جدل في تونس حول صلاحيات مجلسي «النواب» و«الأقاليم»

من إحدى الجلسات البرلمانية (موقع البرلمان التونسي)
من إحدى الجلسات البرلمانية (موقع البرلمان التونسي)
TT

جدل في تونس حول صلاحيات مجلسي «النواب» و«الأقاليم»

من إحدى الجلسات البرلمانية (موقع البرلمان التونسي)
من إحدى الجلسات البرلمانية (موقع البرلمان التونسي)

أعاد محمد التليلي المنصري الناطق باسم «هيئة الانتخابات التونسية»، الجدل الذي انطلق قبل أشهر، حول مهام وصلاحيات «مجلس الجهات والأقاليم» (الغرفة النيابية الثانية) المتوقع أن يكتمل بنيانه في أبريل (نيسان) المقبل، بعد إتمام الدورة الثانية من انتخابات أعضائه.

وقال المنصري في تصريح إعلامي، إن تحديد تلك الصلاحيات، هو من مهام السلطة التشريعية، أي مجلس نواب الشعب (البرلمان) وذلك من خلال سن قانون أساسي ينظم العلاقة بين المجلسين، وفق ما جاء في دستور 2022.

وقبل إجراء الدورة الثانية من تلك الانتخابات، وهي التي تمثل آخر خطوة قبل إرساء نظام الغرفتين، نفى المنصري وجود أي تفاصيل أو معلومات لديه في هذا الشأن، مؤكداً: «إن القانون المنظم لتلك العلاقة يجب أن يكون إما باقتراح من الرئيس التونسي قيس سعيد -وهو الذي اقترح كامل هذا المسار السياسي منذ 25 يوليو (تموز) 2021- وإما من قبل 10 نواب من برلمان 2022».

الرئيس التونسي يدلي بصوته خلال الانتخابات المحلية الماضية (أ.ب)

وحاول إبراهيم بودربالة رئيس البرلمان التونسي، حسم جزء من الجدل، حينما أكد: «إن صلاحيات المجلسين محددة في الدستور؛ حيث يتمتع البرلمان بالصلاحيات التشريعية وبالرقابة على أداء الحكومة، بينما عُهد لمجلس الأقاليم النظر في مشاريع عملية التخطيط والتنمية على مستوى كل إقليم من الأقاليم الخمسة، الواردة ضمن التقسيم الإداري الجديد في تونس».

وقال أيضاً: «إن الفصل 84 من الدستور نصّ على وجوب عرض المشاريع المتعلقة بموازنة الدولة ومخططات التنمية الجهوية والإقليمية والوطنية، لضمان التوازن بين الجهات والأقاليم، وهو ما لم يحدث إبان مناقشات موازنة 2024 التي تمت المصادقة عليها قبل إرساء هذا المجلس».

ومن الناحية الدستورية، ووفق ما قدمه عدد من الخبراء في القانون الدستوري، تتمثل مهام «المجلس الوطني للجهات والأقاليم» في ممارسة صلاحيات الرقابة والمساءلة في مختلف المسائل المتعلّقة بتنفيذ الميزانية ومختلف مخططات التنمية، علاوة على المصادقة على قانون المالية ومخطّطات التنمية، ويتم ذلك بأغلبية الأعضاء البالغ عددهم الإجمالي 79 عضواً.

ودعا عدد من أعضاء «هيئة الانتخابات» إلى إصدار قانون أساسي «ينهي الجدل حول تلك المهام والصلاحيات، حتى لا تبقى محض اجتهاد من قبل المؤسسات الدستورية في تونس».

جانب من جلسة للبرلمان التونسي (أرشيفية- موقع البرلمان)

وفي السياق ذاته، كان أيمن بوغطاس عضو «هيئة الانتخابات»، قد نفى بدوره وجود فراغ قانوني، في حال عدم إقرار القانون الأساسي بصفة فورية؛ مشيراً إلى أن «وجود قانون يعود إلى سنة 1994 قد يؤجل الجدل حول تلك المهام، بخاصة أن قانون 1994 ينظم عمل وصلاحيات المجالس المحلية، كما أن قانون الجماعات المحلية ينظم جزءاً من عمل المجالس الجهوية، والمرسوم الرئاسي لسنة 2023 ينظم كامل العملية».

وأضاف بوغطاس: «إن الدستور الحالي نصّ على تنظيم (المجلس الوطني للجهات والأقاليم)، وحدد اختصاص الأعضاء والمجلس، كما أوضح عمل أعضاء المجلس وتفرغهم».

يذكر أن نقاشات كثيرة قد حصلت داخل البرلمان التونسي وخلافات حول العلاقة بين المجلسين؛ حيث نصّ الفصل 169 من مشروع النظام الدّاخلي على أن «يمارس مجلس نواب الشعب صلاحيات المجلس الوطني للجهات والأقاليم إلى حين إرسائه»، وانقسمت آراء النواب حول هذا الفصل بين من اعتبره «سطواً على صلاحيات مجلس الجهات والأقاليم»، وممارسة البرلمان لصلاحيات غير قانونية، وبين من اعتبره «ضرورياً لتجنب الفراغ نظراً لتأجيل تركيز هذا المجلس».

