«الوحدة» تلتزم الصمت حيال اشتباكات مفاجئة جنوب طرابلس

«النواب» يعارض مجدداً اتفاقية نفطية لحكومة الدبيبة

اجتماع الكوني مع مبعوث وسفير فرنسا في طرابلس (المجلس الرئاسي)
اجتماع الكوني مع مبعوث وسفير فرنسا في طرابلس (المجلس الرئاسي)
TT

«الوحدة» تلتزم الصمت حيال اشتباكات مفاجئة جنوب طرابلس

اجتماع الكوني مع مبعوث وسفير فرنسا في طرابلس (المجلس الرئاسي)
اجتماع الكوني مع مبعوث وسفير فرنسا في طرابلس (المجلس الرئاسي)

في الوقت الذي التزمت فيه حكومة «الوحدة» الوطنية الليبية، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، الصمت حيال اندلاع اشتباكات بين جهاز دعم الاستقرار، وقوة مكافحة الإرهاب، التابعين لها في مدينة غريان، الواقعة على مسافة 90 كيلومتراً جنوب العاصمة طرابلس، جدد مجلس النواب معارضته لاتفاقية تعتزم حكومة الدبيبة توقيعها مع شركات أجنبية بشأن حقل الحمادة النفطي.

ولم يصدر عن حكومة الدبيبة، أو أي من أجهزتها العسكرية والأمنية، أي تعليق على هذه الاشتباكات التي اندلعت على نحو مفاجئ في وقت متأخر من مساء الجمعة. لكن إثر جهود وساطة محلية توقف، السبت، القتال، الذي اندلع بمنطقة غوط الريح، بعدما قالت قوة مكافحة الإرهاب إن الاشتباكات التي خاضتها عناصرها مع جهاز دعم الاستقرار «كانت ضد قوات طلبت ضمها للقوة، وليس بالمقر الرئيسي في غريان»، وأرجعت ما حدث إلى ما وصفته بـ«ضعف التواصل، وعدم التنسيق، وسوء الفهم بين الطرفين»، مشيرة إلى أنه أُفْرِج عن المحتجزين، وجرى تسلم الآليات من القوة وإنهاء الاشتباكات. كما قالت مصادر أمنية إن اجتماعاً أمنياً موسعاً في تاجوراء، عُقد السبت، أسفر عن اتفاق لوقف القتال، وعودة الآليات المسلحة إلى مقراتها، وتبادل إطلاق سراح المحتجزين.

قوات تابعة لحكومة «الوحدة» تعزز الأمن في طرابلس (رويترز)

وأوضحت مصادر محلية أن جهاز دعم الاستقرار اقتحم، مساء الجمعة، في هجوم مباغت لم تعرف أسبابه على الفور، مقر قوة مكافحة الإرهاب في غريان وسيطر عليه، واستولى على آليات مسلحة من داخله. وبثت وسائل إعلام محلية لقطات مصورة لهذا الهجوم الذي شنه جهاز دعم الاستقرار برفقة الكتيبة 22، ونقلت عن مصادر بوزارة الدفاع في طرابلس نفيها تلقى أي معلومة عن نية دعم الاستقرار مهاجمة القوة في المدينة، تزامناً مع إعلان حالة الطوارئ، وسط تحشيدات مسلحة متبادلة.

وكان جهاز دعم الاستقرار قد شارك، مساء الجمعة، في الاجتماع التحضيري الأول للمؤسسات الأمنية بطرابلس، ضمن الاستعدادات الجارية لإقامة الاحتفال بالذكرى الـ13 لثورة 17 فبراير (شباط)، التي أطاحت بنظام العقيد الراحل معمر القذافي في عام 2011.

وقالت حكومة «الوحدة» إن ما وصفته بـ«الاجتماع الموسّع»، الذي ترأسه وكيل وزارة الداخلية لشؤون المديريات، بشير الأمين، بمشاركة مندوبين عن الأجهزة الأمنية والعسكرية التابعة للمجلس الرئاسي والحكومة، ومدير أمن طرابلس، بحث إعداد الخطة الأمنية لتأمين الاحتفالات، بينما وزعت وزارة الداخلية بحكومة «الوحدة» صوراً توثق استعدادها لتأمين هذه الاحتفالات.

