دخل البرلمان المصري على خط أزمة «بيع الطائرات» التي أعلن عنها رئيس شركة «مصر للطيران» يحيي زكريا، في الأيام الماضية، وبرر فيها بيع 12 طائرة حديثة لـ«عدم ملاءمة الطائرات للظروف المناخية» بالبلاد، وهو ما أثار اتهامات بـ«إهدار المال العام» لمسؤولي الشركة.
وقدم عدد من النواب أسئلة برلمانية وطلبات إحاطة لرئيس الوزراء ووزير الطيران من أجل مناقشة أسباب بيع الطائرات، بعد وقت قصير من انضمامها لأسطول الشركة الوطنية.
ويعود تاريخ التعاقد على الطائرات «إير باص A220 - 300» إلى عام 2019، وهي الصفقة التي تسلمت مصر منها الطائرة الأخيرة في سبتمبر (أيلول) 2020، فيما أظهرت مواقع تتبع رحلات الطيران محدودية تحركات الطائرات خلال الشهور الماضية.
وقدمت عضو مجلس النواب، مها عبد الناصر، طلب إحاطة بشأن «وجود شبهة إهدار مال عام، لعدم قيام شركة مصر للطيران بإجراء دراسات اقتصادية وهندسية صحيحة قبل التعاقد على الصفقة».
قرار البيع ليس جديداً أو مفاجئاً، وفق وكيل لجنة السياحة والطيران بمجلس النواب، النائب أحمد الطيبي، الذي يؤكد لـ«الشرق الأوسط» أن وزير الطيران الفريق محمد عباس حلمي عرض الأمر أمامهم قبل شهور، مؤكداً أن الصفقة والخطأ الذي حدث بها هما مسؤولية الإدارة السابقة.
وأضاف: «الخطأ حدث بسبب عدم مراعاة الجوانب الفنية المرتبطة بتشغيل الطائرات في مقابل النظر للسعر المناسب وطريقة سداد تكلفتها»، مشيراً إلى أن «الطائرات المبيعة جرى شراؤها من أجل استخدامها في الرحلات الداخلية ضمن خطة تحديث أسطول مصر للطيران».
ولتحقيق الاستفادة المثالية من الطائرات المبيعة يفترض أن تستغرق رحلتها أكثر من 90 دقيقة، وهو زمن لا يتوافر في الرحلات الداخلية للطائرات التي لا تزيد على 60 دقيقة حال الوصول لأبعد نقطة، وفق الطيبي الذي يؤكد عدم مناسبتها للرحلات الدولية بسبب محدودية مقاعدها.
وستسلم «مصر للطيران»، شركة الطيران الروسية «أزور» الطائرات على دفعات بدءاً من الشهر المقبل وحتى مارس (آذار) 2025، وفق تصريحات زكريا، الذي أكد أن أموال الصفقة ستستغل في سداد ثمن قرض شراء الطائرات.
يشير الطيبي إلى أن جزءاً من عائدات صفقة البيع ستمول شراء طائرات بسعة أكبر من طرازي «إير باص إيه 350» و«بوينغ 737 ماكس» لتحل محل الطائرات المبيعة، وبما يناسب السعة المطلوبة للطائرات التي ستستخدم في الرحلات الداخلية ويستوعب زيادة الركاب في السنوات المقبلة.
ومن المقرر أن تبدأ شركة «مصر للطيران» في تسلم 18 طائرة بوينغ من طراز «737 ماكس 8» بداية من 2025، بموجب الصفقة التي وقعت في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وهو الوقت نفسه الذي وقعت فيه الشركة المصرية صفقة شراء 10 طائرات من طراز A350 - 900 التابعة لشركة «إير باص».
تبدي النائبة مها عبد الناصر في حديث لـ«الشرق الأوسط» استغرابها من تجاهل محاسبة مسؤولي «مصر للطيران» على الصفقة التي تجزم بأنها أدت لخسائر مالية، مع الأخذ في الاعتبار عدم حساب قيمة الشراء والبيع بالجنيه المصري؛ نظراً لتغير سعر الصرف وسداد المبالغ الخاصة بالطائرات بالدولار وليس بالجنيه.
وأضافت أن هذا الأمر يستوجب وجود تحقيقات من الرقابة الإدارية، ويتطلب من الوزير المسؤول أن يعرض الخسائر التي حدثت نتيجة الصفقة، وهو الرأي الذي يدعمه النائب محمود قاسم الذي قدم سؤالاً برلمانياً حول تصريحات رئيس «مصر للطيران» ومدى دقتها، مطالباً في حديث لـ«الشرق الأوسط» بضرورة إيضاح الأمر بشكل تفصيلي أمام الرأي العام.
يؤكد وكيل لجنة السياحة والطيران بمجلس النواب وجود تحقيقات داخلية بشأن التعاقد على الصفقة، وهي التحقيقات التي يكون استكمال مسارها أمام النيابة العامة فور الانتهاء منها، على غرار ما حدث في قضايا مشابهة.