الحكومة المصرية تعلن عن «صفقة ضخمة»: ستوفر سيولة نقدية «كبيرة»

تحدثت عن شراكة استثمارية مع كيانات كبرى «بلا تفاصيل»

اجتماع الحكومة المصرية الخميس (مجلس الوزراء)
اجتماع الحكومة المصرية الخميس (مجلس الوزراء)
TT

الحكومة المصرية تعلن عن «صفقة ضخمة»: ستوفر سيولة نقدية «كبيرة»

اجتماع الحكومة المصرية الخميس (مجلس الوزراء)
اجتماع الحكومة المصرية الخميس (مجلس الوزراء)

«بلا تفاصيل»، أعلنت الحكومة المصرية موافقتها على ما وصفتها بـ«أكبر صفقة استثمار مباشر»، من خلال شراكة استثمارية مع «كيانات كبرى»، ضمن جهود الدولة حالياً لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، وزيادة موارد الدولة من النقد الأجنبي.

وتعاني مصر من أزمة اقتصادية حادة، في ظل تضخم قياسي لأسعار السلع والخدمات، مع تراجع قيمة الجنيه مقابل الدولار، ونقص العملة الأجنبية، فضلاً عن ارتفاع مستويات الاقتراض الخارجي في السنوات الأخيرة.

ولم يوضح بيان مجلس الوزراء المصري، الصادر الخميس، طبيعة الصفقة أو قيمتها أو الكيانات المنخرطة فيها، غير أن رئيس الوزراء مصطفى مدبولي قال إن المشروعات التي تنتج عن هذه الصفقة «ستوفر مئات الآلاف من فرص العمل، وستسهم في إحداث انتعاشة اقتصادية، وكذا مشاركة مختلف الشركات والمصانع المصرية في المشروعات المُنفذة، ومزايا متعددة للدولة المصرية». وأكد مدبولي أن هذه الصفقة وغيرها «ستوفر سيولة نقدية كبيرة من العملة الصعبة ستسهم في استقرار سوق النقد الأجنبي، وتحسين الوضع الاقتصادي».

وللدولار الأميركي سعران في مصر، أحدهما رسمي في البنوك يقدر بـ30.9 جنيه للدولار، لكنه غير متاح توافره بسهولة، والآخر في السوق السوداء ويقدر بأكثر من 60 جنيهاً، وفق وسائل إعلام محلية.

وتعد الصفقة المنتظرة «بدايةً لعدة صفقات استثمارية»، تعمل الحكومة عليها حالياً، لزيادة موارد الدولة من العملة الصعبة، وفق ما أشار إليه بيان مجلس الوزراء، الذي أوضح أنه سيتم إعلان تفاصيل هذه الصفقة كاملة، مع توقيع الاتفاقيات الخاصة بها، لافتاً إلى أن «نجاح الحكومة في جذب استثمارات أجنبية ضخمة، يؤكد ثقة الكيانات الاستثمارية الكبرى في الاقتصاد المصري، وقدرته على تخطي التحديات».

وتوقع مراقبون أن تتعلق المشروعات، التي تحدثت عنها الحكومة المصرية، باستثمارات عربية في مدينة «رأس الحكمة»، الواقعة على شاطئ البحر المتوسط، في ظل ما كشفه مصدر مسؤول لقناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية، قبل أسابيع، من أن «الدولة المصرية تعكف حالياً على إنهاء مخطط تنمية مدينة رأس الحكمة من خلال الشراكة مع كيانات عالمية ذات خبرة فنية واسعة وقدرة تمويلية كبيرة، تُمكّن الدولة من وضع المدينة على خريطة السياحة العالمية، خلال 5 سنوات على الأكثر، كأحد أرقى المقاصد السياحية على البحر المتوسط والعالم».

ووفق عضو مجلس النواب (البرلمان) المصري مصطفى بكري، الذي تحدث في تدوينة له، على موقع (إكس) الخميس، فإنه «تم الانتهاء من توقيع عقود المشروعات الاستثمارية في رأس الحكمة».

وتتْبع رأس الحكمة محافظة مرسى مطروح، وتقع رأس الحكمة على الساحل الشمالي. وفي أغسطس (آب) الماضي، قررت الحكومة المصرية إنشاء مدينة باسم «رأس الحكمة الجديدة» على مساحة 55 ألف فدان. وأكد وزير الإسكان المصري عاصم الجزار، آنذاك أن «المدينة ستكون ﻣﻘﺻداً ﺳﯾﺎﺣياً ﻋﺎﻟﻣياً، ﯾﺗﻣﺎشى ﻣﻊ اﻟرؤﯾﺔ اﻟﻘوﻣﯾﺔ واﻹﻗﻠﯾﻣﯾﺔ ﻟﻣﻧطﻘﺔ اﻟﺳﺎﺣل اﻟشمالي الغربي».

