هل تُعمق إحاطة باتيلي في مجلس الأمن انقسامات أفرقاء ليبيا؟

في ظل تمسك كل طرف بمطالبه ومحاولة تثبيتها على أرض الواقع

من اجتماع سابق للمشير حفتر في بنغازي مع باتيلي وصالح (الجيش الوطني)
من اجتماع سابق للمشير حفتر في بنغازي مع باتيلي وصالح (الجيش الوطني)
TT

هل تُعمق إحاطة باتيلي في مجلس الأمن انقسامات أفرقاء ليبيا؟

من اجتماع سابق للمشير حفتر في بنغازي مع باتيلي وصالح (الجيش الوطني)
من اجتماع سابق للمشير حفتر في بنغازي مع باتيلي وصالح (الجيش الوطني)

شهدت الساحة الليبية تطورات متلاحقة خلال اليومين الماضيين، وتحديداً قبيل تقديم المبعوث الأممي إلى ليبيا، عبد الله باتيلي، إحاطته أمام مجلس الأمن الدولي مساء أمس (الاثنين)، متضمنة مبادرته لحل أزمة الأفرقاء.

وتسابق قادة المؤسسات الرئيسية الخمسة، الذين دعاهم باتيلي للاجتماع بهدف حسم القضايا الخلافية المرتبطة بالانتخابات، إلى عقد اجتماعات تشاورية ما بين القاهرة وطرابلس. ووفقاً لسياسيين ومراقبين للملف الليبي، فإن تلك الاجتماعات التي سبقت الإحاطة الأممية تشاركت ظاهرياً في قبول المشاركة باجتماع باتيلي الخماسي لحل الأزمة السياسية، إلا أنها أبرزت تمسك كل طرف منهم بمطالبه ومحاولة تثبيتها، وهو ما ينذر ليس فقط بتقليل فرص نجاح هذا الاجتماع، بل أيضاً بتعميق الانقسام واستمراريته بين الأفرقاء، بخلاف ما حدث من انقسام داخلي في بعض الكيانات.

باتيلي المبعوث الأممي إلى ليبيا (المكتب الإعلامي للبعثة الأممية)

وسلط عضو «ملتقى الحوار السياسي»، أحمد الشركسي، الضوء على الاجتماع التشاوري الذي عُقد مساء الاثنين في طرابلس، وضم كلاً من رئيس المجلس الأعلى للدولة محمد تكالة، والنائبين بالمجلس الرئاسي عبد الله اللافي وموسى الكوني، ورئيس حكومة «الوحدة الوطنية» عبد الحميد الدبيبة.

وقال الشركسي لـ«الشرق الأوسط» إن إعلان المجتمعين دعمهم لجهود المبعوث الأممي بشأن عقد الاجتماع الخماسي، وتأكيدهم على تعاطيهم معه دون شروط مسبقة؛ تغليباً للمصلحة الوطنية، يناقض ما جاء في بيانهم من أن «تعثر تنفيذ الانتخابات نتيجة وجود إشكاليات في القوانين الانتخابية»، وفقاً لمواقف كانوا أعلنوها سابقاً.

وأوضح الشركسي أن «هذا يعني أن المطالبة بإعادة النظر في تلك القوانين ستمثل أولوية في مطالب هؤلاء المجتمعين، دون أن يعلنوا أنه شرط مسبق، رغم إدراكهم رفض البرلمان أي منحى أو حديث عن تلك القوانين، إذ يؤكد على الدوام جاهزيتها».

وكان باتيلي قد أعلن دعوته لاجتماع يضم رؤساء المجلس الرئاسي محمد المنفي، ومجلس النواب عقيلة صالح، والمجلس الأعلى للدولة محمد تكالة، وحكومة «الوحدة الوطنية» عبد الحميد الدبيبة، وقائد «الجيش الوطني» الليبي خليفة حفتر، عادّاً هذه المؤسسات الخمس هي القادرة على دفع العملية السياسية للأمام، أو إصابتها بالجمود.