مواطن تونسي يدلي بصوته في انتخابات المجالس المحلية في ديسمبر الماضي (أ.ف.ب)

ويرى متابعون للشأن السياسي التونسي، أن الخلافات حول صلاحيات المجلسين النيابيين قد تتواصل مباشرة إثر إرساء «مجلس الجهات والأقاليم»، ودعوا لانتظار معرفة «كيف ستتم إدارة السلطة التشريعية بغرفتيها، في ظل محاولة بعض نواب البرلمان الخروج عن سلطة رئاسة الجمهورية التي منحت لنفسها صلاحيات غير محدودة، وهو ما قد يفضي إلى ضعف فعالية الغرفتين المكونتين من نواب مناصرين للمسار السياسي الذي يقوده قيس سعيد».


مقالات ذات صلة

تونس: توجيه تهمة «تبديل هيئة الدولة» إلى رئيسة «الحزب الدستوري الحر»

شمال افريقيا رئيسة «الحزب الدستوري الحر» عبير موسي (أرشيفية - الإعلام التونسي)

تونس: توجيه تهمة «تبديل هيئة الدولة» إلى رئيسة «الحزب الدستوري الحر»

هيئة الدفاع عن موسي: «التحقيقات في مرحلة أولى كانت قد انتهت إلى عدم وجود جريمة... وقرار القضاة كان مفاجئاً».

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا مظاهرة نظمها حقوقيون تونسيون ضد التضييق على الحريات (أرشيفية - إ.ب.أ)

20 منظمة حقوقية في تونس تنتقد توقيفات لنشطاء ونقابيين

شملت توقيفات جديدة بتونس نشطاء وصحافيين وعمالاً ونقابيين شاركوا في احتجاجات ضد طرد 28 عاملاً، بينهم نساء، من مصنع للأحذية والجلود لمستثمر أجنبي بمدينة السبيخة.

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا مهاجرون عبر الصحراء الكبرى باتجاه أوروبا عبر ليبيا وتونس (رويترز)

السلطات التونسية توقف ناشطاً بارزاً في دعم المهاجرين

إحالة القضية إلى قطب مكافحة الإرهاب «مؤشر خطير لأنها المرة الأولى التي تعْرض فيها السلطات على هذا القطب القضائي جمعيات متخصصة في قضية الهجرة».

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي (أ.ف.ب)

تونس: إحالة ملف الرئيس الأسبق المرزوقي إلى الإرهاب بـ20 تهمة

إحالة ملف الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي إلى القضاء المكلف بالإرهاب، في 20 تهمة جديدة.

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا المرشح لرئاسية تونس العياشي زمال (الشرق الأوسط)

أحكام إضافية بسجن مرشح سابق للانتخابات الرئاسية في تونس

مجموع الأحكام الصادرة في حق الزمال «ارتفعت إلى 35 عاماً» وهو يلاحق في 37 قضية منفصلة في كل المحافظات لأسباب مماثلة.

«الشرق الأوسط» (تونس)

الرئيس الجزائري: قطاع الزراعة حقق 37 مليار دولار العام الحالي

الرئيس عبد المجيد تبون (أ.ف.ب)
الرئيس عبد المجيد تبون (أ.ف.ب)
TT

الرئيس الجزائري: قطاع الزراعة حقق 37 مليار دولار العام الحالي

الرئيس عبد المجيد تبون (أ.ف.ب)
الرئيس عبد المجيد تبون (أ.ف.ب)

قال الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، اليوم الثلاثاء، إن قطاع الزراعة يساهم بـ15 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي، مقابل 5 في المائة فقط لقطاع الصناعة، بحسب ما أوردته «وكالة الأنباء الألمانية».

وكشف تبون في كلمة له في احتفالية الاتحاد الجزائري للمزارعين بذكرى تأسيسه الـ50، عن أن قطاع الزراعة حقق العام الحالي ما قيمته 37 مليار دولار، مشيراً إلى أن ذلك «يبشر بالخير وصواب الأسلوب الذي تنتهجه الجزائر للتحرر من التبعية للمحروقات».

كما أكد الرئيس الجزائري أنه ينبغي للقطاع الزراعي والصناعي أن يسيرا بالتوازي، وأنه «لا فائدة من زراعة تسير بشكل مركزي، ولا تسيير ناجعاً خارج مبادرة المزارع». وقال بهذا الخصوص: «قد جعلت بلادنا من الأمن الغذائي رهاناً استراتيجياً، يتوجب علينا كسبه، في عالم أصبح فيه سلاح الغذاء أقوى الأسلحة وأشدها تأثيراً».

وأضاف الرئيس تبون: «علينا الوصول إلى تصدير منتجاتنا الزراعية. وانقطاع تموين السوق بالمنتج الزراعي من علامات التخلف التنموي. ولذلك آمر البنوك بفتح القروض لفائدة الفلاحين، لتشييد غرف التبريد، ولتخزين المنتج الزراعي بهدف ضمان استقرار السوق ومحاربة المضاربة»، كما أكد تبون أنه ستتم تسوية نهائية لملكية العقار الزراعي، وطي ملفه قبل نهاية 2025، لافتاً إلى تخصيص أكبر مخطط لاسترجاع المياه المستعملة المصفاة بنسبة لا تقل عن 30 في المائة. مشدداً على أن بلاده في مرحلة فارقة لتحقيق الاكتفاء الذاتي، موجهاً الحكومة بعدم استيراد قنطار واحد من القمح الصلب خلال عام 2025.