حفتر يلوّح باستخدام القوة ضد من «يعبث» بمصير ليبيا

أكد أن السلام «سيظل بعيد المنال إذا لم تغادر جميع القوات الأجنبية والمرتزقة»

حفتر مع عدد من قادة الجيش خلال المشروع التعبوي الذي أجراه «الجيش الوطني» جنوب سرت (القيادة العامة)
حفتر مع عدد من قادة الجيش خلال المشروع التعبوي الذي أجراه «الجيش الوطني» جنوب سرت (القيادة العامة)
TT

حفتر يلوّح باستخدام القوة ضد من «يعبث» بمصير ليبيا

حفتر مع عدد من قادة الجيش خلال المشروع التعبوي الذي أجراه «الجيش الوطني» جنوب سرت (القيادة العامة)
حفتر مع عدد من قادة الجيش خلال المشروع التعبوي الذي أجراه «الجيش الوطني» جنوب سرت (القيادة العامة)

حذر القائد العام لـ«الجيش الوطني» الليبي، المشير خليفة حفتر، ممن أسماهم بـ«معرقلي» المسار السياسي في البلاد، وقال إن هذا المسار «أُعطي من الفرص أكثر مما ينبغي»، ملوحاً باستخدام القوة ضد من يعبث بمصير ليبيا.

ونفذ «الجيش الوطني» في جنوب مدينة سرت (وسط) مناورات عسكرية ضمن المشروع التعبوي «درع الكرامة» 2024، بحضور حفتر، الذي تحدث عن التحديات التي واجهت الجيش، وتطرق إلى ملف «المرتزقة» والمقاتلين الأجانب، والعملية السياسية في ليبيا.

ورأى حفتر، الذي أحيط بقيادات رفيعة من الجيش، مساء (الخميس)، أن «سلامة ليبيا مرهونة بتحقيق انفراجة في المسار السياسي»، الذي قال إن «بعض الأطراف المنخرطة فيه تتعمد اختلاق العراقيل، والحجج الواهية ليظل مسدوداً، ويستمر الوضع على ما هو عليه حفاظاً على مكاسبهم الخاصة».

حفتر يتابع المشروع التعبوي الذي أجراه «الجيش الوطني» جنوب سرت (القيادة العامة)

ولم يسمّ حفتر هذه الأطراف، لكنه قال إن المسار السياسي «أُعطي من الفرص أكثر مما ينبغي دون أن تظهر في الأفق أي ملامح لحلول توافقية، تنتهي بتسوية سلمية عادلة، وتدفع باتجاه تحقيق الاستقرار السياسي»، متوعداً المعرقلين بأنهم «لن يفلحوا، ومجال منح الفرص أصبح ضيقاً، والصبر صار على حافة النفاد، ولذلك عليهم أن يعيدوا النظر في حساباتهم، قبل أن تفاجئهم الأحداث بما لا يشتهون أو يتوقعون».

* طمأنة وتحذير

ووجه حفتر حديثه إلى الليبيين، قائلاً: «نؤكد لكم حقيقة ليست غائبة، ولا يستطيع مُفتٍ أن يشوهها، وهي أن الجيش هو جيش الشعب الليبي بكامله، لا يفرق بين مدينة وأخرى أو قبيلة وأخرى»، مشدداً على أن الجيش «سيبقى دائماً منحازاً لإرادة الشعب، ورهن إشارته، ومستعداً في كل الأوقات لاتخاذ ما يلزم من تدابير، دون إذن من أحد لضمان سلامة الوطن وحفظ استقرار البلاد».

كما أوضح حفتر أن «الجيش الليبي الذي تعرض لخطر الفناء استعاد الحياة من جديد... ونحن جاهزون، ولن نتردد في إصدار القرارات الجريئة والأوامر للتصدي لكل ما من شأنه أن يعبث بمصير البلاد، أو يعرض سلامة الوطن للخطر».

