حوادث حرائق متوالية تثير جدلاً في مصر

آثار الدمار في استوديو الأهرام (مجلس الوزراء عبر «فيسبوك»)
آثار الدمار في استوديو الأهرام (مجلس الوزراء عبر «فيسبوك»)
TT

حوادث حرائق متوالية تثير جدلاً في مصر

آثار الدمار في استوديو الأهرام (مجلس الوزراء عبر «فيسبوك»)
آثار الدمار في استوديو الأهرام (مجلس الوزراء عبر «فيسبوك»)

بعد يوم من الحريق الذي نشب في «استوديو الأهرام»، وطال عدة عقارات مجاورة، شبّ حريق هائل في مول تجاري بضاحية «التجمع الخامس» داخل أحد الملاهي الليلية، وامتد ليسبب أضراراً في 4 بنوك رئيسية، بالإضافة إلى محلات أخرى موجودة بالمول.

وفيما لا تزال التحريات جارية لمعرفة سبب اندلاع الحريق في «استوديو الأهرام»، كشفت التحريات الأولية أن سبب حريق المول «ماس كهربائي»، بدأ داخل أحد المطاعم في المبنى، ليستمر الحريق على مدار عدة ساعات، حتى تمكنت قوات الحماية المدنية من السيطرة على النيران، من دون وقوع خسائر بشرية.

وشهدت عدة مدن مصرية حرائق متفرقة، الأحد. من بينها حريق هائل التهم مصنع أخشاب في محافظة بني سويف بصعيد مصر، وآخر التهم شقة سكنية في أسيوط، فيما تفحم أكثر من 50 نخلة بالوادي الجديد بعد نشوب حريق كبير لعدة ساعات، وفق ما نشرته وسائل إعلام محلية.

«يفترض في جميع المباني الحديثة تطبيق اشتراطات الحماية المدنية والأمن الصناعي، التي لا تصدر تصاريح تشغيل المباني إلا بعد استيفائها بشكل كامل»، وفق تصريحات مساعد وزير الداخلية الأسبق اللواء محمد نور الدين لـ«الشرق الأوسط».

ويشير نور الدين إلى أن تكرار حدوث الحرائق «لا يشكل ظاهرة» حتى الآن، لكن يدفع لإعادة النظر في الإجراءات المطبقة ومراجعة المنشآت والتفتيش عليها بشكل أكثر صرامة، خاصة أن هناك أماكن يفترض أن يُفعّل بها الإطفاء الذاتي فور اشتعال الحرائق، لكن للأسف لا تجري متابعة تفعيل هذا الإجراء بعد الحصول على تصاريح التشغيل.

ويلزم القانون المحلات التجارية بتوفير أجهزة إطفاء بالبودرة الكيميائية بحسب مساحة المحل، كما يلزم باستخدام نظام إنذار آلي للحريق، مع وجود مضخة تتيح ضخ المياه من النوع المصمم لأغراض الحريق مع إجراء عمليات الصيانة بشكل دوري كل 3 أشهر.

وكشفت إحصائية للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء عن تسجيل البلاد 45 ألفاً و435 حادث حريق في عام 2023، انخفاضاً من 49 ألفاً و341 حادثاً في 2022، بنسبة بلغت 8 في المائة، فيما تصدرت النيران الصناعية على غرار أعقاب السجائر والمواد المشتعلة إلى جانب الماس الكهربائي مسببات الحرائق بنسبة 49.6 في المائة.

وشهدت «السوشيال ميديا» تفاعلاً على تكرار الحرائق عبر وسمي «حريق القاهرة» و«التجمع الخامس»، وشهد نشر مقاطع صور وفيديوهات للحرائق المختلفة، وسط تعليقات متباينة من المغردين.

وحمّل حساب باسم «أحمد يحيى» الإهمال مسؤولية تكرار الحرائق.

فيما انتقد حساب باسم «محمد» المبالغة في الحديث عن الحريق بالتجمع وتداعياته،

وطرح حساب «أيمن زهري» تساؤلاً عن سبب نشوب حريق ضخم في القاهرة بعد يوم من حريق الهرم، قائلاً: «هو فيه إيه؟».

ويرفض مساعد وزير الداخلية الأسبق وصف تكرار الحرائق خلال اليومين الماضيين بالظاهرة، باعتبار أن مواقعهم وأسبابهم مختلفة بشكل كامل، لكنه يشدد في الوقت نفسه على ضرورة التعامل بحزم مع مخالفات اشتراطات الحماية المدنية وتشديد عمليات المراقبة والتفتيش للحد من الحرائق وخسائرها.



