تأجيل زيارة وزير الخارجية الإسباني للجزائر

خلافات في طريق سعي البلدين للتطبيع بعد «أزمة الصحراء»

الرئيس الجزائري مستقبِلاً وزير خارجية إسبانيا في 30 سبتمبر 2021 (وكالة الأنباء الجزائرية)
الرئيس الجزائري مستقبِلاً وزير خارجية إسبانيا في 30 سبتمبر 2021 (وكالة الأنباء الجزائرية)
TT

تأجيل زيارة وزير الخارجية الإسباني للجزائر

الرئيس الجزائري مستقبِلاً وزير خارجية إسبانيا في 30 سبتمبر 2021 (وكالة الأنباء الجزائرية)
الرئيس الجزائري مستقبِلاً وزير خارجية إسبانيا في 30 سبتمبر 2021 (وكالة الأنباء الجزائرية)

أفادت مصادر صحافية جزائرية، بأن زيارة وزير خارجية إسبانيا خوسيه مانويل ألباريس، التي كانت مقررة إلى الجزائر «تم تأجيلها إلى تاريخ لاحق، بناء على طلب من سلطات البلاد»، مشيرة إلى أن السبب يعود إلى «عدم حسم بعض الملفات التي كان مقرراً طرحها للمباحثات خلال الزيارة».

وكان مقرراً أن تأخذ زيارة المسؤول الإسباني شكل تطبيع للعلاقات الثنائية، بعد شهور طويلة من قطيعة مزدوجة سياسية وتجارية، بدأت إثر احتجاج الجزائر، في مارس (آذار) 2022، على قرار مدريد تأييد خطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء؛ إذ سحبت سفيرها، وعلقت «اتفاق الصداقة وحسن الجوار» الذي وقعه البلدان في 2002.

وأكدت المصادر الصحافية ذاتها، أن موعد الزيارة «كان ثابتاً حتى مساء الأحد»، مشيرة إلى أن وفداً حكومياً إسبانياً زار الجزائر لبحث القضايا التي كان يفترض أن يتناولها ألباريس مع نظيره أحمد عطاف، وبقية المسؤولين الجزائريين الذين كان مقرراً أن يلتقيهم، منهم الوزير الأول نذير العرباوي.

خسائر كبيرة لحقت بالتجارة البينية جراء القطيعة السياسية (صورة لميناء الجزائر العاصمة)

وأبرزت المصادر نفسها، أن سبب التأجيل «يتعلق بعدم التوصل إلى توافق حول بعض القضايا التي كان مقرراً مناقشتها»، من دون تقديم تفاصيل.

ويشار إلى أن الجزائر، التي تدعم «بوليساريو»، كانت تريد من إسبانيا «إعلاناً صريحاً بعودتها إلى الحياد» في مسألة الصحراء، نظير رفع الحظر عن المبادلات التجارية. غير أن ذلك لم يتم بشكل واضح، لذلك يعتقد مراقبون أن «موضوع عدم الحسم في ملفات» قد يكون مرتبطاً بهذه القضية؛ إذ يرجح أن الجزائريين كانوا يأملون في أن يطلق ألباريس تصريحات، يُفهم منها أن مدريد «لا تؤيد الحكم الذاتي المغربي، وإنما تفضل أن يُترك النزاع للأمم المتحدة كجهة وحيدة مخولة بحلّه».

وكانت صحيفة «ألباييس» الإسبانية، نشرت مساء الأحد، أن زيارة ألباريس مؤجلة «لدواعٍ تتعلق بأجندة جزائرية»، ولم تذكر التفاصيل. وأبرزت نقلاً عن وزير الخارجية الإسباني، أن الجزائر «بلد صديق لإسبانيا التي مدت يدها دوماً لها، من أجل علاقات قوية قائمة على حسن الجوار». كما أشارت إلى استئناف المبادلات التجارية، في بعض قطاعات النشاط، الشهر الماضي، ما كان مؤشراً، وفق «ألباييس»، على عودة العلاقات إلى طبيعتها.

الوزير الأول الجزائري السابق مع وزيرة التحول البيئي الإسبانية بالجزائر في 27 أكتوبر 2021 (الشرق الأوسط)

وأعلنت مصادر جزائرية، قبل الزيارة، أن عدة الملفات التي كان سيبحثها ألباريس وعطاف خلال زيارته المؤجلة، «تتمثل في عودة التجارة البينية إلى ما كانت عليه قبل مارس 2022 (صادرات إسبانيا إلى الجزائر كانت في حدود 3 مليارات يورو عام 2021)، وقضية الصحراء التي كانت موضع خلاف بين البلدين، زيادة على الأوضاع في مالي التي تشكل مصدر قلق للجارين المتوسطيين، والحرب المفروضة على سكان غزة من طرف إسرائيل؛ إذ يشترك البلدان في عدة مواقف أبرزها ضرورة الوقف الفوري للعدوان الإسرائيلي، ودخول المساعدات لسكان القطاع».