جانب من المشروع التعبوي لـ«الجيش الوطني» (القيادة العامة)

ورداً على أحاديث غير رسمية تساءلت عن أسباب تحركات أرتال الجيش من الشرق إلى وسط البلاد، قال حفتر إن التدريبات العسكرية التعبوية الحالية تأتي في إطار «استكمال الاستعدادات الدفاعية، واستعداداً لأي طارئ يهدد أمن واستقرار ليبيا من الداخل والخارج».

خروج القوات الأجنبية

خلال حديثه عن القوات الأجنبية و«المرتزقة»، أوضح حفتر أن «السلام في ليبيا سيظل بعيد المنال ما لم تغادر جميع القوات الأجنبية والمرتزقة أراضينا دون مماطلة أو شروط»، موجهاً حديثه إلى العالم، قائلاً: «إذا كان حريصاً على السلام في ليبيا، فإن من واجباته وضع هذه المطالب المشروعة في مقدمة أولوياته، وفرضها بكل الوسائل قبل أن تتطور الأحداث والتداعيات إلى ما يزعزع الاستقرار في المنطقة بأسرها».

ولم يشر حفتر في حديثه إلى الاجتماع الثلاثي الذي احتضنته جامعة الدول العربية، مؤخراً، والذي ضم رؤساء مجالس الرئاسي محمد المنفي، والنواب عقيلة صالح، والأعلى للدولة محمد تكالة، كما لم يأت على ذكر اسم عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة. لكن سياسيين ومحللين رأوا أن حفتر استهدف توجيه رسائل عدة إلى الأخير.

من جهة ثانية، وسعياً لكسر الجمود السياسي في ليبيا، وسّع الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، عبد الله باتيلي، من لقاءاته بسياسيين وأكاديميين.

وفي زيارة إلى مدينة بني وليد (شمال غربي ليبيا)، اجتمع المبعوث الأممي، أمس (الخميس)، بأعضاء المجلس البلدي للمدينة، والمجلس الاجتماعي لقبائل ورفلة، بالإضافة إلى أكاديميين من جامعة بني وليد، وأعضاء في المجلس الأعلى للدولة، وممثلين عن النساء والشباب.

باتيلي ملتقياً أعضاء من المجلس الأعلى للدولة في ليبيا (البعثة الأممية)

وقال باتيلي عبر حسابه على منصة «إكس»، اليوم (الجمعة): «أبديت تفهمي للمخاوف التي تم التعبير عنها بشأن استمرار الشعور بالتهميش والإقصاء، والجراح الناجمة عن ذلك، والمظالم التي لم تتم معالجتها بما في ذلك قضية السجناء السياسيين»، مشدداً على أن «المصالحة الوطنية جزء لا يتجزأ من أي عملية سياسية ناجحة»، وعلى ضرورة أن «تتمحور حول الضحايا، وترتكز على الحقوق وفقاً لآليات سليمة للعدالة الانتقالية».

وكان باتيلي التقى بمجموعة من أعضاء المجلس الأعلى للدولة بناء على طلبهم. وقال إنهم عبروا عن آرائهم «بشأن ضرورة إعادة النظر في القوانين الانتخابية كما نشرها مجلس النواب»، مضيفاً: «شددت مجدداً على ضرورة اتفاق الأطراف الليبية الرئيسية على تسوية مستدامة بشأن القوانين الانتخابية تشكل أساساً لتشكيل (حكومة موحدة)، تقود البلاد إلى انتخابات طال انتظارها من قبل الشعب الليبي الذي يرنو إلى مؤسسات شرعية».

باتيلي يلتقي قيادات سياسية واجتماعية في بني وليد (البعثة الأممية إلى ليبيا)

من جهة ثانية، تعرضت سيارتان تابعتان للبعثة الأممية لحادث سير في طرابلس مع سيارات أخرى، بعد عودة باتيلي من زيارة بني وليد. ونفت البعثة وقوع أي إصابات بين موظفي المنظمة الدولية في حادث السير.


