لماذا يعود طلاب مصريون للسودان رغم الحرب؟

وزارة الهجرة طالبتهم بالابتعاد عن مناطق النزاع

وزيرة الهجرة سها جندي خلال استقبال عدد من أولياء أمور الطلاب المصريين الدارسين بالسودان في سبتمبر الماضي (وزارة الهجرة المصرية)
وزيرة الهجرة سها جندي خلال استقبال عدد من أولياء أمور الطلاب المصريين الدارسين بالسودان في سبتمبر الماضي (وزارة الهجرة المصرية)
TT

لماذا يعود طلاب مصريون للسودان رغم الحرب؟

وزيرة الهجرة سها جندي خلال استقبال عدد من أولياء أمور الطلاب المصريين الدارسين بالسودان في سبتمبر الماضي (وزارة الهجرة المصرية)
وزيرة الهجرة سها جندي خلال استقبال عدد من أولياء أمور الطلاب المصريين الدارسين بالسودان في سبتمبر الماضي (وزارة الهجرة المصرية)

دعت وزارة الهجرة وشؤون المصريين بالخارج، مواطنيها من الطلبة الدارسين بالسودان إلى «الابتعاد عن مناطق النزاع؛ حفاظاً على أرواحهم»، وذلك بعد أن رصدت الوزارة «إصرار بعضهم على العودة إلى السودان رغم الحرب الدائرة هناك بين الجيش وقوات (الدعم السريع)».

وقالت الوزارة المصرية، (الأحد) إنه «لوحظ في الآونة الأخيرة قيام كثير من الطلاب المصريين الدارسين في السودان، الذين تم إجلاؤهم من هناك عقب بدء العمليات العسكرية، بالعودة مرة أخرى إلى السودان بدافع استكمال أوراق الدراسة، بل إن البعض منهم استمرّ في الدراسة هناك عقب عودته إلى جامعته».

ووفقاً لبيان «الهجرة المصرية» فإنه «لدى قيام الأطراف المتصارعة في السودان بتكثيف عملياتها العسكرية في الولايات الموجود بها الجامعات، تلقت استغاثات من الأهالي؛ لإعادة أبنائهم إلى أرض الوطن مرة أخرى». ودعت الوزارة الطلاب المصريين في السودان إلى «عدم التوجه مرة أخرى إلى هذه المناطق؛ حفاظاً على أرواحهم».

ويقدر عدد المصريين بالسودان بنحو 10 آلاف، وفق بيان سابق لوزارة الهجرة في أعقاب الأزمة، غيّر أن السفيرة سها جندي، وزيرة الهجرة، أشارت إلى أن «الأعداد المذكورة ربما تكون غير دقيقة؛ بسبب عدم قيام غالبية المصريين بتسجيل بياناتهم عقب الوصول».

ومنذ بدء الحرب السودانية في أبريل (نيسان) من العام الماضي، أجلت مصر الراغبين من مواطنيها من السودان، وتضمنت آخر عملياتها إجلاء 18 طالباً وطالبة وبعض من أولياء أمورهم من العالقين في مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة السودانية في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفقاً للخارجية المصرية.

وأثار إصرار الطلاب المصريين على العودة إلى السودان رغم الحرب، تساؤلات حول أسباب ذلك.

وقال عضو «اتحاد الطلاب المصريين بالسودان»، إسلام سلامة، لـ«الشرق الأوسط»، «إن كثيراً من الطلاب المصريين الذين تمت إعادتهم إلى مصر قرروا العودة مرة أخرى إلى السودان؛ لأن خضوعهم لاختبار لاستكمال الدراسة في مصر تكون نتيجته ضياع عام دراسي لكي يستكمل الطالب دراسته بجامعة مصرية».

ويوضح سلامة، الذي كان طالباً بالفرقة الرابعة في كلية الطب بالسودان، «كان يفترض أن أنتقل للفرقة الخامسة، لكن عقب خضوعي للاختبار في مصر أبقوني بالفرقة الرابعة، إضافة إلى إعادة الامتحان في بعض المواد من الفرقة الثالثة، لكني قررت البقاء في مصر واستكمال الدراسة».

وهو ما ذهب إليه شادي منصور، الطالب بالفرقة الرابعة بكلية الطب، والذي التحق بجامعة مصرية بالفرقة الرابعة بدلاً من الانتقال للخامسة. وقال منصور لـ«الشرق الأوسط» إن «أحد أسباب إصرار بعض الطلاب على العودة للسودان هو ارتفاع مصروفات الجامعات المصرية مقارنة بالسودانية».

كانت اللجنة الوطنية الدائمة لمتابعة الطلاب المصريين بالخارج قد أقرّت ضوابط لإعادة تسكين الطلاب المصريين العائدين من الخارج بسبب الحرب، بينها الخضوع لاختبار لتحديد مدى تأهل الطالب للالتحاق بالفرقة الدراسية نفسها التي أنهاها في الجامعة الخارجية.

