«سد النهضة»: ما فرص التوافق بين مصر وإثيوبيا؟

مع انطلاق جولة رابعة من المفاوضات في أديس أبابا

وزراء مياه مصر وإثيوبيا والسودان يجتمعون مجدداً في أديس أبابا (وزارة الموارد المائية المصرية)
وزراء مياه مصر وإثيوبيا والسودان يجتمعون مجدداً في أديس أبابا (وزارة الموارد المائية المصرية)
TT

«سد النهضة»: ما فرص التوافق بين مصر وإثيوبيا؟

وزراء مياه مصر وإثيوبيا والسودان يجتمعون مجدداً في أديس أبابا (وزارة الموارد المائية المصرية)
وزراء مياه مصر وإثيوبيا والسودان يجتمعون مجدداً في أديس أبابا (وزارة الموارد المائية المصرية)

انطلقت في أديس أبابا، الاثنين، جولة رابعة من مفاوضات «سد النهضة»، بمشاركة وزراء مياه مصر وإثيوبيا والسودان، وسط مطالب مصرية - سودانية بضرورة التعجيل بإبرام اتفاق قانوني ملزم، حول تشغيل وملء السد الإثيوبي، المقام على الرافد الرئيسي لنهر النيل، بما «يضمن حقوق جميع الأطراف».

ووفق وزارة الموارد المائية والري المصرية، فإن الجولة الرابعة من الاجتماعات تستهدف «استكمال المسار التفاوضي الذي توافقت الدول الثلاث على إطلاقه، بغرض الإسراع بالانتهاء من اتفاق بشأن قواعد ملء وتشغيل السد خلال أربعة أشهر».

وأكد المتحدث الرسمي للوزارة المصرية، في إفادة رسمية، أن «مصر تتعامل مع المفاوضات - كعهدها دائماً - بالجدية وحسن النيات اللازمين بغرض التوصل لاتفاق عادل ومتوازن يراعي مصالحها الوطنية الحالية والمستقبلية، ويحقق في الوقت ذاته المصالح المشتركة للدول الثلاث».

وتأتي المفاوضات الحالية في إطار اتفاق بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد، أعلنا عنه في يوليو (تموز) الماضي، على هامش قمة دول جوار السودان في القاهرة، لإجراء مفاوضات عاجلة للانتهاء من اتفاق ملء وتشغيل سد النهضة خلال أربعة أشهر.

وعلى مدار الأشهر التالية، عقدت ثلاثة اجتماعات دون نتيجة واضحة. وقالت وزارة الخارجية الإثيوبية، في بيان الاثنين، إن «الجولة الرابعة سبقها اجتماع للخبراء الفنيين من الدول الثلاث لمدة يوم، وسيعتمد الاجتماع الوزاري على مناقشات الدورات السابقة وسيواصل الجهود لتحقيق التقارب».

وسيعتمد الاجتماع الوزاري الحالي على مناقشات الدورات السابقة، وسيواصل الجهود لتحقيق تقارب حتى يوم الثلاثاء 19 ديسمبر (كانون الأول)، وفق البيان الإثيوبي، الذي أكد أن «أديس أبابا تسترشد بإعلان المبادئ لعام 2015 بشأن مشروع سد النهضة، وستواصل الدعوة إلى التوصل إلى نتائج توافقية على أساس مبدأ الاستخدام المنصف والمعقول لمياه نهر النيل».

وتسعى مصر للتوصل لاتفاق يؤمن ما تصفه بـ«حقوقها التاريخية» في مياه النيل، وسط استمرار إثيوبيا في إجراءات استكمال ملء وتشغيل السد. وأعلن رئيس الوزراء الإثيوبي، في سبتمبر (أيلول) الماضي، نجاح بلاده في إتمام العملية الرابعة من ملء خزان سد النهضة، وهو إجراء رفضته مصر حينها، وعدته «استمراراً للنهج الإثيوبي الأحادي»، فيما تظهر معلومات استعدادات أديس أبابا لملء خامس.

