المصريون عالقون بين «هاشتاغات» التعويم… وعيونهم مُعلقة بالأسعار

الأشهر الماضية شهدت نشاطاً كبيراً في «السوق السوداء»

بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

المصريون عالقون بين «هاشتاغات» التعويم… وعيونهم مُعلقة بالأسعار

بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

بين إلقاء «نظرة الوداع» على سعر الدولار الرسمي «الثابت» في البنوك المصرية، والإقرار بأنهم في «لحظات تاريخية» حالية، والتخوف المستقبلي من غلاء جديد يطول السلع والمنتجات، جاء حال المصريين، وهم يتابعون مشهد التطورات الاقتصادية في بلادهم، مع قرار البنك المركزي المصري، الأربعاء، «تحديد سعر صرف الجنيه وفقاً لآليات السوق».

فمع استيقاظ المصريين على القرار المتوقع، الذي عده البعض «تعويماً»، وما تبعه من رفع أسعار الفائدة على الجنيه بواقع 6 في المائة؛ تفاعلت «السوشيال ميديا» بقوة مع القرارات الجديدة. وفي غضون دقائق قليلة من الإعلان عن تلك القرارات، هيمنت النزعة الاقتصادية على التفاعلات، التي تصدرتها «هاشتاغات» عديدة، أبرزها: «#المركزي_المصري»، «#الدولار»، «#الجنيه»، «#السعر_العادل»، «#السوق_الموازي»، «#شلل_السوق_السوداء».

وشهدت الأشهر الماضية بمصر نشاطاً كبيراً لـ«السوق السوداء»، وهي سوق موازية غير قانونية لتبديل العملات الأجنبية خارج المعاملات المصرفية، في ظل تزايد الفارق بين السعر الرسمي للدولار المعلن بالبنوك، وسعر «السوق الموازية» لقيمة تلك العملات مقابل الجنيه المصري، وكان الدولار الأميركي على رأس العملات المتداولة خارج الإطار الرسمي، حيث بلغ سعره الرسمي 30.9 جنيه، بينما كان يباع في «السوق السوداء» بأرقام أعلى بكثير، حيث ناهز سعره الـ70 جنيهاً في بعض الأوقات.

وبمجرد صدور بيان البنك المركزي، بدأ سعر الدولار الرسمي في الصعود حتى بلغ الـ50 جنيهاً في تعاملات عصر الأربعاء.

وعكست ردود فعل رواد «السوشيال ميديا» على القرارات الجديدة تبايناً بين قطاعات من المتفائلين والمتشائمين حيال سعر العملة ومستقبل «السوق السوداء» وأسعار السلع المختلفة. وقال حساب باسم «أحمد البرديسي»، إن «هناك توديعاً للسوق السوداء، وهذا معناه وجود فرصة للتنمية والاستقرار الاقتصادي».

من جهته، أكد الخبير الاقتصادي المصري، أشرف غراب، لـ«الشرق الأوسط»، أن «قرارات البنك المركزي المصري، الأربعاء، جاءت في توقيت مهم ومناسب من أجل السيطرة على سعر الصرف وكبح جماح التضخم والسيطرة عليه».

وتباطأ معدل التضخم في مصر إلى 29.8 في المائة على أساس سنوي في يناير (كانون ثاني) الماضي، من 33.7 بالمائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وسجل أعلى مستوى تاريخي عند 38 في المائة في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفقاً للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء بمصر.

منطقة العتبة في وسط القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وهنا يرى غراب أن تلك القرارات تهدف إلى السيطرة على «السوق السوداء للدولار»، خاصة بعد دخول كميات كبيرة من النقد الأجنبي لمصر من صفقة «رأس الحكمة»، فكان لابد من اتخاذ خطوات قوية وصارمة للقضاء على «السوق الموازية للعملة».

ووقّعت مصر الأسبوع الماضي عقد تطوير مشروع «رأس الحكمة» بشراكة إماراتية، واستثمارات قدرت بنحو 150 مليار دولار خلال مدة تطوير المشروع، تتضمن ضخّ نحو 35 مليار دولار استثماراً أجنبياً مباشراً للخزانة المصرية خلال شهرين، وسط تطلع مصري لأثر سياسي واقتصادي مستدام من الصفقة.

