مسار تسليح المدنيين يتصاعد بالسودان... واشتباكات في الخرطوم

مخاوف من مواجهات عسكرية في مواقع أثرية

سودانيون مسلحون داعمون للجيش يحتشدون (الأربعاء) في ولاية كسلا شرقي البلاد (سونا)
سودانيون مسلحون داعمون للجيش يحتشدون (الأربعاء) في ولاية كسلا شرقي البلاد (سونا)
TT

مسار تسليح المدنيين يتصاعد بالسودان... واشتباكات في الخرطوم

سودانيون مسلحون داعمون للجيش يحتشدون (الأربعاء) في ولاية كسلا شرقي البلاد (سونا)
سودانيون مسلحون داعمون للجيش يحتشدون (الأربعاء) في ولاية كسلا شرقي البلاد (سونا)

بالتزامن مع تجدد الاشتباكات (الأربعاء) في العاصمة السودانية الخرطوم ومدن البلاد الأخرى، تتصاعد حالة التعبئة و«الاستنفار الشعبي» التي يقودها الجيش بتسليح الآلاف من المدنيين في الولايات خارج نطاق الحرب للمشاركة في القتال ضد «قوات الدعم السريع».

وقال شهود عيان من سكان العاصمة لــ«الشرق الأوسط» إن «الجيش السوداني شن قصفاً مدفعياً مكثفاً من قاعدته العسكرية بمنطقة (وادي سيدنا) شمال مدينة أمدرمان باتجاه مواقع لقوات (الدعم السريع) بعدد من أحياء بحري». وبحسب الشهود، فإن «مواجهات متقطعة بالأسلحة الخفيفة وقعت في أحياء أمدرمان، وسط تقدم وانتشار قوات الجيش بأعداد كبيرة في تلك المناطق».

ومنذ أبريل (نيسان) الماضي، اندلعت الحرب بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» وامتدت نيران المواجهات إلى ولايات عدة.

وبحسب سكان من أحياء شرق الخرطوم، فقد أطلقت «الدعم السريع» سلسلة من القذائف المدفعية تجاه مقرات الجيش، استهدفت القيادة العامة وسط الخرطوم ومناطق أخرى تتجمع فيها قوات للجيش. وأفاد مقيمون بسماع أصوات انفجارات وقذائف متواصلة، استهدفت أحياء في مناطق جنوب الخرطوم.

وبعد هدوء استمر لأكثر من أسبوعين على التوالي تجددت الاشتباكات والقصف المدفعي المتبادل بين طرفي الحرب في المناطق الشرقية بمدينة الأبيض عاصمة ولاية شمال كردفان (غرب البلاد).

وقالت مصادر محلية بالمدينة إن «مواجهات عنيفة جرت بين القوتين المتقاتلتين تسببت في حالة من الذعر والهلع وسط سكان الأحياء الطرفية».

ومن جهة ثانية، اتهمت «الدعم السريع» الجيش السوداني بشن غارات جوية على بلدة (الزرق) شمال إقليم دارفور «ما أدى إلى مقتل 12شخصاً بينهم نساء وأطفال وتدمير عشرات المنازل»، وفق إفادة «الدعم».

وفي موازاة ذلك، بثت منصات تابعة للجيش السوداني تسجيلات مصورة في ولايتي النيل الأبيض (وسط البلاد) وكسلا (شرق) لحشود ضخمة من المواطنين يشاركون في «نفرة» لقوات الجيش خلال تدشين ما يسمى «المقاومة الشعبية» وكان يخاطبهم مسؤولون حكوميون.

ووجه حاكم ولاية كسلا «المكلف»، محمد موسى، رسالة إلى قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، مشيراً إلى أن «مواطني المدينة في أتم الجاهزية للدفاع ومواجهة العدو».

وعلى صعيد آخر، تجددت المخاوف من اندلاع اشتباكات بين الجيش و«الدعم السريع» في منطقة «النقعة والمصورات» الأثرية بولاية نهر النيل شمال البلاد.

