«الاستقرار» الليبية تُصعد الخلاف مع «الوحدة» بسبب ملف الصحة

تقرير يؤكد خروج ليبيا من صدارة الدول المتأثرة بالإرهاب

لقاء حفتر مع الوفد الإيطالي في بنغازي (الجيش الوطني)
لقاء حفتر مع الوفد الإيطالي في بنغازي (الجيش الوطني)
TT

«الاستقرار» الليبية تُصعد الخلاف مع «الوحدة» بسبب ملف الصحة

لقاء حفتر مع الوفد الإيطالي في بنغازي (الجيش الوطني)
لقاء حفتر مع الوفد الإيطالي في بنغازي (الجيش الوطني)

بينما صعدت حكومة الاستقرار الليبية «الموازية»، المدعومة من مجلس النواب، من خلافها مع حكومة الوحدة «المؤقتة»، التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة، بسبب ملف الصحة، نقل المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني، عن وفد إيطالي رفيع المستوى «دعم روما لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المؤجلة».

وطالب عثمان عبد الجليل، وزير الصحة في حكومة الاستقرار، التي يرأسها أسامة حماد، مساء الثلاثاء، مديري كل المراكز الطبية والتخصصية والمستشفيات التعليمية والعامة والمشافي القروية، وإدارات الخدمات الصحية بالمناطق، والأجهزة والمراكز التابعة لها بـ«عدم تقديم أي أموال لحكومة الوحدة في أي صورة كانت». وبعدما ذكر في خطاب رسمي مضمون قرار عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، القاضي بحظر تقديم أي أموال لحكومة الوحدة، حذر عبد الجليل من أن عدم التقيد بهذه التعليمات «يشكل إهداراً للمال العام دون وجه حق، ويستوجب مساءلة مرتكبها، وفقاً لأحكام قانون الجرائم الاقتصادية».

حماد طالب محافظ مصرف ليبيا المركزي بمباشرة مهامه بوصفه لجنة حراسة على أموال وإيرادات النفط الليبي (الاستقرار)

وكان حماد قد طالب الصديق الكبير، محافظ مصرف ليبيا المركزي، ونائبه مفتاح البرعصي، بمباشرة مهامهما بوصفهما لجنة حراسة على أموال وإيرادات النفط، بعدما قضت محكمة أجدابيا الابتدائية، أخيراً، برفض طعن حكومة «الوحدة» في تنفيذ الأمر الذي أصدرته المحكمة العام الماضي، والقاضي بفرض الحراسة القضائية على أموال وإيرادات بيع النفط والغاز الليبي.

في غضون ذلك، قال حفتر إنه التقى، مساء الثلاثاء، في بنغازي (شرق) مع وفد رفيع المستوى من الحكومة الإيطالية، ترأسه ماتيو بيانتيدوزي وزير الداخلية، وأدموندو تشيريللي نائب وزير الخارجية، وجياني كارفيللي رئيس المخابرات الإيطالية، وبعض مسؤولي الحكومة الإيطالية.

وأدرج حفتر هذه الزيارة في «إطار التباحث وتبادل وجهات النظر بين البلدين الصديقين، وتعزيز الشراكة والتعاون في المجالات الأمنية والاقتصادية والتجارية». كما نقل عن الوفد الإيطالي إشادته بما وصفه بالدور المحوري لقيادة الجيش في مكافحة الإرهاب والتطرف، وجهودها الكبيرة للحد من «الهجرة غير المشروعة»، مشيراً إلى تأكيد الوفد على دعم الحكومة الإيطالية لكل الجهود المبذولة لتعزيز العملية السياسية، وإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في ليبيا؛ للوصول إلى مرحلة الاستقرار الدائم.

في شأن آخر، رحبت قيادة الجيش الوطني بتقرير المعهد الدولي للاقتصاد والسلام حول نتائج وقياس تأثير الإرهاب على الدول لسنة 2024، الذي أشار إلى خروج ليبيا من صدارة الدول المتأثرة بالإرهاب لتصبح على درجة (تأثير قليل)، بعد أن كانت طيلة سنوات على درجة (تأثير عالٍ جداً). وبعدما أشارت إلى تطهير المنطقة الشرقية، خاصة بنغازي ودرنة ومناطق الجنوب من دنس الإرهاب، جددت القيادة التحية لكافة جنودها وضباطها، كما أشادت بجهود الأجهزة الأمنية، وتعهدت مجدداً بضرب الإرهاب.