إلى ذلك، تعلقت عيون المصريين بتطورات الأسعار نتيجة القرارات، وتفاعلت تعليقات «السوشيال ميديا» مع تأثير القرارات على أسعار السلع.

وتمنى حساب باسم «رغدة السعيد»، ثبات الأسعار، وألا تكون وفرة الدولار في البنوك مؤقتة.

وتخوف حساب باسم «تقى» من زيادة الأسعار، رغم أن التسعير في السوق كان يتم على أساس سعر الدولار في السوق الموازية.

وشهدت مصر ارتفاعات متتالية في أسعار السلع منذ بداية العام الحالي، خصوصاً أسعار الذهب، ومواد البناء، والأجهزة الكهربائية، والمواد الغذائية، ومنتجات الألبان، واللحوم والدواجن، مدفوعة بتراجع قيمة الجنيه أمام الدولار.

وعندما تخطى سعر الدولار حاجز 50 جنيهاً في بعض البنوك المصرية، الأربعاء، عدّ حساب باسم «أحمد عبده» أن البنوك تنافست في رفع سعر الدولار، و«هو ما يعني غلاءً منتظراً»، وفق قوله.

عودة إلى غراب الذي أشار إلى أن «هذه القرارات المهمة تعمل على توافر الدولار بالبنوك، ما يلبي احتياجات المستوردين والصُناع والمنتجين لاستيراد مستلزمات الإنتاج والخامات الضرورية، وهذا يسهم في زيادة معدلات التشغيل، وبالتالي يسهم في خفض الأسعار بلا شك».

ورغم «اللحظات التاريخية»، التي تشهدها الأوضاع الاقتصادية في البلاد وفق وصف البعض، فإن التندر لم يغب عن تعليقات المصريين، ولجأ العديد منهم إلى بعض المشاهد السينمائية للتعبير عن تلك اللحظات بشكل ساخر، ومنها مشهد يلخص حال المصريين أمام الشاشات، مصحوباً بتعليق: «وأنا سايب شغلي وبتابع التعويم».

لكن الخبير الاقتصادي المصري، ياسر حسين قال لـ«الشرق الأوسط» إن «المصريين سيبقون عالقين لفترة بين (هاشتاغات) مماثلة، طالما أن الفجوة المالية بين الموارد والمصروفات الدولارية العامة قائمة». وأشار إلى أن «هناك بوادر إيجابية في السوق؛ لكن المخاوف ما زالت قائمة لدى بعض الفئات». ودلل حسين على ذلك بقوله إن «هناك موروثاً ثقافياً لدى المصريين مفاده أن ما يرتفع سعره لا يهبط مرة أخرى».

كما رأى حسين أن «التغلب على تلك المخاوف يتطلب عرض الدولار باستمرار في البنوك المصرية، أياً كان سعره»، وأن «يشعر المواطن بانعكاسات تدريجية إيجابية على السوق المصرية».


مقالات ذات صلة

مصر: ترحيب واسع بإحالة أوراق المتهم في قضية «تحرش الإسكندرية» إلى المفتي

شمال افريقيا وقائع «تحرش مدرسي» أثارت صدمةً في المجتمع المصري (وزارة التربية والتعليم)

مصر: ترحيب واسع بإحالة أوراق المتهم في قضية «تحرش الإسكندرية» إلى المفتي

سادت حالة من الارتياح في مصر، الأربعاء، بعد إحالة أوراق المتهم في «واقعة تحرش مدرسة الإسكندرية» إلى مفتي الديار المصرية لإبداء الرأي الشرعي في إعدامه.

أحمد جمال (القاهرة )
شمال افريقيا مصريون أمام أحد المراكز الاقتراع في الانتخابات البرلمانية (حزب حماة الوطن)

مخاوف من «تجاوزات» في انتخابات الدوائر الملغاة بـ«النواب» المصري

تجدّدت المخاوف من حدوث «تجاوزات» انتخابية في مصر، مع انطلاق التصويت في انتخابات الإعادة داخل 30 دائرة سبق أن أُلغيت نتائجها بقرار من المحكمة الإدارية العليا.

