكمال مهام الإصلاح الذي تأخر بسبب اللوبيات التي قال إنها سبب عدم تحقيق أي منجز اقتصادي واجتماعي بارز في تونس.

في غضون ذلك، تمخض اجتماع المجلس المركزي حزب «المسار الديمقراطي الاجتماعي» الذي انعقد مساء الجمعة، عن دعوة لاستعادة النفَس الديمقراطي التعددي في تونس، وتنقية المناخ الانتخابي، قبل أشهر قليلة من موعد الانتخابات الرئاسية.

تونسي يدلي بصوته في الانتخابات السابقة (رويترز)

وطالب الحزب اليساري بالكف عن خطاب تخوين المعارضين والمنتقدين لسياسة رئيس الجمهورية، وسحب المرسوم 54 المسلَّط على كل الأصوات الناقدة من سياسيين وإعلاميين وعموم التونسيين، كما دعا إلى وضع حد لاستعمال مقدرات الدولة ومؤسساتها للقيام بحملة انتخابية سابقة لأوانها تعود بتونس إلى ممارسات قديمة.

وتمسك الحزب بمراجعة تركيبة هيئة الانتخابات بما يضمن «استقلاليتها وحيادها ويسمح لها بالاضطلاع بدورها كاملاً في الإشراف على العملية الانتخابية، دون تدخل أو وصاية من السلطة التنفيذية، مع البقاء على المسافة نفسها من الشخصيات المترشحة، أياً كان موقعها».

كما دعا حزب «المسار الديمقراطي الاجتماعي» إلى إطلاق سراح الموقوفين على خلفية نشاطهم السياسي أو النقابي، أو بسبب تعبيرهم الحر عن آرائهم، وتمكينهم من حقهم في محاكمة عادلة، وعدم توظيف المرفق القضائي لإزاحة الخصوم والمنافسين أو المعارضين السياسيين. واعتبر أن تشكيل المحكمة الدستورية وبقية الهيئات الرقابية هو الذي يضمن حيادية الإدارة، ويمنع من تحويل الإعلام العمومي إلى مجرد بوق للدعاية الرسمية، على حد تعبيره.


مقالات ذات صلة

ماسك يصف المفوض الأوروبي السابق بروتون بأنه «طاغية أوروبا»

العالم الملياردير الأميركي إيلون ماسك (د.ب.أ)

ماسك يصف المفوض الأوروبي السابق بروتون بأنه «طاغية أوروبا»

وصف إيلون ماسك، السبت، المفوض الأوروبي السابق للشؤون الرقمية بأنه «طاغية أوروبا»، في رسائل متوترة جديدة بين الرجلين بشأن دعم ماسك لليمين المتطرف في ألمانيا.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
أميركا اللاتينية الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو يحيّي أنصاره لدى وصوله إلى الجمعية الوطنية لأداء اليمين الدستورية لولاية ثالثة في كاراكاس 10 يناير 2025 (رويترز)

أميركا تندد بتنصيب مادورو رئيساً... وتفرض عقوبات جديدة على فنزويلا

ندّدت الولايات المتحدة، اليوم الجمعة، بـ«مهزلة» تنصيب نيكولاس مادورو رئيساً لفنزويلا لولاية ثالثة، وفرضت عقوبات جديدة على كاراكاس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أميركا اللاتينية غلق جسر أتاناسيو غيرادوت الدولي بأوامر من رئيس فنزويلا نيكولاس مادورو (أ.ف.ب)

فنزويلا تغلق حدودها مع كولومبيا قبل تنصيب مادورو

أغلقت فنزويلا حدودها مع كولومبيا متحدثة عن «مؤامرة دولية» قبل ساعات من تنصيب الرئيس نيكولاس مادورو لولاية ثالثة من 6 سنوات.

«الشرق الأوسط» (كراكاس)
أميركا اللاتينية الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو يصل إلى مقر الجمعية الوطنية لحضور حفل تنصيبه (أ.ف.ب)

تنصيب نيكولاس مادورو لولاية رئاسية ثالثة في فنزويلا

أدى الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو اليمين لولاية ثالثة تستمر 6 أعوام، الجمعة، ليبقى في السلطة على الرغم من نزاع استمر 6 أشهر بشأن نتائج انتخابات الرئاسة.