جانب من استعدادات حكومة «الوحدة» للاحتفال بذكرى الثورة التي أطاحت بالقذافي (داخلية حكومة الوحدة)

وفي غضون ذلك، حذر مجلس «النواب» في رسالة وجهها، السبت، إلى بعض السفراء من اعتزام حكومة الوحدة «توقيع اتفاقية شراكة للإنتاج، تتعلق بحقل الحمادة النفطي». وقال المجلس إن «هذه الحكومة مسيطرة على العاصمة بحكم الأمر الواقع، وفقدت شرعيتها بانتهاء مدتها القانونية وسحب الثقة منها». كما وصف الحكومة بأنها «غير ذات صفة، الأمر الذي يجعل توقيعها باطلاً أمام القانون الليبي».

ولفت «النواب» إلى قراره بشأن عدم المساس بالثروات السيادية، من بينها النفط، بأي نوع من التعاقدات، إلى حين انتخاب حكومة جديدة. ورأى أن هذا الأمر بمثابة «تعدٍ غير مبرر على ثروات ليبيا السيادية... واستغلال لما تمر به البلاد من ظروف سياسية صعبة». كما حذر من أن المضي في توقيع الاتفاقية «سيؤثر حتماً بشكل سلبي على العلاقات الأخوية ومستقبل الشراكة والتعاون مستقبلاً».

وبدوره، قال عضو المجلس الرئاسي، موسى الكوني، إنه تلقى، السبت، رسالة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال لقائه في طرابلس، مع مبعوثه الخاص، بول سولير، أكد فيها استمرار اهتمام فرنسا بالملف الليبي، ومعالجة الانسداد السياسي لضمان تحقيق الاستقرار، من أجل الوصول إلى الاستحقاق الانتخابي، ودعم الجهود الرامية لإعادة الإعمار، لا سيما مناطق الجنوب.

وأشاد الكوني بحضور سفير فرنسا لدى ليبيا، مصطفى مهراج، بمستوى العلاقات الليبية - الفرنسية، وأهمية تطوير علاقات التعاون في مختلف المجالات، التي من شأنها المساهمة في تحقيق الاستقرار وإعادة الإعمار. ورأى أن هذه الجهود تصب في السيطرة على الحدود، خصوصاً الجنوبية، لمواجهة تهديدات تدفق «الهجرة غير الرسمية»، والإرهاب، والجرائم المنظمة العابرة للحدود.

ونقل الكوني عن سولير قوله إن الملف الليبي من «أول اهتمامات بلاده التي تسعى جاهدة لمساعدة ليبيا لمعالجة الانسداد السياسي، بالتواصل مع الأطراف السياسية، قصد تحقيق الاستقرار والوصول للانتخابات»، مشيراً إلى «استمرار التشاور مع الدول المهتمة بالشأن الليبي، بالتعاون مع الأطراف السياسية، من أجل التوصل لاتفاقات ملموسة تفضي لإجراء انتخابات يرضى بنتائجها المشاركون فيها».

كما شدد سولير على «دعم بلاده للجهود المبذولة لتوحيد الجيش، والحد من الهجرة السرية، ومكافحة الجريمة العابرة للحدود»، مؤكداً استعداد فرنسا للتعاون مع الجهات ذات العلاقة في ليبيا، ومدها بالإمكانات اللوجيستية التي تمكّنها من أداء المهام الموكلة لها بتأمين الحدود.

توقيف مهاجرين «غير شرعيين» كانوا بصدد الإبحار إلى أوروبا (أ.ف.ب)

وفي السياق نفسه، أعلنت الإدارة العامة للعمليات الأمنية إحباط دورياتها عملية تهريب مهاجرين «غير شرعيين» إلى أوروبا عبر الشواطئ الليبية، مشيرة في بيان مقتضب، السبت، إلى «توقيف 105 مهاجرين غير قانونيين داخل سكن للعمالة الوافدة، يُستخدم في أعمال الهجرة غير القانونية بمنطقة العلوص». وقالت إنها «اتخذت كل الإجراءات القانونية حيال المهاجرين الذين ينتمون إلى 6 دول هي، النيجر، ونيجيريا، والسنغال، ومالي، وغامبيا، وساحل العاج، وإحالتهم لجهات الاختصاص».