علاء حموده (القاهرة)
شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال استقبال نظيرة التركي في القاهرة فبراير 2024 (الرئاسة المصرية)

التعاون الدفاعي المصري - التركي «يربك موازين القوى الإقليمية»

حذر إعلام عبري من «التعاون العسكري بين مصر وتركيا في مجال تصنيع الطائرة الشبحية KAAN»، مما يهدد «التفوق الجوي الإسرائيلي مستقبلاً».

هشام المياني (القاهرة )
شمال افريقيا القائد العام للقوات المسلحة المصرية يلتقي عدداً من قوات حرس الحدود (المتحدث العسكري المصري)

وزير الدفاع المصري يطالب الجيش بـ«الاستعداد الدائم» لمواجهة «التحديات المحتملة»

طالب القائد العام للقوات المسلحة المصرية، وزير الدفاع والإنتاج الحربي، الفريق أول عبد المجيد صقر، قوات الجيش بـ«الاستعداد الدائم لمواجهة التحديات المحتملة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق صورة لملصق دعائي لطبق الكشري كما أعلنت عنه وزارة الثقافة المصرية

الكشري المصري يدخل القائمة التمثيلية للتراث غير المادي لـ«اليونيسكو»

أعلنت وزارة الثقافة المصرية أنها نجحت في إدراج أكلة الكشري في القائمة التمثيلية للتراث غير المادي للإنسانية لمنظمة «اليونيسكو».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

مصر: ترحيب واسع بإحالة أوراق المتهم في قضية «تحرش الإسكندرية» إلى المفتي

وقائع «تحرش مدرسي» أثارت صدمةً في المجتمع المصري (وزارة التربية والتعليم)
وقائع «تحرش مدرسي» أثارت صدمةً في المجتمع المصري (وزارة التربية والتعليم)
TT

مصر: ترحيب واسع بإحالة أوراق المتهم في قضية «تحرش الإسكندرية» إلى المفتي

وقائع «تحرش مدرسي» أثارت صدمةً في المجتمع المصري (وزارة التربية والتعليم)
وقائع «تحرش مدرسي» أثارت صدمةً في المجتمع المصري (وزارة التربية والتعليم)

سادت حالة من الارتياح في مصر، الأربعاء، بعد إحالة أوراق المتهم في «واقعة تحرش مدرسة الإسكندرية» إلى مفتي الديار المصرية لإبداء الرأي الشرعي في إعدامه، وسط ترحيب واسع لتحقيق «العدالة الناجزة»، بما يردع مرتكبي مثل هذه الجرائم التي تكررت بحق عدد من أطفال المدارس الخاصة والدولية أخيراً.

وأصدرت محكمة جنايات الإسكندرية (شمالاً) حكمها، الثلاثاء، بإحالة أوراق عامل بمدرسة دولية في الإسكندرية إلى المفتي «لمعاقبته عن جرائم الخطف المقترن بجنايات هتك العرض»، بعد بلاغات جرى تقديمها في 30 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وتستمر التحقيقات في قضية «التحرش»، المتهم فيها سبعة أشخاص بحق عدد من طلاب إحدى المدارس الدولية بالقاهرة، بعد بلاغات قدمها الضحايا في 20 نوفمبر الماضي، وتدخلت «النيابة العسكرية» أخيراً على خط القضية.

وقال بيان النيابة العامة، الثلاثاء، إنها باشرت التحقيقات في «بلاغ ورد من أولياء أمور عدد من الأطفال بإحدى المدارس الخاصة بمحافظة الإسكندرية، تضرروا فيه من اعتداء عامل بالمدرسة جنسياً على الأطفال داخل غرف منفصلة». وأضافت النيابة أنها استمعت إلى أقوال الأطفال وذويهم وشهود الواقعة، وعاينت الغرف المُشار إليها، ثم عرضت الأطفال على مصلحة الطب الشرعي، «فثبت ما لحق بهم من إصابات تتفق مع مضمون أقوالهم في التحقيقات».

وأحالت النيابة المتهم إلى محكمة الجنايات «لمعاقبته على جرائم الخطف المقترن بجنايات هتك العرض»، وطلبت توقيع أقصى عقوبة مقررة قانوناً. وقالت بهذا الخصوص: «تحقيقاً للردع العام فإن مباشرة التحقيقات في تلك القضية، وصدور الحكم فيها بالإعدام، لم يستغرقا سوى عشرة أيام، في رسالة واضحة لكل من تسول له نفسه ارتكاب مثل تلك الفعلة الشنعاء».

