كيف تُسهم مباحثات حمدوك بالقاهرة في جهود إنهاء الحرب السودانية؟

يلتقي مسؤولين مصريين وأمين الجامعة العربية لمناقشة الأزمة

رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك (رويترز)
رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك (رويترز)
TT

كيف تُسهم مباحثات حمدوك بالقاهرة في جهود إنهاء الحرب السودانية؟

رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك (رويترز)
رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك (رويترز)

بدأ وفد من تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية «تقدم»، برئاسة رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك، الجمعة، زيارة إلى القاهرة، من المقرر أن تتضمن لقاءات مع مسؤولين مصريين بارزين، وفي جامعة الدول العربية، إضافة إلى لقاء عدد من الشخصيات السياسية السودانية المقيمة في العاصمة المصرية، وتستهدف الزيارة «العمل على إطفاء نار الحرب الدائرة في السودان»، وفق بيان للتنسيقية. ويرى بعض الخبراء أن زيارة حمدوك إلى القاهرة «مهمة وفي توقيت مناسب، ويمكن أن يكون لها مردود إيجابي كبير».

ويشار إلى أن هذه هي الزيارة الأولى التي يقوم بها حمدوك إلى القاهرة، منذ اندلاع الحرب في السودان، في منتصف أبريل (نيسان) الماضي.

وأشارت التنسيقية في بيان عبر «فيسبوك»، الجمعة، إلى أن الزيارة تأتي في سياق العلاقات التاريخية بين الشعبين السوداني والمصري، وضمن الجهود التي تبذلها «تقدم» مع الدول الصديقة، «من أجل العمل على إطفاء نار الحرب الدائرة في السودان، ومخاطبة الأوضاع الإنسانية الكارثية التي يرزح شعبنا تحت وطأتها، والعمل على الاستجابة الفعالة لها بما يخفف من حجم هذه المأساة». وأضاف البيان أن الوفد سيبحث سبل الوصول إلى حل سياسي سلمي يؤسس لسلام مستدام في السودان، مشيراً إلى أن هذا يتطلب توفر إرادة الأطراف الرئيسية وتنسيق الجهود الإقليمية والدولية للمساعدة في تيسير بلوغ هذه الغاية بأسرع ما يمكن.

وذكرت التنسيقية أن الزيارة ستشهد أيضاً لقاءات مع الأمين العام للجامعة العربية والمثقفين وصناع الرأي المصريين، وعدد واسع من الفاعلين السودانيين الموجودين بمصر.

كما أشاد البيان باستضافة مصر لمئات الآلاف من السودانيين الذين لجأوا إليها من جحيم الحرب، وقال: «نأمل أن تكون هذه الزيارة خطوة في تكثيف الجهود وتنسيقها لوضع حد للحرب الطاحنة التي يجب أن تتوقف فوراً».

وتمثل تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية في السودان تحالفاً لمنظمات المجتمع المدني، وعدد من الكيانات الحزبية والشبابية والنسوية والمهنية في السودان، والتي تعمل، بحسب بيانها التأسيسي، من أجل تعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان في السودان.

ونشطت التنسيقية خلال الأشهر الماضية، في إطار مساعي القوى المدنية السودانية لوقف الحرب الدائرة بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع»، حيث عقدت عدة اجتماعات في عواصم دول جوار السودان.

كما عقدت تنسيقية «تقدم»، الأسبوع الماضي، اجتماعات مع الآلية الأفريقية رفيعة المستوى المعنية بالسودان، والتي شكلها الاتحاد الأفريقي للبحث في الحلول الرامية لإنهاء الحرب، واستعادة المسار الديمقراطي في السودان، كما عقدت لقاءات مع رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، وعدد من رؤساء دول الهيئة الحكومية للتنمية «إيغاد».

وسبق أن وجّه حمدوك، مطلع العام الحالي، دعوة للتواصل مع كل من قيادة الجيش السوداني و«الدعم السريع»، قبل أن يلتقي في يناير (كانون الثاني) الماضي، في العاصمة الإثيوبية قائد «قوات الدعم»، محمد حمدان دقلو (حميدتي).

أطفال فرّوا من الصراع في منطقة دارفور يركبون عربة في أثناء عبور الحدود بين السودان وتشاد (رويترز)

من جانبه، وصف رئيس «حزب التحالف السوداني»، والقيادي بالمجلس المركزي لـ«الحرية والتغيير»، كمال إسماعيل، زيارة حمدوك إلى القاهرة، بأنها «مهمة وفي توقيت مناسب»، مشيراً إلى أن العديد من القوى المدنية السودانية تعول على دور فاعل للقاهرة، من أجل التوصل إلى إنهاء للحرب الداخلية في السودان، ومن ثم إطلاق عملية سياسية.

