ما قصة أحداث ساقية سيدي يوسف؟ وكيف تحولت إلى رمز الترابط التونسي الجزائري؟

مع حلول الذكرى الـ 66

الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة والرئيس الجزائري الراحل هواري بومدين خلال زيارة لقرية ساقية يوسف (صفحة مركز التوثيق التونسي على فيسبوك)
الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة والرئيس الجزائري الراحل هواري بومدين خلال زيارة لقرية ساقية يوسف (صفحة مركز التوثيق التونسي على فيسبوك)
TT

ما قصة أحداث ساقية سيدي يوسف؟ وكيف تحولت إلى رمز الترابط التونسي الجزائري؟

الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة والرئيس الجزائري الراحل هواري بومدين خلال زيارة لقرية ساقية يوسف (صفحة مركز التوثيق التونسي على فيسبوك)
الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة والرئيس الجزائري الراحل هواري بومدين خلال زيارة لقرية ساقية يوسف (صفحة مركز التوثيق التونسي على فيسبوك)

كان القصف الفرنسي يهدف لعقاب التونسيين، لكنه بدلا من ذلك عمق العلاقات بين التونسيين وإخوتهم الجزائريين، وظلت أحداث ساقية سيدي يوسف رمزا للترابط و«أرضا للأخوة» عكس ما أراد المستعمر الفرنسي.

يحيي التونسيون والجزائريون في 8 فبراير (شباط) من كل عام ذكرى أحداث ساقية سيدي يوسف في عام 1958 عندما صبت الطائرات الفرنسية حممها على القرية الصغيرة، موقعة قتلى وجرحى.

وشارك وزير الداخلية الجزائري إبراهيم مراد يرافقه وزير المجاهدين العيد ربيقة، في الاحتفالات الرسمية بالذكرى الـ 66 لأحداث ساقية سيدي يوسف على الحدود الجزائرية التونسية، وشارك من الجانب التونسي وزير الزراعة والموارد المائية عبد المنعم بلعاتي.

سيارة مدمرة نتيجة القصف الفرنسي على ساقية سيدي يوسف (صفحة مركز التوثيق التونسي على فيسبوك)

في الحادية عشرة من صباح السبت 8 فبراير 1958 انطلقت 25 طائرة حربية فرنسية من طرازات «بي 26» و«كورسير» و«ميسترال» من قاعدة تبسة العسكرية في طريقها إلى قرية ساقية سيدي يوسف التي تتبع مدينة الكاف في تونس وتقع على الحدود مع الجزائر مقابل مدينة لحدادة الجزائرية.

مثلت القرية قاعدة خلفية للثوار الجزائريين، وكانت تقدم عناية طبية لجرحى العمليات العسكرية ضد القوات الفرنسية، وحتى تؤوي بعض اللاجئين الجزائريين، وعلى إثر تعرض القوات الفرنسية لخسارة عدد من العمليات العسكرية كان أبرزها معركة «جبل واسطة»، في 11 يناير (كانون الثاني) 1958، حينما وقع الفصيل 23 التابع لقوات المشاة بقيادة النقيب «آلار» في كمين محكم، ما أدى إلى مقتل 17 جنديا وإصابة العشرات وأسر 4 جنود فرنسيين، قررت الانتقام بقصف القرية التونسية الصغيرة.

دمار نتيجة القصف الفرنسي على ساقية سيدي يوسف (صفحة مركز التوثيق التونسي على فيسبوك)

هاجمت الطائرات الفرنسية القرية في يوم السوق الأسبوعية، حيث يتجمع كثير من السكان في السوق لشراء احتياجاتهم، وكان بعض اللاجئين الجزائريين الهاربين من هول المعارك داخل الجزائر يصطفون لتلقي مساعدات من الصليب الأحمر الدولي والهلال الأحمر التونسي.

انتشر الهلع بين الأهالي، وتفرقوا في أنحاء مختلفة، لكن هذا لم يمنع الطائرات الفرنسية من مطاردتهم على ارتفاعات منخفضة، مستخدمة أسلحتها الرشاشة، وفي الوقت نفسه هاجمت منجما قريبا من القرية كانت تعده مركزا لتدريب الثوار الجزائريين.

الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة والرئيس الجزائري الراحل هواري بومدين خلال زيارة لقرية ساقية يوسف (صفحة مركز التوثيق التونسي على فيسبوك)

أسفر القصف، الذي استمر أكثر من ساعة، عن مقتل نحو 70 من التونسيين واللاجئين الجزائريين بينهم 9 نساء وكثير من الأطفال، وإصابة ما يقرب من مائة جريح، بالإضافة إلى تدمير معظم مباني القرية وعدد من المباني الإدارية، شملت مدرستين ومركزين للحرس الوطني ومركزا للبريد وعدة سيارات، منها سيارتان تتبعان «الصليب الأحمر الدولي».

ومنذ هذه الأحداث وحتى يومنا هذا تظل ساقية سيدي يوسف شاهدة على عمق الترابط بين الشعبين التونسي والجزائري، وتظل «أرض الأخوة» كما كتب على لافتة في القرية. ويشارك كل عام مسؤولون كبار في البلدين في فعاليات إحياء ذكرى القصف الفرنسي على القرية، التي تتضمن عروضا ثقافية وفنية يشارك بها فنانون من البلدين.


مقالات ذات صلة

الجزائر: إضراب «إسلاميين» معتقلين عن الطعام لـ«تأخر» محاكمتهم

شمال افريقيا علي بن حاج قيادي «جبهة الإنقاذ» التي تم حلها (متداولة)

الجزائر: إضراب «إسلاميين» معتقلين عن الطعام لـ«تأخر» محاكمتهم

بدأ عدد من «الإسلاميين» في الجزائر إضراباً عن الطعام داخل سجنهم بعاصمة البلاد، احتجاجاً على طول مدة إقامتهم في الحبس الاحتياطي.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا من لقاء سابق بين الرئيس تبون ونظيره الفرنسي (الرئاسة)

قرار جزائري يهدد العلاقات التجارية مع فرنسا

جمعية البنوك والمؤسسات المالية الجزائرية تُبلغ البنوك بإجراء جديد يتعلق بوقف معالجة عمليات الاستيراد والتصدير من وإلى فرنسا.

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة عربية إيمان خليف وقعت ضحية جدل حول هويتها الجنسية منذ وصولها إلى باريس (رويترز)

الجزائرية إيمان خليف تتقدم بدعوى قضائية لمزاعم تسريب سجلات طبية

تقدمت الملاكمة الجزائرية ايمان خليف حاملة ذهبية وزن 66 كلغ في أولمبياد باريس الصيف الماضي بدعوى قضائية، الأربعاء، بسبب تقارير إعلامية عن سجلات طبية مسربة.

«الشرق الأوسط» (باريس)
شمال افريقيا الرئيس تبون في اجتماع سابق لمجلس الوزراء (الرئاسة)

الجزائر: ترقب تشكيل حكومي جديد بعد عزل 10 محافظين

تترقب الأوساط السياسية والإعلامية في البلاد تشكيل حكومة جديدة مطلع عام 2025 في سياق فوز تبون بولاية ثانية في الانتخابات الرئاسية.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
الاقتصاد بنك الجزائر المركزي (الموقع الإلكتروني للبنك)

ارتفاع احتياطي الجزائر من النقد الأجنبي إلى 72 مليار دولار

أكد وزير المالية الجزائري ارتفاع احتياطي النقد الأجنبي خارج الذهب 4 في المائة منتقلاً من 69 مليار دولار بنهاية 2023 إلى 72 ملياراً بنهاية العام الحالي.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

حمدوك يحذر من إبادة جماعية على غرار ما شهدته رواندا

رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك (غيتي)
رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك (غيتي)
TT

حمدوك يحذر من إبادة جماعية على غرار ما شهدته رواندا

رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك (غيتي)
رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك (غيتي)

أطلق رئيس وزراء السودان السابق، عبد الله حمدوك، تحذيراً من انزلاق الوضع في السودان إلى ما هو أسوأ من الإبادة الجماعية التي شهدتها رواندا في تسعينات القرن الماضي، مرجعاً ذلك إلى تعدد الجيوش وأمراء الحرب، وتحشيد وتجنيد المدنيين، وتنامي خطاب الكراهية والاصطفاف العرقي والجهوي.

وأعرب حمدوك الذي يرأس تحالف «تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية» (تقدم)، عن تخوفه من أن يتمزق السودان إلى كيانات عديدة تصبح بؤراً جاذبة لجماعات التطرف والإرهاب.

