مسلحون بمصراتة يطالبون بإخراج «القوات الأجنبية» من ليبيا

واشنطن لتدريب «لواء عسكري» تابع للدبيبة في طرابلس

«قوة مكافحة الإرهاب» تستعرض قوتها في مصراتة (المركز الإعلامي للقوة)
«قوة مكافحة الإرهاب» تستعرض قوتها في مصراتة (المركز الإعلامي للقوة)
TT

مسلحون بمصراتة يطالبون بإخراج «القوات الأجنبية» من ليبيا

«قوة مكافحة الإرهاب» تستعرض قوتها في مصراتة (المركز الإعلامي للقوة)
«قوة مكافحة الإرهاب» تستعرض قوتها في مصراتة (المركز الإعلامي للقوة)

بعربات محمّلة بالمدافع، وبشاحنات تقل مجنزرات ودبابات، خرجت قوات «ثوار 17 فبراير» في مدينة مصراتة (غرب ليبيا) إلى الشوارع، في استعراض عسكري للاحتفال بالذكرى الثالثة عشرة لـ«الثورة» التي أطاحت نظام الرئيس الراحل معمر القذافي عام 2011، مؤكدة رفضها وجود أي قوات أجنبية في ليبيا، وطالبت بضرورة إخراجها.

«قوة مكافحة الإرهاب» تستعرض عسكرياً في مصراتة (المركز الإعلامي للقوة)

الاستعراض الذي حضره آمر «شعبة الاحتياط بقوة مكافحة الإرهاب»، مختار الجحاوي، شمل أفراداً وآليات جابت مكان الاحتفال بالمدينة، ونقل المركز الإعلامي لـ«محور قوة مكافحة الإرهاب»، أن المشاركين في الاستعراض العسكري، مساء أمس (الأربعاء) «أظهروا استعدادهم لقمع أشكال الإرهاب العسكري كافة، أو حتى الاقتصادي، من نهب وعبث بمقدرات الليبيين»، مؤكدين «تمسكهم بوحدة التراب الليبي»، و«الدفع باتجاه التداول السلمي على السلطة».

ويرى سياسيون ليبيون أن ملف القوات الأجنبية و«المرتزقة» الموجودين في ليبيا، منذ انتهاء الحرب على العاصمة طرابلس في 2020 «بات قضية تخضع للحسابات والتداخلات الدولية؛ ما يتطلب بذل جهد أممي كبير لإجبار هذه الأطراف على سحب عناصرها من بلادنا».

وعدّ ليبيون هذا الاستعراض العسكري، الذي شهدته مصراتة، بمثابة تحدٍ من قبل مسلحي «قوة مكافحة الإرهاب» لعبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة» الوطنية المؤقتة بطرابلس، لكن الخبير العسكري الليبي، عادل عبد الكافي، قال لـ«الشرق الأوسط» إن هذه الاحتفالية، وما واكبها من استعراض عسكري، استهدفا «تقديم رسائل عدة لأطراف مختلفة، من بينها لصوص المقدرات المالية للشعب، وعناصر المرتزقة والقوات الأجنبية الموجودة على الأراضي الليبية التي تحتل قواعد بالبلاد»، مبرزاً أن هذه القوة مُشكّلة من قوات «البنيان المرصوص»، و«مكافحة الإرهاب»، بالإضافة إلى قوات نظامية وتشكيلات مختلفة.

مختار الجحاوي آمر «الاحتياط بقوة مكافحة الإرهاب مصراتة» (المكتب الإعلامي للقوة)

واعتادت «شعبة الاحتياط بقوة مكافحة الإرهاب» تنظيم استعراضات عسكرية بكامل عدتها وعتادها. وقد سبق للجنة العسكرية الليبية المشتركة (5 + 5) بحث قضية الوجود الأجنبي في ليبيا، وتوصلت خلال اجتماعات سابقة إلى آلية لسحب المرتزقة والقوات الأجنبية من ليبيا، لكن دون تقدم حقيقي على الأرض.

