مصر تُكثف جهود مطاردة «حيتان الدولار والذهب» لضبط الأسواق

186 قضية اتجار في النقد الأجنبي خلال أسبوع

عميل يستبدل الدولار الأميركي بالجنيه المصري في أحد محال الصيرفة بوسط القاهرة (رويترز)
عميل يستبدل الدولار الأميركي بالجنيه المصري في أحد محال الصيرفة بوسط القاهرة (رويترز)
TT

مصر تُكثف جهود مطاردة «حيتان الدولار والذهب» لضبط الأسواق

عميل يستبدل الدولار الأميركي بالجنيه المصري في أحد محال الصيرفة بوسط القاهرة (رويترز)
عميل يستبدل الدولار الأميركي بالجنيه المصري في أحد محال الصيرفة بوسط القاهرة (رويترز)

في وقت تواصل فيه السلطات المصرية تكثيف جهود مطاردة بعض تجار «الدولار والذهب»، الذين تصفهم وسائل إعلام محلية بـ«الحيتان»، في محاولة لضبط الأسواق والأسعار، التي ما زالت تشهد زيادات متتالية بسبب سعر «دولار السوق السوداء»، أكد مصدر أمني مصري، الجمعة، ضبط «186 قضية اتجار في النقد الأجنبي خلال أسبوع».

ويبلغ السعر الرسمي للدولار في البنوك المصرية 30.9 جنيه مصري، بينما يبلغ متوسط سعره في السوق الموازية (السوداء) بحسب وسائل إعلام محلية، الجمعة، نحو 65 جنيهاً. ووفق مراقبين فإن «سعر الدولار انخفض إلى 65 جنيهاً في (السوق الموازية) بعدما كان قد تعدى الـ70 جنيهاً خلال الفترة الأخيرة».

وقال مصدر أمني إن الأجهزة الأمنية بوزارة الداخلية «تمكنت من ضبط 186 قضية (اتجار غير مشروع) في النقد الأجنبي خلال الأسبوع الماضي». وأضاف المصدر بحسب ما أوردت «وكالة أنباء الشرق الأوسط» الرسمية في مصر، الجمعة، أن «قيمة المبالغ المضبوطة في تلك القضايا من العملات الأجنبية بلغت نحو 113.7 مليون جنيه»، مؤكداً أن ذلك يأتي «استمراراً للضربات الأمنية لجرائم (الاتجار غير المشروع) بالنقد الأجنبي والمضاربة بأسعار العملات، عن طريق إخفائها عن التداول، والاتجار بها خارج نطاق السوق المصرفية، وما تمثله من تداعيات سلبية على الاقتصاد القومي للبلاد». وأشار المصدر إلى أن وزارة الداخلية تُكثف جهودها لـ«ضبط المتلاعبين بالاقتصاد»، مؤكداً أن هذه الحملات «تؤتي ثماراً إيجابياً في الحد من ظاهرة (الاتجار غير المشروع) في النقد الأجنبي».

مصريون أمام أحد محال الصيرفة بوسط القاهرة (أرشيفية - إ.ب.أ)

ومنذ بداية الشهر الجاري، تواصل الأجهزة الأمنية نشاطها المُكثف في ضبط عدد من كبار تجار العملة بـ«السوق السوداء»، وكذا «حيتان الذهب»، بالإضافة إلى ملاحقة «محتكري الكميات الكبيرة من السلع الغذائية»، وأكد رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، مساء الخميس، «استمرار مختلف أجهزة الدولة المصرية في اتخاذ ما يلزم من خطوات وإجراءات من شأنها أن تُسهم في توفير السلع بالكميات والأسعار المناسبة، وكذا جهود ضبط الأسواق تلبية لاحتياجات ومتطلبات المواطنين».

وأكدت وزارة الداخلية المصرية، الجمعة، في بيان عبر حسابها على «إكس»، «ضبط 54 قضية اتجار في العملات الأجنبية المختلفة بقيمة مالية تقدر بنحو 17 مليون جنيه». وقبلها بساعات، أعلنت «الداخلية»، الخميس، «ضبط 42 قضية اتجار في العملات الأجنبية المختلفة بقيمة مالية تقدر بنحو 13 مليون جنيه».

