الجمعية الوطنية الفرنسية تدين «مذبحة» أكتوبر 1961 بحق جزائريين

قتل خلالها ما بين 30 إلى أكثر من 200 متظاهر جزائري سلمي

صورة أرشيفية لجلسة عامة بالجمعية الوطنية بالبرلمان الفرنسي (الشرق الأوسط)
صورة أرشيفية لجلسة عامة بالجمعية الوطنية بالبرلمان الفرنسي (الشرق الأوسط)
TT

الجمعية الوطنية الفرنسية تدين «مذبحة» أكتوبر 1961 بحق جزائريين

صورة أرشيفية لجلسة عامة بالجمعية الوطنية بالبرلمان الفرنسي (الشرق الأوسط)
صورة أرشيفية لجلسة عامة بالجمعية الوطنية بالبرلمان الفرنسي (الشرق الأوسط)

صادقت الجمعية الوطنية الفرنسية، اليوم الخميس، على قرار يدين «مذبحة» 17 أكتوبر (تشرين الأول) 1961 في باريس، التي ارتكبتها الشرطة وقتل خلالها ما بين ثلاثين إلى أكثر من 200 متظاهر جزائري سلمي، بحسب عدد من المؤرخين. وندد النص، الذي له أهمية رمزية في المقام الأول بـ«القمع الدامي والقاتل في حق الجزائريين، تحت سلطة مدير الشرطة موريس بابون في 17 من أكتوبر 1961»، ودعم «إدراج يوم لإحياء ذكرى المذبحة» في «جدول الأيام الوطنية والمراسم الرسمية».

عدد من الجزائريين الذين تم اعتقالهم خلال مظاهرة 17 أكتوبر 1961 (أ.ف.ب)

وبحسب ما أوردته «وكالة الصحافة الفرنسية»، فقد أيد 67 نائباً وعارض 11 من صفوف التجمع الوطني اليميني المتطرف مقترح القرار، الذي قدّمته النائبة عن حزب «الخضر» صابرينا صبايحي، والنائبة عن الغالبية الرئاسية جولي ديلبيش. ورحبت صبايحي مسبقاً بـ«التصويت التاريخي» الذي يشكل «محطة أولى في العمل على الاعتراف بهذه الجريمة الاستعمارية، والاعتراف بجريمة الدولة هذه». ولم ترد عبارة «جريمة دولة» في النص، الذي تطلبت صياغته نقاشات متكررة مع الرئاسة الفرنسية، في حين ما زالت المواضيع المتعلقة بالذاكرة تؤثر بشكل كبير على العلاقات بين فرنسا والجزائر.

وأكد النائب السابق فيليب غيومار، الذي شارك في العمل مع صبايحي، أن النقاشات كانت «كثيرة»، وأن النص المقترح «مشغول كلمة بكلمة»؛ لكي يكون «منسجماً» مع مواقف فرنسا. ويأتي تصويت النواب بعد أسابيع قليلة من إعلان الإليزيه عن زيارة دولة للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون «في نهاية سبتمبر (أيلول) وبداية أكتوبر» المقبلين.

جثث جزائريين في نهر السين

ذكرت الوزيرة المنتدبة المكلفة بالجماعات المحلية، دومينيك فور، في كلمتها، أن المظاهرة «قمعت بعنف من قبل المصالح العاملة تحت سلطة مدير الشرطة في ذلك الوقت، موريس بابون»، وشهدت «بالإضافة إلى الكثير من الجرحى، مقتل عدة عشرات ألقيت جثثهم في نهر السين». وأضافت فور موضحة: «نفكر اليوم من هذا المنبر في هؤلاء الضحايا وعائلاتهم، الذين تضرروا بشدة من دوامة العنف»، أمام أعين ممثلي الجمعيات، الذين ظلوا يطالبون منذ عدة سنوات بهذا الاعتراف، مشيرة إلى العمل على الذاكرة الذي تم إنجازه للاعتراف بالمجزرة، حيث كرم الرئيس فرنسوا هولاند في عام 2012 ذكرى ضحايا «القمع الدامي»، الذي تعرض له هؤلاء النساء والرجال الذين تظاهروا من أجل «الحق في الاستقلال». كما رأى خلفه إيمانويل ماكرون في أكتوبر 2021، أن «الجرائم التي ارتكبت في 17 أكتوبر 1961 تحت سلطة موريس بابون لا تُغتفر بالنسبة للجمهورية».

