أعلن الرئيس التونسي قيس سعيّد تعيين أعضاء جدد في «اللجنة الوطنية للصلح الجزائي»، المكلفة استرجاع الأموال التي حصل عليها مئات من رجال الأعمال التونسيين قبل ثورة 2011 بطرق غير قانونية، وأشرف أمس (الثلاثاء) على موكب أدائهم اليمين الدستورية.
وقال الرئيس سعيّد بهذه المناسبة: «الشعب يطالب بالمحاسبة العادلة، فإن أرادوا (رجال الأعمال المتهمون بنهب أموال الدولة) أن يعيدوا أموال الشعب فمرحباً، وإن أرادوا غير ذلك فليتحملوا المسؤولية».
وخلال الأشهر الماضية عبر الرئيس التونسي عن عدم رضاه على أداء لجنة الصلح الجزائي، وضعف حصيلة الموارد المالية المسترجعة، وانتقد أداءها بشدة، قبل أن يتخذ في مارس (آذار) 2023 قرار إقالة رئيس اللجنة الوطنية للصلح الجزائي السابق، مكرم بن منا.
ويرى متابعون لهذا الملف أن السلطات التونسية تعول بشكل كبير على المبالغ المالية التي سيدرها الصلح الجزائي على خزينة الدولة للنهوض بالتنمية والتشغيل في المناطق الفقيرة. غير أن النتائج المحققة كانت مخيبة للآمال؛ إذ لم تتجاوز المداخيل حدود 26.9 مليون دينار تونسي (نحو 9 ملايين دولار)، ولم ينخرط في العملية منذ انطلاقها إلا 14رجل أعمال من قائمة أولية تضم 360 رجل أعمال متهماً بالفساد؛ مما جعل المداخيل بعيدة كل البعد عن المبالغ المالية التي رجح الرئيس سعيّد تحصيلها، والتي قدّر بأنها لن تقل عن 13.5مليار دينار تونسي (نحو 4.5 مليار دولار).
ومن المنتظر أن تترأس هذه اللجنة القاضية مشكاة سلامة لمدة ستة أشهر، بينما تتكون بقية اللجنة من قضاة وخبراء في الرقابة المالية. وتتحمل هذه اللجنة مسؤولية التدقيق في الملفات التي تُعرض عليها، قبل أن تُعرض على مجلس الأمن القومي (يرأسه الرئيس سعيّد بحضور وزراء السيادة وقيادات أمنية وعسكرية عليا) ليحدد مبلغ الصلح أو يرفضه، كما نصّ على ذلك القانون الذي نقّح المرسوم الذي أنشأ هذه اللجنة.
وأقرّ سعيّد في كلمة مقتضبة وجهها إلى أعضاء اللجنة الوطنية للصلح الجزائي بأن مسؤولية هذه اللجنة «ستكون جسيمة وتاريخية» في التدقيق في الملفات التي ستعرض عليها، منتقداً المطالب التي دعت إلى الصلح مع بعض رجال الأعمال المتهمين بالفساد وتهريب أموال الدولة، عبر تقديم مبالغ زهيدة «في حين أنه من المفروض أن يعيد المعنيون بالصلح الجزائي عشرات المليارات إلى الشعب»، على حد قوله.
وقال سعيد موضحاً: «نريد العدل ولا نريد التشفي، أو السّجن لأيّ أحد. لكن لا نريد أيضاً أن تبقى أموال الشعب في أيدي من اختلسوها»، مشيراً إلى أن هذه هي فرصتهم الأخيرة لإرجاع أموال الشعب التونسي.