تونس: توقيف متهمين بالإرهاب والتهريب والمخدرات

تنسيق عربي في تونس ضد التطرف والجرائم الخطيرة

وزراء الداخلية العرب في قصر قرطاج مع الرئيس التونسي بعد انتهاء مؤتمرهم السنوي (من صفحة رئاسة الجمهورية التونسية)
وزراء الداخلية العرب في قصر قرطاج مع الرئيس التونسي بعد انتهاء مؤتمرهم السنوي (من صفحة رئاسة الجمهورية التونسية)
TT

تونس: توقيف متهمين بالإرهاب والتهريب والمخدرات

وزراء الداخلية العرب في قصر قرطاج مع الرئيس التونسي بعد انتهاء مؤتمرهم السنوي (من صفحة رئاسة الجمهورية التونسية)
وزراء الداخلية العرب في قصر قرطاج مع الرئيس التونسي بعد انتهاء مؤتمرهم السنوي (من صفحة رئاسة الجمهورية التونسية)

كشفت مصادر أمنية تونسية رسمية عن توقيفات جديدة شملت متهمين بـ«الانتماء إلى تنظيم إرهابي»، وبالتهريب والهجرة غير النظامية، وترويج المخدرات وبينها كميات من الكوكايين والحشيش (القنب الهندي)، وقع حجزها في محافظات كثيرة بينها منطقة سوسة السياحية الساحلية والمنطقة الصناعية في بن عروس جنوب العاصمة تونس.

الرئيس التونسي مع وزير الداخلية السعودي والأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب في قصر قرطاج (من صفحة رئاسة الجمهورية التونسية)

وأورد بيان رسمي عن وزارة الداخلية التونسية أن «الوحدات الاستعلاماتية» (أي الاستخباراتية) التابعة لقوات الحرس الوطني في مدينة مساكن من محافظة سوسة ألقت القبض على متهم بالإرهاب سبق أن صدر ضده 35 برقية تفتيش أمني.

وزير الداخلية التونسي كمال الفقي ونظيره المصري محمود توفيق في جلسة عمل مع كبار كوادر الأمن بالبلدين (من صفحة رئاسة الجمهورية التونسية)

وأوضح المصدر نفسه أن برقيات التفتيش الأمني هذه صدرت عن وحدات أمنية وهياكل قضائية مختلفة بسبب ملفات أمنية وجهت له تهماً أمنية خطيرة، بينها «الانتماء إلى تنظيم إرهابي، والسرقة، والاعتداء بالعنف، وتكوين عصابة مفسدين»، مما تسبب في محاكمته غيابياً بالسجن لمدة 10 سنوات و11 شهراً.

تهريب المهاجرين

وفي محافظة صفاقس، أعلنت وزارة الداخلية إحباط عمليات تهريب جديدة لعشرات المهاجرين غير النظاميين بالقرب من جزر قرقنة التونسية، التي تعد من أقرب نقاط العبور نحو جزيرة لامبيدوزا الإيطالية، التي تعد منذ عقود أهم نقطة يستخدمها المهربون نحو جنوب إيطاليا ودول أوروبا.

وأورد بيان للإدارة العامة للحرس الوطني أن قوات الحرس البحري تمكنت من إنقاذ 63 مهاجراً أجنبياً غير نظامي من الموت في أعماق مياه البحر الأبيض المتوسط، بعد أن تعرض مركب تهريبهم نحو إيطاليا إلى عطب فني تسبب في غرق أحد المهربين على الأقل.

وأعلن البلاغ الأمني التونسي أن عملية تهريب هؤلاء العشرات من المهاجرين الأجانب انطلقت من سواحل دولة مجاورة، لم يكشف عن اسمها. لكن المصادر المطلعة رجحت أن يكون المقصود ليبيا، التي أصبحت سواحلها الغربية تستخدم من قبل عصابات تهريب آلاف المهاجرين غير النظاميين الأفارقة والعرب، وبينهم أعداد من المهاجرين الفارين من الحروب في السودان ومالي وكوت ديفوار وسوريا.

الرئيس التونسي مع وزير الداخلية السعودي الرئيس الفخري لمجلس وزراء الداخلية العرب (من صفحة رئاسة الجمهورية التونسية)

تحرك عربي أمني

من جهة أخرى، نظّمت في تونس خلال اليومين مشاورات عربية رفيعة المستوى للتنسيق الأمني في مجالات مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة.