«الشرق الأوسط» «الشرق الأوسط» (كاراكاس)
المشرق العربي الرئيس الجديد جوزيف عون جالساً على كرسي الرئاسة في قصر بعبدا لأول مرة بعد انتخابه الخميس (أ.ف.ب)

ماكرون قريباً في لبنان... وتأكيد فرنسي على دعم «غير مشروط» بعد انتخاب عون

بعد انتخاب العماد جوزيف عون، تؤكد باريس أن «دعمنا للبنان سيكون متواصلاً وتاماً وغير مشروط»، وتحث السياسيين اللبنانيين على تشكيل حكومة قوية تدعم الرئيس.

ميشال أبونجم (باريس)

الجيش السوداني يتصدى لمسيَّرات هاجمت سد مروي

سد مروي في شمال السودان  (سونا)
سد مروي في شمال السودان (سونا)
TT

الجيش السوداني يتصدى لمسيَّرات هاجمت سد مروي

سد مروي في شمال السودان  (سونا)
سد مروي في شمال السودان (سونا)

أعلنت قيادة «الفرقة 19 مشاة» التابعة للجيش السوداني، الاثنين، تصديها لهجوم بعدد من المسيَّرات الانتحارية التي استهدفت سد مروي، أكبر السدود في شمال البلاد، وتسبب في اندلاع حريق بأحد المحولات الرئيسية للكهرباء؛ ما أدى إلى انقطاعها في عدد من الولايات. وقالت في بيان على موقع «فيسبوك» في إطار حملتها الممنهجة لاستهداف المواقع العسكرية والمنشآت الحيوية: «حاولت (قوات الدعم السريع) استهداف كهرباء سد مروي بعدد من المسيَّرات الانتحارية». وأضافت أن «المضادات الأرضية تصدت للمسيَّرات، لكن هناك بعض الخسائر يجري إصلاحها». ووفقاً لمصادر محلية في مروي تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، لم تقع أضرار أو إصابات وسط المدنيين.

والخميس الماضي، تعرضت قيادة الفرقة العسكرية في مروي لهجمات بالمسيَّرات تم إسقاطها دون وقوع خسائر في الأرواح. وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي أبطل الجيش السودان أكبر سلسلة من الهجمات بعدد 16 مسيَّرة مجهولة استهدفت مطار مروي الدولي، في حين لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم.

وخلال الأشهر الماضية شهدت المناطق خارج نطاق القتال بين طرفي الصراع تزايداً في الهجمات بطائرات مسيَّرة استهدفت عدداً من المواقع العسكرية والمدنية، من بينها مدن شندي وعطبرة والقضارف في شرق السودان.

اتهامات بالانتهاكات

جنود من الجيش السوداني يحتفلون بعد دخولهم ود مدني في 12 يناير 2025 (رويترز)

من جهة أخرى، اتهم تجمع مدني قوات «درع البطانة» الموالية للجيش السوداني، بتنفيذ حملة انتقامية على أسس عرقية ضد سكان مدنيين في شرق ولاية الجزيرة، أحرقت خلالها طفلين داخل منازلهما، وقتلت 6 أشخاص، واختطفت 13 امرأة ورجلاً إلى جهة مجهولة، متهمة إياهم بالتعاون مع «قوات الدعم السريع» التي كانت تسيطر على المنطقة. وتناقلت الوسائط مقاطع فيديو لانتهاكات مريعة نفذتها عناصر بثياب عسكرية، تنظيم حملات منسقة ضد مدنيين بعد استرداد الجيش مدينة ود مدني في ولاية الجزيرة.

وقالت «مركزية مؤتمر الكنابي» في بيان صحافي، إن سكان «الكنابي» في مناطق شرق أم القرى تعرضوا لانتهاكات جسيمة، وواجهوا «ممارسات إجرامية ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية والتطهير العرقي».

