مطالب برلمانية بإعادة تغيير مجلس إدارة «المركزي» الليبي

إثر خلافات حادة بين محافظ المصرف ورئيس حكومة «الوحدة»

محافظ «ليبيا المركزي» مجتمعاً مع أعضاء اللجنة المالية بمجلس النواب (المصرف)
محافظ «ليبيا المركزي» مجتمعاً مع أعضاء اللجنة المالية بمجلس النواب (المصرف)
TT

مطالب برلمانية بإعادة تغيير مجلس إدارة «المركزي» الليبي

محافظ «ليبيا المركزي» مجتمعاً مع أعضاء اللجنة المالية بمجلس النواب (المصرف)
محافظ «ليبيا المركزي» مجتمعاً مع أعضاء اللجنة المالية بمجلس النواب (المصرف)

طالب 34 برلمانياً ليبياً بتعيين مجلس إدارة جديد لمصرف ليبيا المركزي، مشيرين إلى إمكانية التوافق مع المجلس الأعلى للدولة حول منصب المحافظ.

وطفت على السطح خلال الأسبوع الحالي خلافات حادة بين محافظ المصرف الصديق الكبير، ورئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة، وصبّت هذه الخلافات لصالح جبهة شرق ليبيا، بحسب متابعين.

محافظ المصرف الصديق الكبير (الشرق الأوسط)

وكان الكبير قد وجه خطاباً الثلاثاء الماضي إلى رئيس حكومة «الوحدة»، بشأن توسعها في الإنفاق الحكومي، الأمر الذي تلقفه أنصار الجبهة المناوئة للدبيبة بالترحيب، لكن أسامة حماد، رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب، أوضح أنه «لا يقبل من المصرف المركزي التنصل من المسؤولية عما وصلت إليه الأوضاع الاقتصادية من ترد في المجالات كافة، كونه الجهة التي تتولى تنفيذ أوامر الصرف الصادرة من مالية هذه الحكومة منتهية الولاية».

وتعاطيا مع الخطاب الصادر عن الكبير، دعا النواب الـ 34 في بيان أصدروه مساء أمس (الأربعاء) إلى «تشكيل فريق من الخبراء الليبيين لدراسة الأزمة المالية، مع إلزام الجهات كافة بتوفير البيانات المطلوبة للخروج بحلول حقيقية، لا يكون المواطن هو الحلقة الأضعف فيها».

كما اقترحوا تكليف النائب العام، الصديق الصور، بالتحقيق في «ادعاء المحافظ عن وجود إنفاق مواز مجهول المصدر»، منوهين إلى «ضرورة التحرك السريع مع كل الأطراف المحلية والخارجية، من أجل تشكيل حكومة جديدة موحدة بميزانية محددة».

أسامة حماد رئيس حكومة «الاستقرار» الليبية (الحكومة)

وحمل الأعضاء المسؤولية الكاملة لمحافظ المصرف المركزي «فيما آل إليه الوضع الاقتصادي في البلاد، بصفته المسؤول عن إدارة السياسة النقدية بالتنسيق مع السياسة المالية والتجارية، ووفقا للسياسة العامة للدولة»، ورأوا أنه «مشارك في التوسع بالإنفاق، وزيادة عرض النقود، وكل الإجراءات التي أوصلت إلى الوضع الاقتصادي الصعب»

كما شدد النواب الموقعون على البيان، ومن بينهم فوزي النويري، وعبد السلام نصية، وعمار الأبلق، على «رفضهم المطلق طرح حلول على حساب القوة الشرائية للمواطن، بدلا من التصدي للفساد، وإهدار المال العام من قِبل الحكومات، واتباع السياسات النقدية والتجارية والمالية الخاطئة». عادين أن «تعديل سعر الصرف، أو إدارة السياسة النقدية، من صميم عمل مصرف ليبيا المركزي، ولا علاقة لمجلس النواب بذلك»، ومشيرين إلى أن «اقتراح فرض ضرائب ورسوم على سعر بيع النقد الأجنبي، مع إعفاء بعض الجهات، يعني تعدد أسعار الصرف، وهو تشوه اقتصادي وباب للفساد».

