«سد النهضة»: صور فضائية تُظهر استعدادات إثيوبيا لـ«الملء الخامس»

مصر أعلنت رفض العودة للمفاوضات بشكلها الحالي

«سد النهضة» الإثيوبي (أ.ف.ب)
«سد النهضة» الإثيوبي (أ.ف.ب)
TT

«سد النهضة»: صور فضائية تُظهر استعدادات إثيوبيا لـ«الملء الخامس»

«سد النهضة» الإثيوبي (أ.ف.ب)
«سد النهضة» الإثيوبي (أ.ف.ب)

بعد أيام من إعلان مصر رفض العودة للمفاوضات مع إثيوبيا بشأن «سد النهضة»، وفق شكلها الحالي، أظهرت صور فضائية بالأقمار الاصطناعية استعدادات أديس أبابا لـ«الملء الخامس» لخزان السد، المقام على الرافد الرئيسي لنهر النيل، وسط معلومات عن وصول السد لمراحل إنشائه النهائية.

ويؤكد الخبراء أن استكمال ملء السد، دون اتفاق، سيؤثر سلباً في مصر والسودان (دولتي المصب)، ما «سيزيد التوترات».

ونشر أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة الدكتور عباس شراقي عبر صفحته على موقع «فيسبوك» صوراً فضائية حديثة تظهر استعدادات إثيوبيا لـ«الملء الخامس»، والذي يتوقع أن يكون في فترة الفيضان المقبلة من يوليو (تموز) المقبل، وحتى سبتمبر (أيلول) المقبل.

وقال شراقي إن «الصور الفضائية رصدت ارتفاع الممر الأوسط للسد إلى منسوب 630 متراً فوق سطح البحر، ليتبقى بذلك نحو 10 أمتار، وبعدها تكون نسبة الأعمال الإنشائية في السد قد بلغت 97 في المائة».

ووفق شراقي «هناك تأخر كبير في تركيب التوربينات العلوية التي لم ينته أي منها حتى اليوم، ويمكن تقدير ما جرى فيها بنحو 60 في المائة كهربائياً، ليكون المتوسط العام لأعمال السد نحو 78 في المائة، ومن المتوقع الانتهاء منها خلال عامين».

وبدأت إثيوبيا أعمال تعلية الممر الأوسط للسد في 18 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وذكر الخبير المصري أنه «في حالة التوقف عند المنسوب الحالي لتعلية السد، سوف يكون التخزين الخامس 7 مليارات متر مكعب بإجمالي 48 مليار متر مكعب، وفى حالة الاستمرار في التعلية، وهذا هو الأقرب نظراً لاستغلال إثيوبيا توقف المفاوضات لتنتهي تماماً من الأعمال الخرسانية، ويكون التخزين الخامس والأخير، الذي سيبلغ نحو 23 مليار متر مكعب، خلال الملء الخامس، بإجمالي تخزين 64 مليار متر مكعب».

وكان وزير الموارد المائية والري في مصر، هاني سويلم، قد أكد أن «إثيوبيا ستدفع ثمن أي أضرار تلحق بمصر جراء (سد النهضة)»، وقال الوزير المصري على هامش الاحتفال بـ«اليوم العالمي للمياه»، الأسبوع الماضي، إن «أي سد يجري إنشاؤه على مجرى النيل يؤثر في مصر، وهناك تأثيرات يمكن مواجهتها، وأخرى لا يمكن مواجهتها»، لافتاً إلى أن «أي تأثير سيحدث على مصر سيدفع الجانب الإثيوبي ثمنه في يوم من الأيام».

وتبني إثيوبيا «سد النهضة» على الرافد الرئيسي لنهر النيل منذ عام 2011؛ بداعي «توليد الكهرباء»، لكن مصر تخشى من تأثر حصتها من مياه نهر النيل. وكانت مصر قد أعلنت في ديسمبر الماضي «فشل» آخر جولة للمفاوضات بشأن «سد النهضة»، التي استمرت نحو 4 أشهر. وتقدر مصر «فجوتها المائية» بأكثر من 20 مليار متر مكعب سنوياً.

وقال وزير الري المصري، الأسبوع الماضي، إن «المفاوضات مع إثيوبيا انتهت، ولا عودة لها بالشكل المطروح لأنه استنزاف للوقت».

ويرى المستشار الأسبق لوزير الري المصري، خبير المياه الدكتور ضياء الدين القوصي، أن «الملء الخامس لـ(سد النهضة) سيؤثر أكثر في حصة مصر من مياه النيل، خصوصاً مع عدم معرفة أو توقعات مستوى الفيضان المرتقب للملء، فإذا كان هذا الفيضان ضعيفاً مثلاً، فإنه قد يكفي فقط لملء السد، دون وجود أي فائض يذهب إلى مصر والسودان، كما أن عدم تمكن إثيوبيا من تشغيل توربينات الكهرباء سيزيد من حجب المياه خلف السد، إذ إن أديس أبابا قامت بتركيب 2 توربين فقط، تقوم بتشغيل واحد منهم فقط».