بدوره، رأى الدبيبة أن تحول ليبيا من ترتيب متقدم في الدول المتأثرة بالإرهاب، وانتقالها إلى مراتب أقل خطورة لأول مرة منذ سنوات، «مؤشر على استعادة الأمن، وتعزيز مؤشرات الاطمئنان في عموم البلاد». وقال في بيان، اليوم الأربعاء، عبر منصة «إكس»، إنه يعمل على أكثر من مسار لتثبيت حالة الاستقرار في البلاد رغم التحديات، معرباً عن تطلعه لتحقيق صورة الدولة التي يتمناها الليبيون، عبر تدوير عجلة التنمية، وإعادة الحياة في كافة مناحيها.

اجتماع باتيلي مع سفراء الاتحاد الأوروبي (البعثة الأوروبية)

لكن هذا التقرير الإيجابي تزامن مع إعلان مـديرية أمن صرمان نجاة اللواء عبد الله العارف المحجوبي، مدير الأمن، من محاولة اغتياله بعد استهداف سيارته بوابل كثيف من الرصاص من قبل مسلحين. ولم تحدد المديرية هوية المسلحين، لكنها وصفتهم بمجموعة من العصابات الإجرامية، التي تحاول زعزعة استقرار المدينة، وخلق الفوضى والانفلات الأمني.

في غضون ذلك، قال نيكولا أورلاندو، سفير الاتحاد الأوروبي، إنه استعرض، اليوم الأربعاء، في تونس مع محمد الشامسي، سفير الإمارات، الوضع السياسي والأمني والاقتصادي في ليبيا، واتفقا على أنه لا يمكن حل الأزمة الحالية إلا بدعم وساطة عبد الله باتيلي، رئيس بعثة الأمم المتحدة، لـ«إجراء الانتخابات الوطنية».

وكان باتيلي قد قدم خلال اجتماعه، مساء الثلاثاء، مع بعثتي الاتحاد الأوروبي لمساعدة ليبيا في إدارة الحدود، تقريراً بشأن جهوده الحالية في دعم العملية السياسية في ليبيا، مشدداً على أن المبادرات غير المنسقة قد تعمق الانقسامات.

وكان سفراء الاتحاد الأوروبي قد استغلوا حلول شهر رمضان لمطالبة القادة الليبيين بقبول دعوة باتيلي للاجتماع دون مزيد من التأخير خلال هذا الشهر، من أجل مناقشة وحل جميع العقبات العالقة التي تمنع المواطنين من إعادة الشرعية إلى المؤسسات من خلال الانتخابات الوطنية.

دورية أمنية لتأمين الحدود ومكافحة «الهجرة غير المشروعة» خلال اعتقال مهربين (الوحدة)

في السياق، قال عماد مصطفى الطرابلسي، وزير الداخلية المكلف بحكومة «الوحدة»، إنه بحث مساء الثلاثاء، مع مارتن لونغدن، السفير البريطاني، آفاق التعاون الأمني المشترك بين ليبيا وبريطانيا، بالإضافة إلى خطط عمل الوزارة في تأمين الحدود ومكافحة «الهجرة غير المشروعة»، والعمل على دعم هذه الجهود من أجل القضاء على الجريمة وعصابات الاتجار بالبشر والتهريب، والحد من ظاهرة الهجرة.

ومن جهته، أعلن محافظ مصرف ليبيا المركزي أنه بحث مع مسؤولين بالمصرف المركزي الفرنسي في باريس تعزيز العلاقة بين المصرفَين، والجهود المبذولة لتطوير المصرف ونتائج توحيده، وجهود تقوية نظام الامتثال لمتطلبات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، بالإضافة إلى أهمية تشجيع القطاع الخاص.


مقالات ذات صلة

«البلديات الليبية» ساحة صراع محتدم بين حكومتَي الدبيبة وحمّاد

شمال افريقيا الدبيبة يلتقي عمداء البلديات بشرق ليبيا وجنوبها (حكومة الوحدة)

«البلديات الليبية» ساحة صراع محتدم بين حكومتَي الدبيبة وحمّاد

أظهر اجتماع نظّمته حكومة عبد الحميد الدبيبة، في طرابلس لعدد من عمداء المجالس البلديات «صراعاً محتدماً» مع نظيرتها بشرق ليبيا.