و«الكمبو» كلمة محلية مشتقة من المفردة الإنجليزية (Camp)، وتعني «المعسكر»، وجمعها «كنابي». وسكان هذه الكنابي هم شريحة العمال الزراعيين الذين جاءوا من مناطق مختلفة من السودان، خصوصاً من الغرب، منذ أربعينات القرن الماضي للعمل في المشاريع الزراعية، واستوطنوا في تلك «الكنابي» وحوَّلوها قرى وتجمعات سكانية، وظلوا يواجهون التهميش. و«مركزية الكنابي» هي تجمع مهني يدافع عن حقوق هؤلاء السكان ومصالحهم.

وحذرت «مركزية الكنابي» مما أسمته «التحريض المستمر ضد سكان الكنابي»، مؤكدة أن السكان ظلوا على «الحياد الكامل في الحرب؛ حرصاً على سلامتهم، رغم أنهم ظلوا يتعرضون للانتهاكات منذ فجر التاريخ السوداني للانتهاكات».

وحمّل البيان الحكومة المسؤولية عن أمن وسلامة المواطنين وحمايتهم من الاعتداءات المتكررة، ودعا إلى إجراء تحقيق شفاف حول الانتهاكات، ومحاسبة المعتدين بمن فيهم قائد قوات «درع البطانة» أبو عاقلة كيكل، وإلى «وقف التحريض العرقي ومحاسبة مروجي خطاب الكراهية واستهداف فئة اجتماعية معينة».

«محامو الطوارئ»

مخيم في مدينة القضارف بشرق السودان لنازحين فروا من ولاية الجزيرة وسط البلاد (أرشيفية -أ.ف.ب)

كما أدانت «محامو الطوارئ»، وهي هيئة حقوقية طوعية، التصفيات الميدانية لمدنيين بواسطة القوات المسلحة والميليشيات الحليفة لها، ووصفوا الاعتداءات على «كمبو طيبة» وشرق الجزيرة، بأن «يتخذ سياقاً عرقياً ومناطقياً يستهدف مكونات في ولاية الجزيرة بحجة التعاون مع (قوات الدعم السريع)».

ووفقاً للهيئة، فإن الانتهاكات تضمنت «القتل خارج نطاق القضاء، والتصفية، والاحتجاز غير المشروع، والخطف، والإذلال الجسدي والمعنوي، والتعذيب، والضرب الوحشي للمدنيين أثناء الاعتقال». كما أدانت الهيئة، في بيان، ما أسمته «انتهاكات القوات المسلحة في مدينة ود مدني»، واعتبرتها «جريمة حرب ارتُكبت في كمبو طيبة»، مستندة على مقاطع فيديو وصور بُثت على الوسائط الاجتماعية عقب استرداد المدينة، طالت مدنيين.

كما أدان «حزب المؤتمر السـوداني» ما أسماه «التحريض والاستهداف ضد سكان الكنابي»، مؤكداً أن المدنيين تعرَّضوا لعمليات استهداف بما يسمى «قانون الوجوه الغريبة»، متهماً الميليشيات المساندة للجيش بالولوغ في جرائم حرق واغتيال وتصفيات جسدية واختطاف النساء. وحذَّر الحزب من «انتشار خطابات التحريض ضد أهل الكنابي... من قِبل عناصر النظام البائد»، معتبراً انتهاكات الجزيرة «جرائم حرب، وجرائم تطهير عرقي»، تمت بتحريض من عناصر النظام البائد الذين اتهمهم ببث الفتنة وتأجيج الكراهية والعنصرية والقبلية، وإثارة الضغائن. وحمَّل الحزب «حكومة بورتسودان والقوات المسلحة» المسؤولية كاملة عن تلك الجرائم، ودعاها لحماية المدنيين، وتوعد بمحاسبة مرتكبي تلك الجرائم عاجلاً أو آجلاً بقوله: «مرتكبو هذه الجرائم وغيرها من الانتهاكات والجرائم... ستطولهم يد العدالة لا محالة».