من جهته، عدّ المحلل السياسي الليبي، عبد الله الكبير، أن الاجتماع الذي عُقد في طرابلس قبيل إحاطة باتيلي جاء رداً على «اجتماع القاهرة».

وذكر الكبير لـ«الشرق الأوسط» أن عضو المجلس الرئاسي عبد الله اللافي أوضح أنه وموسى الكوني لم يعلما بعقد اجتماع القاهرة، الذي شارك فيه المنفي، إلا عبر وسائل الإعلام، «وهو ما يعني أن هذا الاجتماع لم يجد ترحيباً من قبلهما». وأشار إلى «مسارعة اللافي والكوني لمخاطبة باتيلي بشكل رسمي لتحديد ممثل عن كل منهما بالاجتماعات التحضيرية».

باتيلي في لقاء سابق مع عماد السايح رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات (الوحدة)

في حين أشار الشركسي إلى «إعلان رئيسي البرلمان عقيلة صالح، والمجلس الرئاسي محمد المنفي، وقائد الجيش الليبي خليفة حفتر، خلال اجتماعهم قبل يومين بالعاصمة المصرية القاهرة، استعدادهم للمشاركة باجتماع باتيلي، شرط عدم إقصاء أي طرف، ومراعاة تحفظات المجتمعين ومطالبهم والأخذ بها».

وعدّ عضو «ملتقى الحوار السياسي»، أن «حرص كل طرف على تأكيد مطالبه وشروطه قبيل إحاطة باتيلي، التي وجّه خلالها انتقادات لاذعة لأغلبهم، يُظهر بوضوح مدى ضعف الأرضية الخاصة بهذه المبادرة، أو الاجتماع الخماسي، وكيف تؤدي منذ الإعلان عنها وحتى الإحاطة الأخيرة إلى تعميق الانقسام بين أفرقاء الأزمة».

ولفت الشركسي إلى أن الاجتماعات، التي استبقت إحاطة باتيلي، «أظهرت للمرة الأولى خلافاً واضحاً في الآراء بين أعضاء المجلس الرئاسي، الذي لطالما كان أعضاؤه الثلاثة (المنفي والكوني واللافي) بعيدين عن تجاذبات الاصطفافات بالساحة السياسية بشكل عام ويمارسون دوراً حيادياً».

وأضاف: «هناك قطاع غير هين من أعضاء (الأعلى للدولة) يرفض انفراد تكالة بتسمية الممثلين عن مجلسهم في الاجتماعات التحضيرية، التي ستُعقد قبل الاجتماع الأممي، فضلاً عن اتهامهم تكالة بالانحياز شبه الكامل لسياسات ومواقف الدبيبة».

مجلس النواب أحد الأطراف الخمسة التي دعاها باتيلي لحضور الاجتماع الخماسي (المجلس)

في السياق، أعرب الكبير عن تخوفه من «أن يتطور هذا الخلاف السياسي بين الأفرقاء لما يشبه التكتل، والاصطفاف الجهوي بين شرق وغرب البلاد»، موضحاً أن «المشهد الراهن يجعلنا كأننا أمام قوى تمثل الشرق الليبي سياسياً وعسكرياً، أو تنتمي إليه، وقوى أخرى تمثل الغرب». وقال موضحاً: «إذا ما توصل الاجتماع الأممي لأي صيغة توافقية فإن الخوف كل الخوف من أن تتضمن مقترحات محاصصة، أو مقترحات بتقاسم للسلطة بين الأقاليم».


مقالات ذات صلة

تكالة يتهم رئيس «النواب» الليبي بـ«تعقيد المشهد السياسي»

شمال افريقيا اجتماع تكالة ومعاونيه (المجلس الأعلى للدولة)

تكالة يتهم رئيس «النواب» الليبي بـ«تعقيد المشهد السياسي»

عاد النزاع مجدداً بين مجلسي «النواب» و«الأعلى للدولة» بليبيا بعدما اتهم محمد تكالة المتنازع على رئاسة مجلس الدولة رئيس مجلس النواب عقيلة صالح بـ«تعقيد المشهد».