وقالت «الخارجية السودانية» في بيان (الأربعاء) إن «(ميليشيا الدعم السريع) بثت مقاطع فيديوهات لعناصرها في الموقع الأثري شمال الخرطوم، لشن هجمات جديدة على البلدات القريبة».

وقالت مصادر لــ«الشرق الأوسط» إن «اشتباكات جرت بين قوات الجيش ومجموعات تابعة لـ(الدعم السريع) في المنطقة الأثرية». ووفق المصادر ذاتها «تشهد المنطقة انتشاراً كثيفاً لقوات الجيش، تحسباً لأي هجمات من (الدعم السريع) التي تهدد باجتياح الولاية».

وأشارت «الخارجية السودانية» إلى أن «المنطقة تضم أبرز المواقع الأثرية المحمية في البلاد، ويعود تاريخها إلى حوالي 3 آلاف سنة، ومسجلة ضمن قائمة التراث الإنساني منذ عام 2011».

وبدورها، قالت هيئة «محامو الطوارئ»، وهي تجمع لنشطاء حقوقيين مدنيين، في بيان، إنها تابعت «خلال اليومين الماضيين صوراً على مواقع التواصل الاجتماعي تظهر انتشار عناصر (الدعم السريع) مدججين بالسلاح في المناطق الأثرية في (النقعة والمصورات)».

وأضافت: «هذا الانتشار يبدو ضمن خطوات جديدة لـ(الدعم السريع) لتوسيع رقعة العمليات العسكرية». مشيرة إلى أن «الموقعين من أهم المواقع التاريخية التي تتضمن معابد ومزارات وتحفاً وتماثيل تعود لحقبة مملكة مروي». كما حملت «الدعم السريع» المسؤولية الكاملة عن سلامة هذه المواقع التاريخية.


مقالات ذات صلة

مناقشات أممية موسعة لوقف النار فوراً في السودان

شمال افريقيا مناقشات أممية موسعة لوقف النار فوراً في السودان

مناقشات أممية موسعة لوقف النار فوراً في السودان

انخرط مجلس الأمن في نقاشات حول مشروع قرار بريطاني لمطالبة القوات المسلحة السودانية و«قوات الدعم السريع» بوقف القتال فوراً والسماح بتسليم المساعدات الإنسانية.

علي بردى (واشنطن) محمد أمين ياسين (نيروبي)
تحليل إخباري محمد حمدان دقلو (حميدتي) في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»

تحليل إخباري بعد خطاب «حميدتي»... هل بدأت الموجة الثانية من الحرب السودانية؟

العنوان الأبرز لخطاب قائد «قوات الدعم السريع»، هو «الانتقال للحرب الشاملة، على عكس ما ذهب البعض لتفسيره بأنه إقرار بالهزيمة».

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا أرشيفية لحميدتي (رويترز)

مصر تنفي اتهامات حميدتي بشن غارات على قواته

نفت مصر اتهامات قائد «قوات الدعم السريع» في السودان محمد حمدان دقلو (حميدتي)، لها بشن ضربات جوية على قوات مجموعته.

«الشرق الأوسط» (لندن)
خاص القوني دقلو شقيق قائد «قوات الدعم السريع» خلال مشاركته في مؤتمر بجنوب أفريقيا (إكس) play-circle 01:52

خاص ماذا نعرف عن شقيق حميدتي الذي عاقبته واشنطن؟

أعلنت وزارة الخزانة الأميركية فرض عقوبات على السوداني القوني حمدان دقلو، وهو الشقيق الأصغر لقائد «قوات الدعم السريع»، محمد دقلو، الشهير بـ(حميدتي).

