تونس: إعادة فتح ملفات الإرهاب والتهريب والتآمر على أمن الدولة

الرئيس التونسي يشن حملة على المتهمين بـ«المال السياسي»

الرئيس التونسي في اجتماع امني سياسي  الجمعة مع رئيس الحكومة ووزيرتي العدل والمالية ومحافظ البنك المركزي (رئاسة الجمهورية"
الرئيس التونسي في اجتماع امني سياسي الجمعة مع رئيس الحكومة ووزيرتي العدل والمالية ومحافظ البنك المركزي (رئاسة الجمهورية"
TT

تونس: إعادة فتح ملفات الإرهاب والتهريب والتآمر على أمن الدولة

الرئيس التونسي في اجتماع امني سياسي  الجمعة مع رئيس الحكومة ووزيرتي العدل والمالية ومحافظ البنك المركزي (رئاسة الجمهورية"
الرئيس التونسي في اجتماع امني سياسي الجمعة مع رئيس الحكومة ووزيرتي العدل والمالية ومحافظ البنك المركزي (رئاسة الجمهورية"

أعادت الرئاسة التونسية والسلطات الأمنية والقضائية فتح ملفات «الإرهاب والتهريب والتآمر على أمن الدولة والفساد المالي والمخدرات».

وأعلن محامون تونسيون أن المحكمة التي بدأت منذ السادس من فبراير (شباط) الماضي النظر في قضايا الاغتيالات السياسية، بما فيها قضية اغتيال المحامي اليساري شكري بلعيد، ستشرع، غداً (الثلاثاء)، 12 مارس (آذار)، في الاستماع إلى مرافعات لسان الدفاع، بعد أن استكملت استنطاق المتهمين والسماع إلى تقارير ممثلي النيابة.

وزير الداخلية كمال الفقي في اجتماع مع كبار قادة الحرس الوطني وقوات النخبة (صور رسمية متداولة )

وأعلن بلاغ رسمي من رئاسة الجمهورية أن الرئيس قيس سعيد أصدر أوامره إلى وزيرة العدل القاضية ليلى جفال، بوصفها رئيسة النيابة العمومية، بالتعجيل بالبت في القضايا الأمنية المعلقة منذ نحو 10 أعوام، ومن بينها قضايا الإرهاب والاغتيالات السياسية والتآمر على أمن الدولة.

التمويل الأجنبي للأحزاب والسياسيين

في سياق متصل، أشرف الرئيس التونسي الجمعة على جلسة عمل حضرها بالخصوص رئيس الحكومة أحمد الحشاني ومحافظ «البنك المركزي» الجديد فتحي زهير النوري ووزيرتي العدل والمالية ليلى جفال وسهام البوغديري نمصية بحثت عدة ملفات لها علاقة بملفات قضايا جرائم «المال السياسي» وشبهات التمويل الأجنبي غير القانوني لبعض السياسيين والأحزاب والجمعيات، وهو ما عدّه الرئيس قيس سعيد مراراً في تصريحاته نوعاً من التآمر على أمن الدولة والعلاقات «المشبوهة مع الخارج».

وجاء في بلاغ رسمي في صفحة رئاسة الجمهورية بعد هذه الجلسة أن رئيس الدولة أمر بـ«اتخاذ الإجراءات اللازمة في مستوى لجنة التحاليل المالية» لمراقبة مصادر الأموال التي تتدفق على بعض الجمعيات من الخارج من دوائر مشبوهة.

وتتبع لجنة التحاليل المالية هذه للبنك المركزي، وسبق لمسؤولين في الحكومة والمحافظ السابق للبنك مروان العباسي والمدير العام السابق لهذه اللجنة أن دخلوا في خلافات بسبب «تقييمات متباينة ومعلومات مختلفة حول شبهة تمويل جهات أجنبية لأطراف سياسية وحزبية عبر واجهة الجمعيات والمجتمع المدني»، بما في ذلك عبر «تحويلات مالية بالعملات الأجنبية لم تعترض عليها الحكومات السابقة ورئاسة البنك المركزي».

اتهام أطراف «استعمارية وصهيونية»

وكان قيس سعيد أدى «زيارة فجائية» إلى مقر «البنك المركزي» قبل أسابيع، وآثار هذه القضية، ثم تقرر تغيير المدير العام للجنة «التحاليل المالية» ثم محافظ البنك.

لكن قيادات عشرات منظمات المجتمع المدني والنقابات التي تحصل على تمويلات لمشاريعها منذ أكثر من 10 أعوام من جهات أوروبية وأميركية وكندية ويابانية رفضت الاتهامات الموجهة إليها بـ«الخيانة الوطنية» و«التآمر على أمن الدولة».

وطالبت هذه القيادات السلطات بعدم منعها من «الشراكة مع المؤسسات الأوروبية والأميركية والدولية المختصة في دعم المجتمع المدني ونشر ثقافة التعدد والتسامح ودعم الحريات»، وبينها مؤسسات ألمانية وأميركية بدأت تمويل المعارضين والنشطاء السياسيين التونسيين والعرب منذ أكثر من 20 عاماً.

