مصر: مطالب برلمانية بإخضاع سائقي «النقل الذكي» لاختبارات نفسية

بعد وفاة «فتاة الشروق»

مطالب برلمانية بـ«إخضاع سائقي شركات النقل الذكي لاختبارات نفسية وصحية» (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب برلمانية بـ«إخضاع سائقي شركات النقل الذكي لاختبارات نفسية وصحية» (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: مطالب برلمانية بإخضاع سائقي «النقل الذكي» لاختبارات نفسية

مطالب برلمانية بـ«إخضاع سائقي شركات النقل الذكي لاختبارات نفسية وصحية» (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب برلمانية بـ«إخضاع سائقي شركات النقل الذكي لاختبارات نفسية وصحية» (تصوير: عبد الفتاح فرج)

بينما شغلت وفاة حبيبة الشماع (24 عاماً)، المعروفة بـ«فتاة الشروق»، المصريين خلال الساعات الماضية، عقب وفاتها مساء الخميس، ثم تشييع جثمانها الجمعة، دخل مجلس النواب المصري (البرلمان) على خط الواقعة، متفاعلاً مع أحاديث المصريين، حيث تقدم عدد من النواب بطلبات إحاطة وبيانات عاجلة بشأن الواقعة، مطالبين بـ«إخضاع سائقي شركات النقل الذكي لاختبارات نفسية وصحية».

كانت حادثة حبيبة قد شغلت الرأي العام المصري بعد أن قفزت من سيارة أجرة تابعة لإحدى التطبيقات الذكية تسير بسرعة، وتعرضت لإصابات خطيرة سقطت على أثرها في غيبوبة لمدة 21 يوماً، وكانت آخر إفادة قالتها لمن حاول إنقاذها إن «السائق كان يحاول اختطافها»، وفقاً لكلام والدتها في تصريحات متلفزة.

وبينما فتح الحادث ملف اشتراطات السلامة والأمان في تطبيقات النقل الذكي، تقدمت عضو مجلس النواب المصري، النائبة أسماء الجمال، ببيان عاجل إلى رئيس مجلس النواب المصري، حنفي جبالي، موجهاً إلى وزارة الاتصالات والجهات المعنية، بشأن فتح ملفات شركات النقل الذكي، وإخضاع العاملين كسائقين لاختبارات نفسية وتحاليل المخدرات، ومراجعة ملفاتهم الجنائية.

وأدانت النائبة بعض شركات النقل الذكي لعدم الالتزام بقرارات رئيس مجلس الوزراء في عام 2019 بشأن التزام هذه الشركات بالقواعد والإجراءات الآمنة لحماية الركاب والمواطنين، وذلك من خلال التحري جنائياً عن السائقين وإجراء تحاليل المواد المخدرة بشكل دوري كل ثلاثة أشهر، وفي حال عدم التزام الشركة يتم سحب الرخصة منها، كما طالبت الحكومة المصرية بمراجعة ملفات التحاليل الدورية للمخدرات لجميع سائقي شركات النقل الذكي.

واهتمت وسائل الإعلام المصرية بحادث «فتاة الشروق» على مدار الأسابيع الماضية، وقدمت والدة حبيبة، في مداخلة متلفزة أخرى، الشكر للرئيس عبد الفتاح السيسي، وقالت إنه اتصل شخصياً ليطمئن على حبيبة، وأكد للأسرة استعداد الدولة المصرية لمساعدتها في أي شيء، حتى إذا استدعى الأمر سفرها للعلاج بالخارج.

حبيبة الشماع (صورة متداولة على «إكس»)

كانت عضو مجلس النواب، النائبة أمل سلامة، قد تقدمت بطلب إحاطة عاجل إلى رئيس مجلس النواب، موجهاً إلى رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، بشأن «تشديد الإجراءات والقواعد اللازمة لتشغيل السائقين في تطبيقات وسائل النقل الذكي العاملة في مصر»، وقالت إن «بعض وسائل النقل الذكي لم تعد آمنة، بعد تكرار الاتهامات بالتحرش ومحاولة الاختطاف، رغم أنها تعد إحدى وسائل النقل الرئيسية». كما طالبت بـ«ضرورة إتاحة المعلومات الخاصة بالعاملين لديها لجهات الأمن لممارسة اختصاصها وفقاً للقانون»، مشددة على «ضرورة التزام الشركات المرخص لها بأداء الخدمة بتأمين قواعد البيانات والمعلومات بما يحافظ على سريتها وعدم استغلال بيانات المواطنين».