وعقد وزير الداخلية التونسي كمال الفقي على هامش استضافة تونس للمؤتمر السنوي لوزراء الداخلية العرب جلسات عمل ثنائية مع عدد من نظرائه العرب، حضرها مسؤولون أمنيون كبار من تونس ومن الدول العربية.

وشملت اجتماعات التنسيق الأمني الثنائية بالخصوص وفود المملكة العربية السعودية ومصر وسوريا.

الأمن السيبراني والإرهاب

وفي قصر الرئاسة بقرطاج استقبل الرئيس التونسي قيس سعيد وزراء الداخلية العرب، وعقد جلسة عمل خاصة مع وزير الداخلية في المملكة الرئيس الفخري لمجلس وزراء الداخلية العرب الأمير عبد العزيز بن سعود بن نايف بن عبد العزيز آل سعود، والأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب محمد بن علي كومان.

وأعلنت الرئاسة التونسية بعد هذا اللقاء أنه وقع تقييم مقررات المؤتمر السنوي الجديد لمجلس وزراء الداخلية العرب، بما في ذلك ما يهم مكافحة الإرهاب، والجريمة المنظمة، والجرائم السيبرانية.

وأعلن البلاغ الرسمي نفسه أن الرئيس التونسي دعا بالمناسبة إلى «الانطلاق من المبادئ والتصورات المشتركة من أجل التوصل إلى مقاربة تسهم في تعزيز أمن المجتمعات العربية في مفهومه الشامل، والتعامل بنجاعة مع كل التحديات الأمنية التي تواجه دول المنطقة، والتي تفاقمت خلال السنوات القليلة الماضية، خصوصاً الإرهاب، والتطرّف، والمخدرات، والتهديدات السيبرانية، والهجرة غير النظامية، والجريمة العابرة للقارات».

الجرائم الاقتصادية

في سياق آخر، كشفت مصادر قضائية وأمنية عن حملة توقيفات واسعة جديدة شملت مجموعة من المتهمين بالضلوع في جرائم اقتصادية ومالية خطيرة، بينها الحصول على قروض ضخمة من بنوك عمومية «دون ضمانات»، و «دون احترام الشروط القانونية». وشملت التوقيفات نقابيين ورجال أعمال ومسؤولين سابقين في قطاعات البنوك والإدارة.

وفند الرئيس التونسي قيس سعيد الاتهامات التي وجهها له شخصيات معارضة بـ«توظيف» هذه العمليات ضمن حملته الانتخابية للرئاسيات المقرر تنظيمها مطلع الخريف المقبل.

وعقد سعيد مجدداً قبل يومين جلسة عمل في قصر الحكومة بالقصبة مع رئيس الحكومة أحمد الحشاني، ومع وزيرة العدل القاضية ليلى جفال، ووزيرة المالية سهام البوغديري نمصية، وأعلن مجدداً حزمه في متابعة تتبع المتهمين بسرقة الأموال العمومية والتهرب والتهريب. وأعلن سعيد مجدداً أن الأمر لا يتعلق بـ«حملات التشفي»، وأن باب المصالحة مفتوح مع كل من ينخرط في «مسار الصلح الجزائي».

وكانت حملة التوقيفات بسبب «ملفات الفساد المالي»، و«سرقة المال العمومي»، و«سوء التصرف» شملت خلال الأسابيع والأيام الماضية شخصيات عمومية من الحجم الكبير، بينهم عدد من السياسيين ورجال الأعمال البارزين.


مقالات ذات صلة

بوتين يتباحث مع الرئيس السنغالي حول الإرهاب في الساحل

أفريقيا أنصار مرشح المعارضة باسيرو ديوماي فاي يحضرون مسيرة حاشدة في أثناء فرز نتائج الانتخابات الرئاسية (إ.ب.أ)

بوتين يتباحث مع الرئيس السنغالي حول الإرهاب في الساحل

مباحثات جرت، الجمعة، بين الرئيس الروسي ونظيره السنغالي، وتم خلالها الاتفاق على «تعزيز الشراكة» بين البلدين، والعمل معاً من أجل «الاستقرار في منطقة الساحل»

