أكد وزير الخارجية المصري، سامح شكري، أن «مُخطط التهجير» أمر خطير، و«ينذر بمزيد من التوتر على المستوى الإقليمي والدولي، وهناك ضرورة لتجنب هذا المُخطط». يأتي هذا تزامناً مع جهود مصرية مستمرة لتدفق مزيد من المساعدات إلى قطاع غزة عبر معبر رفح.
جاء حديث شكري خلال مداخلة تلفزيونية، مساء الخميس، وعقب لقاءات متعددة أجراها على هامش أعمال اجتماع وزراء خارجية مجموعة العشرين بمدينة ريو دي جانيرو البرازيلية، أكد خلالها الوزير المصري «أهمية التصدي للمسعى الإسرائيلي لاجتياح مدينة رفح جنوب القطاع تفادياً لاتساع رقعة الصراع على نحو ينذر بعواقب وخيمة تستهدف أمن واستقرار المنطقة، وكذلك إيلاء أولوية قصوى لرفع المعاناة الإنسانية عن الفلسطينيين».
وتدعو مصر بشكل مُتكرر إلى «تسهيل تدفق مزيد من المساعدات الإنسانية» للفلسطينيين في قطاع غزة. وقال مصدر في «الهلال الأحمر المصري» بشمال سيناء، الجمعة، إنه «تم عبور 55 شاحنة مساعدات إنسانية، و5 شاحنات وقود إلى قطاع غزة عبر معبر رفح». وأضاف المصدر أنه «تم تجهيز 100 شاحنة أخرى للعبور إلى القطاع السبت».
وقال شكري خلال مداخلة مع أحد البرامج على قناة «تن» الفضائية المصرية، مساء الخميس، إن «هناك تقديراً للمخاطر المرتبطة بقضية التهجير، سواء فيما يتعلق بتصفية القضية الفلسطينية، أو الضغوط الواقعة على الأمن القومي المصري من هذا الاحتمال»، مشيراً إلى أن «هناك مطالبة بعدم اتخاذ دولة الاحتلال لأي إجراءات عسكرية، في ضوء الأوضاع والتكدس الحالي في منطقة رفح».
وتحدث شكري عن لقائه مع وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الأربعاء الماضي، في مدينة ريو دي جانيرو، بقوله: «أعربت عن أمل مصر في اتخاذ الولايات المتحدة موقفاً متوافقاً مع الأغلبية العظمى أو الإجماع الموجود في مجلس الأمن لوقف إطلاق النار، وتوجيه رسالة واضحة لدولة الاحتلال بأن هذا الموقف هو ما يمثله التوافق الدولي حول القضية الفلسطينية»، ولفت خلال اللقاء إلى أن «الولايات المتحدة تريد وقفاً مؤقتاً لإطلاق النار، ومن ثم الوصول إلى وقف دائم لإطلاق النار بعد التعامل مع القضايا العالقة مثل قضية الرهائن... وأشرت إلى أن مصر مستعدة للتعامل مع جوانب هذه الأزمة كافة بما يحقق مصلحة الفلسطينيين».
وكان وزير الخارجية المصري قد أكد خلال لقاء نظيره الأميركي، بحسب إفادة لوزارة الخارجية المصرية، الأربعاء الماضي، أن «مصر تراقب من كثب تطور العمليات العسكرية الإسرائيلية، وتحذر من المخاطر الجسيمة الناجمة عن أي هجوم واسع النطاق على رفح الفلسطينية، لما ينطوي على ذلك من مخاطر وقوع كارثة إنسانية محققة نتيجة وجود ما يقرب من مليون وربع المليون شخص في هذا الشريط الضيق الذي يُعد المنطقة الآمنة الوحيدة في القطاع»، وجدد حينها رفض مصر القاطع لأي «خطط أو إجراءات من شأنها أن تُفضي إلى تهجير الفلسطينيين خارج قطاع غزة، باعتبار ذلك سيؤدى عملياً إلى تصفية القضية الفلسطينية وسيشكل أيضاً تهديداً للأمن القومي للدول المجاورة وسيكون عاملاً إضافياً من عوامل عدم الاستقرار في المنطقة».
كما أشار شكري، مساء الخميس، إلى مرافعة مصر أمام محكمة العدل الدولية، وقال إن «المرافعة أعدت بشكل مدقق وحرفي»، مشيراً إلى أن هذه المرافعة مهمة لإظهار الموقف السياسي والقانوني المرتبط بالاحتلال وعدم شرعيته، وشرح موضوعي لهذا الاحتلال بالاستناد لمبادئ القانون الدولي، لافتاً إلى أن مواقف مصر من القضية الفلسطينية ثابت، ولا يحتوي على أي مواءمات.
واتهمت مصر إسرائيل بارتكاب «مذابح ومجازر» في قطاع غزة أسفرت عن مقتل ما يزيد على 29 ألفاً ونزوح ما يزيد على 1.3 مليون فلسطيني، عادّة ذلك «انتهاكاً واضحاً للقانون الدولي». وشنت مصر خلال مرافعتها أمام محكمة العدل الدولية، الأربعاء الماضي، هجوماً على السياسات الإسرائيلية التي «تتعمد جعل الحياة مستحيلة عبر فرض المجاعة والحصار، وتمنع وصول المساعدات بشكل مستمر»، وفق نص المرافعة التي ألقتها المستشارة القانونية بمكتب وزير الخارجية المصري، ياسمين موسى.
وقال وكيل لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب المصري (البرلمان)، النائب إيهاب الطماوي، إن «مصر لجأت إلى محكمة العدل الدولية استناداً إلى عدم مشروعية الممارسات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة بهدف تهجيرهم قسرياً من أراضيهم، بالمخالفة للقانون الدولي ومقررات الأمم المتحدة».
إلى ذلك، استقبل مطار العريش الدولي في شمال سيناء، الجمعة، طائرة مساعدات إماراتية لصالح قطاع غزة. وقال مصدر مسؤول في شمال سيناء، إن «الطائرة تحمل على متنها 20.7 طن من الأدوية والمستلزمات الطبية»، لافتاً إلى أن عدد الطائرات التي وصلت إلى مطار العريش منذ 12 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قدرت بنحو 607 طائرات تحمل مساعدات من عدة دول عربية وأجنبية ومنظمات إقليمية ودولية، من بينها 497 طائرة حملت أكثر من 15 ألف طن من المساعدات المتنوعة ومواد الإغاثة إلى قطاع غزة مقدمة من 50 دولة عربية وأجنبية ومنظمة إقليمية ودولية، بجانب 110 طائرات حملت وفوداً رسمية وتضامنية زارت معبر رفح ومخازن المساعدات بالعريش والجرحى الفلسطينيين في مستشفيات شمال سيناء.