تنظيمات دولية تدين «صمت فرنسا» بشأن مواقع دفن نفايات نووية بالجزائر

طالبتها بالتعجيل بمعالجة آثار الكارثة الناجمة عن هذه الانفجارات

صورة لأحد التفجيرات النووية في الجزائر (مؤسسة الأرشيف الجزائري)
صورة لأحد التفجيرات النووية في الجزائر (مؤسسة الأرشيف الجزائري)
TT

تنظيمات دولية تدين «صمت فرنسا» بشأن مواقع دفن نفايات نووية بالجزائر

صورة لأحد التفجيرات النووية في الجزائر (مؤسسة الأرشيف الجزائري)
صورة لأحد التفجيرات النووية في الجزائر (مؤسسة الأرشيف الجزائري)

​دانت 15 منظمة غير حكومية دولية «صمت السلطات الفرنسية» بخصوص مواقع دفن النفايات في صحراء الجزائر، وذلك بمناسبة مرور 64 سنة على أولى تجارب الذرة التي أجرتها بالجزائر (13 فبراير «شباط» 1960)، علماً بأن سلطات البلاد سبق أن طلبت في يونيو (حزيران) الماضي من روسيا خبرتها الفنية في تطهير المواقع الملوثة بالإشعاعات النووية، بعد أن يئست من تعاون باريس في هذا المجال.

صورة أرشيفية للتجارب النووية الفرنسية بصحراء الجزائر (الشرق الأوسط)

وأمضت المنظمات لائحة مشتركة، نشرتها اليوم (الثلاثاء) بموقع إحداها، التنظيم الحقوقي الجزائري «شعاع»، طالبت فيها السلطات الفرنسية بـ«رفع الطابع السري المحيط بالملفات المتعلقة بالتفجيرات والتجارب النووية في الجزائر، وتمكين الحكومة الجزائرية من قائمة شاملة لمواقع دفن النفايات النووية، مع وصف تفصيلي للمواد المدفونة». كما طالبتها بـ«التخلي عن سياسة الاختباء خلف أسرار الدفاع والأمن الوطني».

وجاء في اللائحة: «باعتبارنا منظمات تدافع عن مجتمعات متضررة (من مخلفات التجارب النووية)، وتمثل المدافعين عن حظر الأسلحة النووية وحماية البيئة وحقوق الإنسان، وتعزيز السلام، فإننا ندين الآثار الضارة للتجارب النووية الفرنسية الرهيبة التي أجريت في الجزائر بين 1960 و1966، ونطالب باتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجة الكارثة المستمرة، الناجمة عن هذه الانفجارات، وندعو إلى تسهيل إجراءات تعويض الضحايا الجزائريين».

فريق المؤرخين الجزائريين المكلف بقضية الذاكرة في لقاء مع الرئيس تبون (الرئاسة الجزائرية)

وتضم اللائحة أسماء تنظيمات: «الحملة الدولية للقضاء على الأسلحة النووية» المعروفة اختصاراً بـ«آيكان»، و«رابطة الأطباء الدوليين لمنع الحرب النووية»، و«بيرو لنزع السلاح»، و«مبادرات نزع السلاح النووي» (فرنسا).

وحث أصحاب المسعى فرنسا على «التصديق على معاهدة حظر الأسلحة النووية، لإظهار حسن نيتها في معالجة الكارثة الناجمة عن تجاربها النووية في الجزائر»، ودعوا السلطات الجزائرية إلى «استخدام كافة الوسائل القانونية والدبلوماسية المتاحة، قصد مساعدة ضحايا التجارب النووية على استعادة حقوقهم»، وإلى «نشر –بانتظام- تقارير عن أنشطة الوكالة الوطنية لإعادة تأهيل مواقع التجارب النووية الفرنسية، والانفجارات في جنوب الجزائر التي أنشئت عام 2021».

لقاء بين الرئيسين الجزائري والفرنسي في 27 أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)

وكانت السلطات الاستعمارية الفرنسية قد فجَّرت في 13 من فبراير 1960 قنبلة بلوتونيوم في بلدة رقان الصحراوية؛ بلغت قوتها 70 كيلوطناً، وهو ما يعادل 3 إلى 4 مرات قوة قنبلة هيروشيما (1945)، وفق تقدير خبراء. وقد كشفت وثائق رُفعت عنها السرية في 2013 عن أن الآثار الإشعاعية للتفجير وصلت إلى غرب أفريقيا وجنوب أوروبا. وبلغ عدد التفجيرات 57 بين 1960 و1966، حسب وثائق وشهادات تاريخية، أوضحت أيضاً أن فرنسا جربتها على 150 أسيراً جزائرياً؛ لكن حتى اليوم لا تتوفر معطيات دقيقة عن حجم الضرر الذي لحق بالإنسان والبيئة في تلك المناطق.