ووفق القوصي فإن «الملء الخامس بشكل أحادي سيزيد التوترات بين القاهرة وأديس أبابا، وسيعني أنه لا يوجد أي مجال لاستئناف التفاوض، بما يعطي مصر حق الدفاع عن أمنها المائي، فمصر ليست لديها رفاهية الاستغناء عن متر مياه واحد من حصتها».

وأطلقت إثيوبيا، الأسبوع الماضي، فعاليات «أسبوع بيع سندات (سد النهضة)»، بهدف جمع التمويل اللازم لاستكمال بناء السد، ونقلت وكالة الأنباء الإثيوبية عن هايلو أبراهام، مدير العلاقات العامة والاتصال الإعلامي في مكتب تنسيق مشروع «سد النهضة»، قوله بأن «الهدف هو جمع 100 مليون بير إثيوبي، وهي العملة الإثيوبية (نحو مليون و760 ألف دولار) خلال هذا الأسبوع»، وذكر أبراهام أن «بنك التنمية الإثيوبي والبنك التجاري الإثيوبي ومؤسسات مالية أخرى، استعدت لتنفيذ عملية البيع التي جرى إطلاقها بمناسبة الذكرى السنوية الثالثة عشرة لبدء بناء السد».

ومن جانبها، عدت مديرة البرنامج الأفريقي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية بمصر، الدكتورة أماني الطويل، عزم إثيوبيا الملء الخامس للسد بشكل أحادي يعد «تأكيداً» على استمرار أديس أبابا في سياسة التعنت وفرض الأمر الواقع.

وقالت الطويل لـ«الشرق الأوسط» إن «الخطاب السياسي المصري في أزمة (سد النهضة) شهد في الآونة الأخيرة تطوراً إلى اللهجة الحادة، بسبب إدراك القاهرة عدم جدية الجانب الإثيوبي في التفاوض»، ووفق الطويل، فإن «عودة المسار التفاوضي مرهون بتغير آلية التفاوض الإثيوبية التي تستند إلى التسويف والتغطية على استمرار أعمال البناء». وأكدت أنه «يمكن لمصر أن تراهن في الفترة المقبلة على علاقاتها الجيدة بمحيطيها الإقليمي والدولي، والتقارب الحالي مع أوروبا وأميركا ودول الخليج العربي، للقيام بدور».


مقالات ذات صلة

التعاون العسكري المصري - الصومالي يصعّد التوترات مع إثيوبيا

شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستقبل نظيره الصومالي في قصر الاتحادية بالقاهرة منتصف أغسطس الحالي (الرئاسة المصرية)

التعاون العسكري المصري - الصومالي يصعّد التوترات مع إثيوبيا

عقب إعلان الصومال وصول معدات ووفود عسكرية مصرية، أبدت جارتها الغربية إثيوبيا التي لديها خلافات سابقة مع القاهرة بسبب أزمة «سد النهضة» قلقها.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
تحليل إخباري آبي أحمد يتفقد سير العمل بمشروع سد النهضة (حساب رئيس وزراء إثيوبيا - إكس)

تحليل إخباري ما خيارات مصر بعد إعلان إثيوبيا قرب اكتمال «سد النهضة»؟

أثار إعلان رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، عن قرب اكتمال مشروع «سد النهضة»، على الرافد الرئيسي لنهر النيل، تساؤلات بشأن الخيارات المطروحة أمام مصر.

أحمد إمبابي (القاهرة)
أفريقيا وزير الدفاع التركي خلال لقاء مع نظيريه الصومالي والإثيوبي في ختام جولة المفاوضات الثانية في أنقرة الثلاثاء (الخارجية التركية)

ما دوافع تركيا لإنهاء نزاع ساحل «أرض الصومال» بين الصومال وإثيوبيا؟

ذهبت المفاوضات بين الصومال وإثيوبيا التي تتوسط فيها تركيا لحل النزاع على ساحل «أرض الصومال» على البحر الأحمر والتي أصبح يطلق عليها «عملية أنقرة» إلى جولة ثالثة

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي «سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي - إكس)

إثيوبيا تبدأ «الملء الخامس» لـ«سد النهضة» وسط ترقّب مصري

بدأت إثيوبيا عملية «الملء الخامس» لخزان «سد النهضة» على نهر النيل، حسب ما أظهرته صور بالأقمار الاصطناعية، وسط ترقّب مصر، التي حذّرت من المساس بـ«حصتها المائية».

عصام فضل (القاهرة)
المشرق العربي مؤتمر بالقاهرة يناقش تداعيات صراعات القرن الأفريقي الإقليمية (الشرق الأوسط)

مصر تحذر من تفاقم الصراعات بـ«القرن الأفريقي» بسبب «التدخلات الخارجية»

حذرت مصر من تفاقم ما وصفته بـ«الصراعات المركبة» في منطقة «القرن الأفريقي»، متهمة «التدخلات الخارجية» بتأجيج تلك الصراعات.

