الجيش السوداني يؤكد ولاءه لقيادته وسط مزاعم عن محاولة انقلابية

«اعتقال ضباط» في قاعدة بمنطقة وادي سيدنا العسكرية في أمدرمان

البرهان خلال زيارته قاعدة وادي سيدنا الجوية في أمدرمان (أرشيفية- موقع الجيش على فيسبوك)
البرهان خلال زيارته قاعدة وادي سيدنا الجوية في أمدرمان (أرشيفية- موقع الجيش على فيسبوك)
TT

الجيش السوداني يؤكد ولاءه لقيادته وسط مزاعم عن محاولة انقلابية

البرهان خلال زيارته قاعدة وادي سيدنا الجوية في أمدرمان (أرشيفية- موقع الجيش على فيسبوك)
البرهان خلال زيارته قاعدة وادي سيدنا الجوية في أمدرمان (أرشيفية- موقع الجيش على فيسبوك)

أعلن الجيش السوداني أنه يعمل خلف قيادته «بقلب رجل واحد»، في ظل مزاعم انتشرت على نطاق واسع عن إحباط محاولة انقلابية بمنطقة وادي سيدنا العسكرية، في أمدرمان، تورط فيها عدد من الضباط تم توقيفهم من شعبة الاستخبارات العسكرية بالجيش، وسط توتر متزايد في البلاد، بسبب الحرب الدائرة بين الجيش و«قوات الدعم السريع».

وحتى بعد ظهر الثلاثاء لم تنشر صفحة القوات المسلحة السودانية على موقع «فيسبوك» (وهي المنصة المعتمدة لدى وسائل الإعلام) ما يفيد بحدوث شيء غير طبيعي داخل الجيش. واكتفى الفريق أول ركن ياسر عبد الرحمن العطا، عضو «مجلس السيادة» مساعد القائد العام لوفد «الإسناد الشعبي» بالقول على حسابه في منصة «إكس»: «القوات النظامية تعمل خلف القيادة بقلب رجل واحد، وفق تراتبية منظمة». ولم يشر العطا مباشرة إلى مزاعم المحاولة الانقلابية.

لكنه أضاف: «نطمئن الجميع أن منطقة أم درمان ووادي سيدنا في أعلى مستويات التنسيق وتعملان بقوة لتحقيق النصر وليس هناك أي حديث بخلاف الانتصار». وتابع: «القوات المسلحة كلها خلف القائد»، في إشارة إلى رئيس مجلس السيادة قائد الجيش عبدالفتاح البرهان.

وبينما أشارت صحيفة «السوداني» المحلية إلى أن الاستخبارات العسكرية اعتقلت 4 من ضباط الجيش لضلوعهم في الانقلاب المزعوم، ذكرت تقارير إعلامية أخرى أن سبب توقيف الضباط مخالفة الأوامر العسكرية، والاشتباك مع «قوات الدعم السريع» في منطقة أمدرمان دون توجيهات من القيادة العسكرية.

قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان خلال زيارة لقواته في شرق البلاد (أرشيفية- سونا)

وأفادت صحيفة «السوداني»، وفقاً لمصادرها، بأن الضباط وُضعوا في الإيقاف الشديد، ومن بينهم ضابط برتبة عقيد ركن يشغل منصب قائد قوة متحركة احتياطية في معسكر «سركاب»، ومقدم في الإدارة الفنية بالدفاع الجوي وأجهزة التشويش المضادة للطائرات من دون طيار (المُسيَّرات). وذكرت الصحيفة أن الاستخبارات العسكرية تعمل على اعتقال ضابط برتبة عميد يتولى قيادة قوة متحركة بمدينة أمدرمان.

وحسب مصادر الصحيفة، فإن الضباط المعتقلين يعدُّون من أكفأ ضباط القوات المسلحة في الضبط والربط والالتزام بالتعليمات، بجانب أنهم خاضوا معارك شرسة ضد «قوات الدعم السريع» في مدينة أمدرمان، ثاني أكبر مدن العاصمة الخرطوم.