ومنذ انتهاء الحرب على العاصمة طرابلس، كان يوجد نحو ألفي عنصر من «فاغنر» بوسط البلاد، كما يتمركز جانب من هذه القوات حول المنشآت النفطية، التي يتولى «الجيش الوطني» حمايتها، وفقاً لمجلة «منبر الدفاع الأفريقي» الصادرة عن «أفريكوم» في مارس (آذار) 2023، أما «المرتزقة» الموالون لحكومة الدبيبة فيوجدون بمدن غرب ليبيا. وتعمل القوات التركية النظامية على تدريب عناصر الجيش التابع لمنطقة غرب البلاد.

آمر «اللواء 444 قتال» بطرابلس يستقبل الوفد الأميركي بمعسكر القوة (اللواء)

في غضون ذلك، أنهى وفد من وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) زيارة نادرة لمعسكر «اللواء 444 قتال» بالعاصمة الليبية، التابعة لقوات حكومة «الوحدة الوطنية» العسكرية بطرابلس.

ويعد «اللواء 444 قتال» من أهم المجموعات المسلحة في العاصمة، وتُسند إليه حماية أجزاء كبيرة من طرابلس، ويعمل على مكافحة التهريب في البلاد، ويمتد نفوذه إلى مدينة بني وليد شمال غربي ليبيا.

ونقل «اللواء 444 قتال» أن وفد «البنتاغون»، الذي رافقه الملحق العسكريّ بالسفارة الأميركية لدى ليبيا، استهدف «التنسيق في جانب التدريب، ورفع المستوى القتالي لأفراد (اللواء 444)».

آمر «اللواء 444 قتال» مع الوفد الأميركي بمعسكره في طرابلس (اللواء)

وكان آمر اللواء، العميد محمود حمزة، المقرب من الدبيبة، في مقدمة مستقبلي الوفد الأميركي، الذي أطلعه على مرافق المعسكر، وإمكانية «إعطاء دورات تدريبيّة عدة في مجالات عدة تخصّ الجانب العسكري».

وسبق أن التقى الفريق محمد الحداد، رئيس الأركان العامة لقوات «الوحدة»، بمكتبه في طرابلس، الملحق العسكري للولايات المتحدة لدى ليبيا. وقالت رئاسة الأركان إن اللقاء تناول سبل تعزيز الدعم في مجالات التدريب المختلفة لمنتسبي المؤسسة العسكرية، من ضباط وضباط صف، وكذلك إمكانية مشاركة الجيش الليبي في مناورات، وتمارين «الأسد الأفريقي» السنوية.

ونقلت رئاسة الأركان ما أسمته «إشادة الملحق العسكري للولايات المتحدة وأعضاء الملحقية بالجهود، التي يبذلها رئيس الأركان من أجل النهوض بالمؤسسة العسكرية، ودورها في إرساء الأمن»، كما ثمّنت مقترحه بتشكيل قوة مشتركة بوصفه خطوةً أولى نحو توحيد المؤسسة العسكرية، وكذلك دوره في تدريب ودمج القوات المساندة في المؤسسة العسكرية، ومؤسسات الدولة؛ لتحقيق الاستقرار المنشود في ليبيا.


مقالات ذات صلة

لماذا تنتهي الاحتجاجات ضد «الوحدة» الليبية إلى «لا شيء»؟

تحليل إخباري جانب من احتجاجات مواطنين في طرابلس ضد حكومة الدبيبة بعد تصريحات المنقوش (أ.ف.ب)

لماذا تنتهي الاحتجاجات ضد «الوحدة» الليبية إلى «لا شيء»؟

شهدت بعض مناطق بغرب ليبيا مظاهرات متكررة بعضها جاء الأسبوع الماضي على خلفية اتهام حكومة «الوحدة» المؤقتة بـ«التطبيع مع إسرائيل».