وترى الخبيرة التربوية الدكتورة بثينة عبد الرؤوف أن خضوع الطلاب لاختبار لتحديد مستوى تحصيلهم العلمي «أمر منطقي وتربوي». وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «إن جزءاً من مشكلة الطلاب المصريين، الذين يعودون من الخارج سواء من السودان أو غيره، أنهم في الأساس لم يكونوا مؤهلين للالتحاق بالجامعات المصرية، بمعنى أن الطالب ذهب إلى السودان ليلتحق بكلية الطب أو الهندسة بمجموع 50 أو 60 في المائة، في حين أن هذا المجموع لا يؤهله في مصر للالتحاق بكليات أقل من ذلك، وهو ما يدفعهم للعودة للسودان».

وبحسب عبدالرؤوف فإنه «توجد معايير علمية لقبول أي طالب عائد من الخارج في الجامعات المصرية، منها المواد التي درسها، والتي تختلف بين مصر والدولة الأخرى، وعدد ساعات الدراسة في كل مادة».


مقالات ذات صلة

وزير الخارجية السوداني لـ«الشرق الأوسط»: لا بديل لـ«منبر جدة»

خاص وزير الخارجية السعودي في جدة إلى جانب ممثلين عن طرفي النزاع السوداني خلال توقيع اتفاق وقف النار في مايو 2023 (رويترز)

وزير الخارجية السوداني لـ«الشرق الأوسط»: لا بديل لـ«منبر جدة»

قال وزير الخارجية السوداني، علي يوسف أحمد، إن حكومته أكدت لنائب وزير الخارجية السعودي، وليد الخريجي، تمسكها بمفاوضات «منبر جدة» لحل الأزمة السودانية.

وجدان طلحة (بورتسودان) محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا البرهان لدى استقباله نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي السبت (مجلس السيادة السوداني/إكس)

الخريجي يؤكد للبرهان: السعودية حريصة على استقرار السودان

تشهد مدينة بورتسودان حراكاً دبلوماسياً مطرداً لإنهاء الاقتتال بوصل المبعوث الأممي، رمطان لعمامرة، ومباحثات خاطفة أجراها نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا من داخل أحد الصفوف بمدرسة «الوحدة» في بورتسودان (أ.ف.ب)

الحرب تحرم آلاف الطلاب السودانيين من امتحانات «الثانوية»

أعلنت الحكومة السودانية في بورتسودان عن عزمها عقد امتحانات الشهادة الثانوية، السبت المقبل، في مناطق سيطرة الجيش وفي مصر، لأول مرة منذ اندلاع الحرب.

وجدان طلحة (بورتسودان)
شمال افريقيا لقاء حاكم اقليم دارفور و نائب وزير الخارجية الروسي في موسكو (فيسبوك)

مناوي: أجندتنا المحافظة على السودان وليس الانتصار في الحرب

قال حاكم إقليم دارفور ورئيس حركة «جيش تحرير السودان»، مني أركو مناوي، إن أجندة الحركة «تتمثل في كيفية المحافظة على السودان، وليس الانتصار في الحرب».

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا «مجموعة أ 3 بلس» تُعبر عن «صدمتها» من الانتهاكات ضد نساء السودان

«مجموعة أ 3 بلس» تُعبر عن «صدمتها» من الانتهاكات ضد نساء السودان

استنكرت الجزائر باسم «مجموعة أ 3 بلس» بمجلس الأمن الدولي، التقارير الحديثة عن عمليات القتل الجماعي والاختطاف والاغتصاب في السودان.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

مدينة ليبية تنتفض ضد «المرتزقة»... وحكومة الدبيبة

الدبيبة في افتتاح أعمال المؤتمر الأول لقادة الاستخبارات العسكرية لدول جوار ليبيا (حكومة الوحدة)
الدبيبة في افتتاح أعمال المؤتمر الأول لقادة الاستخبارات العسكرية لدول جوار ليبيا (حكومة الوحدة)
TT

مدينة ليبية تنتفض ضد «المرتزقة»... وحكومة الدبيبة

الدبيبة في افتتاح أعمال المؤتمر الأول لقادة الاستخبارات العسكرية لدول جوار ليبيا (حكومة الوحدة)
الدبيبة في افتتاح أعمال المؤتمر الأول لقادة الاستخبارات العسكرية لدول جوار ليبيا (حكومة الوحدة)

عمّت حالة من التوتر بني وليد (شمال غربي ليبيا) إثر منع الأجهزة الأمنية فعالية سياسية تدعو لطرد «المرتزقة» والقوات والقواعد الأجنبية من البلاد، وأعقب ذلك القبض على قيادات قبائلية ونشطاء، ما أدى إلى تسخين الأجواء بالمدينة التي أمضت ليلتها في حالة انتفاضة.

وكان مقرراً أن تستضيف بني وليد، التي لا تزال تدين بالولاء لنظام الرئيس الراحل معمر القذافي، المشاركين في حراك «لا للتدخل الأجنبي» مساء السبت، قبل أن تدهم قوات الأمن الاجتماع المخصص لذلك، وتقتاد بعض قياداته إلى مقار أمنية، ما تسبب في تصعيد حالة الغضب.

