ماذا يعني ترفيع العلاقات بين مصر وأوروبا لـ«شراكة استراتيجية»؟

الاتحاد قدم حزمة تمويلية للقاهرة بأكثر من 7 مليارات يورو

السيسي يستقبل أورسولا فون دير لاين رئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبي في قصر الاتحادية بالقاهرة (الرئاسة المصرية)
السيسي يستقبل أورسولا فون دير لاين رئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبي في قصر الاتحادية بالقاهرة (الرئاسة المصرية)
TT

ماذا يعني ترفيع العلاقات بين مصر وأوروبا لـ«شراكة استراتيجية»؟

السيسي يستقبل أورسولا فون دير لاين رئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبي في قصر الاتحادية بالقاهرة (الرئاسة المصرية)
السيسي يستقبل أورسولا فون دير لاين رئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبي في قصر الاتحادية بالقاهرة (الرئاسة المصرية)

بهدف «تحقيق نقلة نوعية في التعاون والتنسيق من أجل تحقيق المصالح المُشتركة»، عززت مصر من شراكتها مع الاتحاد الأوروبي، ليتم ترفيع العلاقات بين الجانبين إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية والشاملة»، خلال قمة مصرية - أوروبية استضافتها القاهرة، (الأحد)، بحسب إفادة رسمية للمتحدث باسم الرئاسة المصرية، المستشار أحمد فهمي.

وعدّ خبراء تحدّثت إليهم «الشرق الأوسط» ترفيع العلاقات بمثابة «خطوة مهمة» تستهدف «دعم مصر في مواجهة التحديات السياسية والاقتصادية»، مشيرين إلى حزمة تمويلية أوروبية إلى القاهرة.

وأعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، (الأحد) تقديم حزمة دعم مالي لمصر في مجالات التجارة والاستثمار بقيمة 7.4 مليار يورو، تتوزع على مدى السنوات المقبلة. وقالت فون دير لاين، في مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورؤساء حكومات قبرص واليونان وإيطاليا والنمسا، إنه سيتم رفع مستوى العلاقة بين الاتحاد الأوروبي ومصر إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية الشاملة».

ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مسؤول أوروبي، طلب عدم الكشف عن هويته، قوله إن «الاتفاقات تندرج في إطار شراكة استراتيجية وشاملة بين الاتحاد الأوروبي ومصر»، موضحاً أنها «تتضمن قروضاً بقيمة 5 مليارات يورو، واستثمارات بقيمة 1.8 مليار يورو، و400 مليون يورو من المساعدات لمشروعات ثنائية، و200 مليون يورو؛ لدعم برامج تعالج قضايا الهجرة». وأضاف أن «مصر بلد مهم بالنسبة لأوروبا اليوم، وفي المستقبل»، مشيراً إلى «موقع البلد العربي المهم وسط جيرة صعبة بين ليبيا والسودان وقطاع غزة».

وتواجه مصر أزمة اقتصادية ضاغطة، في ظل تراجع سعر صرف الجنيه، ونقص العملة الأجنبية، وأعلن «البنك المركزي» المصري، في 6 مارس (آذار) الحالي، تحرير سعر الصرف الجنيه، والسماح بتحديده وفقاً لآليات السوق، لتنخفض قيمة العملة المحلية إلى ما يقل قليلاً عن 50 جنيهاً للدولار، بعدما كانت مستقرّة عند حدود 30.85 جنيه للدولار.

وتزامنا ًمع «التعويم»، توصّلت الحكومة المصرية لاتفاق مع صندوق النقد الدولي على زيادة قيمة القرض إلى 8 مليارات دولار بدلاً من 3 مليارات دولار في السابق. إضافة إلى تأكيدها السعي للحصول على 1.2 مليار دولار من صندوق الاستدامة البيئية التابع لصندوق النقد لصالح البلدان الضعيفة ذات الدخل المنخفض أو المتوسط.