ترجيحات تستبعد وجود «عمل تخريبي» وراء حريق «سنترال رمسيس»

رئيس الحكومة المصرية يتفقد صباح الأربعاء موقع «سنترال رمسيس» المحترق (مجلس الوزراء المصري)
رئيس الحكومة المصرية يتفقد صباح الأربعاء موقع «سنترال رمسيس» المحترق (مجلس الوزراء المصري)
TT

ترجيحات تستبعد وجود «عمل تخريبي» وراء حريق «سنترال رمسيس»

رئيس الحكومة المصرية يتفقد صباح الأربعاء موقع «سنترال رمسيس» المحترق (مجلس الوزراء المصري)
رئيس الحكومة المصرية يتفقد صباح الأربعاء موقع «سنترال رمسيس» المحترق (مجلس الوزراء المصري)

منذ اندلاع حريق «سنترال رمسيس»، وهو محطة رئيسية لتحويل الاتصالات بوسط القاهرة، أثيرت تكهنات باحتمالية أن يكون الحادث الذي تسبب في شلل واسع لخدمات الاتصالات والتحويلات المالية بمصر «عملاً تخريبياً متعمداً»؛ لكن مصدراً مسؤولاً صرح لـ«الشرق الأوسط» بأن الحكومة تستبعد هذه الفرضية حتى الآن «في ظل عدم وجود دلائل تدعمها».

وتسبب الحادث، الذي وقع عصر الاثنين وخلف 4 وفيات ونحو 30 مصاباً، في إرباك واسع لحياة ملايين المصريين، مع تأثر الاتصالات الهاتفية وخدمات الإنترنت، بل وحركة الطيران، بعد تلف كابلات رئيسية تغذي الخدمة؛ وهو ما برزت معه الأهمية القصوى لهذا المقر الحيوي لخدمات الاتصالات، ليس في العاصمة فقط، بل وفي محافظات أخرى.

وشكا مصريون من توقف تطبيقات البنوك وتطبيق تحويل الأموال التابع للبنك المركزي «إنستاباي»، وهو ما دفع البنك المركزي لتمديد عمل البنوك ساعتين يومياً، كما توقفت خدمات هواتف الطوارئ الحكومية؛ ما اضطر العديد من المحافظات لتخصيص أرقام محمول بديلة لخدمات الطوارئ والإسعاف لحين عودة الخدمات الأرضية، قبل أن تعلن الحكومة عودة هذه الخدمات عبر الأرقام الأرضية.

ومنذ الحادث انطلقت افتراضات عبر وسائل التواصل الاجتماعي بأن الحادث متعمد، كما سأل عدد من النواب في البرلمان وزير الاتصالات عمرو طلعت، خلال جلسة طارئة الثلاثاء، عن احتمالية أن يكون هناك عمل تخريبي وراء الحادث، إلا أنه استبعد ذلك، مطالباً بانتظار التحقيق النهائي.

المصدر المسؤول، الذي رفض الكشف عن هويته، قال في تصريحات الأربعاء: «هذا ليس اعتقاد وزير الاتصالات وحده، بل لا يوجد في الحكومة ما يدعم تلك الفرضية مطلقاً».

وأوضح المصدر أن «غالبية خدمات الاتصالات والإنترنت التي تأثرت بحريق (سنترال رمسيس) عادت للعمل بشكل شبه طبيعي منذ صباح الأربعاء»، مضيفاً أن «المنطقة في محيط السنترال في وسط القاهرة هي التي لا تزال متأثرة بانقطاع أو اضطراب في الخدمات، والعمل جارٍ لمعالجة ذلك».

ومضى قائلاً: «جميع الخدمات عادت للعمل بشكل كامل، لكن بكفاءة 90 في المائة؛ لأنه لا يمكن إغفال تأثير كون السنترال الرئيسي أصبح خارج الخدمة».

أيضاً أكد مصدر في البنك الأهلي المصري، أحد أكبر البنوك الحكومية بمصر، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن خدمات البنك في جميع فروعه بالبلاد تعمل بصورة طبيعية منذ صباح الأربعاء.

لكنه أضاف: «بالقطع هناك بعض البطء نتيجة غياب أهم مزود للخدمات المصرفية عن الخدمة»؛ مشيراً إلى «سنترال رمسيس».

تقرير مفصل

خلال جولة تفقدية لمقر السنترال المحترق مع رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، صباح الأربعاء، استعرض وزير الاتصالات عمرو طلعت، تقريراً مفصلاً عن الحادث تضمن أن الحريق اندلع بالدور السابع بـ«سنترال رمسيس» في نحو الساعة الخامسة عصر الاثنين الماضي، وتم إبلاغ الحماية المدنية به.