جاكلين زاهر (القاهرة)
شمال افريقيا  القائم بأعمال سفارة أميركا خلال لقائه مع مسؤول المنطقة الحرة بمصراتة (القائم بالأعمال)

البعثة الأممية تدعو لـ«تحقيق فوري» في تعذيب محتجزين شرق ليبيا

دعت بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا، اليوم الأربعاء، للتحقيق في «مقاطع فيديو متداولة، تُظهر تعذيب وسوء معاملة لعدد من المحتجزين في سجن قرنادة».

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا إردوغان مستقبلاً الدبيبة بالقصر الرئاسي في أنقرة (الرئاسة التركية)

إردوغان يبحث مستجدات الأزمة الليبية مع رئيس «الوحدة»

أجرى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مباحثات مع رئيس الحكومة الليبية المؤقتة عبد الحميد الدبيبة، تناولت المستجدات في ليبيا، والعلاقات التركية - الليبية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شمال افريقيا ليبيون يصطفون انتظاراً للإدلاء بأصواتهم في الجولة الأولى من الانتخابات البلدية نوفمبر الماضي (مفوضية الانتخابات)

ليبيا تترقب مرحلة ثانية من انتخابات محلية «أكثر تعقيداً»

يرجع متابعون أهمية خاصة لهذه الجولة الانتخابية كونها تستهدف «البلديات الأكبر وذات الأوزان السياسية المهمة وفي طليعتها طرابلس وبنغازي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا تدشين أولى رحلات الخطوط التركية بعد غياب دام سنوات (حكومة شرق ليبيا)

تركيا تواصل انفتاحها على شرق ليبيا بتدشين رحلات إلى بنغازي

دشنت وزارة الطيران المدني بحكومة شرق ليبيا وأعضاء بمجلس النواب وعدد من القيادات الأمنية والعسكرية مراسم عودة الرحلات الجوية بين تركيا وبنغازي بعد توقف دام سنوات

خالد محمود (القاهرة )

المتحدث باسم «الصليب الأحمر»: ظروف إنسانية مأساوية بسبب الحرب في السودان

المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في السودان عدنان حزام (متداولة)
المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في السودان عدنان حزام (متداولة)
TT

المتحدث باسم «الصليب الأحمر»: ظروف إنسانية مأساوية بسبب الحرب في السودان

المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في السودان عدنان حزام (متداولة)
المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في السودان عدنان حزام (متداولة)

قال المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في السودان، عدنان حزام، إن «الحرب أفرزت واقعاً إنسانياً مريراً»، وإن حجم الاحتياجات كبير جداً، لكن المساعدات الإنسانية التي يتم تقديمها متواضعة بسبب تعقيدات الوصول إلى المناطق المتضررة من الحرب، وإدخال المساعدات وحركتها داخل البلاد».

وأضاف في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط»، أن الوضع الإنساني في السودان بات «مأساوياً»، إذ إن الملايين من السودانيين يحتاجون إلى مساعدات إنسانية عاجلة، مشيراً إلى أن «عشرات الآلاف قتلوا وأصيبوا جراء الحرب التي تسببت أيضاً في نزوح أكثر من 11 مليون داخل وخارج السودان، وتأثرت البنى التحتية بشكل كبير خصوصاً خدمات المياه والصحة والكهرباء».

وأوضح حزام «أن ما يقدم من مساعدات للاستجابة الإنسانية للواقع المأساوي في السودان يهدف إلى التخفيف من هذه المعاناة بقدر المستطاع».

وقال إن اللجنة الدولية «تركز هذا العام على الأنشطة والاحتياجات الأساسية المنقذة للحياة في مجالي الصحة والحماية، وتقديم الإغاثة والمساعدات الغذائية والمالية للمجتمعات الأكثر تضرراً والقريبة من مناطق الحرب، بالإضافة إلى عملها في ملفات لم شمل الأسر التي تفرقت بسبب القتال، والبحث عن المفقودين».