ويرى عضو مجلس النواب المصري (البرلمان)، النائب حسن عمار، أن «نجاح الجهات الأمنية في القبض على عدد من المضاربين في السوق الموازية وتقديمهم للمحاكمة بتهمة الإضرار بالسوق والتعامل مع الصرف بما يخالف قوانين البنك المركزي المصري، سيكون له أثره الإيجابي في استعادة التوازن لأسعار السلع ومستلزمات الإنتاج وخفض معدلات التضخم، بما يحقق الاستقرار في حياة المواطن المعيشية، ويدفع عجلة الإنتاج إلى الأمام». وشدد في تصريحات صحافية، الجمعة، على «أهمية العمل من أجل ضرورة استكمال الإجراءات المالية الاقتصادية، وضبط الأوضاع بما يمنع (السوق السوداء) من الانتعاش مرة أخرى، ويحافظ على استقرار الأسعار في الأسواق».

لكن عمار أكد أهمية «زيادة المعروض الدولاري النقدي في البنوك، وتوفير جزء من احتياجات الأسواق، خاصة للأغراض العاجلة، وهو ما سيخفف الضغط على الدولار في (السوق الموازية) ويشهد مزيداً من الهبوط في مصر».

مقر وزارة الداخلية في مصر (صفحة الداخلية المصرية على فيسبوك)

ولا تزال الإجراءات الأمنية لمواجهة «حيتان دولار السوق السوداء» تحظى باهتمامات رواد مواقع التواصل الاجتماعي، وسط مطالب بضرورة استمرار السيطرة على «دولار السوق السوداء». وقال حساب يحمل اسم «عبد الرحمن»: «لا بد أن تستمر إجراءات السيطرة على (السوق الموازية)، حتى يتم ضبط الأسعار في الأسواق». بينما أشار حساب يحمل اسم «رحمة» إلى «استمرار فوضى الأسعار في الأسواق المصرية»، وذكر أن «الأسعار كل يوم في جديد، والكل (يتعلل) بسعر الدولار (أي في السوق الموازية)».

أسعار الذهب في مصر ما زالت تشهد ارتفاعات (شعبة الذهب والمجوهرات)

في السياق، أكدت وزارة الداخلية المصرية، الجمعة، أنه «استمراراً لجهود حماية المستهلكين وإحكام الرقابة على الأسواق والتصدي لمحاولات حجب السلع عن التداول بالأسواق لرفع أسعارها، تم ضبط 1262 قضية حجب سلع تموينية متنوعة»، وقبلها بساعات، ذكرت «الداخلية» أنه «تم ضبط 1387 قضية حجب سلع تموينية». كما أعلنت «الداخلية»، الخميس، «ضبط تشكيل عصابي قام بتجميع خام الذهب الناتج عن عمليات التنقيب غير الشرعي بالمناطق الجبلية في محافظة البحر الأحمر (جنوب شرقي مصر)».

وكانت قوات الأمن المصرية قد تمكنت في وقت سابق من «القبض على 4 من أكبر تجار الذهب الخام في منطقة الجمالية، التي تشتهر بوجود محال الصاغة في وسط القاهرة». وأفادت وسائل إعلام محلية حينها بأن «توقيفهم (جاء) على خلفية تحقيقات موسعة في وقائع فساد وتهريب (المعدن الأصفر) وتعطيش السوق». ومنتصف الشهر الماضي تم القبض على من أطلقت عليه وسائل إعلام محلية «إمبراطور الذهب».


مقالات ذات صلة

«الكابتن»... كوميديا فانتازية لأكرم حسني في «عالم الأرواح»

يوميات الشرق مشهد من المسلسل (الشركة المنتجة)

«الكابتن»... كوميديا فانتازية لأكرم حسني في «عالم الأرواح»

في إطار كوميدي لا يخلو من الطابع الفانتازي الخيالي، دارت أحداث المسلسل المصري «الكابتن» الذي قام ببطولته أكرم حسني، وعرض خلال النصف الأول من شهر رمضان.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق ياسمين عبد العزيز وخالد سليم في لقطة من مسلسل «وتقابل حبيب» (الشركة المنتجة)

«وتقابل حبيب»... دراما الصراع حول «إشكالية الحب والخيانة»

مع وصول مسلسل «وتقابل حبيب» لمنتصف حلقاته يشتعل الصراع بين «ليل الحسيني» (ياسمين عبد العزيز) و«رقية العسكري» (نيكول سابا).

