توتر أمني بغدامس عقب «اقتحامها» من قوات «الوحدة» الليبية

جويلي يؤكد لباتيلي «الإسهام بإيجابية» في نزع سلاح التشكيلات المسلحة وتسريحها

باتيلي يلتقي جويلي آمر المنطقة العسكرية الغربية وعدداً من الضباط في مدينة العزيزية (البعثة الأممية)
باتيلي يلتقي جويلي آمر المنطقة العسكرية الغربية وعدداً من الضباط في مدينة العزيزية (البعثة الأممية)
TT

توتر أمني بغدامس عقب «اقتحامها» من قوات «الوحدة» الليبية

باتيلي يلتقي جويلي آمر المنطقة العسكرية الغربية وعدداً من الضباط في مدينة العزيزية (البعثة الأممية)
باتيلي يلتقي جويلي آمر المنطقة العسكرية الغربية وعدداً من الضباط في مدينة العزيزية (البعثة الأممية)

شهدت مدينة غدامس، القريبة من مثلث حدود ليبيا مع تونس والجزائر، حالة من التوتر الأمني، خلال اليومين الماضيين، بعد «اقتحام» قوات تابعة لحكومة «الوحدة» الوطنية المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، المدينة بقصد تسلم معبر غدامس الحدودي مع الجزائر وتأمينه، فيما ناقش المبعوث الأممي عبد الله باتيلي، مع آمر المنطقة العسكرية الغربية، اللواء أسامة جويلي، في مقابلة نادرة الأوضاع السياسية والأمنية الراهنة.

وقال باتيلي اليوم (الخميس) إنه التقى جويلي في العزيزية (غرب)، وناقش معه الأوضاع السياسية والأمنية الراهنة، و«ضرورة استجابة القادة الليبيين لمطالب شعبهم لإنهاء الجمود الحالي».

باتيلي يلتقي جويلي آمر المنطقة العسكرية الغربية في مدينة العزيزية (البعثة الأممية)

ونقل باتيلي عن جويلي «تأكيده إضافة للحاضرين من الضباط العسكريين التزامهم بالإسهام بإيجابية في توحيد المؤسسة العسكرية، وتأمين الحدود، ونزع سلاح وتسريح وإعادة دمج التشكيلات المسلحة». كما أعربوا عن التزامهم الواضح بتأمين العملية الانتخابية، من أجل وضع البلاد على مسار الاستقرار والازدهار.

في غضون ذلك، جدد المجلس البلدي بغدامس، اليوم (الخميس)، مطلبه بـ«ضرورة إخلاء غدامس من التشكيلات العسكرية المسلحة التي اقتحمت المدينة»، وقال إن «المؤسسات التعليمية والخدمية بالبلدية دخلت في اعتصام، وعلّقت الدراسة لحين إخراج القوات منها».

كما طالب المجلس البلدي بغدامس بضرورة «سرعة إخراج القوات الأمنية كافة من المدينة أياً كانت تبعيتها، وإسناد مهمة تأمين المدينة إلى مديرية أمن غدامس». واشتكي في بيان ألقاه عميده قاسم المانع من «انتهاكات للسلم والأمن الاجتماعي بالمدينة، أقدمت عليها تشكيلات مسلحة»، دون أن يسميها، مشيراً إلى أن «شباب غدامس تصدوا لهذه الممارسات الخارجة عن العرف والقانون».

الدبيبة في زيارة سابقة للحدود الليبية - الجزائرية (منصة «حكومتنا»)

وطالب المانع الجهات المسؤولة بتحمل مسؤوليتها، و«التدخل الفوري لإخلاء المدينة من المظاهر المسلحة، وإخراج التشكيلات المسلحة خارج الحدود الإدارية للبلدية»، وحمّل المسؤولين عن ذلك «تبعات ما يحدث، أو أي تطور سلبي للحدث قد يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه».

واتهم عدد من أهالي غدامس القوات التي وصلت مدينتهم - دون تسميتها أيضاً - بـ«إحداث فوضى أمنية هناك»، مطالبين بإخراجها، وتكليف مديرية الأمن فقط بتأمين المدينة.