وأشاد «مرصد الأزهر لمكافحة التطرف» بالحكم القضائي، وثمن سرعة موقف النيابة العامة، مؤكداً أنه يعزز الثقة في فاعلية المنظومة القضائية في صون وحماية الأطفال.

واعتبر محامي هيئة الدفاع عن المجني عليهم، طارق العوضي، في تصريحات إعلامية أن «قرار المحكمة بمثابة رسالة طمأنينة لكل أطفالنا، وكل الأمهات والآباء، وما دام لدينا هذا القضاء الذي يستشعر هذا النوع من الخطورة من القضايا، ويصدر الأحكام لردع كل من تسول له نفسه أن يمس براءة أطفالنا، فالمجتمع سيظل آمناً».

وأضاف العوضي موضحاً أن «النيابة العامة قدمت نموذجاً احترافياً يجب أن يدرس لأنها تعاملت بشكل إنساني وقانوني، وحققت للمتهم كل الضمانات العادلة أثناء المحاكمة أمام قاضيه».

من جهته، أكد رئيس «شبكة الدفاع عن الأطفال» (حقوقي)، أحمد مصيلحي، أن تعديلات القانون المصري في عام 2018، التي شددت عقوبات «الخطف» بحيث تصل إلى الإعدام في حال اقترنت «بهتك العرض»، قادت لاتخاذ الحكم القضائي الصادر أخيراً بعد توافر أدلة الاتهام، مشيراً إلى أن الحكم يحقق «العدالة الناجزة» المطلوبة لحماية حقوق الأطفال، ورسالة ردع لعدم الاقتراب منهم وتوفير الحماية لهم. وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «من المهم أن تأخذ كافة القضايا المرتبطة بالاعتداءات على الأطفال هذه المسارات للتعامل مع بعض حالات العنف المنتشرة».

ورحب متابعون على موقع التواصل الاجتماعي «إكس»، الأربعاء، بإحالة أوراق المتهم إلى مفتي مصر، وأشار بعضهم إلى أن «سرعة الحكم مهمة ورادعة لكل من تسول له نفسه ارتكاب هذه الجريمة»، وأنه يمكن الحد من هذه الجرائم في غضون عام.

وقال أستاذ علم الاجتماع، سعيد صادق، إن أحكام الإعدام دائماً ما يتم الطعن عليها وتبقى أحكاماً أولية، لكنها في الوقت ذاته مهمة كونها تأتي سريعة، ويمكن أن تحقق الردع المجتمعي بتطبيق أقصى عقوبة، خاصة أن جرائم التحرش أثارت حالة من القلق المجتمعي، وأثارت الشكوك حول حماية الطلاب داخل المدارس.

وأوضح صادق لـ«الشرق الأوسط» أن ارتكاب جرائم التحرش بحق أطفال في مدارس حكومية ودولية يجعل هناك غموضاً حول إمكانية وجود أطراف أخرى متورطة، ما يتطلب ردعاً قضائياً، مبرزاً أن «ظهور مثل هذه القضايا على السطح بشكل كبير يرجع لفداحة الجريمة والتغطية الإعلامية، والتفاعل مع الوقائع عبر مواقع التواصل الاجتماعي».

وأثارت قضايا «التحرش» التي وقعت أخيراً جدلاً مجتمعياً واسعاً في مصر، وسط مطالبات باتخاذ أقصى عقوبة لردع المتهمين. وقبل نحو 6 أشهر شهدت إحدى المدارس الخاصة حادثة مشابهة، وأصدر القضاء المصري حكماً بالإعدام بحق مدير مالي بالمدرسة، بعد إدانته بالاعتداء على طفل يبلغ من العمر 9 سنوات، قبل أن يخفف الحكم إلى السجن 10 سنوات.

وأشارت النيابة المصرية، في أعقاب حكم الإعدام الأخير، إلى أنها تباشر حالياً تحقيقاً موازياً لتحديد المسؤول عن التقصير في الرقابة داخل إدارة المدرسة.