ومع الساعات الأولى من ليل السبت، احتشد مئات المتظاهرين، وخاصة أهالي قبيلة ورفلة، وبعضهم موالٍ أيضاً لسيف الإسلام نجل القذافي، أمام ديوان مديرية أمن بني وليد، في ما يشبه انتفاضة، منددين باعتقال بعض قيادات الحراك، ومرددين الهتاف الشهير: «الله ومعمر وليبيا وبس»، لكنهم أيضاً هتفوا ضد عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة.

ونجح المتظاهرون في الضغط على السلطات في بني وليد لاستعادة المحتجزين، لكنهم ظلوا يصعّدون هتافاتهم ضد الدبيبة وحكومته.

وعبّرت «المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان» بليبيا عن «قلقها البالغ» لعملية «الاحتجاز التعسفي لعدد من المواطنين المجتمعين في مدينة بني وليد، المطالبين بإخراج القوات والقواعد الأجنبية الموجودة على الأراضي الليبية»، مشيرة إلى أن مواطنين طاعنين في السنّ كانوا من بين المعتقلين.

وقالت المؤسسة، في بيان، الأحد، إن «أفراد الأمن التابعين للمديرية التابعة لوزارة الداخلية بحكومة (الوحدة) أطلقوا الرصاص الحي لتفريق المتظاهرين من أمام مقر المديرية».

وأضرم غاضبون من شباب بني وليد النار في الكاوتشوك اعتراضاً على اعتقال 4 مشايخ من قبيلة ورفلة بالمدينة، كما أغلقوا بعض الطرقات، بعد مظاهرة حاشدة في ميدان الجزائر بالمدينة.

ودافعت مديرية أمن بني وليد عن نفسها، وقالت إنها تشدد على منتسبيها «الالتزام بتنفيذ التعليمات واللوائح التي تمنعهم من التدخل في أي عمل سياسي، وتلزمهم بحماية أي تعبير سلمي للمواطنين»، لكنها «لا تتحمل مسؤولية تأمين أنشطة اجتماعية أو سياسية لا تملك بخصوصها أي بيانات أو موافقات رسمية تسمح بها».

وأبدت مديرية الأمن تخوفها من «اختراق أي تجمع لسكان المدينة، عبر أي مشبوهين، لغرض توريط بني وليد في الفوضى خدمة لمصالح شخصية»، وانتهت إلى «التذكير بأن الثوابت الوطنية المرتبطة بوحدة ليبيا، وحماية سيادتها ومواطنيها، هي مسؤولية دائمة بالنسبة لها، وليست موضع تشكيك أو تخوين».

وتصعّد قبائل موالية لنظام القذافي منذ أشهر عدّة ضد وجود «المرتزقة» والقوات والقواعد الأجنبية في البلاد، مطالبة بإخراجهم، وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية «في أسرع وقت».

وسبق للعميد العجمي العتيري، آمر كتيبة «أبو بكر الصديق»، التي اعتقلت سيف الإسلام القذافي، أن أعلن أن الاجتماع التحضيري للقبائل، الذي عملت عليه قبيلة المشاشية تحت عنوان «ملتقى لمّ الشمل»، اتفق على اختيار اللجنة التنسيقية للملتقى العام، مجدداً المطالبة بإخراج القواعد الأجنبية من ليبيا وطرد «المرتزقة».

ورأت «المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان» أن التظاهر السلمي بالعديد من المدن والمناطق الليبية يُعد «تعبيراً طبيعياً عن التذمّر والاستياء من الوجود الأجنبي للقوات والقواعد الأجنبية والمرتزقة في عموم ليبيا»، محملة وزير الداخلية بحكومة «الوحدة» ومدير أمن بني وليد «المسؤولية القانونية الكاملة حيال ما قام به أفراد الأمن بالمديرية من قمع للمواطنين المتظاهرين السلميين، واعتقال عدد منهم».

وتحذر المؤسسة من «استمرار محاولة المساس بحياة المتظاهرين وتعريضهم للترويع والإرهاب المسلح وحجز الحرية بالمخالفة للقانون»، وانتهت إلى أنه «في جميع الأحوال لا يجب استخدام الأسلحة النارية، بشكلٍ عشوائي، لتفريق المعتصمين السلميين».

وتستعين جبهتا شرق ليبيا وغربها بآلاف من عناصر «المرتزقة السوريين» المواليين لتركيا، وآخرين مدعومين من روسيا، وذلك منذ وقف الحرب على العاصمة طرابلس في يونيو (حزيران) 2020، إلى جانب 10 قواعد عسكرية أجنبية، بحسب «معهد الولايات المتحدة للسلام».

وسبق أن هتف مواطنون للقذافي، وذلك إثر خروج جمهور كرة القدم الليبية من «استاد طرابلس الدولي» بعد هزيمة المنتخب أمام نظيره البنيني في تصفيات التأهل لـ«أمم أفريقيا».