كشف أسرار اغتيال رجل الثورة الجزائرية كريم بلقاسم

تحقيق صحافي ينشر تفاصيل عملية القتل التي حصلت قبل 54 سنة في ألمانيا

كريم بلقاسم (وسط) رئيس وفد مفاوضات الاستقلال (ارشيف الصحافة)
كريم بلقاسم (وسط) رئيس وفد مفاوضات الاستقلال (ارشيف الصحافة)
TT

كشف أسرار اغتيال رجل الثورة الجزائرية كريم بلقاسم

كريم بلقاسم (وسط) رئيس وفد مفاوضات الاستقلال (ارشيف الصحافة)
كريم بلقاسم (وسط) رئيس وفد مفاوضات الاستقلال (ارشيف الصحافة)

نشرت مجلة «جان أفريك» السياسية الفرنسية، اليوم (الثلاثاء)، تفاصيل تُعرف لأول مرة عن ملابسات اغتيال رجل الثورة الجزائرية الكبير كريم بلقاسم، في غرفة بفندق في ألمانيا، بعد 54 سنة من وقوع الجريمة المسكوت عنها في الجزائر.

كريم بلقاسم بمعاقل الثورة في حدود عام 1956 (أرشيف المكتبة الوطنية بالجزائر)

وأكد التحقيق، الذي اعتمد على وثائق «حصرية» من أرشيف جهاز الأمن الألماني، حسب المجلة، أن الكوماندوس الذي تكوَّن من ثلاثة رجال مخابرات انتقلوا من الجزائر إلى مكان إقامة بلقاسم، حيث التقوه بعد أن أوهموه بأن انقلاباً «وشيكاً» يجري التحضير له لإسقاط الرئيس الراحل هواري بومدين الذي كان خصماً شرساً لكريم بلقاسم بسبب خصومات شخصية مرتبطة بالزعامة في أيام الثورة وبدايات الاستقلال.

وحسب المجلة، فقد ابتلع رجل الثورة الطعم، ووقع في الفخ لاعتقاده أن ساعة تصفية الحساب مع «العدو» حانت، فقتله أحد أعضاء الكوماندوس خنقاً بربطة عنق داخل غرفة فندق «إنتركونتننتال» بمدينة فرنكفورت الألمانية في 18 من أكتوبر (تشرين الأول) 1970 الساعة الثامنة صباحاً.

القادة الستة الذين فجّروا ثورة الجزائر ومن بينهم كريم بلقاسم جالساً إلى اليسار (مؤسسة الأرشيف الجزائري)

ووفق ما جاء في التحقيق، الذي أجراه الصحافي الجزائري فريد عليلات، فإن الوثائق التي حصل عليها بفضل رخصة «استثنائية» من السلطات الألمانية، تكشف عن أن التحريات حول الاغتيال السياسي تمت في ألمانيا وفرنسا وسويسرا ولبنان والمغرب، وهي بلدان كان قيادي الثورة يتنقل بينها منذ خروجه من الجزائر غداة الاستقلال. كما كان للشرطة الدولية بصمة في هذه التحريات، التي توصلت حسب «جان أفريك»، إلى كشف هوية عضوين من الكوماندوس، هما حميد آيت مصباح، ضابط بالمخابرات العسكرية الجزائرية، ومحمد أوسليماني، الذي يوضح التحقيق أنه أحد الكوادر السامين في الدولة، وأنه سافر إلى ألمانيا تحت الاسم الحركي «محمد دباعي». أما العنصر الثالث، فلم يتم تعريف على هويته الحقيقية أبداً، وفق المجلة، التي قالت إنه كان يحمل الاسم المستعار «محمد صلاح». مشيرةً إلى أن أعضاء الكوماندوس دخلوا ألمانيا بجوازات سفر مغربية، وأنهم تخلوا عن حقائبهم في محطة القطار بفرنكفورت، قبل التوجه إلى الفندق حيث كان لهم موعد مع كريم بلقاسم.

آخر صورة لكريم بلقاسم قبل اغتياله عام 1970 (أرشيف الصحافة الجزائرية)

وجاء التحقيق الأمني الألماني في 1400 صفحة، لم يطّلع عليها من قبل أي أحد، حسبما كتب الصحافي عليلات، الذي أفاد بأن التحري حول ملابسات اغتيال رئيس وفد «مفاوضات إيفيان» بدأ في 1970، واستمر حتى 2003. وكان الصحافي قد كتب على حسابه في الإعلام الاجتماعي في وقت سابق أن شخصاً واحداً تكفّل بخنق من كان أحد الستة، الذين أخذوا على عاتقهم تفجير ثورة التحرير ضد الاستعمار الفرنسي، يوم الاثنين، فاتح نوفمبر (تشرين الثاني) 1954.

الرئيس أحمد بن بلة (يسار) مع وزير دفاعه هواري بومدين في 1963 (أرشيف الصحافة الجزائرية)

ولفتت «جان أفريك» إلى أن أوامر اعتقال دولية أُطلقت ضد أعضاء الكوماندوس، من دون العثور على أي أثر لهم. مبرزةً أن السلطات الألمانية أرسلت نتائج التحقيق إلى الحكومة الجزائرية، التي رفضت نشرها للرأي العام المحلي، كما رفضت إعلان أسماء أعضاء الكوماندوس.