كانت النيابة المصرية قد نسبت إلى المتهم تهمتي الشروع في القتل والخطف لـ«فتاة الشروق»، ومن المقرر إعادة استجوابه من جديد بناءً على طلب دفاع أسرتها لتعديل القيد والوصف بالقضية ليكون قتلاً وخطفاً.

ويرى عضو لجنة «السياحة والآثار» بمجلس النواب، النائب بهاء أبو الحمد، التحركات البرلمانية الأخيرة بشأن واقعة «فتاة الشروق»، «تأتي كرد فعل سريع لإقرار ضوابط صارمة لشركات النقل الجماعي»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «لو ترك الأمر من دون ضوابط سوف يتفاقم ويتجدد بتكرار واقعة فتاة الشروق مستقبلاً، خصوصاً أن هناك سائحين يعتمدون في تحركاتهم على وسائل النقل الذكي في مصر، وعدم وجود ضوابط للنقل الذكي يؤدي إلى حالة من القلق لكل من يستقلها».

أبو الحمد أوضح: «سبق أن طالبت في وقت سابق داخل مجلس النواب بأهمية وجود ضوابط للشركات الجماعية لنقل الركاب، التي لا رقابة عليها أو ضوابط».

من جانبها، قالت الخبيرة النفسية والأسرية في مصر، داليا الحزاوي، إنه «لضمان سلامة المتعاملين مع النقل الذكي، لا بد أن يخضع السائقون لاختبارات دورية لتعاطي المخدرات، وكذلك فحص الحالة الجنائية لهم بشكل دوري، والاهتمام كذلك بفحص الجانب النفسي لمعرفة إذا كانوا يعانون من مشكلات نفسية وذوي سمعة طيبة».

وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أنه «مع النظر إلى الحوادث المرورية المختلفة، نجد أن أغلبها يعود للعنصر البشري، الذي لا يلتزم بآداب وقواعد المرور أو يكون تحت تأثير تعاطي المخدرات، لذا فتطبيق العقاب الرادع للمتسبب في الحوادث سيكون ضماناً لسلامة المتعاملين مع شركات النقل الذكي مستقبلاً».


مقالات ذات صلة

مصريون يتذكرون أعمال «الساحر» محمود عبد العزيز في ذكرى رحيله الثامنة

يوميات الشرق الفنان المصري محمود عبد العزيز (فيسبوك)

مصريون يتذكرون أعمال «الساحر» محمود عبد العزيز في ذكرى رحيله الثامنة

مع حلول الذكرى الثامنة لرحيل الفنان المصري محمود عبد العزيز الشهير بـ«الساحر»، احتفل محبوه على «السوشيال ميديا»، الثلاثاء، بتداول مشاهد من أعماله الفنية.

رشا أحمد (القاهرة )
المشرق العربي مركبة عسكرية إسرائيلية تعمل أثناء مداهمة إسرائيلية في طوباس بالضفة الغربية المحتلة 9 نوفمبر 2024 (رويترز)

مصر تدين تصريحات سموتريتش: إصرار إسرائيلي على تبني سياسة الغطرسة

أدانت مصر بـ«أشد العبارات التصريحات المتطرفة لبتسلئيل سموتريتش الداعية إلى فرض السيادة الإسرائيلية والتوسع الاستيطاني في الضفة الغربية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا أحد الأبنية في منطقة وسط القاهرة (هيئة تنشيط السياحة المصرية)

تغييرات مرتقبة في قانون «الإيجار القديم» تُربك مصريين

جدل واسع في مصر عقب حكم المحكمة الدستورية بشأن قانون الإيجار القديم، والذي يدرس البرلمان العمل على تعديله.