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق المتحف الكبير في مرحلة الافتتاح التجريبي (الشرق الأوسط)

انتقادات لمؤثرة سورية تعيد الجدل حول شخصية «فرعون موسى»

أعادت انتقادات وجهها متابعون سوشياليون لمؤثرة سورية الجدل حول شخصية «فرعون موسى»، بعدما نشرت مقطع فيديو للملك رمسيس الثاني من داخل المتحف المصري الكبير.

عصام فضل (القاهرة )
شمال افريقيا اجتماع السيسي مع مدبولي ووزير البترول ناقش احتياجات مصر من المواد البترولية  (الرئاسة المصرية)

​مصر لتجنب أزمة الكهرباء في الصيف بمراجعة «مخزونها البترولي»

تعمل الحكومة المصرية على تجنب عودة أزمة انقطاع الكهرباء خلال أشهر الصيف وذلك عبر مراجعة «مخزونها البترولي»

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق أشرف محروس المعروف بـ«كابونجا» خلال سحب أثقل قاطرة في محطة رمسيس بالعاصمة المصرية القاهرة (أ.ب)

مصري يسحب قطاراً بأسنانه ويدخل موسوعة «غينيس»... (صور وفيديو)

دخل المصارع المصري أشرف محروس، المعروف بـ«كابونجا»، موسوعة «غينيس» للأرقام القياسية بعد نجاحه في تحريك قطار تارةً بأسنانه وأخرى بحزام مثبت على كتفه.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

«هدنة غزة»: الاتفاق يدخل مرحلة «تبادل الضغوط»

فلسطينيون يتناولون إفطاراً جماعياً أمام مسجد مدمر في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يتناولون إفطاراً جماعياً أمام مسجد مدمر في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: الاتفاق يدخل مرحلة «تبادل الضغوط»

فلسطينيون يتناولون إفطاراً جماعياً أمام مسجد مدمر في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يتناولون إفطاراً جماعياً أمام مسجد مدمر في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

استهدافات إسرائيلية تعود بشكل لافت في قطاع غزة، وتحذيرات أميركية لحركة «حماس»، تتسارع مع بطء في محادثات بشأن مقترح مبعوث واشنطن للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، القاضي بتمديد اتفاق الهدنة، وسط اشتراط الحركة أن يكون بداية لمفاوضات المرحلة الثانية المعطلة منذ بداية مارس (آذار) الجاري.

خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» يرون أن الاتفاق المتعثر دخل «مرحلة تبادل ضغوط»، الأولى يقودها ويتكوف ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالعودة للمفاوضات واستئناف الاستهدافات بالقطاع واستمرار منع المساعدات، والثانية تتمسك فيها «حماس» بورقة الرهائن الرابحة، والحرص على عدم فقدها دون اتفاق شامل. وتوقع الخبراء التوصل لتمديد المرحلة الأولى مع تغييرات بشكل المرحلة الثانية كحل وسط خلال 72 ساعة لو هناك إرادة أميركية.

وبعد محطات من المحادثات بين القاهرة والدوحة متواصلة منذ الأسبوع الماضي، أفاد ويتكوف، الأحد، في تصريحات لـ«سي إن إن» الأميركية، بأن الجواب الذي وصل من «حماس» على مقترح «إطلاق سراح 5 أسرى أحياء بينهم مواطن أميركي (...) غير مقبول على الإطلاق»، مشجعاً الحركة أن «تكون أكثر عقلانية مما كانت عليه، خاصة أن هناك فرصة لها؛ لكنها تتلاشى بسرعة».

وسبق أن أعلن ويتكوف في بيان، الخميس، أنه «قدم اقتراحاً لتضييق الفجوات لتمديد وقف إطلاق النار إلى ما بعد رمضان وعيد الفصح اليهودي، الذي ينتهي في 20 أبريل (نيسان) المقبل، وإتاحة الوقت للتفاوض على إطار عمل لوقف إطلاق نار دائم»، لافتاً إلى أن «(حماس) على علم بالموعد النهائي، والولايات المتحدة سترد بمقتضى ذلك إذا انقضى الموعد المحدد»، دون أن يذكره.

دخان تصاعد في وقت سابق خلال عملية عسكرية إسرائيلية على مخيم نور شمس للاجئين بالضفة الغربية (إ.ب.أ)

وذكرت «حماس» في بيان صحافي، الجمعة، أنها «تسلّمت، الخميس، مقترحاً من الوسطاء لاستئناف المفاوضات، وردت عليه موافقتها على إطلاق سراح الجندي عيدان ألكسندر، الذي يحمل الجنسية الأميركية، إضافة إلى جثامين 4 آخرين من مزدوجي الجنسية مع جاهزيتها التامة لبدء المفاوضات والوصول إلى اتفاق شامل حول قضايا المرحلة الثانية».