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا اجتماع الوفد البريطاني مع السايح (السفارة)

تيتيه تجدد التزامها بوضع خريطة طريق لإجراء الانتخابات الليبية

جددت رئيسة بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا هانا تيتيه التزامها بوضع خريطة طريق تؤدي إلى إجراء انتخابات ومؤسسات موحدة في ليبيا.

خالد محمود (القاهرة )
تحليل إخباري نائبة المبعوثة الأممية في ليبيا ستيفاني خوري خلال لقاء مع فعاليات قبلية في مدينة بني وليد الليبية (البعثة الأممية)

تحليل إخباري كيف يقيّم الليبيون مسار الأمم المتحدة في حل أزمة بلادهم السياسية؟

انتقد ليبيون «بطء» مسار البعثة الأممية لحل الأزمة السياسية في البلاد، بعد نحو شهرين من طرح 4 خيارات للأزمة صاغها خبراء ليبيون برعاية أممية.

علاء حموده (القاهرة )
شمال افريقيا هانيبال القذافي في 2009 خلال مشاركته في عرض بمناسبة الذكرى الـ40 لقيام نظام والده (غيتي)

موالون لنظام القذافي يناشدون «المنظمات الدولية» التحرك للإفراج عن ابنه هانيبال

يتمسّك المدافعون عن هانيبال القذافي بأن عمره كان عامين عندما أثيرت قضية اختفاء الصدر، ويرون أنه ليس له علاقة بهذا الأمر.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا القائد العام للجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر (القيادة العامة)

هل يتدخّل المشير حفتر لحسم صراع الميليشيات في العاصمة الليبية؟

وسط تباينات في الآراء دعت لجنة برلمانية ليبية إلى «الالتفاف حول الجيش الوطني لضمان استعادة الاستقرار وتهيئة البلاد لخوض الانتخابات».

علاء حموده (القاهرة)

«الجامعة العربية»: الغارات الإسرائيلية على سوريا «بلطجة» تستهدف زرع الفوضى

مقر جامعة الدول العربية بالقاهرة (الجامعة العربية)
مقر جامعة الدول العربية بالقاهرة (الجامعة العربية)
TT

«الجامعة العربية»: الغارات الإسرائيلية على سوريا «بلطجة» تستهدف زرع الفوضى

مقر جامعة الدول العربية بالقاهرة (الجامعة العربية)
مقر جامعة الدول العربية بالقاهرة (الجامعة العربية)

شددت جامعة الدول العربية على أن الهجمات الإسرائيلية على سوريا تمثل «بلطجة» لا يُمكن للمجتمع الإقليمي أو الدولي القبول بها أو تمريرها، ويتعين وقفها فوراً، وأضافت أن «غارات الاحتلال تستهدف زرع الفوضى في سوريا مستغلة في ذلك بعض الأحداث التي وقعت أخيراً في محافظة السويداء، والتي أدانتها السلطات السورية نفسها ووصفتها في بيان لها بـ(الأعمال المشينة)، وتعهدت بالتحقيق فيها وتوقيع الجزاء على من يثبت ارتكابه لأي انتهاكات أو مخالفات».

وأدانت الأمانة العامة للجامعة، الأربعاء، «بأشد العبارات الغارات التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على سوريا، بما في ذلك تلك التي طالت مقر هيئة الأركان في دمشق، ومحيط القصر الرئاسي». واعتبرت أن هذه الغارات «تُمثل اعتداء صارخاً على سيادة دولة عربية عضو في (الجامعة) وفي منظمة الأمم المتحدة، بما يُمثل انتهاكاً للقانون الدولي واستهانة بقواعد النظام الدولي».

وأعربت الجامعة العربية عن «كامل التضامن مع سوريا إزاء تلك الهجمات الإسرائيلية»، مناشدة الحكومة «العمل بسرعة على نزع فتيل الفتنة، ومعالجة الاحتقانات القائمة عبر الحوار، والعمل على احتواء كافة مكونات الشعب السوري في الإطار الوطني».