وتعود تفاصيل الواقعة إلى بلاغات تقدّم بها أولياء أمور أربعة أطفال، تتراوح أعمارهم بين 6 و8 سنوات، ذكروا فيها أن أبناءهم تعرّضوا لانتهاكات متكررة على يد المتهم داخل مبنى المدرسة، وفي أوقات متفرقة خلال اليوم الدراسي.


ليبيا: مشادة «كلامية عنيفة» بين الدبيبة وبرلماني في طرابلس

الدبيبة وعضو البرلمان الليبي قبل مشادتهما الكلامية (الوحدة)
الدبيبة وعضو البرلمان الليبي قبل مشادتهما الكلامية (الوحدة)
TT

ليبيا: مشادة «كلامية عنيفة» بين الدبيبة وبرلماني في طرابلس

الدبيبة وعضو البرلمان الليبي قبل مشادتهما الكلامية (الوحدة)
الدبيبة وعضو البرلمان الليبي قبل مشادتهما الكلامية (الوحدة)

في مشهد يعكس عمق الأزمة السياسية الليبية وتعقيدات المشهد الداخلي، شهدت العاصمة طرابلس توتراً غير مسبوق، بعد اندلاع مشادة كلامية حادّة بين رئيس حكومة الوحدة «المؤقتة»، عبد الحميد الدبيبة، وعضو مجلس النواب، جلال الشويهدي، خلال الاحتفال باليوم العالمي لمكافحة الفساد، بحضور وفود رسمية ودولية.

وسرعان ما تحوّلت المشادة الكلامية بين الدبيبة والشويهدي إلى تبادل للاتهامات وإهانات شخصية أمام وفود رسمية ودولية على هامش المؤتمر، الذي نظمته هيئة الرقابة الإدارية في طرابلس.

وبدأت الأزمة حين هاجم الشويهدي حكومة الدبيبة، واعتبرها «أكبر عائق أمام الحل السياسي»، مؤكداً أن المجتمع الدولي يتعامل معها فقط لأنها تسيطر على طرابلس، وليس لأنها شرعية أو ناجحة، لافتاً إلى أنها «فشلت في إدارة الملفات الاقتصادية والخدمية والأمنية، وأسهمت في تعميق الانقسام».

وظهر الدبيبة في لقطات مصورة، نشرتها وسائل إعلام محلية، مساء الثلاثاء، وهو يرد على الشويهدي بغضب: «طرابلس معاش تخشلها (لن تدخلها بعد اليوم أبداً)»، مضيفاً في تهديد مبطن: «لو كنت في برقة وتكلمت بهذه الطريقة لوضعوا لك السلاسل»، في استدعاء متعمد لواقعة النائب إبراهيم الدرسي، عضو مجلس النواب عن مدينة أجدابيا، الذي لا يزال مصيره مجهولاً بعد أكثر من 18 شهراً من اختطافه في بنغازي بشرق البلاد منذ العام الماضي.

ولم يسكت الشويهدي عن كلام الدبيبة فرد فوراً: «غصباً عنك ندخلها»، ليغادر القاعة وسط ذهول الحضور.

وبعد الحادثة مباشرة، اتهم الشويهدي الدبيبة بتهديده شخصياً بعدم الدخول إلى طرابلس، وفق تصريحات لوسائل إعلام محلية، معتبراً ذلك «تجاوزاً خطيراً». كما وصف في تصريح مصور على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، حكومة الدبيبة بأنها «الفُرقة وليس الوحدة الوطنية»، وقال بلهجة متحدية: «أنا أستطيع متى أردت الذهاب إلى بنغازي أو طرابلس، بينما الدبيبة لا يستطيع تجاوز حدود طرابلس».

وبحسب مراقبين، لا تعد هذه المشادة مجرد مناوشة كلامية عابرة، بل تعكس الصدام القديم - الجديد بين معسكر الغرب، الذي يمثله الدبيبة ومعسكر الشرق، الذي يمثله مجلس النواب، الذي ينتمي الشويهدي إليه، في لحظة رمزية بالغة السخرية، تتعلق بيوم مكافحة الفساد نفسه.