مقالات ذات صلة

ليبيا: عمليات إجلاء وتحذيرات رسمية للمواطنين من سيول محتملة

شمال افريقيا تصريف مياه الأمطار في العاصمة طرابلس (وكالة الأنباء الليبية)

ليبيا: عمليات إجلاء وتحذيرات رسمية للمواطنين من سيول محتملة

تشهد عدة مناطق في ليبيا أوضاعاً جوية صعبة نتيجة الأمطار الغزيرة، في ظاهرة غير مسبوقة منذ سنوات، ضربت مدن الشرق والغرب.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من المظاهرات الشعبية التي شهدتها بعض مدن شرق ليبيا (متداولة)

عودة المظاهرات إلى شرق ليبيا للمطالبة بـ«انتخابات رئاسية فورية»

تجددت في ليبيا الاحتجاجات الشعبية بالمنطقة الشرقية للمطالبة بانتخابات رئاسية فورية، بينما أعلنت بعثة الأمم المتحدة استبعاد مشاركين سابقين في «حوار جنيف».

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا الطرابلسي يستعرض في المؤتمر الصحافي نتائج «البرنامج الوطني» لترحيل المهاجرين غير النظاميين (أ.ف.ب)

هل تُضخِّم «الوحدة» الليبية أرقام «المهاجرين» سعياً للتمويل الأوروبي؟

أعاد وزير الداخلية المكلف بحكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة، عماد الطرابلسي الحديث عن أزمات ملف المهاجرين غير النظاميين في بلاده.

جاكلين زاهر (القاهرة )
شمال افريقيا عرض صباحي في المنطقة العسكرية الساحل الغربي (المكتب الإعلامي للمنطقة)

تصادم أذرع «الوحدة» الليبية يُعيد التوتر المسلّح إلى الزاوية

أدى التصادم المسلح بين تشكيلين في مدينة الزواية غرب ليبيا إلى نشر حالة من الذعر بين المواطنين، الأمر الذي اضطر جهاز الإسعاف والطوارئ إلى تحذير المسافرين.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا النائب العام الليبي الصديق الصور (مكتب النائب العام)

النيابة العامة تحقق في قضية تزوير «أوراق وطنية»

قال مكتب النائب العام الليبي إن التحقيقات انتهت من فحص تسعة قيود عائلية وتبين للمحقق تآمر موظف بمكتب السجل المدني مع تسعة أشخاص غير ليبيين

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

البيت الأبيض يسعى إلى التوسط لعقد قمة بين السيسي ونتنياهو

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (د.ب.أ)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (د.ب.أ)
TT

البيت الأبيض يسعى إلى التوسط لعقد قمة بين السيسي ونتنياهو

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (د.ب.أ)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (د.ب.أ)

قال موقع «أكسيوس» الإخباري، اليوم الأحد، نقلاً عن مصدر أميركي وآخر إسرائيلي، إن البيت الأبيض يسعى إلى التوسط لعقد قمة بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اللذين لم يحدث اتصال بينهما منذ اندلاع الحرب في غزة قبل أكثر من عامين.

لكن قبل ذلك، يقول مسؤولون أميركيون إن نتنياهو يجب أن يوافق أولاً على صفقة غاز استراتيجية بين إسرائيل ومصر، وأن يتخذ خطوات أخرى تشجع السيسي على القبول بعقد لقاء بينهما.

وأكد «أكسيوس» أن الولايات المتحدة تدرس مبادرات مماثلة تركز على تقديم حوافز اقتصادية لدول عربية، من بينها لبنان وسوريا، في مجالات مثل التكنولوجيا والطاقة كي يمكن إقامة علاقات مع إسرائيل.

ويأمل المسؤولون الأميركيون تحقيق ذلك بالتوازي مع جهودهم الرامية إلى تثبيت وقف إطلاق النار في غزة والمضي في مسار السلام.

ونقل الموقع عن المسؤول الأميركي قوله إن جاريد كوشنر مستشار الرئيس الأميركي أبلغ نتنياهو بأن إسرائيل بحاجة إلى «دبلوماسية اقتصادية وإشراك القطاع الخاص في عملية السلام».

وتراجع نتنياهو سابقاً عن حضور قمة السلام الخاصة بغزة في شرم الشيخ في أكتوبر (تشرين الأول)، التي كانت قد جرى تنسيقها بدعم من الرئيس الأميركي دونالد ترمب.