النيران تشتعل في سنترال رمسيس وسط القاهرة مساء الاثنين (رويترز)

وأضاف أنه رغم وجود آليات الإطفاء الذاتي والمحاولات اليدوية للمساعدة، أدت سرعة انتشار الحريق من خلال الكابلات إلى انتقاله إلى الغرف المجاورة واشتداده، مما تسبب في عدم السيطرة عليه بأجهزة الإطفاء الذاتي.

وأوضح أن الحماية المدنية حضرت في حدود الساعة الخامسة والنصف عصراً، لكن الحريق امتد إلى معظم أدوار المبنى وصالات تقديم الخدمة، ما أثر على الخدمات جزئياً، سواء على المستوى الجغرافي أو على المستوى القطاعي.

وقال الوزير إن الخدمات انتقلت على الفور إلى السنترالات البديلة، «كما تم عمل مناورات لاسترداد الخدمات التي لم يتم حلها من خلال السنترالات البديلة».

وفيما يتعلق بموقف الخدمات المقدمة، أوضح الوزير أنه فيما يخص الخدمات الأرضية، فلا يوجد انقطاع في الخدمة خارج محيط «سنترال رمسيس»، مؤكداً أن جودة الأداء أصبحت في المعدلات الطبيعية، بينما في محيط السنترال هناك عطل كامل أثر على العملاء.

وقال إنه أمكن استعادة الخدمة جزئياً، والعمل جارٍ على استعادة الخدمة لباقي العملاء خلال يوم الأربعاء.

وزير الاتصالات المصري يؤكد عودة الخدمات عدا في محيط السنترال المحترق (مجلس الوزراء المصري)

وفيما يخص خدمات الجوال، أوضح وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات أن الخدمة تأثرت سلباً في بداية الأزمة للمشغلين الأربعة من ناحية الجودة، وأنه أمكن استعادة الجودة بنسبة كبيرة.

وفي صباح الأربعاء أمكن الوصول إلى متوسط 95 في المائة من المعدلات الطبيعية للشركات الأربع، (أورانج وفودافون واتصالات ووي)، بحسب الوزير الذي أكد العمل على تحسين الجودة تدريجياً لتصل لمعدلها الطبيعي.

أما فيما يخص الخدمات القطاعية، قال وزير الاتصالات إن الخدمة تأثرت جزئياً في قطاع البنوك في بداية الأزمة، وكان ذلك «في عدد قليل من البنوك التي لم يكن عندها بديل للربط احتياطي، إلا أنه تم عمل مناورات بالشبكات، وتم حل المشكلة الجزئية في التاسعة صباح الثلاثاء، ما عدا بنك واحد، وتم حل مشكلاته بالكامل، وسيعمل بانتظام بنهاية الأربعاء».

وبالنسبة للبورصة، قال الوزير إنه تم التأكد من استعادة الخدمات في مساء يوم الحادث من جانب البورصة، «لكن تحسبت البورصة من وجود مشكلات من أي نوع قد تظهر، وفضلت تعليق جلسة الثلاثاء، وعند تأكدها من استقرار خدمات السماسرة تم فتح الجلسة بشكل طبيعي الأربعاء».

وفيما يتعلق بخدمات التموين، أكد الوزير أنها تعمل منذ اليوم الأول دون أعطال، مضيفاً أنه تمت استعادة الخدمة في المطار في الجزء الذي تأثر خلال ساعتين مساء يوم الاثنين.

فحص سلامة المبنى

ووفق خبير التكنولوجيا محمد فتحي، فإن حدوث بعض الاضطرابات في الخدمات بعد عودتها يرجع في جزء كبير منه للضغط الكبير ممن عانوا من انقطاعها قبل ساعات.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن جميع خطوط تغذية الخدمات تم تحويلها من «سنترال رمسيس» إلى أماكن تبادلية أخرى مثل «سنترال الروضة» في القاهرة.

وخلال تفقده المبنى، شدد رئيس الوزراء المصري على ضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة للتأكد من السلامة الإنشائية له. وأوضح المسؤولون أن «جهاز التفتيش الفني على أعمال البناء» سيُصدر تقريراً فنياً في هذا الشأن بعد فحص المبنى. كما طلب مدبولي ضرورة الإسراع بتقديم خطة عاجلة للتعافي.

يأتي ذلك فيما أجرت النيابة العامة معاينة لموقع السنترال بصحبة رجال المعمل الجنائي لبيان أسباب الحريق.