الشيخ محمد (نواكشوط)
شؤون إقليمية محتجون أشعلوا النار في الشوارع المحيطة ببلدية تونجلي في شرق تركيا بعد عزل رئيسه وتعيين وصي عليها (إعلام تركي)

تركيا: صدامات بين الشرطة ومحتجين بعد عزل رئيسي بلديتين معارضين

وقعت أعمال عنف ومصادمات بين الشرطة ومحتجين على عزل رئيسَي بلدية منتخبَين من صفوف المعارضة في شرق تركيا، بعد إدانتهما بـ«الإرهاب»، وتعيين وصيين بدلاً منهما.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

حذرت تركيا من جرّ العراق إلى «دوامة العنف» في منطقة الشرق الأوسط، في حين رجحت «انفراجة قريبة» في ملف تصدير النفط من إقليم كردستان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا صورة أرشيفية لهجوم سابق في كابول (رويترز)

مقتل 10 أشخاص في هجوم على مزار صوفي بأفغانستان

قتل 10 مصلين عندما فتح رجل النار على مزار صوفي في ولاية بغلان في شمال شرقي أفغانستان، وفق ما أفاد الناطق باسم وزارة الداخلية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية أكراد يرفعون صور أوجلان في مظاهرة للمطالبة بكسر عزلته (رويترز)

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

فرضت السلطات التركية عزلة جديدة على زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان بعد دعوة رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي للسماح له بالحديث بالبرلمان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

كاتب جزائري شهير يواجه السجن بسبب «تحقير الوطن»

الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)
الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)
TT

كاتب جزائري شهير يواجه السجن بسبب «تحقير الوطن»

الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)
الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)

يواجه الكاتب الجزائري - الفرنسي الشهير بوعلام صنصال، عقوبة سجن تتراوح بين 12 شهراً و5 سنوات، بسبب تصريحات مستفزة بالنسبة للسلطات، أطلقها في فرنسا، تخص الجزائر والمغرب و«بوليساريو»، والاحتلال الفرنسي لشمال أفريقيا خلال القرنين الـ19 والـ20.

وأكدت وكالة الأنباء الجزائرية، أمس، في مقال شديد اللهجة ضد صنصال وقطاع من الطيف الفرنسي متعاطف معه، أنه موقوف لدى مصالح الأمن، وذلك بعد أيام من اختفائه، حيث وصل من باريس في 16 من الشهر الجاري، وكان يفترض أن يتوجه من مطار العاصمة الجزائرية إلى بيته في بومرداس (50 كم شرقاً)، عندما تعرض للاعتقال.

الروائي المعتقل بوعلام صنصال (متداولة)

وفيما لم تقدم الوكالة الرسمية أي تفاصيل عن مصير مؤلف رواية «قرية الألماني» الشهيرة (2008)، رجح محامون تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، أن يتم عرضه على النيابة قبل نهاية الأسبوع الجاري (عمل القضاة يبدأ الأحد من كل أسبوع)، بناء على قرائن تضعه تحت طائلة قانون العقوبات.

وبحسب آراء متوافقة لمختصين في القانون، قد يتعرض صنصال (75 سنة) لتهم تشملها مادتان في قانون العقوبات: الأولى رقم «79» التي تقول إنه «يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات كل من ارتكب فعلاً من شأنه الإضرار بالمصلحة الوطنية، أو أمن الدولة، أو تهديد سيادتها». والمادة «87 مكرر»، التي تفيد بأنه «يعتبر عملاً إرهابياً أو تخريبياً كل فعل يستهدف أمن الدولة، والوحدة الوطنية، واستقرار المؤسسات وسيرها العادي».

وإن كانت الوقائع التي يمكن أن تُبنى عليها هذه التهم غير معروفة لحد الساعة، فإن غالبية الصحافيين والمثقفين متأكدون أن تصريحات صنصال التي أطلقها في الإعلام الفرنسي، هي التي ستجره إلى المحاكم الجزائرية. ففي نظر بوعلام صنصال فقد «أحدث قادة فرنسا مشكلة عندما ألحقوا كل الجزء الشرقي من المغرب بالجزائر»، عند احتلالهم الجزائر عام 1830، مشيراً إلى أن محافظات وهران وتلمسان ومعسكر، في غرب الجزائر، «كانت تابعة للمغرب».