الجزائر: تنديد واسع بتنظيم انفصالي يقيم قادته في فرنسا

السكرتير الأول لحزب «جبهة القوى الاشتراكية» الجزائرية خلال اجتماع في بجاية (إعلام الحزب)
السكرتير الأول لحزب «جبهة القوى الاشتراكية» الجزائرية خلال اجتماع في بجاية (إعلام الحزب)
TT

الجزائر: تنديد واسع بتنظيم انفصالي يقيم قادته في فرنسا

السكرتير الأول لحزب «جبهة القوى الاشتراكية» الجزائرية خلال اجتماع في بجاية (إعلام الحزب)
السكرتير الأول لحزب «جبهة القوى الاشتراكية» الجزائرية خلال اجتماع في بجاية (إعلام الحزب)

أعربت «جبهة القوى الاشتراكية»، أبرز الأحزاب في منطقة القبائل الجزائرية، عن رفضها الكامل لـ«الانحرافات الانفصالية»، في موقف واضح ضد مساعي «حركة الحكم الذاتي» للإعلان عما تسميه «استقلال المنطقة» يوم 14 ديسمبر (كانون الأول) الجاري في فرنسا.

ويتزامن هذا الموقف من أقدم حزب معارض في الجزائر، مع تنديد واسع في وسائل الإعلام الرسمية بالتنظيم المصنف «جماعة إرهابية»، والذي يقوده المطرب الأمازيغي فرحات مهني، الذي يقع تحت طائلة مذكرة توقيف دولية صدرت من الجزائر.

وعقدت قيادة «القوى الاشتراكية»، السبت، في بجاية (250 كيلومتراً شرق العاصمة)، اجتماعاً لمنتخبيها وكوادرها بالمنطقة «في إطار الجهود المستمرة لتعزيز الهيكلة السياسية للحزب، وتأكيد مواقفه من السياق الوطني والدولي بالغ الحساسية»، حسب بيان للأمانة الوطنية للحزب الذي يملك حضوراً واسعاً في ولايات القبائل الثلاث: تيزي وزو وبجاية والبويرة.

 

القيادة الوطنية لحزب «جبهة القوى الاشتراكية» الجزائري (إعلام الحزب)

«معقل الوطنية»

وفي كلمة ألقاها في بداية الاجتماع، أكد السكرتير الأول للحزب يوسف أوشيش، أن بجاية «تشكل أهمية استراتيجية بالنسبة لنا، فهي معقل الوطنية والنضالات الديمقراطية»، مشدداً على «التحديات الكبرى التي يواجهها البلد؛ خصوصاً التوترات الإقليمية ومحاولات التدخل الخارجي، والهشاشة الداخلية المتفاقمة بسبب الإغلاق السياسي، وتدهور الوضع الاجتماعي والاقتصادي الذي يزيد من مخاوف المواطنين». كما أكد «أهمية التوصل إلى حل سياسي، عبر الحوار والانفتاح وبناء الثقة مجدداً بين الدولة والمجتمع»، حسبما جاء في الكلمة التي نشرها أوشيش بحسابه بالإعلام الاجتماعي.

وأبرز زعيم «القوى الاشتراكية» أن لقاء بجاية «أتاح الفرصة لتأكيد موقف الحزب تجاه التطرف ومحاولات الفرقة، سواء من الانحرافات الانفصالية أو الخطابات العنصرية التي يرفعها أنصار الإقصاء والعداء للأمازيغية»؛ مشيراً إلى «التزام الجبهة بالوحدة الوطنية، والدفاع عن الوحدة الترابية للبلاد»، ومستنكراً «بشدة، أي استغلال سياسي يمس التماسك الوطني»، وحذَّر من «الإغلاق السياسي والاستبداد اللذين يغذيان اليأس ويعززان التطرف».

وأوضح أوشيش أن «بناء دولة القانون يتطلب تعبئة جميع القوى الوطنية والديمقراطية، ومشاركة واعية وفعالة من المواطنين»، داعياً إلى «تسريع مراجعة القوانين المنظِّمة للحياة العامة، ولا سيما القانون الانتخابي وقانون الأحزاب، لضمان تمثيل ديمقراطي حقيقي للبلاد»، ومؤكداً «ضرورة إلغاء الملاحقات ضد النشطاء المعارضين».