وأضاف أن اللجنة تعمل بالتنسيق مع «الهلال الأحمر السوداني» في معظم مناطق البلاد، وتتعاون أيضاً مع السلطات الصحية الرسمية. وأشار إلى أن ملف المساعدات الإنسانية في السودان «شائك، وحجم الاحتياجات كبير جداً، وهذا التحدي يواجه المنظمات الإنسانية، ونحاول من خلال العمل المشترك التخفيف من المعاناة، ولا نستطيع أن نقول إنهاءها، لأن الصراع أفرز واقعاً إنسانياً مريراً».

أجزاء كبيرة من جنوب السودان تعاني من الحرب والمجاعة (أرشيفية - رويترز)

وأشار إلى أن اللجنة الدولية تتواصل مع جميع الأطراف في السودان لتسهيل عملها في الوصول للمحتاجين إلى المساعدات الإنسانية. وقال: «نحاول تذكير أطراف الصراع بالوفاء بالتزاماتهم الأخلاقية والقانونية، وفقاً لقواعد القانون الدولي الإنساني التي تحرم استهداف المدنيين والأعيان المدنية، وتسهيل الخروج الآمن للمواطنين أثناء عمليات النزوح، وعدم استهداف المرافق الصحية والخدمية التي توقفت 80 في المائة منها عن العمل».

ورأى المتحدث باسم «الصليب الأحمر» أن «سوء الواقع الصحي والبيئي في السودان انعكس سلباً على المواطنين، ما صعب حصول الكثيرين منهم على الرعاية الصحية، وفي ظل تفشي بعض الأوبئة والأمراض الموسمية تتضاعف جهود المؤسسات الصحية التي لا تزال تعمل».

وقال: «نأمل في أن تتوقف الاعتداءات على المرافق الصحية والطواقم الصحية، وأن يكون هناك مزيد من الاحترام لقواعد القانون الدولي الإنساني».

دور الوسيط

وبشأن إجلاء المدنيين العالقين في مناطق الحرب، أفاد حزام، بأن «اللجنة الدولية للصليب الأحمر في حوار دائم مع طرفي القتال: الجيش السوداني و(قوات الدعم السريع) في ملف الحماية، وحضّهما على فتح ممرات آمنه في مناطق الصراع، وهذا التزام قانوني وأخلاقي يجب الوفاء به».

مخيم في مدينة القضارف بشرق السودان لنازحين فروا من ولاية الجزيرة وسط البلاد (أرشيفية - أ.ف.ب)

وقال إن اللجنة الدولية «لعبت في الفترة الماضية دورها بوصفها وسيطاً محايداً في إخلاء وتسهيل خروج المحتجزين من الطرفين، لكن هذا يتم بتنسيق وطلب مباشر منهما، مع ضرورة وجود ضمانات أمنية». وأضاف: «مَن أراد البقاء من المدنيين يحظون بالحماية لكونهم لا يشاركون في العمليات العدائية والقتالية».

وعبَّرَ عن أمله في «أن يعم الأمن والسلام في السودان، لأن ذلك سيخفف بشكل كبير من المعاناة الإنسانية»، وقال: «إن الشعب السوداني يستحق أن يعيش في أمان». وأكد أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر «محايدة وتعمل باستقلالية وفق مبدأ عدم التحيز، وتحاول من خلال عملها الوصول إلى مَن هم بحاجة إلى المساعدات الإنسانية».

نساء وأطفال في مخيم للنازحين أقيم في مدينة ود مدني بالسودان (أ.ف.ب)

وقال إن اللجنة «منفتحة على الاستماع لأي انتقادات والرد عليها، ونأمل إنصاف ما تقدمه المنظمات من عمل، لأن الأزمة الإنسانية في السودان لا تحتمل الكثير من الجدل، الذي يؤثر بشكل كبير على عمليات الاستجابة الإنسانية»، مشيراً إلى مقتل وإصابة عدد من الموظفين في الحرب الدائرة.

ووفقاً لأحدث تقارير وكالات الأمم المتحدة، فإن أكثر من 25.6 مليون شخص في السودان بحاجة إلى مساعدات إنسانية، من بينهم 755 ألفاً في خطر المجاعة الحاد.