تونس تلجأ إلى ورقة الفوسفات لإنقاذ اقتصادها المتعثر

إنتاجه شهد تراجعاً ملحوظاً وصل إلى أقل من النصف

جانب من اجتماع الحكومة التونسية (الحكومة)
جانب من اجتماع الحكومة التونسية (الحكومة)
TT

تونس تلجأ إلى ورقة الفوسفات لإنقاذ اقتصادها المتعثر

جانب من اجتماع الحكومة التونسية (الحكومة)
جانب من اجتماع الحكومة التونسية (الحكومة)

كشفت وزارة الصناعة والمناجم والطاقة في تونس عن توجه حكومي للنهوض بقطاع الفوسفات ومشتقاته، في محاولة لاستعادة دوره الريادي في توفير النقد الأجنبي، وضمان التوازنات المالية بعد سنوات من الاضطرابات والاحتجاجات، التي منعت تونس من مواصلة تزويد عدد من دول العالم بمادة الفوسفات، ومن أهمها الهند، وخسارة منافستها لبعض الدول التي تصدر الفوسفات للخارج.

وشهد إنتاج الفوسفات في تونس تراجعاً ملحوظاً، وصل إلى أقل من النصف مقارنة بالإنتاج المسجل سنة 2010، حيث تجاوز 8 ملايين طن، ويعود التراجع إلى عدد من العوامل، أهمها تكرر الاحتجاجات الاجتماعية، وتعدد مطالب العاطلين بتحقيق التنمية وتوفير مناصب الشغل.

وأشرفت فاطمة ثابت، وزيرة الصناعة والمناجم والطاقة، مساء الاثنين، على تنصيب عبد القادر العمايدي، مديراً عاماً لشركة فوسفات قفصة، والهادي يوسف مديراً عاماً للمجمع الكيماوي التونسي، في محاولة لاستعادة أحد أهم محركات الاقتصاد التونسي، حيث يمثل الفوسفات قرابة 20 في المائة من الصادرات التونسية، ويعد من أهم مصادر توفير النقد الأجنبي، إلى جانب القطاع السياحي.

تشكل عائدات الفوسفات أهم مصدر لتوفير النقد الأجنبي لتونس (شركة فوسفات قفصة)

وبهذه المناسبة، قالت فاطمة ثابت إن الخطة الحكومية تستهدف بالأساس الرفع من طاقة إنتاج الفوسفات ومشتقاته، مع دخول مجموعة من المشاريع الجديدة حيز الإنتاج، على غرار مشروع «أم الخشب»، ومغاسل «الرديف»، ومشروع «توزر». وشددت على ضرورة العمل المشترك لمعالجة الإشكاليات المتعلقة بالمشاريع الحكومية المعطلة، وبذل مزيد من الجهود لتحقيق الانتعاش الاقتصادي المنشود، وضمان إشعاع الشركتين (فوسفات قفصة والمجمع الكيماوي) على محيطهما الخارجي.

وعلى غرار الحكومات التونسية السابقة، فإن الحكومة الحالية ما زالت تعد المجمع الكيماوي التونسي، وشركة فوسفات قفصة، أهم قاطرتين للتنمية في جهات محافظة قابس والجهات المجاورة له (قفصة وصفاقس)، وأكدت حرصها على معالجة الإشكاليات البيئية المطروحة، خاصة الانبعاثات الغازية والإفرازات السائلة، بالاعتماد على الأساليب التكنولوجية الحديثة، إضافة إلى عزمها على إحداث فرص عمل جديدة مع المحافظة علي البيئة والمحيط.

وللتأكيد على اهتمامها بملف الفوسفات، عقدت الحكومة جلسة عمل في 28 من فبراير (شباط) الماضي بمقر ولاية الكاف (شمال غربي)، أفضت إلى الاتفاق على إزالة كامل مخزون الفوسفات الملقى أمام مدخل مدينة القلعة الخصبة (جنوب ولاية الكاف)، باستخدام القطارات والشاحنات، وذلك بعد بقائه فترة طويلة دون اهتمام من قبل السلطات.