وأضاف إسماعيل لـ«الشرق الأوسط» أن الزيارة تستهدف عدة أولويات تركز بالضرورة على جهود وقف الحرب، كما تشمل كذلك البعد الإنساني، في ظل التدهور الحاد لأوضاع ملايين النازحين السودانيين سواء داخل الأراضي السودانية أو في بعض دول جوار السودان، بينما تأتي الحلول السياسية بوصفها أولويةً تالية.

وأوضح رئيس «حزب التحالف السوداني» أن الأشهر الأخيرة شهدت حواراً مكثفاً بين مكونات القوى السياسية السودانية، مشيراً إلى أن تلك القوى «نجحت في بناء أرضية سياسية وقاعدة لانطلاق الأولويات المتعلقة بوقف الحرب»، وأشار إلى أن تفاصيل القضايا السياسية «من السهل التوصل إليها عقب انتهاء الحرب»، وبدعم ومساندة من دول جوار السودان التي لديها رؤية ورغبة في استعادة السودان لاستقراره، وفي مقدمتها مصر.

وكانت مصر قد استضافت في 13 يوليو (تموز) الماضي، قمة دول جوار السودان بمشاركة فيها 7 دول أفريقية، هي: مصر وليبيا وتشاد وأفريقيا الوسطى وجنوب السودان وإريتريا وإثيوبيا.

وأقرت القمة آلية اتصال يقودها وزراء خارجية الدول المشاركة لبحث «الإجراءات التنفيذية المطلوبة لمعالجة تداعيات الأزمة السودانية على مستقبل واستقرار السودان، ووحدته وسلامة أراضيه، والحفاظ على مؤسساته الوطنية ومنعها من الانهيار»، بحسب البيان الختامي للقمة.

كما استضافت القاهرة خلال الأشهر الماضية اجتماعات لعدد من القوى السياسية السودانية، من بينها المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير، والتي استهدفت بلورة إطار سياسي من جانب القوى المدنية لوقف الحرب السودانية، وبحث قضايا الانتقال الديمقراطي في البلاد.

«قمة جوار السودان» في القاهرة يوليو الماضي (إ.ب.أ)

بدوره، رأى الكاتب والمحلل السياسي السوداني، مجدي عبد العزيز، أن زيارة حمدوك إلى القاهرة يمكن أن يكون لها مردود إيجابي كبير إذا جاء حمدوك «بقلب وعقل مفتوحين للاستماع إلى كل الأفكار والآراء من مختلف التيارات دون تماهٍ أو تأثر فقط بما يدور في إطار القوى المتحالفة معه من تيار الحرية والتغيير الذي يتهم بأنه ظهير سياسي لـ(الدعم السريع)»، وفق تعبيره.

وأضاف عبد العزيز لـ«الشرق الأوسط» أن الحالة السياسية والإنسانية في السودان «متأزمة بشدة»، الأمر الذي يتطلب أن تكون كل التحركات السياسية «متجردة من أي أهواء أو مصالح سوى المصالحة الوطنية»، موضحاً أن لدى حمدوك فرصة كبيرة في تحقيق إنجاز وانفتاح سياسي خلال زيارته إلى القاهرة، «إذا استطاع أن يتحاور مع الجميع بوصفه رجلاً سودانياً وطنياً، وتخلص من أي تأثيرات لأجندات خارجية كان لها دور في إشعال الحرب الداخلية في السودان»، ولفت إلى أن استمرار الحرب طيلة الأشهر الماضية «لم يكن ليحدث لولا وجود تدخلات خارجية، وإمداد لأحد أطراف الصراع بالسلاح والمرتزقة». وشدد عبد العزيز على أهمية الدور المصري في دعم الحوار السوداني - السوداني من خلال تهيئة الأجواء المناسبة لجميع الأطراف والحرص على المصلحة الوطنية السودانية، باعتبار أن الأوضاع في السودان تنعكس بشكل مباشر على المصالح المصرية، مبيناً أن تشاور كل القوى السودانية مع القاهرة «مسألة ضرورية وحيوية للإسهام في استعادة استقرار السودان».


مقالات ذات صلة

وزير الخارجية المصري يؤكد ضرورة احتواء التصعيد في الضفة الغربية

شمال افريقيا وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يستقبل سيجريد كاج كبيرة منسقي الأمم المتحدة للشئون الإنسانية وإعادة الإعمار في قطاع غزة (صفحة الخارجية المصرية عبر فيسبوك)

وزير الخارجية المصري يؤكد ضرورة احتواء التصعيد في الضفة الغربية

أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ضرورة احتواء التصعيد العسكري في الضفة الغربية، واضطلاع إسرائيل بمسؤولياتها في توفير الأمن للفلسطينيين.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا سد «النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)

مصر ترفض تصريحات رئيس وزراء إثيوبيا بشأن «سد النهضة»

وجه وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي خطاباً إلى رئيس مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إثر التصريحات الأخيرة لرئيس الوزراء الإثيوبي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا أحد أحياء وسط العاصمة المصرية القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

الحكومة المصرية تواجه «سرقة الكهرباء» بإلغاء الدعم التمويني

شددت الحكومة المصرية من إجراءات مواجهة «سرقة الكهرباء» باتخاذ قرارات بـ«إلغاء الدعم التمويني عن المخالفين»، ضمن حزمة من الإجراءات الأخرى.