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا البشير خاض نظامه حروباً لسنوات عدّة في جنوب السودان ودارفور (أ.ف.ب)

السودان: مخاوف من عودة رموز حزب البشير للواجهة

أعرب نشطاء سياسيون في السودان، عن مخاوفهم جراء الظهور العلني المتكرر لرموز من حزب «المؤتمر الوطني» الذي حكم البلاد سابقاً طوال عهد الرئيس السابق عمر البشير.

أحمد يونس (كمبالا)

تصاعد أزمة «الدولة» الليبي بعد إعلان تكالة فوزه

صورة أرشيفية للقاء تكالة مع القائمة بالبعثة الأممية (البعثة)
صورة أرشيفية للقاء تكالة مع القائمة بالبعثة الأممية (البعثة)
TT

تصاعد أزمة «الدولة» الليبي بعد إعلان تكالة فوزه

صورة أرشيفية للقاء تكالة مع القائمة بالبعثة الأممية (البعثة)
صورة أرشيفية للقاء تكالة مع القائمة بالبعثة الأممية (البعثة)

تصاعدت أزمة النزاع على رئاسة المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، اليوم الثلاثاء، بعد إعلان رئيسه السابق محمد تكالة فوزه مجدداً برئاسته، وسط اعتراض خالد المشري، الرئيس الحالي للمجلس، وجاء هذا التصعيد تزامناً مع إغلاق متظاهرين من مدينة الزنتان (غرب) صمام حقل الرياينة للنفط والغاز، الذي يعد أكبر خط نفطي بالبلاد.

وأعلن تكالة، في بيان عقب جلسة للمجلس، بمقره في العاصمة طرابلس، إعادة فوزه وانتخابه رئيساً بحصوله على 55 صوتاً، في أول جولة للتصويت، مقابل مرشحين آخرين، فيما أعاد 48 عضواً انتخاب مسعود عبيد نائباً أول لتكالة في الجلسة، التي قاطعها المشري.

تكالة أعلن إعادة فوزه وانتخابه رئيساً بحصوله على 55 صوتاً (إ.ب.أ)

وقال تكالة عقب إعلان فوزه إن المجلس قام بما وصفه «عملية انتخابية متكاملة»، مشيراً إلى حضور 73 عضواً في هذه الجلسة، كما أعرب عن أمله في نجاحه بإحداث توافقات بين أعضاء المجلس.

وكان تكالة قد استبق هذه الجلسة بعقد اجتماع، مساء الاثنين، بحضور نائبه الأول ومقرر المجلس، مع مسؤولي المجلس لبحث التجهيز للجلسة.

في المقابل، سارع المشري إلى التأكيد على أن جلسة إعادة انتخاب تكالة «لا قيمة لها»؛ لأنها صادرة عن «غير ذي صفة»، وقال في تصريحات تلفزيونية، اليوم الثلاثاء، إنها «ليست سوى فصل جديد لتعزيز انقسام المجلس»، لافتاً إلى تمسكه بشرعية رئاسة المجلس، إلى حين الفصل في الخلاف عبر القضاء.

وكان أعضاء في المجلس قد شككوا في عدم تحقيق هذه الجلسة نصابها القانوني، وأوضحوا أن الكتلة التي اجتمعت في السابق بنصاب قانوني، وبحضور مندوب من بعثة الأمم المتحدة، لن تحضر بأكملها.

المشري في لقاء سابق مع السفير الأميركي ريتشارد نورلاند (البعثة)

والتزمت البعثة الأممية الصمت حيال ما نقلته وسائل إعلام محلية عن مصادر بإبلاغها تكالة «عدم اعترافها بهذه الجلسة»، وأنها «لن تتخذ أي موقف بشأن أزمة مجلس الدولة، حتى يفصل القضاء فيها، أو الوصول لحل توافقي».

في شأن مختلف، نظم محتجون وقفة أمام مقر رئاسة حكومة «الوحدة» المؤقتة في العاصمة طرابلس، اليوم الثلاثاء، تنديداً بخطف العميد مصطفى الوحيشي، القيادي بجهاز الاستخبارات الليبية.