وغالبا ما اتهم الرئيس قيس سعيد كبار المسؤولين الحكوميين، المشرفين على بعض المنشآت الحكومية الكبرى بسوء الإدارة وضعف الحوكمة، ودعا إلى تطهير الإدارة من «العناصر المندسة، التي لها علاقة بمنظومة الحكم السابقة»، التي ظل يعدها «من بين عناصر تعطيل العمل الحكومي».

يذكر أن شركة فوسفات قفصة أنشئت سنة 1897، وهي تعد من أهم المؤسسات الحكومية، وتتوفر تونس على احتياطات ضخمة من الفوسفات، قدرها خبراء بما يزيد على 800 مليون طن. وقد كان إنتاج تونس من الفوسفات حتى سنة 2010 في حدود 8.2 مليون طن في السنة، لكنه سجل تراجعاً قياسياً بعد سنة 2011، حيث لم يتجاوز الإنتاج سنة 2022 حدود أربعة ملايين طن، أي أقل من النصف.


مقالات ذات صلة

تونس تسعى لخفض عجز الموازنة إلى 5.5 % في 2025

الاقتصاد منظر عام لشارع الحبيب بورقيبة في وسط تونس (رويترز)

تونس تسعى لخفض عجز الموازنة إلى 5.5 % في 2025

أظهرت أحدث نسخة من مشروع قانون الموازنة التونسية، أن تونس تأمل في خفض عجز الميزانية إلى 5.5 في المائة عام 2025 من 6.3 في المائة متوقعة في 2024.

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا من التظاهرة التي نظّمها أقارب معارضين للرئيس التونسي للمطالبة بالإفراج عنهم (د.ب.أ)

عائلات معارضين تونسيين معتقلين يتظاهرون ضد «الظلم»

تظاهر نحو مائة من أقارب معارضين للرئيس التونسي، بعضهم مسجون منذ ما يقارب العام ونصف العام، لمناسبة عيد الجمهورية للمطالبة بالإفراج عنهم.

«الشرق الأوسط» (تونس)
يوميات الشرق خبير تونسي يتفقد مزرعة تين شوكي موبوءة بالحشرات القرمزية في صفاقس بتونس في 19 يوليو 2024 (رويترز)

الحشرة القرمزية تصيب محاصيل تونس من التين الشوكي (صور)

الحشرة أصبحت تشكل تهديداً كبيراً لمحصول التين الشوكي لأنها تدمر مساحات واسعة من المزارع وتثير قلقاً اقتصادياً كبيراً منذ اكتشافها في تونس لأول مرة عام 2021.

«الشرق الأوسط» (تونس)
المشرق العربي بإمكان العراقيين السفر إلى تونس من دون تأشيرة دخول (أ.ف.ب)

تونس تُعفي العراقيين والإيرانيين من تأشيرة الدخول

أعلنت تونس إعفاء الإيرانيين والعراقيين من تأشيرة الدخول إلى أراضيها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا تونسيون يعاينون الخراف في مركز بيع بمدينة القصرين حيث زادت أسعار الأضاحي بسبب ارتفاع أسعار الأعلاف (أ.و.ب)

ارتفاع أسعار أضاحي العيد يقض مضجع التونسيين

أعداد كبيرة من التونسيين عبرت عن تذمرها وشكواها من ارتفاع أسعار أضاحي العيد، وهو ارتفاع كبير وغير منتظر، وأصبح يقض مضجع جل الآباء التونسيين.

«الشرق الأوسط» (تونس)

تخفيف سجن معارضة تونسية بعد تردي صحتها

عبير موسي رئيسة «الحزب الدستوري الحر» المعتقلة في السجن (الشرق الأوسط)
عبير موسي رئيسة «الحزب الدستوري الحر» المعتقلة في السجن (الشرق الأوسط)
TT

تخفيف سجن معارضة تونسية بعد تردي صحتها

عبير موسي رئيسة «الحزب الدستوري الحر» المعتقلة في السجن (الشرق الأوسط)
عبير موسي رئيسة «الحزب الدستوري الحر» المعتقلة في السجن (الشرق الأوسط)

قضت محكمة تونسية، مساء أمس (الجمعة)، بتخفيف حكم قضائي استئنافي في حق المعارضة عبير موسي، رئيسة «الحزب الدستوري الحر»، من السجن سنتين إلى سنة و4 أشهر في قضية تتعلق بانتقادها لهيئة الانتخابات، بحسب ما أكد محاميها نافع العريبي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». ومطلع أغسطس (آب) الماضي، أصدرت محكمة ابتدائية حكماً بالسجن لمدّة عامين بحقّ موسي لانتقادها أداء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات مطلع عام 2023.