 

أحد المؤثرين المنشقين عن التنظيم الانفصالي «ماك» (التلفزيون الجزائري الحكومي)

«انشقاقات»

ويتزامن حديث أوشيش، ضمناً، عن الحركة الانفصالية المعروفة اختصاراً بـ«ماك»، مع حملة كبيرة يشنها الإعلام الحكومي على التنظيم الذي توجد قيادته وأهم عناصره في فرنسا. وتبث القنوات التلفزيونية العمومية يومياً ومنذ أسبوع: «اعترافات منشقين عن حركة (ماك)»، نددوا فيها بـ«الجهاز الذي أصبح أداة بين أيدي قوى خارجية معادية للجزائر». وعرض التلفزيون شخصاً قال إنه «أحد الكوادر المؤثرين في (ماك)، انشق عنه في 2016»، والذي أكد أن زعيم التنظيم فرحات مهني «أشرف على تدريب بعض أعضائه عسكرياً في الخارج»، وهاجمه بشدة بذريعة أنه «يروِّج للعنف ويخدم مصالح أجنبية».

ويصف منشقون عن «ماك» -حسب تقرير التلفزيون- وضعه الداخلي بأنه «مُنهَك بسبب تناقضات زعيمه»، وبأنه «يعيش على الدعاية الرقمية وافتعال دعم دولي مزعوم، ومحاولات للتلاعب بالرأي العام». كما يؤكد عدد آخر من المنشقين أنهم «استفادوا من تسهيلات إدارية، ومساعدة من المصالح القنصلية (بفرنسا) للعودة إلى الجزائر». وتحدثوا عن «وعي جماعي متزايد بخطورة المشاريع التدميرية لـ(ماك)»، وأن «كثيراً من أعضائه عازمون على قطع صلتهم بهذه الحركة».

وهاجم التلفزيون العمومي فرحات مهني الذي «بات دمية للصهيونية»، لافتاً إلى أنه «يستعدُّ في 14 ديسمبر، من منفاه الباريسي، لإعلان استقلال دولة بلا شعب، وإنشاء كيان وهمي لا يوجد إلا في الهذيان الشيطاني لعقله الواهن». كما وصفه بأنه «عاجز عن جمع مائة شخص حوله، وقد لجأ إلى أحضان القوة الاستعمارية السابقة، فرنسا، التي مارست سياسة الأرض المحروقة ضد منطقة القبائل، معقل الوطنية الجزائرية والمقاومة ضد الاستعمار الفرنسي. ويحمل زعيم (ماك) في نفسه آثار هذا العدوان الفرنسي؛ إذ سقط والده شهيداً من أجل استقلال الجزائر»، مشيراً إلى أن باريس «تُعدُّ مركزاً لنشاط منظمته الانفصالية».

ويملك التنظيم الانفصالي حضوراً محدوداً في منطقة القبائل التي يقطنها نحو 5 ملايين نسمة. وقد بدأ في التشكُّل عام 2001 على خلفية مقتل شاب عشريني على يد عناصر من الدرك في المنطقة. وحينها وصف وزير الداخلية الراحل يزيد زرهوني الشاب بأنه «منحرف»، ما أثار غضب السكان واندلعت مشادات خلَّفت أكثر من 100 قتيل. وفي جو متوتر، طرح المطرب المعروف فرحات مهني فكرة «إطلاق حكم ذاتي»، وتطور المشروع لاحقاً إلى «استقلال المنطقة» بعد حصوله على اللجوء السياسي في فرنسا.

وبعد تصنيف «ماك» على لائحة الإرهاب، ضمن تعديل قانون العقوبات عام 2021، أصدر القضاء الجزائري مذكرة اعتقال دولية ضد فرحات مهني، بعد إدانته مطلع 2024 بالسجن 20 سنة بناء على تهمة «ارتكاب أعمال إرهابية وتخريبية تهدِّد أمن الدولة والوحدة الوطنية».