واستبعد خبير المياه، المستشار الأسبق لوزير الري المصري الدكتور ضياء الدين القوصي، إمكانية التوافق خلال هذه الجولة من المفاوضات، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجانب الإثيوبي لا يريد ولا يسعى لأي اتفاق، بل يتبع سياسة المماطلة... فهم يتجنبون التوصل لاتفاق لأنهم لا يريدون التوقيع على أي التزامات قد تستخدمها مصر أمام المجتمع الدولي في حال عدم التزام أديس أبابا بما وقعت عليه».

وأشار القوصي إلى أن «إعلان المبادئ عام 2015 يقول إن سد النهضة مخصص لتوليد الكهرباء، وهو ما يعني أن تقوم إثيوبيا بتشغيل التوربينات، حتى يتدفق الماء الزائد إلى السودان ومصر، وهذا لم يحدث»، وبحسب الخبير المصري فإن «استعداد إثيوبيا للملء الخامس للسد يعكس عدم جديتها في المفاوضات».

وتخشى مصر من تأثر حصتها من مياه نهر النيل جراء السد الإثيوبي الذي يجري تدشينه منذ عام 2011. وتقدر مصر «فجوتها المائية» بأكثر من 20 مليار متر مكعب سنوياً، وقال وزير الموارد المائية والري المصري الدكتور هاني سويلم خلال مؤتمر «أسبوع القاهرة للمياه» أوائل نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إن «موارد مصر المائية تقدر بـ59.6 مليار متر مكعب سنوياً، وتبلغ الاستخدامات الحالية نحو 80 مليار متر مكعب سنوياً، حيث يعاد استخدام نحو 21 مليار متر مكعب لتعويض الفجوة بين الموارد والاحتياجات».

وعدت مديرة البرنامج الأفريقي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتورة أماني الطويل، فرص التوصل إلى توافق حول سد النهضة بـ«الضعيفة»، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «جولة المفاوضات الرابعة تجري في أجواء يسودها (تعتيم) وكأنه يوجد قرار من الجانبين بهذا التعتيم»، لافتة إلى أن «المؤشر الإيجابي الوحيد أنه يوجد إصرار على استمرار الجولة الرابعة من المفاوضات رغم فشل الجولات الثلاث السابقة».


مقالات ذات صلة

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

العالم العربي صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

جاء فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية مُحمّلاً بتطلعات مصرية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والعمل معاً من أجل إحلال «سلام إقليمي».

فتحية الدخاخني (القاهرة)
شمال افريقيا الوزير المصري سويلم يلتقي السفير الألماني بالقاهرة (وزارة الموارد المائية والري)

مصر تحذّر دول نهر النيل من تفعيل اتفاقية «عنتيبي»

حذّرت مصر دول نهر النيل، من تفعيل «الاتفاقية الإطارية لدول حوض النيل»، المعروفة باسم اتفاقية «عنتيبي»، مؤكّدةً أنها بشكلها الحالي «تخالف قواعد القانون الدولي».

أحمد إمبابي (القاهرة)
العالم العربي صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

مصر والانتخابات الأميركية… لا مرشح مرجحاً ولا توقعات متفائلة

هيمن كل من الحرب في غزة وملف «سد النهضة» الإثيوبي على تقييمات سياسيين وبرلمانيين مصريين بشأن انعكاس نتيجة انتخابات الرئاسة الأميركية على مصر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ونظيره الأميركي أنتوني بلينكن (الخارجية المصرية)

عبد العاطي لبلينكن: الأمن المائي قضية «وجودية» لمصر

أكّد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، لنظيره الأميركي أنتوني بلينكن، رفض مصر وإدانتها للتصعيد الإسرائيلي ضد وكالة «أونروا».

شمال افريقيا وزير الموارد المائية المصري هاني سويلم خلال حفل تخريج متدربين أفارقة (وزارة الموارد المائية والري المصرية)

مصر تتمسك بقاعدة «الإجماع» لحل «الخلافات المائية» في حوض النيل

أكّدت مصر تمسكها بضرورة العمل وفق قاعدة «الإجماع» في إدارة وحل «الخلافات المائية» مع دول حوض النيل.