أحمد إمبابي (القاهرة)

مطالب أممية بمحاسبة منتهكي حقوق الإنسان في ترهونة الليبية

عناصر من هيئة البحث عن المفقودين يتفقدون موقعاً لمقابر جماعية تم العثور عليها في ترهونة (الهيئة)
عناصر من هيئة البحث عن المفقودين يتفقدون موقعاً لمقابر جماعية تم العثور عليها في ترهونة (الهيئة)
TT

مطالب أممية بمحاسبة منتهكي حقوق الإنسان في ترهونة الليبية

عناصر من هيئة البحث عن المفقودين يتفقدون موقعاً لمقابر جماعية تم العثور عليها في ترهونة (الهيئة)
عناصر من هيئة البحث عن المفقودين يتفقدون موقعاً لمقابر جماعية تم العثور عليها في ترهونة (الهيئة)

حذّر تقرير للأمم المتحدة من أن غياب المساءلة، والسنوات الطويلة من إفلات المتسببين في انتهاكات حقوق الإنسان، والتجاوزات المرتكبة في مدينة ترهونة الليبية بين عامي 2013 و2022 من العقاب، تهدد بالمزيد من حالة عدم الاستقرار والانقسام في البلاد.

واتهم التقرير، الذي وزعته بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، مساء الجمعة، فصيل الكانيات، وهو مجموعة مسلّحة نشأت في 2011، مارَس سيطرة وحشية على ترهونة، المدينة التي يقطنها 150.000 نسمة تقريباً وتقع على بعد 90 كيلومتراً جنوب شرقي طرابلس، مشيراً إلى أن إدماج الكانيات في حكومة الوفاق السابقة، ثم لاحقاً في الجيش الوطني، وشكّل حاجزاً كبيراً أعاق تحقيق المساءلة والعدالة. ونتيجة لذلك، تردّد بعض السكان في المشاركة في التحقيقات والإبلاغ عن الجرائم خوفاً من الانتقام.

ونقل التقرير عن ستيفاني خوري، القائمة بأعمال بعثة الأمم المتحدة، عدّها عدم معالجة الأسباب الجذرية الكامنة وراء النزاع ودوافعه لن يؤدّي سوى إلى تأجيج دوامات العنف والانتقام السامة بين المجتمعات.

اجتماع عميد بلدية ترهونة مع المسؤولة الأممية (بلدية ترهونة)

وأوصى التقرير بتنفيذ عملية شاملة للعدالة الانتقالية والمصالحة، مع اتخاذ تدابير مجدية لتقصّي الحقائق، وتقديم تعويضات فعالة إلى الضحايا، بما في ذلك المساعدة القانونية ودعم الصحة النفسية، وضمانات عدم التكرار، التي ينبغي وضعها بالتشاور مع المتضررين مباشرة. كما دعا لاتخاذ تدابير صارمة لتحقيق المساءلة، من خلال التحقيقات ومحاسبة الجناة المزعومين، بما يتماشى مع المعايير الدولية.

وكان عميد بلدية ترهونة، محمد الكشر، وعدد من أعضاء رابطة ضحايا ترهونة، قد زاروا مع المسؤولة الأممية جورجيت غانيون، عدداً من مواقع المقابر الجماعية والسجون في ترهونة، بمناسبة اليوم العالمي للإخفاء القسري، ومتابعة ملف ضحايا العنف والقتل والمقابر التي ارتكبت بحق أهالي ترهونة وبعض المدن المجاورة.

في سياق غير متصل، تحدثت وسائل إعلام محلية عن نجاة ليبيين بأعجوبة، بعد أن جرفت مياه الفيضانات سيارتهم في ترهونة، بينما تعرضت مدينة الكفرة لإطفاء تام بسبب فصل محطة كهربائية، للحفاظ على معدات الشبكة العامة بتأثير الرياح والأمطار.

حكومة الوحدة خلال اجتماع متابعة تقلبات الطقس (حكومة الوحدة)

وأعلن الهلال الأحمر، مساء الجمعة، في ترهونة فتح الطريق الرابط بين بني وليد وترهونة، عقب إغلاقه لعدة ساعات، بسبب تزايد ارتفاع منسوب المياه في الطريق، فيما أعلن جهاز الإسعاف والطوارئ في بني وليد، خروج السيل في وادي وشتاتة إلى الطريق، مع وجود ارتفاع في المياه في الوادي.

وكانت حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، قد طمأنت المواطنين بما وصفته بالجاهزية العالية للوزارات والأجهزة والمراكز في جميع مناطق ليبيا العالية لمواجهة أي ظروف جوية، أو تقلبات مناخية، وتوفير الإمكانيات اللازمة، مشيرة إلى أن اجتماعاً عُقد، مساء الجمعة بطرابلس، ضم كل الجهات المعنية، استهدف توحيد الجهود لضمان نجاح العمل وحماية المواطنين والممتلكات، في إطار تحديث الخطة الوطنية لمواجهة الطوارئ والكوارث الطبيعية.