أحمد إمبابي (القاهرة)
يوميات الشرق لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)

اختبار «اللهجة الفلاحي»... تندُّر افتراضي يتطوّر إلى «وصم اجتماعي»

تطوّر اختبار «اللهجة الفلاحي» إلى «وصم اجتماعي» في مصر بتحوّل ناجحين فيه إلى مادة للسخرية، بينما تباهى خاسرون بالنتيجة، مع انتشاره عبر مواقع التواصل.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق إيناس الدغيدي تثير الجدل مجدداً (إنستغرام)

تصريحات «صادمة» لإيناس الدغيدي تعيدها إلى دائرة الجدل

أعادت تصريحات تلفزيونية جديدة وُصفت بأنها «صادمة» المخرجة المصرية إيناس الدغيدي إلى دائرة الجدل، حين تحدثت عن عدم ارتباطها بزواج عرفي لكنها عاشت «المساكنة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

وزير الخارجية المصري يؤكد ضرورة احتواء التصعيد في الضفة الغربية

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يستقبل سيجريد كاج كبيرة منسقي الأمم المتحدة للشئون الإنسانية وإعادة الإعمار في قطاع غزة (صفحة الخارجية المصرية عبر فيسبوك)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يستقبل سيجريد كاج كبيرة منسقي الأمم المتحدة للشئون الإنسانية وإعادة الإعمار في قطاع غزة (صفحة الخارجية المصرية عبر فيسبوك)
TT

وزير الخارجية المصري يؤكد ضرورة احتواء التصعيد في الضفة الغربية

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يستقبل سيجريد كاج كبيرة منسقي الأمم المتحدة للشئون الإنسانية وإعادة الإعمار في قطاع غزة (صفحة الخارجية المصرية عبر فيسبوك)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يستقبل سيجريد كاج كبيرة منسقي الأمم المتحدة للشئون الإنسانية وإعادة الإعمار في قطاع غزة (صفحة الخارجية المصرية عبر فيسبوك)

أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الأحد، ضرورة احتواء التصعيد العسكري في الضفة الغربية، و«اضطلاع إسرائيل بمسؤولياتها في توفير الأمن للفلسطينيين بوصفها قوة احتلال، بدلاً من ترويعهم، وانتهاك كل حقوقهم الإنسانية من خلال عمليات القتل والاغتيال والاعتقال والتعذيب».

وأكد عبد العاطي، خلال استقبال سيجريد كاج كبيرة منسقي الأمم المتحدة للشئون الإنسانية وإعادة الإعمار في قطاع غزة، على مواصلة مصر تقديم الدعم اللازم لها لتمكينها من تنفيذ مهام ولايتها التي نصَّ عليها قرار مجلس الأمن المنشئ لها، والتأكيد على رغبة مصر في استمرارها في تنفيذ مهام ولايتها لتسهيل دخول المساعدات الإنسانية.

وشدد وزير الخارجية المصري على ضرورة مواصلة إطْلاع مجلس الأمن بشفافية وبوضوح على التطورات الخاصة بعمل الآلية الأممية ومدى تعاون الدول معها، وفقاً لـ«وكالة الأنباء الألمانية».

ورحب الوزير عبد العاطي بالتعاون بين الآلية الأممية و«الهلال الأحمر المصري» فيما يتعلق بالمساعدات الإنسانية المقدمة إلى قطاع غزة عن طريق مصر.

وأضاف المتحدث باسم «الخارجية المصرية»، في بيان، أن الوزير عبد العاطي أعرب عن انزعاج مصر الشديد من محاولات تكرار ما يحدث في غزة في الضفة الغربية.

ووفقاً للبيان، استعرضت المسؤولة الأممية أبرز الجهود التي بذلتها خلال الفترة الماضية في سبيل تسهيل إدخال وتوزيع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة، بما في ذلك المشاركة في حملة التطعيم ضد شلل الأطفال التي بدأت، الأحد، مشيرة إلى الصعوبات التي تواجهها الآلية الأممية في ظل استمرار العمليات العسكرية، وتدهور الوضع الأمني في القطاع.

وينفذ الجيش الإسرائيلي لليوم الخامس تواليا عمليته العسكرية الدامية «لمكافحة الإرهاب» في شمال الضفة الغربية المحتلة، التي أطلق عليها عملية «المخيمات الصيفية»، حيث يهاجم مخيمات فلسطينية في جنين وطولكرم.