وعلى أثر تصاعد الأحداث في غدامس، طالب مجلس النواب الليبي النائب العام بـ«فتح تحقيق عاجل فيما شهدته المدينة، من اشتباكات نتج عنها أضرار لحقت بمواطنين وعدد من الممتلكات العامة والخاصة». كما طالب المجلس في بيان أصدره مساء أمس (الأربعاء) بــ«خروج التشكيلات المسلحة كافة من غدامس، وترك مهمة تأمينها لمديرية أمنها»، داعياً «الأطراف جميعها إلى الكف عن استخدام غدامس في أي صراعات جهوية أو سياسية أو أمنية».

سياسياً، وفيما لم يعلن بعد عن «الاجتماع الخماسي»، الذي دعا إليه عبد الله باتيلي، المبعوث الأممي إلى ليبيا، أطراف الأزمة لبحث العقبات القانونية أمام إجراء الانتخابات، انتهى مجلس النواب إلى رفض المشاركة في أي حوار سياسي يضم حكومة «الوحدة»، التي وصفها بأنها «منتهية الولاية».

وقال المتحدث باسم مجلس النواب، عبد الله بليحق، إن المجلس أقر طلبا مقدماً من 39 نائبا «برفض مشاركة المجلس في أي حوار سياسي بمشاركة الحكومة (منتهية الولاية)، ووجوب طرح مشاركة مجلس النواب من عدمها في أي حوار تحت قبة البرلمان».

وأبدت حكومة «الوحدة» استعداداتها للمشاركة «في أي حوار يصل بالبلاد إلى الانتخابات، لكنها شددت على ضرورة ألا يؤدي الحوار لمسارات تساهم في تمديد المراحل الانتقالية».

في شأن مختلف، احتوت سلطات طرابلس، اليوم (الخميس)، إضراباً أمنياً لوحت به القوات المكلفة بتسيير العمل داخل مطار مصراتة الدولي، على خلفية اتهام قوات «جهاز الأمن الداخلي» بالاعتداء على رئيس الجمرك بالمطار.

وبعد ساعتين من انتشار بيان منسوب لرئيس مصلحة الطيران المدني، محمد شليبك، يطلب فيه من مدير عام المطار اتخاذ الإجراءات العاجلة لتعليق الرحلات كافة من وإلى المطار حتى إشعار آخر، نقلت وسائل إعلام محلية عن وكيل وزارة المواصلات بحكومة «الوحدة»، خالد سويسي، استئناف الرحلات الجوية.

وتداولت صفحات الـ«سوشيال ميديا» شائعات ترجع أسباب تعليق الحركة الجوية إلى اعتراض أعضاء الجمارك على تهريب كمية من الذهب، تصل إلى 8500 كليوغرام إلى خارج البلاد. واشتكى ضباط وضباط صف جمرك مطار مصراتة في بيان اليوم (الخميس) من تعرض زميلهم، العقيد فتحي إبراهيم مخلوف، رئيس جمرك المطار مصراتة الدولي، ليلة البارحة لمحاولة خطف واستفزاز، مطالبين النائب العام وحكومة الدبيبة باتخاذ إجراءات قانونية عاجلة حيال تلك الواقعة.


مقالات ذات صلة

لماذا تنتهي الاحتجاجات ضد «الوحدة» الليبية إلى «لا شيء»؟

تحليل إخباري جانب من احتجاجات مواطنين في طرابلس ضد حكومة الدبيبة بعد تصريحات المنقوش (أ.ف.ب)

لماذا تنتهي الاحتجاجات ضد «الوحدة» الليبية إلى «لا شيء»؟

شهدت بعض مناطق بغرب ليبيا مظاهرات متكررة بعضها جاء الأسبوع الماضي على خلفية اتهام حكومة «الوحدة» المؤقتة بـ«التطبيع مع إسرائيل».

جاكلين زاهر (القاهرة)
شمال افريقيا  القائم بأعمال سفارة أميركا خلال لقائه مع مسؤول المنطقة الحرة بمصراتة (القائم بالأعمال)

البعثة الأممية تدعو لـ«تحقيق فوري» في تعذيب محتجزين شرق ليبيا

دعت بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا، اليوم الأربعاء، للتحقيق في «مقاطع فيديو متداولة، تُظهر تعذيب وسوء معاملة لعدد من المحتجزين في سجن قرنادة».