وأطلقت الجزائر وفرنسا في السنوات الأخيرة مسعى سُمي «الاشتغال على الذاكرة». وفي 2020 تسلَّم الرئيس إيمانويل ماكرون تقريراً من المؤرخ الشهير بنجامين ستورا، تضمن توصيات عدة تخص «طي أوجاع الماضي»، منها «مواصلة العمل المشترك الخاص بكشف حقيقة التجارب النووية الفرنسية في الجزائر ونتائجها، وقضية زرع الألغام على الحدود التونسية والمغربية».

الرئيس تبون أكد خلال لقائه الرئيس بوتين بالكرملين أنه طلب من روسيا خبرتها في تطهير المواقع الملوثة بالإشعاعات النووية (الرئاسة الجزائرية)

ويشمل الطلب الجزائري بهذا الخصوص، تقديم تعويضات مادية عن الخسائر التي ألحقتها الإشعاعات المنبعثة من هذه التجارب بالإنسان والأرض في مناطق شاسعة بالصحراء، بينما يبدي الفرنسيون تحفظاً، بذريعة «مواجهة صعوبات في إحصاء المتضررين». كما تواجه فرنسا قضايا مشابهة في مناطق أخرى بالعالم خاضعة لإدارتها، منها بولينيزيا بالمحيط الهادئ؛ حيث أجرت تفجيرات نووية عام 1996.

غير أن مصادر حكومية جزائرية أوضحت أن الجزائريين «لم يلمسوا إرادة جادة من جانب الفرنسيين، للتعاون في ملف تسوية ملف تجارب الذرَّة، وبالخصوص تطهير المواقع الملوثة». وحالة «اليأس» هذه تفسر -وفق تقدير مراقبين- الطلب الذي رفعه الرئيس عبد المجيد تبون إلى نظيره الروسي فلاديمير بوتين، خلال زيارته إلى موسكو منتصف يونيو الماضي؛ حيث قال إن الجزائر «تريد الاستعانة بـأصدقائنا الخبراء الروس»، لتنظيف مناطق التفجيرات من الإشعاعات النووية.


مقالات ذات صلة

الشرطة الفرنسية توقف ثلاثة جزائريين في حملة على المؤثرين

أوروبا عنصر من الشرطة الفرنسية (أ.ف.ب)

الشرطة الفرنسية توقف ثلاثة جزائريين في حملة على المؤثرين

قالت وكالة «أسوشييتد برس» الأميركية للأنباء إن الشرطة الفرنسية ألقت القبض على ثلاثة جزائريين.

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة عربية شباب قسنطينة الجزائري تصدر مجموعته بالكونفدرالية (نادي شباب قسنطينة)

«الكونفدرالية الأفريقية»: قسنطينة الجزائري ينتزع صدارة مجموعته برباعية

حقق فريق شباب قسنطينة الجزائري فوزاً عريضاً على ضيفه أونزي برافوش الأنجولي بنتيجة 4 - صفر في الجولة الرابعة بالمجموعة الأولى لكأس الكونفدرالية الأفريقية.

«الشرق الأوسط» (قسنطينة)
شمال افريقيا الحراك الجزائري في فبراير 2019 (الشرق الأوسط)

اعتقال جزائريين في فرنسا بتهمة «التحريض على العنف»

اعتقلت الشرطة الفرنسية «مؤثرين» جزائريين لتحريضهما على قتل مواطنين لهما يقيمون بفرنسا، بحجة أنهم «يبحثون عن زرع الاضطرابات في الجزائر»

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا شل نشاط 51 إرهابياً في الجزائر خلال عام 2024

شل نشاط 51 إرهابياً في الجزائر خلال عام 2024

أعلنت وزارة الدفاع الجزائرية، السبت، عبر حساباتها بالإعلام الاجتماعي، أن قوات الجيش شلت نشاط 51 إرهابياً واعتقلت 457 شخصاً بشبهة دعم المتطرفين المسلحين، في…

شمال افريقيا ممثل السياسة الخارجية في «الاتحاد الأوروبي» سابقاً جوزيب بوريل في لقاء سابق مع الرئيس تبون (الرئاسة الجزائرية)