وكان الرئيس المصري، قال الأسبوع الماضي، إنه «تم حالياً توفير مبلغ يتراوح بين 45 و50 مليار دولار، من خلال مشروع رأس الحكمة، والاتفاق مع صندوق النقد الدولي، والاتحاد الأوروبي، إلى جانب موارد أخرى».

وأكد الخبير بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور معتز سلامة، «أهمية الشراكة الاستراتيجية بين مصر وأوروبا». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «ترفيع العلاقات إلى مستوى (الشراكة الاستراتيجية) يأتي في وقت تواجه فيه مصر تحديات سياسية واقتصادية عدة، لذلك فإن الدعم الأوروبي مطلوب لمساعدة القاهرة على مواجهة الأزمة الاقتصادية الحالية».

واتفق معه مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير جمال بيومي، الذي أكد لـ«الشرق الأوسط»، «أهمية ترفيع العلاقات إلى مستوى (الشراكة الاستراتيجية)؛ لأن هذا يعني مشاركة الخطط والطموحات والأفكار المستقبلية، إلى جانب كونه يتضمن حزمة مساعدات كبيرة لمصر».

وأوضح أن «أوروبا أكبر جهة تقدم مساعدات إلى مصر، كما أن ما يأتي من أوروبا يكون في صورة منح وليس في صورة قروض، إضافة إلى أنه حتى القروض التي تقدمها بعض دول أوروبا، فهناك إمكانية لمبادلة الديون بمشروعات استثمارية». وقال: «في ظل الأحداث الأخيرة، ودور مصر في وباء (كورونا)، والأزمة الأوكرانية، وأزمات المنطقة، برز دور القاهرة بصفتها فاعلاً أساسياً لحفظ الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة».

وتحيط بمصر أزمات سياسية وأمنية، ففي الجنوب تشتعل حرب بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» منذ أبريل (نيسان) الماضي، بينما تشهد ليبيا أوضاعاً غير مستقرة، وتشتعل حرب في غزة منذ ما يزيد على 5 أشهر، صاحبها توترات في البحر الأحمر أثرت في حركة التجارة الدولية، وتسببت في تراجع عائدات قناة السويس المصرية بنسبة تصل إلى 50 في المائة، وفق تصريحات رسمية.

وقال سلامة: «هناك كثير من القضايا والملفات في الحوار الاستراتيجي المصري - الأوروبي من بينها قضية اللاجئين»، موضحاً أن «القاهرة تستضيف 9 ملايين لاجئ ومهاجر، وتلعب دوراً مهماً في مكافحة الهجرة غير الشرعية، ما يعني تجنيب أوروبا كثيراً من المشكلات».

ويعد السلام في الشرق الأوسط «أحد الملفات المهمة في التعاون المصري - الأوروبي»، بحسب سلامة، الذي أشار إلى أن «هناك مواقف لبعض الدول الأوروبية يمكن البناء عليها وإن لم تختلف مواقف الاتحاد كثيراً عن الموقف الأميركي، لكن لا يزال ممكناً الحصول على دعم دوله للمَطالب العربية».

ولفت سلامة إلى التوترات الحالية في البحر الأحمر، وتأثيرها في حركة التجارة العالمية. وقال: «هذا من بين الملفات المهمة في الحوار مع أوروبا، لا سيما أن الاتحاد شكّل أخيراً قوة لحماية الملاحة في البحر الأحمر».

وتستضيف مصر نحو 9 ملايين مهاجر ولاجئ، من بينهم 4 ملايين سوداني و1.5 مليون سوري، بحسب «المنظمة الدولية للهجرة»، التابعة للأمم المتحدة. ويعد وسط البحر الأبيض المتوسط طريق الهجرة الأكثر خطورة، إذ قضى أو فُقد فيه نحو 2500 شخص في 2023.