عناصر الشرطة الفرنسية تقتاد عدداً من الجزائريين خلال مظاهرة 17 أكتوبر 1961 (أ.ف.ب)

لكن فور أبدت بعض التحفظات بشأن تخصيص يوم لإحياء الذكرى، مشددة على أن هناك ثلاثة مواعيد موجودة «لإحياء ذكرى ما حدث خلال حرب الجزائر». وقالت الوزيرة موضحة أنه «لا يزال هناك الكثير مما يتعين القيام به لكتابة هذا التاريخ، ولكن في رأيي هذا هو السبيل الوحيد لبناء مصالحة صادقة ودائمة. وأعتقد أنه من المهم أن نترك التاريخ يقوم بهذا العمل قبل التفكير في يوم تذكاري جديد محدد لضحايا 17 أكتوبر 1961». وهذه التحفظات تتقاسمها كتلتا «الحركة الديمقراطية» و«آفاق» وهما من الأغلبية، لافتتين إلى أنه «يجب أن يستمر العمل التاريخي»، وقد منحتا نوابهما حرية التصويت.

صورة تؤرخ لمذبحة 17 أكتوبر 1961 التي قتل خلالها ما بين 30 إلى أكثر من 200 متظاهر جزائري سلمي (أ.ف.ب)

وأظهرت جلّ الخطابات رغبة النواب في تكريم ضحايا 17 أكتوبر، والاعتراف بمسؤولية السلطات الفرنسية في المجزرة، باستثناء ملحوظ لنائب «حزب التجمع الوطني» فرانك جيليتي، الذي انتقد «الاتهامات الأحادية»، و«التندّم المفرط» المبني على «أكاذيب». وقال بهذا الخصوص: «بطرحكم هذا القرار، فإنكم تسيرون على خطى إيمانويل ماكرون، الذي يركع باستمرار أمام الحكومة الجزائرية»، ومباشرة بعد ذلك ترددت إدانات لخطاب النائب في قاعة المجلس.


مقالات ذات صلة

فرنسا: جدل بشأن اقتراح قانون يحظر على القاصرين حضور عروض مصارعة الثيران

أوروبا الجمعية الوطنية الفرنسية (أ.ف.ب)

فرنسا: جدل بشأن اقتراح قانون يحظر على القاصرين حضور عروض مصارعة الثيران

يدرس مجلس الشيوخ الفرنسي الخميس اقتراح قانون يرمي إلى حظر «مصارعة الثيران ومصارعة الديوك بحضور مَن هم تحت سن السادسة عشرة» من أجل «حمايتهم من مشاهد العنف»

«الشرق الأوسط» (بويارغ)
أوروبا مارين لوبن (رويترز)

مارين لوبن تدفع ببراءتها في قضية اختلاس أموال أوروبية

دفعت زعيمة اليمين المتطرف في فرنسا مارين لوبن، المتّهمة باختلاس أموال البرلمان الأوروبي، ببراءتها الاثنين أمام المحكمة في إطار استجوابها للمرة الأولى في قضية.

«الشرق الأوسط» (باريس)
أوروبا رئيس الحكومة الفرنسية ميشال بارنييه (إ.ب.أ)

فرنسا: الجمعية الوطنية تُسقط مذكرة لحجب الثقة عن الحكومة

أُسقطت مذكرة لحجب الثقة عن الحكومة الفرنسية في الجمعية الوطنية، قدّمها ائتلاف اليسار والاشتراكيين والخضر واليسار الراديكالي.

«الشرق الأوسط» (باريس)
أوروبا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (رويترز)

فرنسا «تضمحل»... فهل يستطيع ماكرون استعادة مكانته على الساحة الدولية؟

سيسعى الرئيس ماكرون لإعادة إثبات موقع فرنسا القوي على الساحة الدولية، بعد شهرين من الفوضى السياسية التي شهدتها بلاده، وذلك في الأمم المتحدة، ثم في كندا.

«الشرق الأوسط» (باريس)
أوروبا رئيس الوزراء الفرنسي الجديد ميشال بارنييه ورئيس الجمهورية إيمانويل ماكرون في قصر الإليزيه بباريس (أ.ب)

بارنييه يأمل إعلان تشكيل حكومته وتظاهرات لليسار في فرنسا

يأمل رئيس الوزراء الفرنسي الجديد ميشال بارنييه أن يعلن تشكيل حكومته «قبل الأحد»، في حين يتظاهر قسم من اليسار مجدداً، اليوم، للتنديد بالتوجهات السياسية للحكومة.