عصام فضل (القاهرة)

الحكومة المصرية لإعداد مساكن بديلة لأهالي «رأس الحكمة»

الحكومة المصرية لإعداد مساكن بديلة لأهالي «رأس الحكمة»
TT

الحكومة المصرية لإعداد مساكن بديلة لأهالي «رأس الحكمة»

الحكومة المصرية لإعداد مساكن بديلة لأهالي «رأس الحكمة»

تشرع الحكومة المصرية في إعداد مساكن بديلة لأهالي مدينة «رأس الحكمة»، الواقعة في محافظة مرسى مطروح (شمال)، وشددت على «ضرورة سرعة تنفيذ الطرق والمرافق بمنطقة شمس الحكمة»، المخصصة لإقامة الأهالي.

و«رأس الحكمة»، مدينة ساحلية تقع على شاطئ البحر الأبيض المتوسط، على بُعد 350 كيلومتراً تقريباً شمال غربي القاهرة، وتبلغ مساحتها نحو 170 مليون متر مربع.

ودشّن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ونظيره الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، مطلع الشهر الماضي، مشروع «رأس الحكمة»، وأكد الرئيسان حينها «أهمية المشروع في تعزيز العلاقات الاقتصادية والاستثمارية بين البلدين، لكونه يُمثل نموذجاً للشراكة التنموية البناءة بين مصر والإمارات»، وفق إفادة رسمية لـ«الرئاسة المصرية».

ووقّعت مصر اتفاقاً لتطوير وتنمية مدينة «رأس الحكمة» بشراكة إماراتية، في فبراير (شباط) الماضي، بـ«استثمارات قدرت بنحو 150 مليار دولار خلال مدة المشروع»، (الدولار الأميركي يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية).

وزير الإسكان ومحافظ مطروح خلال تفقد أعمال الطرق والمرافق بـ"شمس الحكمة" (مجلس الوزراء المصري)

وتفقد وزير الإسكان المصري، شريف الشربيني، ومحافظ مطروح، خالد شعيب، السبت، أعمال الطرق والمرافق للأراضي البديلة لـ«رأس الحكمة» بمنطقة «شمس الحكمة».

وأوضح الوزير المصري أن الأراضي البديلة بمنطقة «شمس الحكمة» مخصصة لأصحاب الأراضي بمدينة «رأس الحكمة»، وتشتمل المنطقة البديلة، وفقاً للمخطط، على مناطق سكنية وخدمية، وأنشطة تجارية واستثمارية، إضافة إلى شبكة الطرق الرئيسية.

ونهاية الشهر الماضي، أكدت الحكومة المصرية أنها تتابع مستجدات تنفيذ المرحلة الأولى من مشروع «رأس الحكمة» مع الشريك الإماراتي. وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، في وقت سابق، إنه يتابع بصورة يومية مستجدات الموقف في مدينة «رأس الحكمة»، والعقود الخاصة بالمستحقين للتعويضات من أهالي المنطقة.

مصطفى مدبولي خلال زيارته لـ«رأس الحكمة» اغسطس الماضي (مجلس الوزراء المصري)

كما زار مدبولي مدينة «رأس الحكمة» منتصف أغسطس (آب) الماضي للوقوف على «سير إجراءات تسليم التعويضات المخصصة للمستحقين». وقال حينها إن رأس الحكمة «تحظى بمقومات مميزة، تجعل منها نقطة جذب للاستثمارات ومختلف المشروعات على مدار العام».

وأكدت الشركة القابضة الإماراتية (ADQ) من جانبها في وقت سابق أن مشروع تطوير منطقة «رأس الحكمة» يستهدف ترسيخ مكانتها، بوصفها وجهة رائدة لقضاء العطلات على شواطئ البحر الأبيض المتوسط، ومركزاً مالياً، ومنطقة حرة مجهزة ببنية تحتية عالمية المستوى، لتعزيز إمكانات النمو الاقتصادي والسياحي في مصر، وفق بيان لـ«وكالة الأنباء الإماراتية».

وشدد وزير الإسكان المصري، اليوم السبت، على ضرورة الإسراع بمعدلات تنفيذ أعمال الطرق والمرافق بمنطقة «شمس الحكمة»، وتكثيف أعداد العمالة والمعدات، مؤكداً «اهتمام الدولة المصرية بتوفير الخدمات لأهالي المنطقة، وتوفير حياة كريمة لهم في مجتمعات حضارية».