محمد عجم (القاهرة)
شمال افريقيا «الدستورية العليا» بمصر قضت ببطلان مادتين في قانون «الإيجار القديم» (صندوق التنمية الحضارية)

«النواب المصري» لتفعيل حكم «الدستورية» بشأن «الإيجار القديم»

يستعد مجلس النواب المصري (البرلمان) لتفعيل حكم المحكمة «الدستورية العليا» بشأن الشقق المؤجرة بموجب قانون «الإيجار القديم».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق الزوجان المؤسّسان للفرقة (الشرق الأوسط)

«حافظ وبستان» تراهن على الأغاني الإنسانية والشعر العباسي

حقّقت فِرَق «الأندرغراوند» انتشاراً كبيراً في مصر خلال العقد الماضي؛ حيث تُقام حفلات مستمرة للفِرق المستقلة بدار الأوبرا والمراكز الثقافية المحلية والأجنبية.

نادية عبد الحليم (القاهرة)

السودان: معارك الفاشر مستمرة... وطرفا الحرب يزعمان التفوق

مدينة الفاشر السودانية تعاني وضعاً إنسانياً متدهوراً (أ.ب)
مدينة الفاشر السودانية تعاني وضعاً إنسانياً متدهوراً (أ.ب)
TT

السودان: معارك الفاشر مستمرة... وطرفا الحرب يزعمان التفوق

مدينة الفاشر السودانية تعاني وضعاً إنسانياً متدهوراً (أ.ب)
مدينة الفاشر السودانية تعاني وضعاً إنسانياً متدهوراً (أ.ب)

تضاربت الأنباء حول المعارك المستمرة في مدينة الفاشر الاستراتيجية بولاية شمال دارفور بالسودان، في ظل مزاعم طرفي الحرب بالتفوق، وفي حين تحدثت منصات تابعة لـ«قوات الدعم السريع» عن تحقيق تقدم كبير والاستيلاء على أحياء في المدينة، ينفي مسؤولون بالجيش السوداني والقوات المتحالفة معه الأمر، ويقولون إنهم يتصدون لهجمات «المتمردين» ويلحقون بهم «خسائر فادحة».

وحاضرة ولاية شمال دارفور، الفاشر، هي المدينة الكبيرة الوحيدة من إقليم دارفور المتبقية تحت سيطرة القوات المسلحة السودانية والقوات الحليفة لها، وذلك بعدما سيطرت «الدعم السريع» منذ أشهر على المدن والفرق العسكرية التابعة للجيش في ولايات الإقليم الأربع (غرب، جنوب، وسط، شرق دارفور).

ومنذ أبريل (نيسان) 2023، يخوض الجيش السوداني و«الدعم السريع» حرباً واسعةً بدأت في الخرطوم، وامتدت لتشمل أنحاء البلاد كافة تقريباً، ما تسبب في موجة نزوح غير مسبوقة، وفجّر أزمة إنسانية وتفشياً للأمراض والجوع.

وتقاتل «الدعم» بقوة للاستيلاء على الفاشر التي تعني السيطرة على دارفور، الذي تحده أربع دول غرباً وجنوباً هي: ليبيا، وتشاد، وأفريقيا الوسطى، وجنوب السودان، وولايات كردفان والشمالية من جهة الشرق والشمال.

«الدعم» يفرض حصاراً

وقال شاهد عيان لـ«الشرق الأوسط» إن «قوات الدعم السريع» حققت «اختراقات كبيرة» على حساب الجيش وحلفائه في القوات المشتركة، يوم الجمعة الماضي، وإنها «دخلت إلى سوق المدينة الكبير، وواصلت قصف تمركزات القوات المدافعة وقيادة الفرقة السادسة (التابعة للجيش)، مع اشتباكات متفرقة وعمليات كر وفر لاختراق الدفاعات».

وأكد الشاهد أن «(الدعم السريع) لا تزال تتمركز في المحور الشرقي للمدينة وأطراف سوق المدينة الكبير الشرقية، وتنتشر بكثافة في أحياء الجبل، والمصانع، والصفا، والجامعة، وحجر قد، القريبة من مقر قيادة الفرقة السادسة التابعة للجيش».

وقال شاهد آخر قريب من القتال إن القوات المهاجمة فرضت حصاراً مشدداً على المدينة، ولم تترك سوى منفذ خروج واحد باتجاه معسكر «زمزم للنازحين»، وتابع: «أعداد كبيرة من المستنفرين خرجوا عبره، ومن يخرج لا مجال لعودته».