وكانت ظهرت بوادر لانفراجة في العلاقات بين البلدين، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بعودة السفير الجزائري إلى مدريد بعد 20 شهراً من تاريخ سحبه. وفي ديسمبر (كانون الأول) الماضي، استأنفت شركة الطيران الحكومية الجزائرية رحلاتها نحو المدن الرئيسية الإسبانية، بعد توقفها لشهور طويلة.


مقالات ذات صلة

مشاورات سعودية - طاجيكية تناقش تعزيز التعاون في شتى المجالات

الخليج م. وليد الخريجي وفروخ شريفزاده يترأسان الجولة الثالثة من المشاورات السياسية بين السعودية وطاجيكستان في الرياض (واس)

مشاورات سعودية - طاجيكية تناقش تعزيز التعاون في شتى المجالات

بحثت جولة المباحثات الثالثة من المشاورات السياسية بين وزارتي الخارجية السعودية والطاجيكستانية، الأربعاء، تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيزها.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج م. وليد الخريجي ترأس الجانب السعودي في الجولة الثانية من المشاورات السياسية مع «الخارجية الصينية» (واس)

مشاورات سعودية – صينية تعزز التنسيق المشترك

بحثت الجولة الثانية من المشاورات السياسية بين وزارتي الخارجية السعودية والصينية في الرياض، الاثنين، تطوير العلاقات الثنائية، وأهمية تعزيز التنسيق المشترك.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شمال افريقيا أعلام الجزائر ترفرف في أحد شوارع العاصمة (رويترز)

الخلافات السياسية تعرقل صادرات القمح الفرنسي إلى الجزائر

كانت الجزائر تستورد ما بين مليونين و6 ملايين طن قمح فرنسي سنوياً؛ مما جعلها من أكبر زبائن فرنسا. غير أن الكميات المستوردة انخفضت بشكل لافت في السنوات الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
الخليج اللواء باقري مرحباً بالفريق الرويلي في العاصمة طهران (وزارة الدفاع السعودية)

السعودية وإيران تبحثان فرص تطوير العلاقات العسكرية

بحث الفريق الأول الركن فياض الرويلي رئيس هيئة الأركان العامة السعودي مع نظيره الإيراني اللواء محمد باقري، فرص تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين.

«الشرق الأوسط» (طهران)
أوروبا الرئيس إيمانويل ماكرون والرئيس قاسم جومارت توكاييف على مدخل قصر الإليزيه بمناسبة زيارة الدولة التي يقوم بها الثاني إلى فرنسا (أ.ف.ب)

فرنسا وكازاخستان توطدان «شراكتهما الاستراتيجية»

فرنسا وكازاخستان توطدان «شراكتهما الاستراتيجية» بمناسبة زيارة الدولة التي يقوم بها الرئيس قاسم توكاييف وحصيلتها توقيع عشرات العقود.

ميشال أبونجم (باريس)

حوادث مرورية متكرّرة تفجع مصريين

الطرق السريعة في مصر (وزارة النقل المصرية)
الطرق السريعة في مصر (وزارة النقل المصرية)
TT

حوادث مرورية متكرّرة تفجع مصريين

الطرق السريعة في مصر (وزارة النقل المصرية)
الطرق السريعة في مصر (وزارة النقل المصرية)

شهدت مناطق متفرقة في مصر حوادث مرورية مفجعة، أخيراً؛ مما أثار تساؤلات حول أسباب تكرارها، في حين رأى خبراء أن «غالبية تلك الحوادث تقع نتيجة لأخطاء من العنصر البشري».

وشهدت مصر، الجمعة، حادثاً أُصيب خلاله نحو 52 شخصاً، إثر انقلاب حافلة (أتوبيس رحلات) على طريق «الجلالة - الزعفرانة» (شمال محافظة البحر الأحمر - جنوب مصر)، قبل توجهها إلى دير الأنبا أنطونيوس بالمحافظة.

وأعلنت وزارة الصحة المصرية «خروج جميع المصابين من المستشفى، بعد تحسّن حالاتهم»، وقالت في إفادة لها، الجمعة، إن «الحادث أسفر عن إصابة 52 راكباً؛ نُقل 31 منهم إلى مستشفى (رأس غارب) التخصصي، في حين تم إسعاف 21 مصاباً آخرين بموقع الحادث».