ويبشر البرلماني المصري مصطفى سالم، وكيل لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، بأن تكون الصفقة الحكومية الجديدة «بداية حدوث انفراجة في الأفق الاقتصادي، مع دخول استثمارات جديدة بالدولار، واقتراب الانتهاء من الاتفاق مع صندوق النقد الدولي».

وأوضح وكيل لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، في تصريحات لـ«وكالة أنباء الشرق الأوسط»، أن «أزمة الفجوة الدولارية الحالية لن تحل إلا بزيادة السيولة الدولارية وتوفير الدولار؛ لإتمام صفقات الاستيراد وتوفير السلع الأساسية، ومعالجة الفجوة بين سعر الدولار في البنك وسعره بالسوق الموازية».

لكن في المقابل، فإن عدم الإعلان الحكومي عن تفاصيل الصفقة، أثار انتقادات وجدلاً واسعاً، بين المتابعين خاصة على «السوشيال ميديا»، فطالب رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس الحكومةَ بالكشف عن تفاصيل تلك المشروعات، في ظل ازدياد الجدل بشأنها.

فيما عبر آخرون عن مخاوفهم من غموض البيان الحكومي.

وفاقمت الحرب الإسرائيلية على غزة، التي اندلعت في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، الأزمة الاقتصادية في مصر؛ حيث تراجعت توقعات السياحة، وانخفضت إيرادات قناة السويس بعد هجمات شنها الحوثيون في اليمن على سفن تجارية في البحر الأحمر. ووفق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، فإن معدل دخل قناة السويس تراجع بنسبة 40 إلى 50 في المائة.

ويرى بعض الخبراء أن الإعلان الحكومي المصري عن صفقة استثمار أجنبي ضخمة بهذا الشكل، يعد مؤشراً على صلابة الاقتصاد المصري رغم الأزمة الراهنة.

وتعمل الحكومة المصرية حالياً على إنهاء اتفاق مع صندوق النقد الدولي، يتيح لها الحصول على دفعة جديدة من القرض. كما أكد مدبولي استمرار حكومته في إجراءاتها التي أقرتها وثيقة سياسة ملكية الدولة، من حيث تمكين القطاع الخاص، وزيادة فرص مشاركته في القطاعات التنموية.

كانت مصر اتفقت مع الصندوق على برنامج قرض بثلاثة مليارات دولار في 2022، وحصلت على الشريحة الأولى منه بقيمة 347 مليون دولار، في حين أرجأ الصندوق مراجعتين ضمن البرنامج منذ مارس (آذار) الماضي.

وبحسب المتحدثة باسم صندوق النقد، جولي كوزاك، التي تحدثت في مؤتمر صحافي، الخميس، فإن الصندوق يواصل إحراز تقدم ممتاز بشأن المناقشات مع السلطات المصرية حول حزمة سياسات شاملة للتوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء بشأن المراجعتين المجمعتين الأولى والثانية لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المصري المدعوم من الصندوق.


مقالات ذات صلة

مصر: أعمال البحث عن الغاز الطبيعي بالبحر المتوسط «مبشرة للغاية»

الاقتصاد وزير البترول المصري كريم بدوي خلال حديثه في مؤتمر مؤسسة «إيجيبت أويل آند غاز» (وزارة البترول المصرية)

مصر: أعمال البحث عن الغاز الطبيعي بالبحر المتوسط «مبشرة للغاية»

قال وزير البترول المصري كريم بدوي إن أعمال البحث والاستكشاف للغاز الطبيعي في البحر المتوسط مع الشركات العالمية «مبشرة للغاية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد ناقلة غاز طبيعي مسال تمر بجانب قوارب صغيرة (رويترز)

مصر تُجري محادثات لإبرام اتفاقيات طويلة الأجل لاستيراد الغاز المسال

تجري مصر محادثات مع شركات أميركية وأجنبية أخرى لشراء كميات من الغاز الطبيعي المسال عبر اتفاقيات طويلة الأجل، في تحول من الاعتماد على السوق الفورية الأكثر تكلفة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد سيدة تتسوق في إحدى أسواق القاهرة (رويترز)

«المركزي المصري» يجتمع الخميس والتضخم أمامه وخفض الفائدة الأميركية خلفه

بينما خفض الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة للمرة الثانية على التوالي يدخل البنك المركزي المصري اجتماعه قبل الأخير في العام الحالي والأنظار تتجه نحو التضخم

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد مسؤولو «مدن» الإماراتية و«حسن علام» المصرية خلال توقيع مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون في مشروع رأس الحكمة (الشرق الأوسط)

«مدن القابضة» الإماراتية توقع مذكرة تفاهم في البنية التحتية والطاقة بمشروع رأس الحكمة

وقعت «مدن القابضة» الإماراتية، اليوم الثلاثاء، مذكرة تفاهم مع مجموعة «حسن علام القابضة» المصرية، لتعزيز أفق التعاون في مشروع رأس الحكمة في مصر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد الشمس أثناء الغروب خلف أعمدة خطوط الكهرباء ذات الجهد العالي (رويترز)

الربط الكهربائي بين مصر والسعودية يحسّن إمدادات التيار في المنطقة ويقلل الانقطاعات

ترى الشركة المنفذة لأعمال الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، أن الربط الكهربائي بين البلدين سيحسّن إمدادات التيار في المنطقة ويقلل من انقطاعات الكهرباء.