مقالات ذات صلة

البعثة الأممية تدعو لـ«تحقيق فوري» في تعذيب محتجزين شرق ليبيا

شمال افريقيا  القائم بأعمال سفارة أميركا خلال لقائه مع مسؤول المنطقة الحرة بمصراتة (القائم بالأعمال)

البعثة الأممية تدعو لـ«تحقيق فوري» في تعذيب محتجزين شرق ليبيا

دعت بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا، اليوم الأربعاء، للتحقيق في «مقاطع فيديو متداولة، تُظهر تعذيب وسوء معاملة لعدد من المحتجزين في سجن قرنادة».

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا إردوغان مستقبلاً الدبيبة بالقصر الرئاسي في أنقرة (الرئاسة التركية)

إردوغان يبحث مستجدات الأزمة الليبية مع رئيس «الوحدة»

أجرى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مباحثات مع رئيس الحكومة الليبية المؤقتة عبد الحميد الدبيبة، تناولت المستجدات في ليبيا، والعلاقات التركية - الليبية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شمال افريقيا ليبيون يصطفون انتظاراً للإدلاء بأصواتهم في الجولة الأولى من الانتخابات البلدية نوفمبر الماضي (مفوضية الانتخابات)

ليبيا تترقب مرحلة ثانية من انتخابات محلية «أكثر تعقيداً»

يرجع متابعون أهمية خاصة لهذه الجولة الانتخابية كونها تستهدف «البلديات الأكبر وذات الأوزان السياسية المهمة وفي طليعتها طرابلس وبنغازي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا تدشين أولى رحلات الخطوط التركية بعد غياب دام سنوات (حكومة شرق ليبيا)

تركيا تواصل انفتاحها على شرق ليبيا بتدشين رحلات إلى بنغازي

دشنت وزارة الطيران المدني بحكومة شرق ليبيا وأعضاء بمجلس النواب وعدد من القيادات الأمنية والعسكرية مراسم عودة الرحلات الجوية بين تركيا وبنغازي بعد توقف دام سنوات

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا الدبيبة ووزيرة العدل في حكومته المؤقتة (وزارة العدل)

ليبيا: مطالب بالتحقيق في وقائع «تعذيب» بسجن خاضع لنفوذ حفتر

أدانت حكومة «الوحدة» الليبية على لسان وزارة العدل التابعة لها، «استمرار ممارسات التعذيب والإخفاء القسري» في إشارة إلى تسريبات سجن قرنادة في شرق ليبيا.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

جزائريون يشنّون حملة بفرنسا ضد «تمجيد» أحد رموز الاستعمار

مظاهرة لجزائريين بمدينة ليون بفرنسا لإزالة اسم المارشال بيجو من شارع رئيسي (ناشطون جزائريون بفرنسا)
مظاهرة لجزائريين بمدينة ليون بفرنسا لإزالة اسم المارشال بيجو من شارع رئيسي (ناشطون جزائريون بفرنسا)
TT

جزائريون يشنّون حملة بفرنسا ضد «تمجيد» أحد رموز الاستعمار

مظاهرة لجزائريين بمدينة ليون بفرنسا لإزالة اسم المارشال بيجو من شارع رئيسي (ناشطون جزائريون بفرنسا)
مظاهرة لجزائريين بمدينة ليون بفرنسا لإزالة اسم المارشال بيجو من شارع رئيسي (ناشطون جزائريون بفرنسا)

في حين تغرق العلاقات بين الجزائر وباريس في دوامة من التوترات، جدّد جزائريون يعيشون بوسط فرنسا حملة سبق أن أطلقوها في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لنزع اسم حاكم عسكري بالجزائر خلال القرن الـ19، اشتهر بالبطش ضد قبائل قادت ثورات عسكرية، بهدف طرد الاستعمار الفرنسي من البلاد.

مبادرة الجالية الجزائرية في فرنسا تأتي في وقت تتفاقم فيه التوترات بين الرئيسين الجزائري والفرنسي (الرئاسة الجزائرية)

القصة بدأت قبل عدة أسابيع، عندما بدأت «جمعية فرنسيين من أصول جزائرية» تنشط بمدينة ليون، تضغط على عمدتها غريغوري دوسيه، من أجل استبدال اسم المارشال توماس بيجو (1784-1849) من شارع رئيسي بالدائرة السادسة بالمدينة، بحجة أن «الإبقاء عليه تمجيدٌ لمجرم حرب، وإهانة لنا، ولجميع الفرنسيين الذين يؤمنون بقيم الجمهورية والقيم الإنسانية لبلدنا فرنسا»، وفق ما كتبه ناشطو الجمعية في حساباتهم بالإعلام الاجتماعي.