وكان الكبير قد اقترح في خطابه لعقيلة في 27 من فبراير (شباط) الماضي تعديل سعر صرف الدينار الليبي أمام العملات الأجنبية، وفرض ضريبة بـ27% على النقد الأجنبي.

وسبق للحكومة المكلفة من مجلس النواب المطالبة بالتحقيق في الخطاب الموجه من المحافظ إلى رئيس حكومة «الوحدة» بشأن التوسع في الإنفاق الحكومي، لافتاً إلى أن بيانات المصرف المركزي أظهرت أن إنفاق حكومة الدبيبة منذ عام 2021 وحتى نهاية 2023 قارب 420 مليار دينار، وجه معظمها لنفقات استهلاكية على حساب الإنفاق التنموي. (الدولار يساوي 4.84 دينار في السوق الرسمية).

وكان محافظ مصرف ليبيا المركزي قد عقد بمكتبه اجتماعاً، بحضور نائبه مرعي البرعصي، مع رئيس وأعضاء اللجنة المالية بمجلس النواب وبعض المستشارين بمصرف ليبيا المركزي. وتناول الاجتماع متابعة مراحل إعداد قانون الميزانية الموحد لسنة 2024، وارتفاع سعر الصرف في السوق الموازي، وتهريب السلع الغذائية وغيرها لدول الجوار، بالإضافة إلى ترشيد الإنفاق، وآثار «العملة مجهولة المصدر» على الأمن القومي.

وكان المصرف المركزي قد تحدث عن وجود عملة ورقية فئة 50 ديناراً «مزورة»، الأمر الذي رفضته سلطات شرق ليبيا.


مقالات ذات صلة

لماذا تنتهي الاحتجاجات ضد «الوحدة» الليبية إلى «لا شيء»؟

تحليل إخباري جانب من احتجاجات مواطنين في طرابلس ضد حكومة الدبيبة بعد تصريحات المنقوش (أ.ف.ب)

لماذا تنتهي الاحتجاجات ضد «الوحدة» الليبية إلى «لا شيء»؟

شهدت بعض مناطق بغرب ليبيا مظاهرات متكررة بعضها جاء الأسبوع الماضي على خلفية اتهام حكومة «الوحدة» المؤقتة بـ«التطبيع مع إسرائيل».

جاكلين زاهر (القاهرة)
شمال افريقيا  القائم بأعمال سفارة أميركا خلال لقائه مع مسؤول المنطقة الحرة بمصراتة (القائم بالأعمال)

البعثة الأممية تدعو لـ«تحقيق فوري» في تعذيب محتجزين شرق ليبيا

دعت بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا، اليوم الأربعاء، للتحقيق في «مقاطع فيديو متداولة، تُظهر تعذيب وسوء معاملة لعدد من المحتجزين في سجن قرنادة».

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا إردوغان مستقبلاً الدبيبة بالقصر الرئاسي في أنقرة (الرئاسة التركية)

إردوغان يبحث مستجدات الأزمة الليبية مع رئيس «الوحدة»

أجرى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مباحثات مع رئيس الحكومة الليبية المؤقتة عبد الحميد الدبيبة، تناولت المستجدات في ليبيا، والعلاقات التركية - الليبية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شمال افريقيا ليبيون يصطفون انتظاراً للإدلاء بأصواتهم في الجولة الأولى من الانتخابات البلدية نوفمبر الماضي (مفوضية الانتخابات)

ليبيا تترقب مرحلة ثانية من انتخابات محلية «أكثر تعقيداً»

يرجع متابعون أهمية خاصة لهذه الجولة الانتخابية كونها تستهدف «البلديات الأكبر وذات الأوزان السياسية المهمة وفي طليعتها طرابلس وبنغازي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا تدشين أولى رحلات الخطوط التركية بعد غياب دام سنوات (حكومة شرق ليبيا)