الدبيبة مع وفد بلديتي نسمة ورأس الطبل (حكومة الوحدة)

في شأن آخر، أكد الدبيبة خلال اجتماعه، مساء الثلاثاء، مع مجموعة المؤسسة الليبية للاستثمار، على أهمية حماية الأصول الاستثمارية وتعزيز مبدأ الربحية، داعياً إلى وضع استراتيجية واضحة لمحفظة الاستثمارات العقارية في القارة الأفريقية لضمان تحقيق العوائد وحماية الأصول، مع تحديد جدول زمني لإنجاز هذه الاستراتيجية، ومتابعة تنفيذها بدقة.

كما شدد الدبيبة، خلال لقائه وفد بلديتي نسمة ورأس الطبل وعدداً من الأعيان، على أهمية استمرار التنسيق بين الحكومة والمجالس المحلية والأعيان لدفع عجلة التنمية، مؤكداً التزامه بدعم البلديتين، ومتابعة المشروعات الحيوية التي تعزز جودة حياة المواطنين.

وأصدر الدبيبة تعليماته الفورية والعاجلة باتخاذ جملة من الإجراءات المتعلقة بمشروعات المياه والصرف الصحي والتعليم والصحة، مؤكداً ضرورة معالجة التحديات القائمة، وضمان تنفيذ المشروعات الاستراتيجية، بما يسهم في تطوير المنطقة وتحسين مستوى الخدمات.


مخاوف من «تجاوزات» في انتخابات الدوائر الملغاة بـ«النواب» المصري

مصريون أمام أحد المراكز الاقتراع في الانتخابات البرلمانية (حزب حماة الوطن)
مصريون أمام أحد المراكز الاقتراع في الانتخابات البرلمانية (حزب حماة الوطن)
TT

مخاوف من «تجاوزات» في انتخابات الدوائر الملغاة بـ«النواب» المصري

مصريون أمام أحد المراكز الاقتراع في الانتخابات البرلمانية (حزب حماة الوطن)
مصريون أمام أحد المراكز الاقتراع في الانتخابات البرلمانية (حزب حماة الوطن)

تجدّدت المخاوف من حدوث «تجاوزات» انتخابية في مصر، مع انطلاق التصويت في انتخابات الإعادة داخل 30 دائرة، سبق أن أُلغيت نتائجها بقرار من المحكمة الإدارية العليا، بعدما شهدت الساعات الأولى من الاقتراع، الأربعاء، «بلاغات عن محاولات حشد وشراء أصوات»، ما أعاد إلى الواجهة الجدل الواسع، الذي طغى على المرحلة الأولى من الانتخابات.

جاء ذلك تزامناً مع ترقب لقرارات المحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة بشأن مصير 257 من الطعون الانتخابية، المقدمة ضد نتائج الجولة الأولى من المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب 2025.

ولم تكد تفتح مراكز الاقتراع أبوابها في الدوائر الثلاثين، الأربعاء، حتى أعلن المدير التنفيذي للهيئة الوطنية للانتخابات، المستشار أحمد بنداري، رصد وقائع متداولة على شبكات التواصل الاجتماعي عن «وجود نقاط حشد في شوارع بدائرة الطالبية في محافظة الجيزة لشراء أصوات الناخبين».

وتزايدت التساؤلات لدى مراقبين بعد توالي إشعارات من جانب وزارة الداخلية المصرية، بشأن ضبط ما لا يقل عن 45 شخصاً في عدد من المحافظات، من وقائع الشروع في توزيع «رِشىً» على ناخبين، وخرق حظر الدعاية الانتخابية أمام مراكز الاقتراع.

وقال مدير «المجموعة المصرية للدراسات البرلمانية»، عبد الناصر قنديل، لـ«الشرق الأوسط»، إن تكرار هذه المخالفات «يستوجب تعديلاً تشريعياً أكثر صرامة»، عادّاً أن عقوبة الحبس لمدة عام «لم تعد رادعة»، وإن كان يرى أن «سرعة تعامل أجهزة الدولة مع الوقائع تؤشر إلى قدر مقبول من معايير النزاهة»، على حد قوله.