وتأتي هذه الوقفة بعدما اقتحم محتجون بشكل مفاجئ، مساء الاثنين، خط نقل الغاز بالرياينة، وأغلقوا الصمام الرئيسي الذي يربط بين الرياينة ومليتة، ومنها إلى إيطاليا، كما أشعلوا إطارات السيارات، وأغلقوا الطريق المؤدية إلى مدينة الزنتان للمطالبة بالإفراج فوراً عن الوحيشى، تزامناً مع تجمع عدد من السيارات التي كانت مدججة بالأسـلحة المتوسطة والثقيلة للضغط على حكومة الوحدة المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة.

وعبر عدد من شباب وأهالي الزنتان، في بيان مساء الاثنين، عن استنكارهم لاختطاف الوحيشي، وحملوا الدبيبة ومحمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي، المسؤولية عن عملية خطفه في أثناء عودته من عمله. ونقلت وسائل إعلام محلية عن شهود عيان تجمع عدد كبير من السيارات المسلحة داخل الزنتان، انتظاراً لتحركات تصعيدية جديدة، حال عدم إطلاق سراح الوحيشي، بالتزامن مع إغلاق بوابة المدينة.

ويغذى صمام الغاز مجمع مليتة للنفط والغاز، الذي يقع على مسافة 540 كيلومتراً جنوب غربي طرابلس، وتديره شركة مليتة للنفط والغاز الإيطالية، بالشراكة مع المؤسسة الوطنية الليبية للنفط، وهو المسؤول عن إمدادات الغاز الطبيعي إلى إيطاليا. وسبق أن أغلق الصمام عدة مرات في السابق، على خلفية احتجاجات محلية، ومطالبات بدفع مستحقات جهاز حرس المنشآت النفطية.

صورة وزعتها حكومة «الوحدة» لاجتماع رئيسها مع محافظ المصرف المركزي

بدوره، أكد عبد الحميد الدبيبة خلال لقائه، اليوم الثلاثاء، مع محافظ مصرف ليبيا المركزي، ناجي عيسى، أهمية التنسيق بين المصرف والحكومة بهدف خدمة المواطن، ودعم الاقتصاد الوطني، مشيراً إلى ضرورة توحيد الجهود الوطنية بهدف تنويع الاقتصاد الوطني وتعزيزه، وخلق برامج مشتركة لدعم القطاع الخاص الليبي، وذلك وفق أسس وثوابت أساسية.

كما شدد الدبيبة على رفع مستوى التنسيق بين المصرف ووزارة الاقتصاد والتجارة، فيما يتعلق بالميزانية الاستيرادية، وضبطها وفق احتياجات السوق المحلية، واستمرار التنسيق مع وزارة المالية لضبط وتنظيم الإنفاق الحكومي في كافة أبوابه، مشيراً إلى الاتفاق على أهمية الاستمرار في الشفافية والإفصاح، وتنفيذ كافة الإجراءات الحكومية بمعايير عالية من الشفافية.

ونقل الدبيبة، عن عيسى تأكيده على ضرورة انتظام صرف المرتبات الشهرية والمنح في مواعيدها المحددة، معلناً صرف مرتبات الشهر الماضي قبل يوم الخميس المقبل.

في شأن مختلف، قال نيكولا أورندو، سفير الاتحاد الأوروبي، إنه بحث، اليوم الثلاثاء، في تونس، مع محمد الشامسي، سفير الإمارات، الوضع السياسي والأمني في ليبيا، حيث جددا التزامهما بتوحيد المؤسسات الليبية من خلال الانتخابات الوطنية. كما رحبا بحل أزمة المصرف المركزي، وطالبا باتفاق شامل بشأن التوزيع العادل والشفاف للموارد الوطنية، وعلى أن العملية التي تتم بوساطة البعثة الأممية هي السبيل الوحيد لضمان الاستقرار الدائم والوحدة.