ناجون يروون لـ«الشرق الأوسط» مشاهد مروِّعة من جحيم الفاشر

صورة التقطت في 15 نوفمبر الماضي لسودانية بمخيم الطويلة الذي أقيم للنازحين الفارين بعد هجوم «الدعم السريع» (رويترز)
صورة التقطت في 15 نوفمبر الماضي لسودانية بمخيم الطويلة الذي أقيم للنازحين الفارين بعد هجوم «الدعم السريع» (رويترز)
TT

ناجون يروون لـ«الشرق الأوسط» مشاهد مروِّعة من جحيم الفاشر

صورة التقطت في 15 نوفمبر الماضي لسودانية بمخيم الطويلة الذي أقيم للنازحين الفارين بعد هجوم «الدعم السريع» (رويترز)
صورة التقطت في 15 نوفمبر الماضي لسودانية بمخيم الطويلة الذي أقيم للنازحين الفارين بعد هجوم «الدعم السريع» (رويترز)

روى ناجون جانباً من الفظائع التي ارتُكبت في الفاشر عاصمة شمال دارفور، عقب استيلاء «قوات الدعم السريع» عليها في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

«رصاص متطاير»

وقال أحمد جبريل الذي فر مع 7 من أفراد أسرته المقربين ولا يعرف مصيرهم إلى الآن: «نجوت من الموت بأعجوبة... بقينا نركض دون توقف، هرباً من الرصاص المتطاير حولنا». وأضاف: «كان الأمر مروِّعاً جداً، خرجنا في تلك الليلة حفاة بملابس البيت، وفي الطريق تعرضنا لإطلاق نار كثيف من مقاتلي (الدعم السريع)، وبعدها تفرقنا وذهب كل منا في اتجاه».

جبريل هو واحد من 4 ناجين رووا لـ«الشرق الأوسط»، ما رأوه من عمليات قتل لنساء ورجال في أثناء الفرار من الفاشر. وقال: «نزحنا بأعداد كبيرة والرصاص العشوائي فوق رؤوسنا، كثيرون سقطوا قتلى وجرحى». وأضاف أنه رأى عشرات الأشخاص يموتون جوعاً وعطشاً، وآخرين متأثرين بجراحهم الخطيرة في رحلة فرارهم إلى مخيم طويلة للنازحين الذي يبعد نحو 60 كيلومتراً عن الفاشر.

ومنذ أبريل (نيسان) 2023، تسبب النزاع في السودان بين «قوات الدعم السريع» والجيش في مقتل عشرات الآلاف، ونزوح أكثر من 12 مليوناً وفي «أسوأ أزمة إنسانية» في العالم، وفق الأمم المتحدة.

وبعد سيطرتها على الفاشر، آخر معاقل الجيش في دارفور غرب السودان، في نهاية أكتوبر، نقلت «قوات الدعم السريع» هجومها شرقاً إلى إقليم كردفان الغني بالنفط، والذي يضم 3 ولايات. وشهدت عملية الاستيلاء على الفاشر قتلاً جماعياً واغتصاباً ونهباً، وفقاً لمنظمات غير حكومية وشهادات ناجين.

 

صورة التقطت في 15 نوفمبر الماضي لسودانية بمخيم الطويلة الذي أقيم للنازحين الفارين بعد هجوم «الدعم السريع» (رويترز)

«احتجاز قسري لعائلات»

 

وأفاد الناجون الذين تحدثوا عبر الهاتف بأن «قوات الدعم السريع» لا تزال تحتجز قسراً مئات من العائلات في المعتقلات ودور الإيواء، وكثيرون ماتوا جوعاً أو بالرصاص. وقال أحد الناجين: «رأينا جثث نساء ورجال تتدلى من الأشجار، لا أحد يستطيع الاقتراب منها». وحسب شهود عيان، كانت روائح كريهة تنبعث بسبب انتشار الجثث المتحللة في أرجاء المدينة.