تركيا تواصل انفتاحها على شرق ليبيا بتدشين رحلات إلى بنغازي

دشنت وزارة الطيران المدني بحكومة شرق ليبيا وأعضاء بمجلس النواب وعدد من القيادات الأمنية والعسكرية مراسم عودة الرحلات الجوية بين تركيا وبنغازي بعد توقف دام سنوات

خالد محمود (القاهرة )

لماذا تنتهي الاحتجاجات ضد «الوحدة» الليبية إلى «لا شيء»؟

جانب من احتجاجات مواطنين في طرابلس ضد حكومة الدبيبة بعد تصريحات المنقوش (أ.ف.ب)
جانب من احتجاجات مواطنين في طرابلس ضد حكومة الدبيبة بعد تصريحات المنقوش (أ.ف.ب)
TT

لماذا تنتهي الاحتجاجات ضد «الوحدة» الليبية إلى «لا شيء»؟

جانب من احتجاجات مواطنين في طرابلس ضد حكومة الدبيبة بعد تصريحات المنقوش (أ.ف.ب)
جانب من احتجاجات مواطنين في طرابلس ضد حكومة الدبيبة بعد تصريحات المنقوش (أ.ف.ب)

شهدت بعض مناطق غرب ليبيا مظاهرات متكررة، بعضها كان خلال الأسبوع الماضي، وذلك على خلفية اتهام حكومة «الوحدة» المؤقتة بـ«التطبيع مع إسرائيل»، لكن هذه المظاهرات الاحتجاجية عادة ما تنتهي إلى «لا شيء»، بحسب تعبير مراقبين.

سياسيون ومراقبون يرون أن هناك عوامل عديدة ساعدت حكومة «الوحدة»، التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة، على امتصاص موجة الغضب الشعبي، التي انفجرت في أعقاب تصريحات وزيرة خارجيته المقالة، نجلاء المنقوش، حول لقائها بنظيرها الإسرائيلي إيلي كوهين في وقت سابق، والتي أكدت فيها أن اللقاء جاء وفق «تنسيق» حكومي.

قوات الأمن تحاول تفريق محتجين ضد الدبيبة في طرابلس (أ.ف.ب)

وتتنوع الآراء حول أسباب عدم تأثير هذه الاحتجاجات في السلطة الحاكمة، وفي هذا السياق يرى عضو المجلس الأعلى للدولة، محمد معزب، أن جل الليبيين «يدركون مدى تباين دوافع المتظاهرين، المنقسمة ما بين أصوات وطنية ترفض التطبيع، وبين موالين لخصوم الدبيبة السياسيين، الذين يحاولون توظيف تصريحات المنقوش بهدف إسقاط حكومته»، معتقداً أن هذا بالتحديد «ما دفع قطاعاً كبيراً منهم للإحجام عن الالتحاق بتلك الاحتجاجات؛ ولذا انحسر وتقلص نطاقها بشكل سريع».

الدبيبة ووزير داخليته خلال حفل تخريج الدفعتين السابعة والثامنة من ضباط صف وزارة الداخلية (الوحدة)

وتكررت المظاهرات الاحتجاجية منذ تسلم الدبيبة السلطة في العاصمة طرابلس في فبراير (شباط) 2021. وكان أبرزها تلك التي حدثت في أعقاب إذاعة مقابلة المنقوش مع منصة إعلامية. وفي هذا السياق قال معزب لـ«الشرق الأوسط» إن بعض المحتجين «تخوف من إمكانية استغلال خصوم الدبيبة، وتحديداً البرلمان والمتقاربين معه من أعضاء المجلس الأعلى للدولة، لهذه الأجواء، ولذلك لم يستجب لدعوة منصات إعلامية وصفحات نشطاء للتظاهر، رغم شعوره بالاحتقان من تصريحات المنقوش».

وفي أول تعليق على المظاهرات التي خرجت ضده، اتهم الدبيبة بعض المتظاهرين بالحصول على «المال والمخدرات» من قوى محلية، لم يسمها، فيما طالب رئيس الحكومة المكلفة من البرلمان، أسامة حماد، باتخاذ الإجراءات القانونية ضد «الوحدة».