سوق مدمرة في مدينة الفاشر عاصمة ولاية دارفور جراء المعارك (أرشيفية - أ.ف.ب)

وأشار الشاهد إلى تفشي حالة من عدم الثقة بين «المستنفرين والقوات المشتركة، وبين القوات المشتركة نفسها، وبين المستنفرين وقيادة الفرقة السادسة»، وسط تبادل لاتهامات «الخيانة» وعدم عدالة توزيع الإمداد العسكري والمؤن والأموال.

«الجيش يدافع»

لكن الناطق الرسمي باسم قوات «حركة العدل والمساواة السودانية» الحليفة للجيش، العميد حامد حجر، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «التمرد (يقصد الدعم السريع) يعتبر الفاشر هدفاً سياسياً مُهماً، لذلك يسعى بإصرار للاستيلاء عليها لتنفيذ مخططه في تقسيم السودان على غرار النموذج الليبي أو اليمني»، وأضاف: «قواتنا أفشلت مخططه (أي الدعم) وحلفائه الإقليميين للاستيلاء على المنطقة الغنية بثرواتها الزراعية والمعدنية والبشرية».

ووفقاً لحجر، فإن «الجيش والقوات المشتركة ظلا يدافعان عن الفاشر بشراسة، وخاضا أكثر من 151 معركة مع قوات (التمرد) منذ اندلاع الحرب، أفلحت في الحيلولة دون بسط سيطرته على المدينة».

وتكونت «القوات المشتركة» من حركات مسلحة وقعت اتفاق جوبا لسلام السودان، وأبرزها «حركة تحرير السودان» بقيادة مني أركو مناوي، و«حركة العدل والمساواة السودانية» بقيادة جبريل إبراهيم، التي التزمت الحياد طويلاً، قبل أن تقرر الانحياز للقتال مع الجيش في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وتفرض «قوات الدعم السريع» منذ أبريل (نيسان) الماضي حصاراً محكماً على الفاشر من الجهات كافة، وعادة فإن قيادة الجيش في بورتسودان تلجأ لعمليات «الإسقاط الجوي» لتزويد القوات المحاصرة بالذخائر والمؤن والأسلحة.

وأدى الحصار الطويل والقتال المستمر والقصف المدفعي المتبادل لأزمة إنسانية كبيرة، واضطر مئات الآلاف للنزوح من المدينة المقدر عدد سكانها بنحو 1.8 مليون، ومعظمهم نازحون سابقون من حرب دارفور الأولى 2003.

تسبب اندلاع القتال في الفاشر في نزوح مئات الآلاف إلى المحليات الآمنة شمال الولاية (أ.ف.ب)

ووفقاً لحجر، فإن «قوةً كبيرةً جداً تدافع عن الفاشر، تتكون من الفرقة السادسة التابعة للجيش، والقوات التي انسحبت من مدن زالنجي، والجنينة، والضعين، ونيالا، إضافة للقوات المشتركة وآلاف المستنفرين»، ويضيف: «هذه القوة الكبيرة صعبت مهمة التمرد، وأفشلت استيلاءه على الفاشر، في أكثر من 151 معركة معه».

وقلل حجر من هجمات «قوات الدعم السريع»، ووصفها بـ«محاولات اقتحام يائسة»، وتابع: «تكتيكات دفاعنا تقوم على فتح ممرات تكتيكية للقوات المهاجمة، خصوصاً من الطريق المار قرب السوق الكبير إلى المناطق الشرقية، حيث حواضنهم الاجتماعية، واستدراجهم إلى مناطق يتم كسر هجومهم فيها».

وفي المحور الجنوبي، قال حجر إن «الجنجويد (تسمية يطلقها مناوئو الدعم عليها) تسللوا، الثلاثاء، من الجهة الجنوبية بحشود كبيرة، ودارت معركة كبيرة استطاعت قواته صد القوات المهاجمة، وكبدتها خسائر فادحة في العتاد والأفراد»، وأضاف: «تكتيكات (الجنجويد) تتمثل في التسلل عبر الأحياء المدنية، وقصف الأعيان المدنية ومنازل المواطنين».