مقالات ذات صلة

نقاشات سعودية - أوروبية تتناول جهود حل النزاعات الإقليمية والدولية

الخليج وزير الدولة السعودي خلال اجتماعه مع أعضاء اللجنة السياسية والأمنية والممثل الخاص للاتحاد الأوروبي (واس)

نقاشات سعودية - أوروبية تتناول جهود حل النزاعات الإقليمية والدولية

شهدت العاصمة الرياض، الأحد، مناقشات سعودية - أوروبية تناولت جهود الجانبين في حل النزاعات الإقليمية والدولية وأوجه التعاون والتنسيق المشترك في العديد من المجالات

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شمال افريقيا من لقاء سابق بين الرئيسين الفرنسي والجزائري (الرئاسة الفرنسية)

لائحة الخلافات بين الجزائر وفرنسا في اتساع متزايد

يقول صنصال إن «أجزاء كبيرة من غرب الجزائر تعود إلى المغرب»، وإن قادة الاستعمار الفرنسي «كانوا سبباً في اقتطاعها، مرتكبين بذلك حماقة».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
الخليج م. وليد الخريجي وفروخ شريفزاده يترأسان الجولة الثالثة من المشاورات السياسية بين السعودية وطاجيكستان في الرياض (واس)

مشاورات سعودية - طاجيكية تناقش تعزيز التعاون في شتى المجالات

بحثت جولة المباحثات الثالثة من المشاورات السياسية بين وزارتي الخارجية السعودية والطاجيكستانية، الأربعاء، تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيزها.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج م. وليد الخريجي ترأس الجانب السعودي في الجولة الثانية من المشاورات السياسية مع «الخارجية الصينية» (واس)

مشاورات سعودية – صينية تعزز التنسيق المشترك

بحثت الجولة الثانية من المشاورات السياسية بين وزارتي الخارجية السعودية والصينية في الرياض، الاثنين، تطوير العلاقات الثنائية، وأهمية تعزيز التنسيق المشترك.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شمال افريقيا أعلام الجزائر ترفرف في أحد شوارع العاصمة (رويترز)

الخلافات السياسية تعرقل صادرات القمح الفرنسي إلى الجزائر

كانت الجزائر تستورد ما بين مليونين و6 ملايين طن قمح فرنسي سنوياً؛ مما جعلها من أكبر زبائن فرنسا. غير أن الكميات المستوردة انخفضت بشكل لافت في السنوات الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

الدبيبة يسعى لاستعادة «أكبر مزرعة» ليبية في غينيا

وفد حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة في غينيا (محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار)
وفد حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة في غينيا (محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار)
TT

الدبيبة يسعى لاستعادة «أكبر مزرعة» ليبية في غينيا

وفد حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة في غينيا (محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار)
وفد حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة في غينيا (محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار)

تسعى حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة في ليبيا، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، إلى استعادة ملكية مزرعة موالح كبرى من دولة غينيا، توصف بأنها «الأكبر في غرب أفريقيا».

المزرعة التي تبلغ مساحتها 2150 هكتاراً، وفق بيانات «محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار»، مخصصة لزراعة المانجو والأناناس، وملحق بها مصنع للعصائر وسبع بحيرات. وتعد المزرعة المستهدفة من بين الأصول الليبية، التي تديرها «محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار»، وهي عبارة عن صندوق استثماري ليبي، وتتوزع في أكثر من 430 شركة، و200 عقار في كل من أفريقيا وأوروبا وأميركا الشمالية.

وأجرى وفد رفيع من حكومة «الوحدة»، برئاسة وزير الشباب فتح الله الزني، الذي وصل غينيا مساء (الاثنين)، مباحثات مع مسؤوليها حول كيفية استرجاع المزرعة لليبيا.

وتأتي زيارة وفد الحكومة في طرابلس، عقب جدل وشكوك بشأن انتحال الغيني أمادو لامين سانو صفة «وزير ومستشار خاص لرئيس جمهورية غينيا بيساو»، خلال لقائه مسؤولين في حكومة أسامة حماد، المكلفة من مجلس النواب.

وكانت غينيا قد صادرت المزرعة الليبية عام 2020 بموجب مرسوم رئاسي أصدره الرئيس الغيني السابق، إلا أن المحكمة العليا الغينية قضت مؤخراً بإبطال ذلك المرسوم، ومن ثم إعادتها إلى ليبيا.