وقابل الشارع السوداني هذه الأنباء باهتمام كبير، وتم تداولها في وسائل الإعلام بكثافة؛ بيد أن الجيش فرض تكتماً شديداً حيال هذه المزاعم، رافضاً إطلاع الرأي العام على أي تفاصيل بشأنها.

قادة عسكريون خلال تجمع مؤيد للجيش في القضارف بشرق السودان في 16 يناير الماضي (أ.ف.ب)

وذهبت تحليلات سياسية إلى الربط بين زيارة مساعد قائد الجيش السوداني الفريق إبراهيم جابر لقاعدة الجيش في منطقة وادي سيدنا بشمال أمدرمان في الأيام الماضية، والكشف عن المحاولة الانقلابية المزعومة.

وتعد قاعدة وادي سيدنا من أهم المناطق العسكرية للجيش في العاصمة الخرطوم، ويدير منها العمليات العسكرية ضد «قوات الدعم السريع».

وفي ظل إحجام قيادة الجيش عن تأكيد أو نفي المعلومات المتداولة عن الانقلاب المزعوم، كثرت التأويلات والتفسيرات في غياب الحقائق الملموسة.

ومنذ إطاحة نظام الرئيس السوداني، عمر البشير، في ثورة ديسمبر (كانون الأول) 2019، شهدت البلاد عدداً من المحاولات الانقلابية. لكن قادة الجيش الحاليين أقروا بوقوع محاولتين انقلابيتين فقط، شارك فيهما عدد من كبار الضباط.

قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان وسط قواته في شرق البلاد (أرشيفية- سونا)

واستبعدت حسابات على منصات التواصل الاجتماعي تابعة لمحسوبين على تنظيم «الإخوان المسلمين» وقادة الجيش، وجود محاولة انقلاب عسكري في البلاد، وعزت ذلك إلى استحالة حدوث تغيير من داخل المؤسسة العسكرية في الظروف الحالية. ولا يتمتع الجيش في الوقت الراهن بسلطة فعلية وكاملة على البلاد، كما أن بعض أهم وحداته العسكرية باتت تحت سيطرة «قوات الدعم السريع».

وعادة ما يتم توجيه تهمة «التخطيط لمحاولة انقلابية» لضباط في الجيش من المغضوب عليهم، بهدف إبعادهم من القوات المسلحة. وتحفظ الذاكرة القريبة أن عدداً من كبار الضباط وُجهت إليهم هذه التهمة، ثم أعيدوا مجدداً إلى الخدمة بعد اشتعال الحرب الحالية ضد «قوات الدعم السريع».

ولم تستثنِ تهمة «المؤامرة الانقلابية» جهاز المخابرات العامة. فقد وُجّه لمديره العام صلاح عبد الله «قوش»، على عهد الرئيس السابق عمر البشير، اتهامات بالضلوع في محاولة انقلابية، ووُضع تحت الحبس لعدة أشهر، قبل أن يتم العفو عنه، وإعادته مجدداً رئيساً للجهاز، وظل في موقعه حتى إطاحة نظام الإسلاميين بثورة شعبية في أبريل (نيسان) 2019.


مقالات ذات صلة

الجيش السوداني يستعيد القصر بعد غياب عامين

شمال افريقيا عناصر في الجيش السوداني يحتفلون بعد استعادتهم القصر الجمهوري في الخرطوم أمس (أ.ب)

الجيش السوداني يستعيد القصر بعد غياب عامين

أعلن الجيش السوداني، أمس أنه سيطر بالكامل على القصر الرئاسي في وسط الخرطوم، بعد عامين من غيابه عنه، بسبب سيطرة «قوات الدعم السريع» عليه في الأسابيع.