وقالت «تنسيقية تقدم» في بيان، إن حمدوك شارك في الفترة من 3 إلى 6 نوفمبر (تشرين الثاني) في اجتماع مجلس «مؤسسة مو إبراهيم» التي تعنى بالحكم الرشيد في أفريقيا، وتسلط الضوء على نماذج لقيادات ناجحة، ومجلس «مؤسسة أفريقيا وأوروبا»، وهو منتدى مستقل يعنى بالتعاون بين الجانبين تأسس عام 2020. وحضر الاجتماع عدد من الرؤساء الأفارقة والأوروبيين السابقين، إلى جانب قيادة الاتحاد الأوروبي ومنظمات إقليمية ودولية.

تحذير من موجة نزوح الى أوروبا

وقال حمدوك إن الحرب تسببت في قتل أكثر من 150 ألف مواطن، وتشريد 12 مليوناً، نزوحاً ولجوءاً، وتدمير قطاعات الصحة والتعليم والبنية التحتية والقطاعات الإنتاجية. وأضاف: «إن الكارثة الإنسانية الكبرى ما يتعرض له المدنيون من أهوال ومخاطر في انتهاك صارخ للقانون الإنساني الدولي، في مقابل القصور البين من المجتمع الدولي والأمم المتحدة».

الدكتور عبد الله حمدوك خلال ندوة في لندن الأربعاء 30 أكتوبر (موقع «تقدم» على فيسبوك)

وحذر رئيس الوزراء السابق، من أن استمرار الأوضاع كما هي عليه الآن، سيفاجئ الجميع بأكبر أزمة لجوء لم يشهدها العالم من قبل، وعلى أوروبا الاستعداد من الآن لاستقبال الملايين الذين سيطرقون أبوابها عبر البحر الأبيض المتوسط.

وطالب حمدوك المجتمع الدولي باتخاذ تدابير وإجراءات عاجلة لحماية المدنيين، عبر تفعيل قرار الجمعية العمومية المعني بمبدأ مسؤولية الحماية.

وكرر دعوته إلى إنشاء مناطق آمنة، ونشر قوات حماية، والبدء في عملية إنسانية موسعة عبر دول الجوار وخطوط المواجهة كافة دون عوائق، ومحاسبة من يعوقون العون الإنساني المنقذ للحياة.

وطالب مجدداً بفرض حظر الطيران الحربي فوق كل السودان، من أجل حماية المدنيين العزل من القصف الجوي، بما في ذلك المسيّرات.

وقالت «تنسيقية تقدم» في البيان إن المشاركين في الاجتماعات أبدوا اهتماماً وتوافقوا على ضرورة التحرك العاجل لوقف الحرب في السودان.

وذكر البيان أن حمدوك التقى على هامش الاجتماعات بالممثل السامي للاتحاد الأوروبي للعلاقات الخارجية، جوزيف بوريل، ورئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل.

تجدد المعارك

ودارت اشتباكات عنيفة الجمعة بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في منطقة الحلفايا شمال مدينة الخرطوم بحري، استخدما فيها المدفعية الثقيلة والمسيّرات، وهز دوي الانفجارات القوية ضواحي مدن العاصمة الخرطوم.

آثار الدمار في العاصمة السودانية جراء الحرب (د.ب.أ)

وقال سكان في بحري إنهم «شاهدوا تصاعد أعمدة الدخان في سماء المنطقة، مع سماع أصوات الأسلحة الثقيلة وتحليق مكثف لطيران الجيش».

وأفادت مصادر محلية بأن قوات الجيش نفذت فجر الجمعة هجوماً واسعاً على دفاعات «قوات الدعم السريع» في منطقة السامراب.

في المقابل، قالت «الدعم السريع» إنها شنت هجوماً مباغتاً على قوات الجيش المتمركزة في محور الحلفايا، ودمرت عدداً من السيارات القتالية.

وفي يونيو (حزيران) الماضي، تمكن الجيش السوداني من عبور جسر الحلفايا الذي يربط بين مدينتي أم درمان وبحري، والوصول إلى عمق المناطق التي كانت تسيطر عليها «الدعم السريع».

من جهة ثانية، قالت كتلة منظمات المجتمع المدني بدارفور إن الطيران الحربي للجيش السوداني قصف مدينة الكومة شمال غربي الإقليم بـ6 صواريخ استهدف مدرسة لإيواء النازحين، أسفر عن مقتل عدد من الأطفال وتدمير مصدر المياه، وعدد من المنازل السكنية.

واستنكر التجمع في بيان حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه تكرار القصف الجوي الذي يستهدف المدنيين، مطالباً المجتمع الدولي باتخاذ التدابير كافة لحظر الطيران الحربي.