وأصدرت المحكمة حُكمها بموجب «المرسوم 54»، الذي أصدره الرئيس قيس سعيّد عام 2022 لمكافحة «الأخبار الكاذبة»، والذي يواجه انتقادات شديدة من المعارضة ونقابة الصحافيين. وأوقفت موسي، النائبة السابقة البالغة 49 عاماً، في 3 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 أمام القصر الرئاسي في قرطاج. وأعلنت بعد ذلك ترشحها للانتخابات الرئاسية، لكن هيئة الانتخابات رفضت ملفها لعدم استكمال الوثائق وجمع تواقيع التزكيات اللازمة. وتواجه موسي تهماً خطيرة في قضايا أخرى، من بينها «الاعتداء المقصود منه تبديل هيئة الدولة».

وجاء هذا القرار، بعد أن قال علي البجاوي، المحامي ورئيس هيئة الدفاع عن رئيسة «الحزب الدستوري الحر»، لـ«وكالة الأنباء الألمانية»، إن وضعها الصحي في السجن «متدهور ولا يبشر بخير»، وذلك بعد أن قام بزيارتها في السجن الخميس، مشيراً إلى أنها «تعاني من ضعف وحالة إنهاك شديد».

مظاهرة نظمها مؤيدون لعبير موسي ضد المرسوم 54 الذي أصدره الرئيس سعيد (أ.ف.ب)

وتابع البجاوي موضحاً: «وزنها يتراجع بسبب النقص في التغذية، كما تعاني من أوجاع في الكتف والرقبة»، مبرزاً أن رئيسة «الحزب الدستوري الحر» أجرت تحاليل وخضعت لكشوفات طبية لم يتم الاطلاع على نتائجها بعد. وتواجه موسي، وهي من بين المعارضين الرئيسيين للرئيس الحالي قيس سعيد، تهمة «الاعتداء القصد منه تبديل هيئة الدولة»، التي تصل عقوبتها إلى الإعدام.

وتعود هذه التهمة إلى قضية «مكتب الضبط» للقصر الرئاسي، حين توجهت موسى إليه لإيداع تظلم ضد مراسيم أصدرها الرئيس قيس سعيد، وأصرت على إيداعه لدى المكتب، قبل أن يتم إيقافها من قبل الأمن وإيداعها لاحقاً السجن.

وعلى أثر ذلك، تقدمت هيئة الدفاع بطعن ضد قرار قضاة التحقيق. وقال المحامي البجاوي إنه «لا توجد جريمة، ورئيسة الحزب قدمت تظلمها وفق الإجراءات القانونية». وعلاوة على ذلك، تلاحق موسي أيضاً في قضايا أخرى، من بينها قضية قامت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بتحريكها ضدها بتهمة نشر «معلومات مضللة» عن الانتخابات التشريعية لعام 2022، بعد إطاحة الرئيس سعيد بالنظام السياسي السابق في 2021، وصدر حكم ضدها بالسجن لسنتين في هذه القضية، لكن هيئة الدفاع تقدمت بطعن ضده.

راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة (إ.ب.أ)

وخلف القضبان تقبع شخصيات معارضة أخرى، مثل زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي، وعصام الشابي وغازي الشواشي، المتهمين بالتآمر على أمن الدولة، واللذين سبقا أن أعلنا نيتهما الترشح للرئاسة قبل أن يتراجعا عن ذلك. وتنتقد المعارضة ومدافعون عن حقوق الإنسان ومنظمات دولية وتونسية الرئيس التونسي، الذي فاز بالانتخابات الرئاسية في أكتوبر الماضي بأكثر من 90 في المائة من الأصوات، وتتهمه بـ«التضييق على الحريات».