لكن اقتراب موعد تنظيم الدورة الجديدة من الانتخابات الرئاسية المقررة للخريف المقبل، دفع السلطات القضائية والأمنية إلى إعادة فتح هذا الملف.

إلا أن الرئيس سعيد انتقد بوضوح بعض كبار السياسيين و«نشطاء الجمعيات»، وبعض النقابيين، واتهمهم بالفساد المالي والتعامل «المشبوه» مع أطراف معادية للبلاد، بينها «لوبيات صهيونية واستعمارية».

ورد سعيد على منتقديه قائلاً: «الشعب التونسي لا يقبل بأن يتدخل في شأنه أحد بأي شكل من الأشكال؛ لا بصفة صريحة ولا تحت جنح الظلام».

وزير الداخلية في مهمة تفقد لقيادات الحرس الوطني المختصة في مقرها المركزي في العاصمة ( صور من صفحة وزارة الداخلية)

الهجرة غير النظامية والجريمة المنظمة

من جهة أخرى ترأس وزير الداخلية كمال الفقي ندوة كبار مسؤولي قطاع الحرس الوطني، الذي تتصدر قوات النخبة التابعة له القوات المكلفة بمهمات مكافحة الإرهاب والهجرة غير النظامية والجريمة المنظمة والمخدرات وقضايا «التآمر على أمن الدولة».

وأسفرت هذه الندوة عن قرارات عديدة، من بينها تفعيل التنسيق بين كل قوات الأمن التابعة لوزارة الداخلية، تكريساً لـ«وحدة المؤسسة الأمنية التونسية»، وللارتقاء بالعمل الأمني في المرحلة المقبلة خاصة لا سيما في مجال التصدي للهجرة غير النظامية.

وأعلن وزير الداخلية بالمناسبة عن قرارات بـ«توظيف التكنولوجيات الحديثة في العمل الأمني وحسن التصرف في الموارد البشرية والتخطيط الجيد وقت الأزمات».

تطورات إيجابية

من جهة أخرى أورد المتحدث باسم وزارة الداخلية التونسية فاكر بوزغاية في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الأوضاع الأمنية تطورت إيجاباً على كل المستويات، بما في ذلك في مجال مكافحة الجريمة المنظمة والمخدرات والتهريب والهجرة غير النظامية والإرهاب».

وأعلن بوزغاية أن المعطيات الأمنية الرسمية الجديدة تكشف أن 11 عنصراً إرهابياً فقط من بين عناصر «كتيبة عقبة بن نافع» المتطرفة، لا يزالون متحصنين بالجبال في محافظات وسط غربي البلاد، مقابل نحو 117 في العقد الماضي.

وفسر بوزغاية هذه «التطورات الأمنية الإيجابية» بنجاحات قوات الأمن، وفي إنجاز «عمليات أمنية نوعية أسفرت عن تصفية العديد من القيادات والعناصر الإرهابية، وفي تحقيق تعاون مع المواطنين في الكشف عن الإرهابيين المسلحين والمشتبه فيهم، على غرار ما حصل في مدينة بن قردان الحدودية مع ليبيا، في مارس (آذار) 2016، عندما ساهم مدنيون في الكشف عن المسلحين ومحاصرتهم وإيقاف عشرات منهم وقتل البقية».


مقالات ذات صلة

بوتين يتباحث مع الرئيس السنغالي حول الإرهاب في الساحل

أفريقيا أنصار مرشح المعارضة باسيرو ديوماي فاي يحضرون مسيرة حاشدة في أثناء فرز نتائج الانتخابات الرئاسية (إ.ب.أ)

بوتين يتباحث مع الرئيس السنغالي حول الإرهاب في الساحل

مباحثات جرت، الجمعة، بين الرئيس الروسي ونظيره السنغالي، وتم خلالها الاتفاق على «تعزيز الشراكة» بين البلدين، والعمل معاً من أجل «الاستقرار في منطقة الساحل»

الشيخ محمد (نواكشوط)
شؤون إقليمية محتجون أشعلوا النار في الشوارع المحيطة ببلدية تونجلي في شرق تركيا بعد عزل رئيسه وتعيين وصي عليها (إعلام تركي)

تركيا: صدامات بين الشرطة ومحتجين بعد عزل رئيسي بلديتين معارضين

وقعت أعمال عنف ومصادمات بين الشرطة ومحتجين على عزل رئيسَي بلدية منتخبَين من صفوف المعارضة في شرق تركيا، بعد إدانتهما بـ«الإرهاب»، وتعيين وصيين بدلاً منهما.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

حذرت تركيا من جرّ العراق إلى «دوامة العنف» في منطقة الشرق الأوسط، في حين رجحت «انفراجة قريبة» في ملف تصدير النفط من إقليم كردستان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا صورة أرشيفية لهجوم سابق في كابول (رويترز)