محمد أمين ياسين ( نيروبي) أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا جنود من الجيش السوداني أمام القصر الجمهوري في الخرطوم (أ.ب)

الخارجية السودانية: الجيش يسيطر على القصر الجمهوري ومباني الوزارت السيادية بالخرطوم

أعلنت وزارة الخارجية السودانية، اليوم الجمعة، سيطرة الجيش و«القوات المساندة» على القصر الجمهوري ومباني الوزارت السيادية ووسط العاصمة الخرطوم.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
خاص القصر الرئاسي القديم في عهد غوردن باشا (غيتي)

خاص القصر الجمهوري السوداني... لعنة «الخروج عنوة»

«القصر» رمزاً للسيادة السودانية... فثمة «إحالات» تاريخية في المشهد السوداني أو «لعنة ما»، فمعظم الرؤساء الذين دخلوا «قصر غوردن» خرجوا منه عنوة؟

أحمد يونس (كامبالا)
شمال افريقيا رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان خلال زيارته لولاية القضارف (مجلس السيادة السوداني) play-circle

البرهان: لا بد من القضاء على «التمرد» في السودان

قال رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، إنه لا بد من القضاء على «التمرد» في البلاد، في إشارة إلى «قوات الدعم السريع».

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
تحليل إخباري بنايات على نيل القاهرة (الشرق الأوسط)

تحليل إخباري ما سيناريوهات مصر للتعامل مع تحديد إثيوبيا موعد افتتاح «سد النهضة»؟

أثار إعلان رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، افتتاح مشروع «سد النهضة»، الخلافي مع مصر والسودان، خلال «الستة أشهر المقبلة»، تساؤلات بشأن سيناريوهات تعامل القاهرة.

أحمد إمبابي (القاهرة )

الجيش السوداني يستعيد القصر بعد غياب عامين

عناصر في الجيش السوداني يحتفلون بعد استعادتهم القصر الجمهوري في الخرطوم أمس (أ.ب)
عناصر في الجيش السوداني يحتفلون بعد استعادتهم القصر الجمهوري في الخرطوم أمس (أ.ب)
TT

الجيش السوداني يستعيد القصر بعد غياب عامين

عناصر في الجيش السوداني يحتفلون بعد استعادتهم القصر الجمهوري في الخرطوم أمس (أ.ب)
عناصر في الجيش السوداني يحتفلون بعد استعادتهم القصر الجمهوري في الخرطوم أمس (أ.ب)

أعلن الجيش السوداني، أمس أنه سيطر بالكامل على القصر الرئاسي في وسط الخرطوم، بعد عامين من غيابه عنه، بسبب سيطرة «قوات الدعم السريع» عليه في الأسابيع الأولى للحرب التي اندلعت في 15 أبريل (نيسان) 2023.

وتعد استعادة القصر أحد المكاسب الكبيرة للجيش، في الصراع الذي يهدد بتقسيم البلاد. ونشر الجيش مقاطع مصورة تظهر جنوده يكبرون ويهللون داخل القصر الذي تحطمت نوافذه الزجاجية وغطت جدرانه ثقوب الرصاص.

من جانبها، قالت «قوات الدعم السريع» إنها لا تزال موجودة في محيط القصر، وإنها شنت هجوماً بمسيّرة أسفر عن مقتل العشرات من جنود الجيش داخل القصر. ومن المتوقع اندلاع قتال دامٍ في ظل سعي الجيش إلى محاصرة «قوات الدعم السريع»، التي لا تزال تسيطر على مساحات واسعة من الأراضي جنوب القصر.

وكانت «الدعم السريع» قد سيطرت سريعاً على القصر، إلى جانب الجزء الأكبر من العاصمة، بعد اندلاع الحرب، بسبب خلافات حول اندماج «قوات الدعم السريع» بالجيش.

ومُني الجيش بانتكاسات لفترة طويلة، لكنه حقق مكاسب مؤخراً، واستعاد أراضي في وسط البلاد، في حين عززت «قوات الدعم السريع» سيطرتها في الغرب.