رئيس «النواب» يُشدد من روما على «حاجة ليبيا لحكومة موحدة»

الوفد البرلماني الليبي برئاسة صالح في إيطاليا (مكتب صالح)
الوفد البرلماني الليبي برئاسة صالح في إيطاليا (مكتب صالح)
TT

رئيس «النواب» يُشدد من روما على «حاجة ليبيا لحكومة موحدة»

الوفد البرلماني الليبي برئاسة صالح في إيطاليا (مكتب صالح)
الوفد البرلماني الليبي برئاسة صالح في إيطاليا (مكتب صالح)

أثار رئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح، خلال لقائه نظيره الإيطالي لورينزو فونتانا، في روما، أزمة بلاده السياسية، وتحدّث عن حاجتها إلى «حكومة موحدة» لإجراء الانتخابات المعطلة، كما دافع عن مجلسه في سن القوانين اللازمة لهذا الاستحقاق. وجاء ذلك فيما شهدت مدينة الزاوية (غرب) اشتباكات مسلحة بين مجموعات من مهربي الوقود والمهاجرين غير النظاميين.

وبدأ صالح زيارة إلى روما، مساء الخميس، بحث خلالها مع نظيره الإيطالي الأزمة السياسية وعدداً من الملفات، من بينها الهجرة غير النظامية، و«إعادة الإعمار»، إضافة إلى مناقشة أزمة المسجونين الليبيين في إيطاليا.

وقال المتحدث باسم مجلس النواب الليبي، عبد الله بليحق، إن زيارة صالح إلى روما جاءت بناءً على دعوة رسمية من مجلس النواب الإيطالي، مشيراً إلى أن اللقاء، الذي حضره السفير الليبي في روما مهند يونس، تناول بحث تعزيز العلاقات الثنائية بين الشعبين الجارين، والعلاقة التي فرضها التاريخ، وعززتها الجغرافيا والثقافة والتجارة.

رئيس مجلس النواب الإيطالي لورينزو فونتانا مستقبلاً صالح (مكتب صالح)

وخلال اللقاء، دافع صالح عن موقف مجلسه بشأن العملية الانتخابية المعطلة، وقال وفق بليحق إن جمود العملية السياسية «ليس بسبب البرلمان؛ بل نتيجة القوة القاهرة التي ذكرتها المفوضية العليا للانتخابات»، مضيفاً أن مجلس النواب «قام بواجبه على الوجه الأمثل، وأصدر بالتشاور مع مجلس (الدولة) قانوني انتخاب الرئيس والبرلمان، وسلمهما للمفوضية، وكان عليها إجراء الاستحقاق».

كما تحدّث صالح عن «حاجة ليبيا إلى حكومة جديدة موحدة، مهمتها الأساسية إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية». وذكّر بمعاهدة الصداقة الموقعة بين برلماني البلدين في أغسطس (آب) 2008 بمدينة بنغازي، وقال إنها «بداية مرحلة جديدة من التعاون، ودور البرلمان الإيطالي السياسي والاقتصادي والتشريعي مهم لتفعيل وتطوير بنود المعاهدة».

في سياق ذلك، تطرّق صالح إلى ملف السجناء الليبيين في إيطاليا، وطالب رئيس مجلس النواب الإيطالي بالعفو عنهم أو التدخل، أو إرسالهم إلى ليبيا لتنفيذ ما تبقّى من عقوبتهم، مشيراً إلى «معاناة أسرهم وعدم قدرتهم على زيارتهم، ما يعد ضرورة بالنسبة للجانب الإنساني في هذه القضية».

يشار إلى أن إيطاليا اعتقلت 5 رياضيين ليبيين في 2015 بتهمة الهجرة غير النظامية.

ونقل مكتب صالح أن رئيس البرلماني الإيطالي وعده «ببذل مساعيه لتحقيق هذه الرغبة»، كما طالب بدعوة النائب العام الليبي للتفاهم والتشاور في أمور المساجين الليبيين بإيطاليا، وتمت الموافقة على طلبه.