الجزائر و«بروكسل» لبحث «أزمة اتفاق الشراكة»

يبحث وفد من الاتحاد الأوروبي مع مسؤولين جزائريين، مطلع العام الجديد، «أزمة اتفاق الشراكة»، بغرض حل «تعقيدات إدارية» تواجه صادرات دول الاتحاد إلى الجزائر.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

تبديل الجنيه السوداني يتحول أداةً حربية بين طرفي النزاع

مواطنون في بورتسودان يطالبون بتمديد مهلة تبديل العملة (أ.ف.ب)
مواطنون في بورتسودان يطالبون بتمديد مهلة تبديل العملة (أ.ف.ب)
TT

تبديل الجنيه السوداني يتحول أداةً حربية بين طرفي النزاع

مواطنون في بورتسودان يطالبون بتمديد مهلة تبديل العملة (أ.ف.ب)
مواطنون في بورتسودان يطالبون بتمديد مهلة تبديل العملة (أ.ف.ب)

وصف وزير المالية السوداني جبريل إبراهيم استبدال العملة الجزئي بأنه «مشروع وطني»، وقال إن بلاده «تأخرت في الانتقال للأنظمة الإلكترونية لتنظيم حركة المال وضبط الممارسات المشبوهة»، وذلك غداة احتجاجات عمال «سواكن» على عدم صرف مستحقاتهم «نقداً»، إلى جانب شكاوى عدّة من مواطنين جراء تهديد «موسم الحصاد» في مدينة القضارف بسبب شح النقد وعزوف العمال عن استلام أجورهم عبر التطبيقات.

وشرعت البنوك السودانية في 7 ولايات تقع ضمن سيطرة الجيش، منذ 10 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، في عمليات لاستبدال العملة من فئتي «ألف جنيه، وخمسمائة جنيه»، بطبعات جديدة، مع بقاء العملات القديمة مبرئة للذمة في الولايات المتأثرة بالحرب، أو الواقعة تحت سيطرة «قوات الدعم السريع» إلى حين استبدالها.

جانب من مظاهرة في بورتسودان تطالب بتمديد مهلة تبديل العملة (أ.ف.ب)

وتجري عمليات تبديل العملة في ولايات: البحر الأحمر، كسلا، القضارف، نهر النيل، الشمالية، وسنار، وبعض مناطق النيل الأبيض، والنيل الأزرق، وجزئياً في العاصمة الخرطوم، بينما لم تتمكن 11 ولاية من ولايات البلاد الـ18 من تبديل العملة، وهي مناطق تسيطر عليها «الدعم السريع» كلياً أو جزئياً.

عملياً، ووفقاً لآراء خبراء، تحول تبديل العملة أداةً حربية بين الجيش و«قوات الدعم السريع». فبينما مضت السلطات في بورتسودان في الإجراء، عدَّت «قوات الدعم» العملات الجديدة «غير مبرئة للذمة» في المناطق التي تسيطر عليها، وقالت إن العملات القديمة «سارية» وصالحة للتداول فيها.

وواجهت العملية صعوبات فنية وإدارية عدّة، فقد عجزت البنوك والمصارف عن استيعاب تدفقات المواطنين، وضجت ساحاتها بـ«طوابير طويلة» من الذين يحاولون استبدال عملاتهم، وأثناء ذلك نشطت «سوق سوداء» خارج البنوك، لاستبدال العملات القديمة بالجديدة بخصم يتراوح بين 15و20 في المائة.

مواطنون يتجمعون داخل أحد البنوك في مروي لتبديل العملة (أ.ب)

ولاستعادة السيولة لداخل النظام المصرفي، فرض «بنك السودان المركزي» على البنوك فتح حسابات للمواطنين، لكن هذه، وبسبب الحرب، لم تستطع استيعاب الطلب العالي على فتح الحسابات، كما حدد هامش السحب اليومي بـ200 ألف جنيه (نحو 70 دولاراً)، اضطرت بعض البنوك إلى تقليصها؛ ما أدى إلى أزمة سيولة طاحنة وارتباك في الأسواق التي أغلقت أبوابها في بعض الولايات.

واضطر بنك السودان إلى تمديد فترة تبديل العملة التي كان مقرراً أن تنتهي في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، إلى يوم 6 يناير الحالي، لكن أعداداً كبيرة من المواطنين لم تستطع تبديل عملاتها، ولا يُعرَف إن كان سيتم تمديد جديد للمهلة أم لا.