مقتل 10 أشخاص في هجوم على مزار صوفي بأفغانستان

قتل 10 مصلين عندما فتح رجل النار على مزار صوفي في ولاية بغلان في شمال شرقي أفغانستان، وفق ما أفاد الناطق باسم وزارة الداخلية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية أكراد يرفعون صور أوجلان في مظاهرة للمطالبة بكسر عزلته (رويترز)

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

فرضت السلطات التركية عزلة جديدة على زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان بعد دعوة رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي للسماح له بالحديث بالبرلمان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

رفع الحصانة عن برلماني مصري في قضية وفاة اللاعب رفعت

أحمد رفعت (الشرق الأوسط)
أحمد رفعت (الشرق الأوسط)
TT

رفع الحصانة عن برلماني مصري في قضية وفاة اللاعب رفعت

أحمد رفعت (الشرق الأوسط)
أحمد رفعت (الشرق الأوسط)

وافق مجلس الشيوخ المصري (الغرفة الثانية للبرلمان)، الأحد، على رفع الحصانة عن وكيل لجنة الشباب والرياضة بالمجلس، النائب أحمد دياب؛ للاستماع إلى أقواله في تحقيقات النيابة العامة بشأن وفاة اللاعب أحمد رفعت، الذي رحل في يوليو (تموز) الماضي، إثر معاناة من تداعيات أزمة قلبية مفاجئة، أرجعها في تصريحات تلفزيونية قبل وفاته لـ«مضايقات تعرَّض لها من بعض المسؤولين».

ويشغل دياب رئيس رابطة الأندية المصرية، وورد اسمه في التحقيقات بعدما ترددت مسؤوليته عن توريط اللاعب الراحل في أزمة قانونية، عبر تسهيل سفر رفعت للاحتراف في الخارج خلال فترة تجنيده، بالمخالفة للقواعد المعمول بها في هذا الشأن.

وتُوفي رفعت (30 عاماً)، في 7 يوليو الماضي، بعد معاناة مع المرض إثر سقوط مفاجئ في مباراة لناديه، مودرن سبورت، بالدوري المصري في مارس (آذار) الماضي. في حين أمر النائب العام المصري في أغسطس (أب) الماضي بـ«تحقيقات موسعة للوقوف على ملابسات الوقائع التي تعرَّض لها اللاعب قبل وفاته».

النائب دياب خلال حضوره جلسة لمجلس الشيوخ (مجلس الشيوخ)

وعقب ضجة واسعة بالقضية التي شغلت الرأي العام المصري، وجّه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في أغسطس، بـ«تحقيقات موسعة في القضية لكشف ملابساتها ومحاسبة المسؤولين عنها»، وطالب الجهات المعنية بـ«حوكمة الإجراءات الخاصة بسفر الرياضيين للخارج في أثناء فترة التجنيد، بما يضمن تسهيل الإجراءات ووضوحها لتحقيق المساواة في التعامل مع ذوي الشأن».

وقال رئيس مجلس الشيوخ، المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، إن رفع الحصانة عن دياب جاء بناء على طلب النائب؛ من أجل استكمال إجراءات التحقيق في القضية، ووصف الطلب بـ«السابقة التاريخية»، كونه جاء بطلب دياب نفسه لاستكمال التحقيقات.

وعدّ عبد الرازق، في كلمته أمام الجلسة العامة، أن موقف دياب «يظهر التزاماً راسخاً بمبادئ العدالة واحترام القانون والمؤسسات القضائية»، مؤكداً أن «النائب لا يزال غير متهم بأي اتهام».

ووفق الخبير في الشؤون البرلمانية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور عمرو هاشم ربيع، فإن رفع الحصانة يأتي في إطار رغبة النائب في الإدلاء بأقواله أمام النيابة العامة؛ لعدم قدرته على القيام بهذا الأمر من دون موافقة المجلس على رفع الحصانة، حيث تتطلب الإجراءات القانونية للاستماع لأقوال عضو البرلمان أمام النيابة العامة، ضرورة رفع الحصانة.

أحمد دياب (رابطة الأندية المصرية المحترفة)

وقال المحامي المصري محمد رضا لـ«الشرق الأوسط» إن النيابة العامة تقوم بتحديد موعد للاستماع إلى أقوال النائب بعد وصول قرار رفع الحصانة لمكتب النائب العام، للاستماع لإفادته بشكل كامل وتفصيلي، على أن يعقب ذلك اتخاذ قرار بشأنه.

وأضاف: «الاستماع إلى أقوال النائب في الواقعة يمكن أن يكون بصفته شاهداً، لكن إذا تبيَّن خلال التحقيقات تورطه في القضية فيكون من حق المحقق توجيه الاتهام واتخاذ قرار سواء بإخلاء سبيل النائب مع توجيه الاتهام أو حبسه على ذمة التحقيقات حال وجود ما يستلزم ذلك وفقاً للقانون».