لقاء صالح نظيره الإيطالي ناقش ملف الهجرة غير النظامية المنطلقة من ليبيا (الشرق الأوسط)

كما بحث اللقاء عدداً من الملفات المهمة، من بينها الهجرة غير النظامية، التي أرجع صالح أسبابها إلى «الجوع والفقر والعوز والنزاعات وعدم الاستقرار»، وقال إن الناس «يموتون غرقاً في البحر وعطشاً في الصحراء، والحل في وجود تنمية ببلدانهم»، موضحاً أن ليبيا «لم تكن مصدرة للهجرة، بل بلد عبور»، مؤكداً في السياق توجيه تعليماته للجهات المعنية في ليبيا بالتعاون مع السلطات الإيطالية لمكافحة الهجرة.

صالح اتفق مع بالقاسم حفتر على زيارة الأخير إلى روما لمشاركة إيطاليا في عملية الإعمار الحاصلة في ليبيا (أ.ف.ب)

وبشأن «إعادة الإعمار»، قال مكتب صالح إنه تحدّث عن أهمية التواصل مع «مدير عام صندوق التنمية وإعادة الإعمار»، بالقاسم حفتر؛ وجرى الاتفاق على زيارته إلى روما لمشاركة إيطاليا في عملية الإعمار الحاصلة في ليبيا.

ونقل مكتب صالح، عن رئيس مجلس النواب الإيطالي، تثمينه دور مجلس النواب الليبي في «تعزيز الاستقرار ونبذ الانقسام، وحلحلة الأزمة الليبية عبر إصدار القوانين، التي تنظم الدولة الليبية»، مع تأكيده «ضرورة وجود حكومة موحدة في ليبيا».

في سياق قريب، ألقى ملف المهاجرين بنفسه على لقاء رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، يوسف العقوري، مع مسؤولين من إدارة شمال أفريقيا والشرق الأوسط بوزارة الخارجية الإيطالية أندريا كولمبو، وإيغوني كارلوسي، وجيوفاني بايسي.

ووفق البرلمان، قال العقوري خلال اللقاء، الذي جاء على هامش مشاركته في منتدى البحر المتوسط المنعقد في العاصمة الإيطالية، إن ليبيا «لا يمكن أن تتحمل معالجة أزمة الهجرة نيابة عن دول المنطقة، خصوصاً الاتحاد الأوروبي. الأزمة تتطلب تحركاً دولياً عاجلاً»، موضحاً أن بلده «استقبل النازحين من دولة السودان بوصفهم أشقاء على الأراضي الليبية، وقدم لهم الخدمات كالتعليم والعمل».

الدبيبة يزور الطرابلسي بعد سقوطه من أعلى صهوة جواده (حكومة الوحدة)

في شأن مختلف، زار عبد الحميد الدبيبة، رئيس «حكومة الوحدة»، وزير داخليته المكلف عماد الطرابلسي، للاطمئنان على حالته الصحية، بعد سقوطه عن صهوة جواده، أثناء مشاركته في فعاليات المهرجان السنوي للفروسية الشعبية، الذي نُظم في نادي «الفروسية» بطريق المطار.

وفي استباق لزيارة صالح إلى روما، التقى وزير النفط والغاز المكلف بـ«حكومة الوحدة»، خليفة عبد الصادق، في العاصمة الإيطالية نظيره وزير الطاقة جيلبرتو بيكيتو فراتين، وتباحثا بشأن تعزيز التعاون في مجالات الطاقة والطاقات المتجددة.

وأوضح المكتب الإعلامي للوزارة الليبية أن اللقاء تناول سبل التعاون في مجالات التدريب، والأبحاث العلمية لتعزيز القدرات المحلية في مجال الطاقة.

وأكد الجانبان أهمية تشجيع الشركات الإيطالية على الاستثمار في قطاع الخدمات النفطية، والطاقة المتجددة في ليبيا للإسهام في تحقيق التنمية المستدامة.

وفي عودة للتوتر بمدينة الزاوية، التي تنشط فيها مجموعات من الميليشيات، رصد شهود عيان وقوع اشتباكات استخدمت فيها الأسلحة الثقيلة والمتوسطة بين مهربين للوقود والبشر، بقصد السيطرة وتوسيع النفوذ.

وتحدّث الشهود عن عمليات إطلاق نار كثيف من مقر جهاز مكافحة التهديدات الأمنية، في أعقاب استهداف سيارة أحد عناصره، مشيرين إلى أن الأحداث ازدادت توتراً، بعد ورود أنباء عن اغتيال أحمد لابح، أحد المُقربين من محمد بحرون الشهير بـ«الفار»، إثر استهدافه بوابل من الرصاص على يد مجموعة مسلحة في الحرشة. كما شهدت منطقتي الحرشة والصابرية تحشيدات لميليشيات مسلحة.