ويوم الاثنين، أغلق عمّال غاضبون «ميناء عثمان دقنة» في مدينة سواكن، احتجاجاً على عدم صرف رواتبهم نقداً بسبب شح السيولة، وقال متحدث باسمهم في مقطع فيديو، إن عمال الشحن والتفريغ في الميناء، لا يملكون حسابات بنكية أو أوراقاً ثبوتية لفتح حسابات، ومعظمهم لا يملكون هواتف ذكية، وطالب بصرف رواتبهم «نقداً».

وتعاني ولاية «القضارف» شحاً في السيولة، اضطرت بنوكها إلى تقليص هامش السحب من 200 ألف إلى 100 ألف، وحذَّر مزارعون في الولاية الزراعية من فشل موسم الحصاد بسبب شح السيولة، وقال نائب سابق ومزارع بالقضارف لـ«راديو دبنقا»، إن غالب عمّال الحصاد «أجانب» لا يمكن فتح حسابات لهم في البنوك، وبالتالي لا يمكن تسديد مستحقاتهم على التطبيقات البنكية.

من داخل أحد البنوك في مروي (أ.ب)

وأوضح، أن بنك السودان حدَّد هامش سحب يومي 200 ألف جنيه، وهو مبلغ لا يكفي مصاريف المزارع اليومية؛ ما يهدد موسم الحصاد بالفشل، عدا أخطار أمنية تترتب عن عدم صرف المستحقات، قد تصل إلى حد إحراق العمّال للمحصول والآليات ومعسكرات العمّال، أو ربما الاعتداء بالضرب على المزارع نفسه.

«تأخرنا»...

وقال وزير المالية، إن مشروع استبدال العملة «مشروع وطني للنهوض بالاقتصاد، وإن السودان تأخر في الانتقال للأنظمة المصرفية الإلكترونية»، وأضاف وفقاً للوكالة الرسمية (سونا): «الغاية من استبدال العملة هي تنظيم حركة المال، وضبط الممارسات المشبوهة، ذات الصلة بحركة الأموال».

ونشطت سوق موازية خارج البنوك، يتم خلالها استبدال العملات القديمة بالجديدة، أو استبدال النقود الإلكترونية بورقية، مقابل نسبة قد تصل 20 في المائة من قيمة العملة المستبدلة، كأن يصرف مليون جنيه من حساب بنكي أو بالعملة القديمة بنحو 800 ألف جنيه نقداً بالعملات الجديدة.

وقال المواطن محمد علي لـ«الشرق الأوسط»، إنه اضطر إلى تبديل ما لديه من عملات لرجال يستبدلون العملات خارج البنوك، وبحوزتهم كميات كبيرة من العملات الجديدة، مقابل التخلي عن ربع مدخراته، وأضاف: «هناك جهات داخل البنوك تسلمهم العملات الجديدة».

وعلى رغم الشح اللافت في العملات، قال وزير المالية: «إن العملات متوفرة»، ووعد بشحنات جديدة، وقال: «ما صُرف أقل من نصف العملات لدى البنوك»، وأن وزارته تضغط على البنوك وقطاع الاتصالات، للمساعدة على التحول إلى التطبيقات البنكية، والانتقال من التعامل بالنقد لتفادي آثارها.

مشهد من مدينة بورتسودان الثلاثاء (أ.ف.ب)

وفي مناطق سيطرة «الدعم السريع»، ظهر جنود وهم يدمّرون مبالغ بالعملات الجديدة، وصنفت «الإدارة المدنية» التابعة له، تداول العملات الجديدة «جريمةً» يعاقب مرتكبها، وفي الوقت ذاته أعلنت اللجوء للتبادل بالعملات القديمة والدولار وعملات دول الجوار، وقالت إنها ستصرف الرواتب للجنود بالدولار.

ولا توجد بنوك أو مصارف عاملة في مناطق سيطرة «قوات الدعم»، ويجري التبادل باستخدام التطبيقات البنكية والأوراق النقدية القديمة، أو باستخدام عملات أجنبية من دول الجوار، في حين نقل مقطع فيديو، أن العملات الجديدة والقديمة تسربت بكميات كبيرة لبعض مناطق سيطرة «الدعم السريع»، أو الولايات التي لم يجرِ فيها تبديل العملة.

ونتج من خطوة تبديل العملة الجزئي، مضاربات في أسواق الحبوب والسيارات، والأجهزة الكهربائية، واستعاض الكثير من أصحاب الأموال الكبيرة عن النقود بشراء السلع والعملات الأجنبية والذهب في محاولات منهم للحفاظ على قيمة أموالهم.