وفد حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة إلى غينيا (محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار)

وضم الوفد الذي ترأسه الزني، بصفته مبعوثاً للدبيبة إلى غينيا، أيضاً مصطفى أبو فناس، رئيس مجلس إدارة «محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار»، وعضو مجلس إدارة المحفظة خليفة الشيباني، والمدير العام لـلشركة الليبية للاستثمارات الأفريقية (لايكو)، محمد محجوب.

واستقبل الوفد الليبي وزير الشباب الغيني فرنسواه بوقولا، بالإضافة إلى عدد من المسؤولين الغينيين. وشارك في اللقاء القائمون بأعمال سفارتي البلدين.

ورأت «محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار» أن هذه الزيارة «خطوة تمثل تطوراً مهماً في سياسة حكومة (الوحدة) لاستعادة وتسوية الملفات العالقة، المتعلقة بالاستثمارات الليبية في القارة الأفريقية، كما تعكس حرص مجلس إدارة (محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار) على استعادة جميع ممتلكات المحفظة».

فيما يرى ليبيون أن الانقسام السياسي الليبي أثر على متابعة الأصول الخارجية المملوكة للبلاد.

وكانت أفريقيا الوسطى قد أقدمت على عرض أحد الفنادق الليبية في مزاد علني، ما أعاد السؤال حول مصير الأصول المجمدة بالخارج، التي تديرها «المؤسسة الليبية للاستثمار»، وكيفية الحفاظ عليها من الضياع.

وسبق أن قضت محكمة في عاصمة أفريقيا الوسطى بانغي ببيع أملاك للدولة الليبية في المزاد العلني، وهي: «فندق فخم»، قدرت قيمته بـ45 مليون يورو، وعمارتان تضمان شققاً بـ80 مليون يورو، بالإضافة إلى قطعة أرض قدرت قيمتها بـ6 ملايين يورو، وخاطبت المحكمة النائب العام ووزير العدل بأفريقيا الوسطى لعقد المزاد العلني. وقالت «الشركة الليبية للاستثمارات الأفريقية» إن الدولة الليبية حصلت على هذه العقارات مقابل قروض منحتها للدولة الأفريقية، بموجب اتفاقية موقعة بين البلدين عام 2007؛ لحماية وتشجيع الاستثمار.

وفي مايو (أيار) 2023 قالت «محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار» إنها نجحت في رفع الحجز عن فندق «ليدجر بلازا بانغي»، وهو من فئة 5 نجوم ومملوك لليبيا في عاصمة أفريقيا الوسطى بانغي.

وتُعنى «لايكو» بإدارة الفنادق والمنتجعات المملوكة للشركة الليبية للاستثمارات الأفريقية، والتي تعمل تحت مظلة «محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار»، والمؤسسة الليبية للاستثمار المعروفة بـ«الصندوق السيادي الليبي». وتضم «لايكو» مجموعة من 11 منشأة، بها أكثر من 2200 غرفة من فئة 4 إلى 5 نجوم، وتطل على المحيط الهندي والبحر الأبيض المتوسط.

وسبق أن ناقش النائب بالمجلس الرئاسي عبد الله اللافي مع رئيس جمهورية أفريقيا الوسطى، فوستين تواديرا، خلال لقائهما في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، ملف الاستثمارات الليبية وكيفية حمايتها.

عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة (الوحدة)

وكانت الأموال الليبية المجمدة في الخارج تُقدر بقرابة 200 مليار دولار، وهي عبارة عن استثمارات في شركات أجنبية، وأرصدة وودائع وأسهم وسندات، تم تجميدها بقرار من مجلس الأمن الدولي في مارس (آذار) عام 2011، لكن الأرصدة النقدية تناقصت على مدار السنوات الماضية إلى 67 مليار دولار، وفق فائز السراج، رئيس حكومة «الوفاق الوطني» السابقة.