وزيرة خارجية حكومة الوحدة المقالة نجلاء المنقوش (أ.ب)

ووفقاً لرؤية معزب فإنه «رغم شعور عدد من المواطنين بالاحتقان من تصريحات المنقوش؛ فإنها فضلت التركيز على الدفع باتجاه إجراء انتخابات عادلة؛ كون هذا الإجراء قد يكون الحل الرئيس لإزاحة كافة السلطات المتصدرة للمشهد راهناً».

ويعد ملف تشكيل «حكومة جديدة» من القضايا الخلافية في ليبيا، حيث يتمسك البرلمان بها، تمهيداً لإجراء الانتخابات، لكن في المقابل يرفض الدبيبة القوانين الانتخابية التي أقرّها البرلمان، ويصفها بأنها «غير عادلة»، ويطالب بقوانين تُجرى على أساسها الانتخابات، وبعدها يُسلِّم السلطة.

المحلل السياسي الليبي، محمد محفوظ، اعتبر أن حكومة الدبيبة «نجت مجدداً من نيران» تصريحات المنقوش. وسلط محفوظ الضوء على «انحصار الاحتجاجات في المنطقة الغربية؛ وقلة عدد المشاركين فيها، مقارنة بمن شاركوا بالمظاهرات التي اندلعت قبل عام وأربعة أشهر عندما كشفت الصحافة الإسرائيلية في المرة الأولى عن تفاصيل عقد لقاء المنقوش وكوهين». وأرجع ذلك «لشعور قطاع كبير من المواطنين بأن مظاهراتهم السابقة في مواجهة تلك الحادثة، أو غيرها، لم تحدث فارقاً كبيراً، ولم تؤد في النهاية إلى إزاحة أي من السلطات المتصدرة للسلطة منذ سنوات».

هناك أساب أخرى لهذا الإحجام لعدم توسع دائرة الاحتجاجات، من بينها «التخوف من الاصطدام مع المجموعات المسلحة التابعة لحكومة الدبيبة؛ وتركيز الأسر الليبية على أوضاعهم المعيشية»، بحسب محفوظ الذي قال لـ«الشرق الأوسط» موضحاً: «للأسف فقد أفقد عدم تحديد موعد لإجراء الانتخابات منذ ثلاث سنوات قطاعات كبيرة من المواطنين اهتمامهم بالشأن السياسي، وباتوا يركزون أكثر على شؤونهم الخاصة، ويرون أن كل ما يحدث هو مجرد صراع بين القوى الرئيسة على السلطة، وأنهم لن يستفيدوا من ورائه شيئاً».

من جهته، اعتبر عضو مجلس النواب الليبي، علي التكبالي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «خفوت الحراك الشعبي الغاضب لا يعني أن الاتهامات التي تواجه حكومة الوحدة بعقد لقاء مع مسؤول إسرائيلي سوف تتلاشى»، لافتاً إلى أن «تهمة التطبيع لا تسقط بالتقادم؛ وستظل وصمة عار تلاحق فترة حكم الدبيبة».

وذهب التكبالي إلى أن «استشعار قطاع من الليبيين بوجود مبادرة سياسية جديدة للبعثة الأممية قد تؤدي لإزاحة كافة الأجسام والسلطات الراهنة، بما فيها حكومة الوحدة بعد فترة زمنية، ربما أقنع بعضهم بأن الأمر لا يستحق التظاهر ضدها». مبرزاً أنه سيتقدم مع بعض النواب البرلمانيين الجلسة المقبلة بتساؤل حول أسباب عدم اتخاذ النائب العام، الصديق الصور، أي تحرك قانوني بشأن ما تحدثت عنه المنقوش في لقائها الذي عقد في العاصمة الإيطالية روما قبل أكثر من عام.

النائب العام الصديق الصور (الشرق الأوسط)

وكانت العاصمة طرابلس قد شهدت عدة مظاهرات، من بينها الاحتجاجات التي دعا إليها «تيار بالتريس» في العاصمة، تنديداً بتردي الأوضاع المعيشية، بالإضافة إلى مظاهرات عديدة طالبت بطرد القوات الأجنبية و«المرتزقة»، لكنها انتهت إلى «لا شيء».