يشتكي ليبيون في مناطق كثيرة من ارتفاع أسعار الخبز، بالإضافة إلى بعض السلع الغذائية، وسط مخاوف من تزايد حدة ارتفاع الأسعار مع قدوم شهر رمضان. ويربط متابعون ذلك بارتفاع سعر صرف الدولار أمام الدينار، مما دفع بعض المخابز إلى بيع ثلاثة أرغفة بدينار بدلاً من أربعة. (الدولار يساوي 4.83 دينار في السوق الرسمية).
وقال عضو المجلس الأعلى للدولة، سعد بن شرادة، إن هناك زيادة ملموسة في أسعار عدد من السلع الغذائية، وإن كانت لا تزيد على نسبة الـ5 في المائة فقط، مرجعاً ذلك «لارتفاع سعر الدولار مقابل الدينار بالسوق السوداء؛ نظراً لعدم وجوده بالمصارف، مما دفع التجار إلى استيراد السلع بتكلفة باهظة وبيعها بسعر مرتفع».
وأشار بن شرادة إلى أن الإنتاج المحلي لبعض السلع لا يكفي لتغطية سوى نسبة 20 في المائة من احتياجات السوق، لافتاً إلى أن «الاستيراد الذي يتم بالعملة الأجنبية سيظل هو الأساس، والتجار لن يبيعوا بالخسارة». كما رأى بن شرادة أن «هاجس الأسر ذات الدخل المحدود والمتوسط من استمرار ارتفاع أسعار بعض السلع مع اقتراب شهر رمضان قد يتحول إلى واقع مؤلم، إذا لم يبادر المصرف المركزي بتوفير العملة الأجنبية للتجار بما يكفي لزيادة كمية الواردات».
كما تحدث بن شرادة عن ارتفاع سعر بيع الخبز، الذي أصبح يباع في كثير من المخابز بدينار لثلاثة أرغفة، مع استمرار التلاعب في وزنه، مضيفاً أن الوضع الاقتصادي «قد يظل معرضاً للارتباك من حين لآخر، مصحوباً بتقلبات السوق السوداء للعملات الأجنبية، وذلك لحين إنهاء الانقسام السياسي والحكومي الراهن»، كما أشار إلى قيام الحكومتين المتنازعتين على السلطة بإصدار تصريحات هجومية فيما بينهما، أو متضاربة بشأن السياسات والتعاملات الاقتصادية.
من جهته، حمل الناشط المدني والسياسي الليبي، محمد عبيد، مسؤولية ارتفاع سعر صرف الدولار، وتداعيات ذلك، من رفع سعر بعض السلع، للقوى السياسية المتصارعة، التي «تتيح للسوق الموازية أن تزدهر وتعمل بأريحية كبيرة»، مبرزاً أن المواطنين يرصدون ارتفاع بعض السلع الغذائية كل أسبوع، وإن كانت غير كبيرة، وذلك في ظل ارتفاع سعر الدولار تدريجياً في السوق السوداء.
وكان وزير الاقتصاد والتجارة بحكومة «الوحدة»، محمد الحويج، قد أكد أن «الأسعار ببلاده تعد طبقاً للمؤشرات الدولية أرخص من دول أخرى كثيرة، ولا تزال تحت السيطرة»، إلا أنه عاد ليؤكد أن حوالي 40 في المائة من الليبيين بدأوا يدخلون تحت خط الفقر.
بدوره، توقع الناشط المدني والإعلامي الليبي، ناصر عمار، أن يشكل رغيف الخبز، حال رفع سعره فعلياً بالمخابز كافة، «عبئاً إضافياً على أرباب الأسر محدودة الدخل، ممن يعولون خمسة وستة أطفال». وقال عمار لـ«الشرق الأوسط»: «إذا افترضنا أن دخل رب الأسرة يتراوح ما بين 800 و1000 دينار شهرياً - وهذا هو واقع الحال بالنسبة لشريحة ليست هينة بالمجتمع - وتم اختصام 120 ديناراً منه ثمناً لعشرة أرغفة يومياً على الأقل بالسعر الجديد، ثلاثة أرغفة بدينار، فإنه يشكل عبئاً على كاهله»، عادّاً أن «الوضع يزداد صعوبة مع تقليص وزن الرغيف، الذي يعتمد على ضمير صاحب المخبز والعمال، بالإضافة إلى معاناة المواطن من ارتفاع أسعار سلع أخرى وقلة السيولة بالمصارف».
وبالرغم من توافقه مع الآراء السابقة بوجود ارتفاع بأسعار بعض السلع الغذائية، وإن كانت بنسبة تتراوح من 5 و6 في المائة فقط، وفقاً لتقديره، يؤكد الخبير الاقتصادي الليبي، وحيد الجبو، أن المشكلة قد تكون في طريقها للحل إذا فتح المصرف المركزي الاعتمادات بشكل انسيابي مما هو متاح حالياً، مما يسهل توفير احتياجات السوق، ويقلل من فرص التلاعب بسعرها.
وقال الجبو لـ«الشرق الأوسط» إن تسعيرة الخبز في أغلب المدن لا تزال بدينار واحد لأربعة أرغفة، باستثناء المناطق البعيدة نسبياً، التي تعاني من أزمة وقود، وهو ما يجعل البعض هناك يرفع سعره مع ارتفاع تكلفة النقل، مضيفاً أن «سعر قنطار القمح يباع من قبل المستوردين من 185 إلى 220 ديناراً، لكن هناك بعض المضاربين يتعمدون رفع السعر».
ودعا الجبو لتقليل التخوف من رفع الأسعار خلال شهر رمضان بدرجة كبيرة، لافتاً لرفع الرواتب أخيراً بالتوازي مع ارتفاع سعر الصرف بنسبة كبيرة، حيث بات المتوسط العام يقترب من 1200 دينار.