وذهب صنصال إلى أبعد من ذلك، عندما قال إن نظام الجزائر «نظام عسكري اخترع (بوليساريو) لضرب استقرار المغرب». كما قال إن فرنسا «لم تمارس استعماراً استيطانياً في المغرب؛ لأنه دولة كبيرة... سهل جداً استعمار أشياء صغيرة لا تاريخ لها»، ويقصد بذلك ضمناً الجزائر، وهو موقف من شأنه إثارة سخط كبير على المستويين الشعبي والرسمي.

الروائي الفرنسي - الجزائري كمال داود (أ.ب)

وهاجمت وكالة الأنباء الجزائرية بشدة الكاتب، فيما بدا أنه رد فعل أعلى سلطات البلاد من القضية؛ إذ شددت على أن اليمين الفرنسي المتطرف «يقدّس صنصال»، وأن اعتقاله «أيقظ محترفي الاحتجاج؛ إذ تحركت جميع الشخصيات المناهضة للجزائر، والتي تدعم بشكل غير مباشر الصهيونية في باريس، كجسد واحد»، وذكرت منهم رمز اليمين المتطرف مارين لوبان، وإيريك زمور رئيس حزب «الاسترداد» المعروف بمواقفه المعادية للمهاجرين الجزائريين في فرنسا، وجاك لانغ وزير الثقافة الاشتراكي سابقاً، وكزافييه دريانكور سفير فرنسا بالجزائر سابقاً الذي نشر كتاب «الجزائر اللغز» (2024)، والذي هاجم فيه السلطات الجزائرية. كما ذكرت الوكالة الكاتب الفرنسي - المغربي الطاهر بن جلون.

إيريك زمور رئيس حزب «الاسترداد» اليميني (حسابه بالإعلام الاجتماعي)

كما تناول مقال الوكالة أيضاً الروائي الفرنسي - الجزائري كمال داود، المتابع قضائياً من طرف امرأة ذكرت أنه «سرق قصتها» في روايته «حور العين» التي نال بها قبل أيام جائزة «غونكور» الأدبية. وقالت الوكالة بشأن داود وصنصال: «لقد اختارت فرنسا في مجال النشر، بعناية، فرسانها الجزائريين في مجال السرقات الأدبية والانحرافات الفكرية».

يشار إلى أن الإعلام الفرنسي نقل عن الرئيس إيمانويل ماكرون «قلقه على مصير صنصال»، وأنه يعتزم التدخل لدى السلطات الجزائرية لإطلاق سراحه. ورأى مراقبون في ذلك محاولة من باريس للضغط على الجزائر في سياق قطيعة تامة تمر بها العلاقات الثنائية، منذ أن سحبت الجزائر سفيرها من دولة الاستعمار السابق، في يوليو (تموز) الماضي، احتجاجاً على قرارها دعم خطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء. كما طالبت دار النشر الفرنسية «غاليمار» بـ«الإفراج» عن الكاتب الفرنسي - الجزائري صنصال بعد «اعتقاله» على يد «أجهزة الأمن الجزائرية»، غداة إبداء الرئاسة الفرنسية قلقها إزاء «اختفائه». وكتبت دار النشر في بيان: «تُعرب دار غاليمار (...) عن قلقها العميق بعد اعتقال أجهزة الأمن الجزائرية الكاتب، وتدعو إلى الإفراج عنه فوراً».

الرئيس إيمانويل ماكرون أبدى «قلقه على مصير صنصال» وأكد أنه يعتزم التدخل لدى السلطات الجزائرية لإطلاق سراحه (الرئاسة الجزائرية)

ويعاب على صنصال الذي كان مسؤولاً بوزارة الصناعة الجزائرية لمدة طويلة، «إدراج الجزائر شعباً وتاريخاً، في أعماله الأدبية، كمادة ضمن سردية ترضي فرنسا الاستعمارية». ومن هذه الأعمال «قرية الألماني» (2008) التي يربط فيها ثورة الجزائر بالنازية، و«قسم البرابرة» (1999) التي تستحضر الإرهاب والتوترات الاجتماعية في الجزائر. و«2084: نهاية العالم» (2015) التي تتناول تقاطع الأنظمة المستبدة مع الدين والسياسة.