صبري ناجح (القاهرة)

رفع الحصانة عن برلماني مصري في قضية وفاة اللاعب رفعت

أحمد رفعت (الشرق الأوسط)
أحمد رفعت (الشرق الأوسط)
TT

رفع الحصانة عن برلماني مصري في قضية وفاة اللاعب رفعت

أحمد رفعت (الشرق الأوسط)
أحمد رفعت (الشرق الأوسط)

وافق مجلس الشيوخ المصري (الغرفة الثانية للبرلمان)، الأحد، على رفع الحصانة عن وكيل لجنة الشباب والرياضة بالمجلس، النائب أحمد دياب؛ للاستماع إلى أقواله في تحقيقات النيابة العامة بشأن وفاة اللاعب أحمد رفعت، الذي رحل في يوليو (تموز) الماضي، إثر معاناة من تداعيات أزمة قلبية مفاجئة، أرجعها في تصريحات تلفزيونية قبل وفاته لـ«مضايقات تعرَّض لها من بعض المسؤولين».

ويشغل دياب رئيس رابطة الأندية المصرية، وورد اسمه في التحقيقات بعدما ترددت مسؤوليته عن توريط اللاعب الراحل في أزمة قانونية، عبر تسهيل سفر رفعت للاحتراف في الخارج خلال فترة تجنيده، بالمخالفة للقواعد المعمول بها في هذا الشأن.

وتُوفي رفعت (30 عاماً)، في 7 يوليو الماضي، بعد معاناة مع المرض إثر سقوط مفاجئ في مباراة لناديه، مودرن سبورت، بالدوري المصري في مارس (آذار) الماضي. في حين أمر النائب العام المصري في أغسطس (أب) الماضي بـ«تحقيقات موسعة للوقوف على ملابسات الوقائع التي تعرَّض لها اللاعب قبل وفاته».

النائب دياب خلال حضوره جلسة لمجلس الشيوخ (مجلس الشيوخ)

وعقب ضجة واسعة بالقضية التي شغلت الرأي العام المصري، وجّه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في أغسطس، بـ«تحقيقات موسعة في القضية لكشف ملابساتها ومحاسبة المسؤولين عنها»، وطالب الجهات المعنية بـ«حوكمة الإجراءات الخاصة بسفر الرياضيين للخارج في أثناء فترة التجنيد، بما يضمن تسهيل الإجراءات ووضوحها لتحقيق المساواة في التعامل مع ذوي الشأن».

وقال رئيس مجلس الشيوخ، المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، إن رفع الحصانة عن دياب جاء بناء على طلب النائب؛ من أجل استكمال إجراءات التحقيق في القضية، ووصف الطلب بـ«السابقة التاريخية»، كونه جاء بطلب دياب نفسه لاستكمال التحقيقات.

وعدّ عبد الرازق، في كلمته أمام الجلسة العامة، أن موقف دياب «يظهر التزاماً راسخاً بمبادئ العدالة واحترام القانون والمؤسسات القضائية»، مؤكداً أن «النائب لا يزال غير متهم بأي اتهام».

ووفق الخبير في الشؤون البرلمانية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور عمرو هاشم ربيع، فإن رفع الحصانة يأتي في إطار رغبة النائب في الإدلاء بأقواله أمام النيابة العامة؛ لعدم قدرته على القيام بهذا الأمر من دون موافقة المجلس على رفع الحصانة، حيث تتطلب الإجراءات القانونية للاستماع لأقوال عضو البرلمان أمام النيابة العامة، ضرورة رفع الحصانة.

أحمد دياب (رابطة الأندية المصرية المحترفة)

وقال المحامي المصري محمد رضا لـ«الشرق الأوسط» إن النيابة العامة تقوم بتحديد موعد للاستماع إلى أقوال النائب بعد وصول قرار رفع الحصانة لمكتب النائب العام، للاستماع لإفادته بشكل كامل وتفصيلي، على أن يعقب ذلك اتخاذ قرار بشأنه.

وأضاف: «الاستماع إلى أقوال النائب في الواقعة يمكن أن يكون بصفته شاهداً، لكن إذا تبيَّن خلال التحقيقات تورطه في القضية فيكون من حق المحقق توجيه الاتهام واتخاذ قرار سواء بإخلاء سبيل النائب مع توجيه الاتهام أو حبسه على ذمة التحقيقات حال وجود ما يستلزم ذلك وفقاً للقانون».