ونظم مئات الأشخاص، عدد منهم يحمل جنسيتي البلدين، وآخرون هاجروا من الجزائر إلى فرنسا في بداية الألفينات، مظاهرة الأحد الماضي في الشارع، الذي يحمل اسم بيجو، لمطالبة رئيس البلدية دوسيه بإلغاء اسمه من المكان، على أساس أنه «عرف بمجازره التي ارتكبها في الجزائر في القرن التاسع عشر».

ووصف المتظاهرون أنفسهم بأنهم «أبناء مئات الآلاف من الرجال والنساء والأطفال، الذين تم خنقهم وحرقهم أحياء على يد مارشال فرنسا توماس بيجو»، الذي حكم الجزائر من 1830 إلى 1840.

اسم المارشال بيجو على اللوحة في باريس قبل نزعه (متداولة)

ويناضل المحتجون ليحمل الشارع، الذي يقع بالقرب من القنصلية الجزائرية، اسم «شارع 17 أكتوبر 1961»، تكريماً لـ297 جزائرياً نكّل بهم محافظ شرطة باريس، موريس بابون، عندما خرجوا في مظاهرات في ذلك التاريخ لدعم ثورة التحرير (1954-1962)، التي كانت على وشك الحسم مع الاستعمار.

ووفق الصحافة المحلية في ليون، فقد أعلن غريغوري دوسيه منذ فترة عن دعمه لفكرة تغيير تسمية شارع بيجو، وأكدت أنه «من المتوقع أن تطلق مدينة ليون في الأسابيع المقبلة لجنة من الخبراء لإجراء جرد للشارع والتماثيل، وكذا اللوحات والمواقع التي تُثير الجدل، وتقديم حلول لكل منها».

عمدة مدينة ليون غريغوري دوسيه (حسابه الخاص بالإعلام الاجتماعي)

من جهته، أعلن «الاتحاد الجزائري»، وهو جمعية للمهاجرين الجزائريين في فرنسا، عزمه رفع دعوى قضائية ضد دوسيه بتهمة «تمجيد جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية»، مقترحاً أن يصبح شارع بيجو «شارع كاميل بلان»، عمدة إيفيان-ليه-بان، الذي جرى اغتياله عام 1961 من قِبَل «منظمة الجيش السري»، في حين كان يناضل من أجل السلام في الجزائر.

وقتلت هذه المنظمة المئات من الأشخاص في الجزائر غداة الإعلان عن استقلالها عام 1962، رافضة فكرة خروج فرنسا منها.

عمدة باريس تشرف على إعادة تسمية الشارع بالدائرة 16 (بلدية باريس)

وفي حين يستمر الجدل في ليون، حسمت عمدة باريس، آن هيدالغو، القضية نفسها عندما نزعت في 14 من أكتوبر الماضي، اسم المارشال بيجو من طريق رئيسي بالدائرة رقم 16 «بسبب دوره السيئ في الجزائر؛ حيث ارتكب ما يمكن أن يعد اليوم جرائم حرب»، وفق بيان للعمدة التي تنتمي لليسار، والتي سمّت الطريق نفسه باسم هوبرت جيرمان، أحد رموز تحرير فرنسا من ألمانيا النازية خلال الحرب العالمية الثانية.

وتتزامن هذه التطورات مع اقتراب العلاقات بين البلدين من القطيعة، بعد أن اشتدت الأزمة بين البلدين في يوليو (تموز) الماضي، عندما أعلنت باريس دعمها خطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء، وهو ما أثار سخط الجزائر، التي سحبت سفيرها فوراً، وألغت ترتيبات زيارة كانت ستقود الرئيس عبد المجيد تبون إلى فرنسا في خريف العام الماضي.

جانب من المظاهرة بدعم من الحزب الشيوعي الفرنسي (متداولة)

ومع ذلك ظل هدير الأزمة صامتاً، على الرغم من الحملات التي شنّها اليمين الفرنسي المتطرف بهدف إلغاء «اتفاق الهجرة 1968»، الذي يؤطر مسائل الإقامة والدراسة والعمل والتجارة، و«لمّ الشمل العائلي»، بالنسبة للجزائريين في فرنسا.