والمعروف في تلك الفترة أن بلقاسم كان قد أطلق حزباً معارضاً في السر عام 1967، سمّاه «الحركة الديمقراطية من أجل التجديد الجزائري»، بينما كان بومدين (توفي مريضاً في مشفى بموسكو نهاية 1978) يحكم البلاد بقبضة من حديد، منذ أن تسلم الحكم بالقوة، عقب تنفيذ انقلاب على الرئيس الراحل أحمد بن بلة في 19 من يونيو (حزيران) 1965. أما مدير المخابرات العسكرية فكان يومها الرجل القوي في النظام، قاصدي مرباح، الذي تعرض للاغتيال عام 1993 في كمين شرقي العاصمة الجزائرية، على أيدي متطرفين، وفق رواية رسمية ظلت دائماً محل تشكيك من طرف عائلة مرباح.


مقالات ذات صلة

الجزائر: نقض أحكام بإعدام 38 شخصاً في «قضية حرائق القبائل»

شمال افريقيا مدانون بالإعدام في قضية الانتماء إلى «ماك» وحرائق القبائل (الشرق الأوسط)

الجزائر: نقض أحكام بإعدام 38 شخصاً في «قضية حرائق القبائل»

قبول طعن بالنقض في قضية أثارت جدلاً كبيراً العام الماضي، تمثلت في إصدار محكمة الجنايات بالعاصمة حكماً بإعدام 38 شخصاً بتهمة «إشعال النار في منطقة القبائل».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
الخليج عبد المجيد تبون خلال استقباله الأمير عبد العزيز بن سعود في القصر الرئاسي بالعاصمة الجزائر (واس)

بتوجيه من ولي العهد السعودي... وزير الداخلية يلتقي الرئيس الجزائري

بتوجيه من الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد السعودي، التقى الأمير عبد العزيز بن سعود، وزير الداخلية، الخميس، الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الكاتب الفرنسي - الجزائري بوعلام صنصال (أ.ف.ب)

الكاتب الجزائري - الفرنسي صنصال يستأنف قرار احتجازه

وُضع الكاتب الفرنسي - الجزائري بوعلام صنصال رهن الاعتقال في وحدة احتجاز في أحد مستشفيات الجزائر العاصمة، فيما استأنف فريق الدفاع عنه قرار احتجازه.

«الشرق الأوسط» (باريس)
شمال افريقيا الكاتب الجزائري بوعلام صنصال يتحدث في مؤتمر صحافي خلال الدورة الثانية والستين لمهرجان برلين السينمائي الدولي 9 فبراير 2012 (أ.ب)

الجزائر تواجه دعوات متزايدة للإفراج عن الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال

دعا سياسيون وكتاب وناشطون إلى الإفراج عن الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس تبون مخاطباً أعضاء اتحاد المزارعين الجزائري (الرئاسة)

الجزائر تعلن «الاقتراب» من التحرر من تبعيتها للمحروقات

أكد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أن تصدير المحروقات «من أجل استيراد غذائنا سياسة خاطئة، وعلينا إنتاج ما نستهلكه».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

تونس: سجن وزير سابق 3 سنوات بـ«تهم فساد»

وزير البيئة الأسبق رياض المؤخر (الشرق الأوسط)
وزير البيئة الأسبق رياض المؤخر (الشرق الأوسط)
TT

تونس: سجن وزير سابق 3 سنوات بـ«تهم فساد»

وزير البيئة الأسبق رياض المؤخر (الشرق الأوسط)
وزير البيئة الأسبق رياض المؤخر (الشرق الأوسط)

قضت الدائرة الجنائية المختصة بالنظر في قضايا الفساد المالي بالمحكمة الابتدائية في تونس العاصمة، الجمعة، بالسجن لمدة ثلاثة أعوام في حق وزير البيئة الأسبق، رياض المؤخر، بحسب ما تداولته صحف محلية ووكالة أنباء تونس الرسمية.

ويتعلق ملف القضية بإحدى الصفقات العمومية، التي أبرمتها وزارة البيئة للتزود بسيارات إدارية لفائدة مصالحها.

كما قضت الدائرة المتعهدة بالسجن لمدة عامين اثنين في حق إطار من الحماية المدنية ملحق بوزارة البيئة.

في سياق ذلك، قضت الدائرة الجنائية المختصة بالنظر في قضايا الفساد المالي بالمحكمة الابتدائية بتونس، الخميس، بالسجن مدة أربعة أعوام في حق مسؤول أمني، وثلاثة أعوام سجناً في حق أربعة أمنيين آخرين؛ وذلك من أجل تهم «تتعلق بتكوين جماعة بغاية الاعتداء على الأملاك، واستغلال موظف عمومي لصفته، من أجل استخلاص فائدة لا وجه لها لنفسه أو لغيره، والإضرار بالإدارة، ومخالفة التراتيب المنطبقة على تلك العمليات لتحقيق الفائدة، وإلحاق الضرر المشار إليهما، والتدليس واستخدامه فيما هو مضر بمصالح الغير، واستخدام ما حصل عليه من أختام تابعة للسلط العمومية، والارتشاء من موظف عمومي».

وتفيد أوراق الملف بأن أعمال رقابة كشفت عن تورط خمسة مسؤولين أمنيين بإحدى الإدارات المركزية في الاستيلاء على أمول خاصة، بمنح وظائف ليلية للأعوان الناشطين في تلك الإدارة، وتحويلها إلى حساباتهم الشخصية.

وكان القطب القضائي المالي قد تعهد بالملف، وقرر إيداع الأمنيين الخمسة السجن، وإحالتهم على أنظار الدائرة الجنائية المختصة بالنظر في قضايا الفساد المالي، التي قررت إبقاءهم بحالة سراح، قبل أن تصدِر في ساعة متأخرة من ليلة الخميس أحكامها بسجنهم بين ثلاثة وأربعة أعوام.