واحتجزت الأجهزة الأمنية سائق «الحافلة» المتسبّب في الحادث، في حين كلّفت السلطات القضائية لجنة فنية بفحص أسباب وقوع الحادث حول ما إذا كان عطلاً فنياً أم خطأ بشرياً نتيجة للقيادة الخاطئة، حسب وسائل إعلام محلية.

وأعاد انقلاب الحافلة بطريق «الجلالة - الزعفرانة» إلى الأذهان حادث انقلاب حافلة تابعة لجامعة «الجلالة الأهلية»، على الطريق السريع «الجلالة - العين السخنة»، في منتصف شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي؛ مما أدّى إلى وفاة 7 أشخاص، وإصابة نحو 25 آخرين.

وشهدت منطقة الشيخ زايد بمحافظة الجيزة (غرب القاهرة) حادث «دهس» سيارة، دراجةً نارية كان يستقلها عامل «دليفري» (التوصيل المنزلي)؛ مما أدى إلى مقتله.

كما شهدت محافظة الفيوم (جنوب القاهرة) حادث انقلاب سيارة نقل ركاب، الخميس، على الطريق الصحراوي السريع؛ مما أدى إلى إصابة 14 شخصاً.

وأظهرت التحريات الأولية للحادث أن السيارة تعرّضت للانقلاب، نتيجة السرعة الزائدة، وفقدان السائق السيطرة عليها.

وسجّلت إصابات حوادث الطرق في مصر ارتفاعاً بنسبة 27 في المائة، على أساس سنوي، بواقع 71016 إصابة عام 2023، في حين بلغ عدد المتوفين في حوادث الطرق خلال العام نفسه 5861 حالة وفاة، بنسبة انخفاض 24.5 في المائة، وفقاً للنشرة السنوية لنتائج حوادث السيارات والقطارات الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري، في شهر مايو (أيار) الماضي.

طريق الجلالة (وزارة النقل المصرية)

وباعتقاد رئيس الجمعية المصرية لرعايا ضحايا الطرق (منظمة مدنية)، سامي مختار، أن «نحو 80 في المائة من حوادث الطرق يحدّث نتيجة لأخطاء من العنصر البشري»، مشيراً إلى أن «تكرار الحوادث المرورية يستوجب مزيداً من الاهتمام من جهات حكومية؛ للحد من وقوعها، وتعزيز السلامة على الطرق».

ودعا مختار، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى «ضرورة تكثيف حملات التوعية بالسلامة المرورية، لجميع مستخدمي الطرق، من سائقي السيارات والركاب»، قائلاً إن حملات التوعية يجب أن تشمل «التعريف بقواعد وآداب السير على الطرق، وإجراءات السلامة، والكشف على تعاطي المخدرات للسائقين في أثناء السير»، ومشدداً على ضرورة «تكثيف حملات الرقابة بخصوص تعاطي المخدرات في أثناء القيادة».

ولقي حادث انقلاب حافلة طريق «الجلالة» تفاعلاً من رواد منصات التواصل الاجتماعي في مصر؛ حيث دعوا إلى «مراجعة الحالة الفنية للطريق، بعد تكرار حوادث انقلاب حافلات الركاب عليه».

بينما يستبعد أستاذ هندسة الطرق بجامعة عين شمس، حسن مهدي، فرضية أن يكون وقوع الحوادث بسبب الحالة الفنية للطريق، مرجعاً ذلك إلى «عدم تكرار الحوادث في مكان واحد على الطريق»، ومشيراً إلى أن «وقوع الحوادث المرورية في مناطق متفرقة يعني أن السبب قد يكون فنياً؛ بسبب (المركبة)، أو لخطأ بشري من السائق».

وأشار مهدي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى ضرورة «تطبيق منظومة النقل الذكي، للحد من الحوادث، خصوصاً على الطرق السريعة»، مضيفاً أن «التوسع في المراقبة الذكية لحركة السير سيقلّل من الأخطاء، ويُسهم في التزام السائقين بإجراءات السلامة في أثناء القيادة»، وموضحاً أن «مشروع قانون المرور الجديد، المعروض أمام البرلمان ينص على تطبيق هذه المنظومة بشكل موسع».

وتضع الحكومة المصرية «قانون المرور الجديد» ضمن أولوياتها في الأجندة التشريعية لدور الانعقاد الحالي للبرلمان، وناقش مجلس النواب، في شهر أكتوبر الماضي «بعض التعديلات على قانون المرور، تضمّنت عقوبات مغلظة على مخالفات السير، والقيادة دون ترخيص».