جاكلين زاهر (القاهرة)
شمال افريقيا زيارة اللافي والنمروش مدينة يفرن (المجلس الرئاسي)

«الرئاسي» يدخل على خط احتجاجات أمازيغ ليبيا

وسط استمرار تجاهل حكومة الوحدة الليبية «المؤقتة»، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، دخل المجلس الرئاسي على خط أزمة الاحتجاجات، التي شهدتها بعض مناطق الأمازيغ.

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا من عملية إنقاذ عدد من المهاجرين من طرف خفر السواحل بغرب ليبيا (وزارة الداخلية بحكومة الوحدة)

غرق 12 مصرياً أمام طبرق الليبية خلال محاولتهم «الهجرة»

أعلنت مؤسسة حقوقية ليبية انقلاب قارب كان يقل 13 مصرياً، أمام ساحل مدينة طبرق (شرق)، غرق منهم 12 فرداً.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا الدبيبة وميلوني على هامش افتتاح أعمال الدورة الـ30 لمنتدى الأعمال الليبي - الإيطالي (الوحدة)

الدبيبة وميلوني يفتتحان منتدى الأعمال الليبي - الإيطالي في طرابلس

دشن عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة مع نظيرته الإيطالية المنتدى الاقتصادي الليبي - الإيطالي.

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا الساعدي القذافي (أرشيفة من أ.ف.ب)

دفاع الساعدي القذافي عن الوجود التركي في ليبيا يفجر انتقادات

يرى الساعدي نجل الرئيس الراحل معمر القذافي أن «وجود الأتراك أو المصريين أو أي دولة مسلمة في ليبيا؛ شرط التنسيق مع السلطات أمر محمود ومفيد استراتيجياً ودينياً».

جمال جوهر (القاهرة)

«الرئاسي» يدخل على خط احتجاجات أمازيغ ليبيا

زيارة اللافي والنمروش مدينة يفرن (المجلس الرئاسي)
زيارة اللافي والنمروش مدينة يفرن (المجلس الرئاسي)
TT

«الرئاسي» يدخل على خط احتجاجات أمازيغ ليبيا

زيارة اللافي والنمروش مدينة يفرن (المجلس الرئاسي)
زيارة اللافي والنمروش مدينة يفرن (المجلس الرئاسي)

وسط استمرار تجاهل حكومة الوحدة الليبية «المؤقتة»، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، دخل المجلس الرئاسي على خط أزمة الاحتجاجات، التي شهدتها بعض مناطق ومدن الأمازيغ، خصوصاً مدينة يفرن، في محاولة لإنهاء التوترات التي عاشتها المدينة أخيراً.

وفي زيارة كانت مقررة، الأربعاء، لرئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، إلى يفرن، زار نائبه عبد الله اللافي، رفقة معاون رئيس أركان القوات التابعة لحكومة الوحدة، صلاح النمروش، المدينة بهدف «مناقشة الاحتجاجات التي شهدتها أخيراً رفضاً لوجود وانتشار عناصر المنطقة العسكرية الغربية في شوارعها».

وقال المجلس في بيان مقتضب إن اللافي وصل إلى المدينة مع النمروش للوقوف على الأوضاع الحالية والتقاء مختلف مكوناتها.

وكان عميد بلدية يفرن، حسين كافو، قد أعلن استمرار احتجاز عضو من مجلسها، وخمسة أشخاص من سكان المدينة من قِبل جهات أمنية خارج المدينة، على خلفية المظاهرة السلمية لأهالي يفرن، الرافضة لتمركز مجموعات مسلحة داخل المدينة، مشيراً إلى مغادرة اثنين من المتظاهرين المستشفى بعد تلقى العلاج، إثر الاعتداء عليهم بالسلاح، فيما يعالَج اثنان آخران، أحدهما حالته حرجة، بسبب إصابته برصاصة في صدره.