وتجاوزاً لورطة مغازلة «حماس» لواشنطن، أعلن مكتب نتنياهو في بيان، مساء السبت، أن الأخير «أوعز إلى فريق التفاوض بالاستعداد لمواصلة المحادثات على أساس رد الوسطاء على اقتراح (المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف) بالإفراج الفوري عن 11 رهينة أحياء ونصف الرهائن القتلى»، مستبعداً بذلك عرض «حماس» الإفراج عن رهينة إسرائيلي - أميركي وإعادة جثث 4 آخرين، ومخالفاً لمقترح ويتكوف.

عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، الأكاديمي المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور أحمد فؤاد أنور، يرى أننا «إزاء مرحلة يتبادل فيها الضغوط باحتراف، خاصة بعد عودة نتنياهو للمفاوضات ليفوت الفرصة على (حماس) التي قبلت بالإفراج عن رهينة أميركية، وتضغط في ظل إدراكها بوجود موجة داخلية عالية ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي، سواء باستطلاعات للرأي العام التي تشير إلى أن 70 في المائة يطالبون بخروج الرهائن أو خلافاته مع الأجهزة الأمنية».

في المقابل، ستستمر واشنطن عبر ويتكوف في الضغط على «حماس»، بحسب تقدير أنور، مشيراً إلى أن مبعوث ترمب لا يعلي سقف التطلعات هكذا؛ إلا وهو يدرك أن هناك تقدماً بالمفاوضات، ويريد نسبته لإدارته وضغوطها.

وبحسب المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور عبد المهدي مطاوع، فإن نتنياهو يحاول أن يرمي الكرة في ملعب «حماس» ويتهمها بأنها من تعطل تنفيذ الاتفاق ويبرر أي عودة مستقبلية للقتال، متوقعاً أن تستمر ضغوط ويتكوف لأجل إقرار مقترحه، خاصة أن هناك موعداً نهائياً من واشنطن لم يعلن لكن يبدو أنه قريب.

منازل ومبانٍ مدمرة في مخيم المغازي للاجئين خلال العملية العسكرية الإسرائيلية في جنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)

وسط تبادل الشد والجذب بين أطراف المحادثات، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في بيان، الأحد، وصول 29 قتيلاً و51 مصاباً إلى مستشفيات قطاع غزة خلال الـ24 ساعة الماضية، «جراء اعتداءات قوات الاحتلال الإسرائيلي»، فيما توقعت مصادر عسكرية في الجيش الإسرائيلي لصحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية، أن تعطي حكومة نتنياهو الإذن باستئناف القتال «على مراحل»، إذا لم يحدث تقدم في مفاوضات استكمال صفقة إطلاق الرهائن.

وبعد انتهاء المرحلة الأولى مطلع الشهر الجاري وتعثر بدء المرحلة الثانية المعنية بانسحابات إسرائيلية كاملة، أوقفت حكومة نتنياهو دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع الفلسطيني المدمر، فيما لا تزال «حماس» تحتجز 59 إسرائيلياً، بينهم 24 على قيد الحياة و35 يُعتقد أنهم فارقوا الحياة، بعدما أتاحت أول مرحلة بالاتفاق إعادة 33 رهينة إلى إسرائيل بينهم 8 قتلى، في حين أفرجت إسرائيل عن 1800 معتقل فلسطيني من سجونها، وأفرجت الفصائل الفلسطينية عن 5 رهائن تايلانديين خارج إطار عمليات التبادل هذه.

ويتوقع أنور أن تتوقف عودة الاستهدافات والتلويح بالحرب حال وجود إرادة أميركية للضغط على إسرائيل والذهاب لحلول وسط، مرجحاً تغيير دراماتيكي خلال 72 ساعة نحو إبرام اتفاق، وتغييرات بشكل المرحلة الثانية حال توافرت الإرادة والتفاهمات الجادة.

وبتقديرات مطاوع فإن الضغوط المتصاعدة حالياً ستجبر «حماس» على قبول الاتفاق والتمديد خاصة، والحركة ليست لديها خيارات مع الوضع المتدهور في القطاع ومع الاستهدافات ومنع المساعدات.