وقال المحامي آدم إدريس الذي خرج بعد أيام من سقوط الفاشر: «إن (قوات الدعم السريع) كانت تُجبرنا على الذهاب إلى المساجد، وتُصوِّرنا هناك، ثم تنشر مقاطع فيديو لتقول إن الأوضاع تسير بشكل طبيعي، بينما في حقيقة الأمر كانت تحتجز المواطنين العُزل، وتطلب أموالاً طائلة مقابل إطلاق سراحهم». وأضاف: «أصبحت أرواح الناس في الفاشر سلعة تُعرض للبيع بأسعار متفاوتة». وتابع قائلاً: «في اليوم التالي للسقوط، حاول مئات من الذين نزحوا قبل أيام قليلة إلى بلدة قروني الواقعة في شمال غربي الفاشر الهروب، بعدما سمعوا من القادمين الجدد ما جرى هناك، ولكن تمت محاصرتهم ومنعهم من قبل مسلحي (الدعم السريع)».

ويروي إدريس أنه لن ينسى أبداً تلك المناظر المروِّعة في أثناء فراره من الفاشر، وقال: «رأيت أشخاصاً جرحى غارقين في دمائهم في حالة حرجة، لا أحد يلتفت إلى أنينهم وحشرجاتهم. الكل يحاول الهروب من هذا الجحيم. الشباب يحملون كبار السن على أكتافهم، والنساء يربطن أطفالهن بقطعة قماش على ظهورهن».

وتابع بأنه بعد وصوله إلى مكان آمن، تواصل مع أسرته في شرق السودان: «فأبلغوني أنهم تلقوا نبأ وفاتي بعد إصابتي برصاصة، وأقاموا مراسم العزاء».

 

صورة أقمار صناعية تُظهر قرية غارني قبل إنشاء ملاجئ مؤقتة جديدة شمال غربي الفاشر بالسودان في الأول من نوفمبر الماضي (رويترز)

«إهانات عنصرية»

بدورها، روت «أ. م.» -وهي أم لطفلين- جوانب من الانتهاكات التي تعرضت لها النساء. وقالت: «أوقفوا النساء صفاً واحداً، وصوَّبوا أسلحتهم نحونا، حتى ظننت أنهم سيطلقون النار علينا. بعدها بدأوا التفتيش داخل ملابسنا بحثاً عن الأموال والذهب (...) تعرضنا لعنف جنسي ومعاملة مهينة غير إنسانية من أفراد (الدعم السريع). كانوا يصفوننا بعبارات عنصرية».

وذكرت «تنسيقية لجان مقاومة الفاشر» في بيانات سابقة، أن جنود «الدعم السريع» بعد دخولهم المدينة هاجموا المنازل وقتلوا بعض الأسر، وبعدها فر كثير من المواطنين في اتجاهات مختلفة للنجاة بأرواحهم.

ووصف شاب عشريني -طلب عدم ذكر اسمه- ليلة هروبهم من الفاشر بأنها الأقسى في حياته، وكيف رأى «الموت يقترب» من جيرانه في أثناء خروجهم من المدينة. وقال: «عثرنا على عشرات القتلى والجرحى، في طريقنا إلى مخيم طويلة»، مضيفاً أن «قوات الدعم السريع» كانت تحث الناس على البقاء في المدينة، وفي الوقت نفسه تحتجزهم قسراً في المعتقلات دون طعام ودون ماء.

 

عناصر من «قوات الدعم السريع» يقومون بدورية في بلدة جراوي شمال السودان في يونيو 2019 (أرشيفية- أ.ب)

من جهته، قال رئيس مجلس أمناء «هيئة محامي دارفور» الصادق علي حسن، إن منسوبي «قوات الدعم السريع»، ارتكبوا كل أنواع الجرائم والانتهاكات بحق المدنيين في الفاشر. وكشف عن أن سجن شالا في شمال دارفور يكتظ بالمعتقلين، وهناك آخرون تم نقلهم إلى سجن دقريس جنوب الإقليم، مضيفاً أن مقاتلي «الدعم السريع» يختطفون المواطنين ويطلبون منهم الاتصال بأهاليهم لدفع فدية قد تصل إلى 60 مليار جنيه سوداني، أي ما يعادل نحو 15 ألف دولار للفرد. وفي وقت سابق نفت «قوات الدعم السريع» الاتهامات بارتكاب انتهاكات.