إلى ذلك، أعلن المجلس العسكري لثوار الزنتان، حالة النفير القصوى لكل الكتائب والسرايا التابعة له بشكل عاجل وعلى وجه السرعة، لافتاً إلى اجتماع طارئ كان مقرراً عقده، الأربعاء، في مقره. وذكرت وسائل إعلام محلية أن الاجتماع يأتي على خلفية معلومات بشأن وصول تعزيزات عسكرية إلى عدد من مدن الجبل، بينها ككلة والشقيقة.

الدبيبة مع رئيسة وزراء إيطاليا (حكومة الوحدة)

وتجاهل الدبيبة هذه التطورات، لكنه أكد دور القطاع الخاص في تعزيز التعاون مع إيطاليا. وشدد خلال مشاركته، مساء الثلاثاء، في عدد من المنتديات الاقتصادية ضمن فعاليات المنتدى الاقتصادي الليبي - الإيطالي، على أهمية مساهمة الجامعات والكليات التقنية الإيطالية في تعزيز كفاءة العناصر الفنية في عدد من القطاعات، من خلال تنفيذ برامج تدريبية متطورة، وتطوير برامج البحث العلمي بين البلدين.

وقالت حكومة الوحدة، في بيان لها، الأربعاء، إن الدبيبة ورئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلوني، بحثا عدداً من القضايا والملفات المشتركة، بهدف تعزيز التعاون الثنائي، وتطوير الشراكات الاستراتيجية، بالإضافة إلى أوضاع السجناء الليبيين في إيطاليا، حيث شدد الدبيبة على أهمية تفعيل اتفاقية تبادل السجناء لضمان حقوقهم.

وأوضحت «الوحدة» أن اللقاء تطرق أيضاً إلى تفعيل اتفاقية الصداقة والتعاون بين البلدين، خصوصاً مشروع الطريق الساحلي الممول من الحكومة الإيطالية، وتأكيد أهمية متابعة تنفيذ هذا المشروع الاستراتيجي، مشيرةً إلى بحث مخرجات قمة الهجرة عبر المتوسط، التي استضافتها طرابلس مؤخراً، وسبل تعزيز التنسيق والتعاون مع الاتحاد بشأن مكافحة الهجرة غير الشرعية.

البعثة الأممية خلال ورشة عمل حول تعزيز الأمن الانتخابي في طرابلس (البعثة الأممية)

في غضون ذلك، نظمت البعثة الأممية، الأربعاء، بشراكة مع وزارتي الداخلية والشباب، ومنظمات المجتمع المدني، ورشة عمل حول دور المجتمع المدني في تعزيز الأمن الانتخابي. ورأت في بيان لها أن المشاركة الفعالة لمنظمات المجتمع المدني من جميع أنحاء ليبيا، بمن في ذلك الكشافة والنساء والشباب، تسهم في تأكيد ضرورة ضمان نزاهة العملية الانتخابية، ورفع وعي الناخبين وتثقيفهم، وبناء قدرات الأطراف الرئيسية المعنية، فضلاً عن تعزيز المشاركة الواسعة في بيئة آمنة لانتخابات شفافة، وذات مصداقية في ليبيا.

وانضمت الولايات المتحدة إلى البعثة الأممية في الترحيب بإعلان المفوضية العليا للانتخابات عن الجولة الأولى من الانتخابات البلدية، المقرر إجراؤها في 16 من الشهر المقبل. وعدَّت السفارة الأميركية، في بيان مساء الثلاثاء، أن هذه الانتخابات «تشكل فرصة مهمة لليبيين في 58 بلدية لاختيار قادتهم على المستوى المحلي»، وتعهدت بمواصلة الولايات المتحدة تقديم الدعم الفني للمفوضية، إلى جانب المؤسسات التكنوقراطية الليبية الحيوية الأخرى.

ريتشارد نورلاند في لقاء سابق مع رئيس المفوضية العليا للانتخابات الليبية (الشرق الأوسط)

وقال ريتشارد نورلاند، السفير والمبعوث الأميركي الخاص، إنه استضاف بحضور نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي، جوش هاريس، محافظ مصرف ليبيا المركزي، ناجي عيسى، في مقر وزارة الخارجية الأميركية، حيث رحّبا بالتعيين الأخير لمجلس إدارة المصرف، كما أكّدا التزام الولايات المتحدة دعم جهود المصرف الإصلاحية لتعزيز الحوكمة والشفافية.