وجاء الحديث عن «خروقات» جديدة، رغم مضي أقل من أسبوع على حكم محكمة جنح أول طنطا بحبس مندوب أحد المرشحين سنة مع الشغل، بعد ضبطه يجمع بطاقات هوية، ويوزّع أموالاً لتوجيه الناخبين، حيث صودِر بحوزته مبلغ 1700 جنيه (الدولار يساوي 47.5 جنيه)، وتسع بطاقات شخصية، بحسب محاضر الشرطة.

في المقابل، تكرر الهيئة الوطنية للانتخابات دعوتها للمواطنين المقيدين في قاعدة بيانات الناخبين إلى «المشاركة وعدم السماح لأي طرف بالتأثير على إرادتهم»، وتؤكد أنها «تتابع أي خروقات وتتعامل معها فوراً»، وهو ما جدد بنداري الحديث عنه، الأربعاء.

مصريون ينتظرون للإدلاء بأصواتهم في انتخابات مجلس النواب (حزب حماة الوطن)

وانطلق التصويت داخل 30 دائرة انتخابية، وكانت المحكمة الإدارية العليا قد ألغت نتائجها ضمن محافظات المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب. ويتنافس في هذه الدوائر 623 مرشحاً على 58 مقعداً، باستثناء ستة مقاعد جرى حسمها في أربع دوائر، هي الجيزة والمنتزه والمحمودية وأول أسوان، ولا تزال قضاياها منظورة أمام محكمة النقض.

وتأتي هذه التطورات وسط استمرار الجدل، الذي رافق المرحلة الأولى، بعدما دفعت المخالفات الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى مطالبة الهيئة الوطنية للانتخابات بمراجعة مسار العملية، وهو ما أدى لاحقاً إلى إلغاء نتائج 19 دائرة في سبع محافظات، قبل أن تُبطل المحكمة نتائج 30 دائرة إضافية.

وبحسب رئيس «مجلس أمناء مجلس الشباب المصري»، محمد ممدوح، فإن تكرار بعض هذه الممارسات من جانب بعض المرشحين وأنصارهم «يوحي بأنهم لم يستوعبوا الرسائل المتتالية من الدولة بشأن تجريم المال السياسي»، متوقعاً «محاسبة جميع من حرضوا على ممارسات مخالفة، سواء أفازوا بمقاعد البرلمان أم لا».

مواطنون أمام أحد المراكز الاقتراع في صعيد مصر (أ.ش.أ)

الحديث عن الاقتراع في الدوائر الانتخابية الـ30 الملغاة لم يحرف الأنظار عن دوائر أخرى، إذ كانت المحكمة الإدارية العليا تستعد لإصدار حكمها في 257 من الطعون الانتخابية خلال جلسة الأربعاء، إذ ساد ترقّب لعدة سيناريوهات محتملة قد تعيد تشكيل الخريطة للمرحلة الثانية من انتخابات «النواب». وتضمنت الطعون المقدمة إلى المحكمة الإدارية العليا مطالب مختلفة، سواء تلك التي قد فصلت فيها المحكمة، أو التي لم تحسم بعد، من بينها «إلغاء العملية الانتخابية في بعض الدوائر، أو إلغاء جولة الإعادة، أو وقف إعلان النتائج، بدعوى وجود مخالفات شابت عملية الفرز والتجميع».

ووفق قانونيين، فإن السيناريوهات التي كانت تنتظر هذه الدوائر هي تأييد النتيجة المعلنة في حال ثبوت سلامة الإجراءات، وعدم وجود مخالفات أو أخطاء مؤثرة في محاضر الفرز والتجميع، أو إعادة الفرز في لجان، أو دوائر محددة قد ترى المحكمة ضرورة إعادة الفرز في عدد من اللجان، التي ثبت وجود تضارب أو أخطاء في محاضرها، وهو سيناريو يتكرر عادة في الطعون الانتخابية.

أما السيناريو الأخير، بحسب القانونيين، فهو إعادة الانتخابات بأحكام نهائية وواجبة التنفيذ، وتُعد قرارات المحكمة الإدارية العليا نهائية وباتّة، وتلتزم الهيئة الوطنية للانتخابات بتنفيذها فور صدورها، دون إمكانية الطعن عليها، ما يجعل الساعات المقبلة حاسمة في تحديد الخريطة النهائية لمرحلة الإعادة.