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا إردوغان مستقبلاً الدبيبة بالقصر الرئاسي في أنقرة (الرئاسة التركية)

إردوغان يبحث مستجدات الأزمة الليبية مع رئيس «الوحدة»

أجرى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مباحثات مع رئيس الحكومة الليبية المؤقتة عبد الحميد الدبيبة، تناولت المستجدات في ليبيا، والعلاقات التركية - الليبية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شمال افريقيا ليبيون يصطفون انتظاراً للإدلاء بأصواتهم في الجولة الأولى من الانتخابات البلدية نوفمبر الماضي (مفوضية الانتخابات)

ليبيا تترقب مرحلة ثانية من انتخابات محلية «أكثر تعقيداً»

يرجع متابعون أهمية خاصة لهذه الجولة الانتخابية كونها تستهدف «البلديات الأكبر وذات الأوزان السياسية المهمة وفي طليعتها طرابلس وبنغازي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا تدشين أولى رحلات الخطوط التركية بعد غياب دام سنوات (حكومة شرق ليبيا)

تركيا تواصل انفتاحها على شرق ليبيا بتدشين رحلات إلى بنغازي

دشنت وزارة الطيران المدني بحكومة شرق ليبيا وأعضاء بمجلس النواب وعدد من القيادات الأمنية والعسكرية مراسم عودة الرحلات الجوية بين تركيا وبنغازي بعد توقف دام سنوات

خالد محمود (القاهرة )

جزائريون يشنّون حملة بفرنسا ضد «تمجيد» أحد رموز الاستعمار

مظاهرة لجزائريين بمدينة ليون بفرنسا لإزالة اسم المارشال بيجو من شارع رئيسي (ناشطون جزائريون بفرنسا)
مظاهرة لجزائريين بمدينة ليون بفرنسا لإزالة اسم المارشال بيجو من شارع رئيسي (ناشطون جزائريون بفرنسا)
TT

جزائريون يشنّون حملة بفرنسا ضد «تمجيد» أحد رموز الاستعمار

مظاهرة لجزائريين بمدينة ليون بفرنسا لإزالة اسم المارشال بيجو من شارع رئيسي (ناشطون جزائريون بفرنسا)
مظاهرة لجزائريين بمدينة ليون بفرنسا لإزالة اسم المارشال بيجو من شارع رئيسي (ناشطون جزائريون بفرنسا)

في حين تغرق العلاقات بين الجزائر وباريس في دوامة من التوترات، جدّد جزائريون يعيشون بوسط فرنسا حملة سبق أن أطلقوها في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لنزع اسم حاكم عسكري بالجزائر خلال القرن الـ19، اشتهر بالبطش ضد قبائل قادت ثورات عسكرية، بهدف طرد الاستعمار الفرنسي من البلاد.

مبادرة الجالية الجزائرية في فرنسا تأتي في وقت تتفاقم فيه التوترات بين الرئيسين الجزائري والفرنسي (الرئاسة الجزائرية)

القصة بدأت قبل عدة أسابيع، عندما بدأت «جمعية فرنسيين من أصول جزائرية» تنشط بمدينة ليون، تضغط على عمدتها غريغوري دوسيه، من أجل استبدال اسم المارشال توماس بيجو (1784-1849) من شارع رئيسي بالدائرة السادسة بالمدينة، بحجة أن «الإبقاء عليه تمجيدٌ لمجرم حرب، وإهانة لنا، ولجميع الفرنسيين الذين يؤمنون بقيم الجمهورية والقيم الإنسانية لبلدنا فرنسا»، وفق ما كتبه ناشطو الجمعية في حساباتهم بالإعلام الاجتماعي.

ونظم مئات الأشخاص، عدد منهم يحمل جنسيتي البلدين، وآخرون هاجروا من الجزائر إلى فرنسا في بداية الألفينات، مظاهرة الأحد الماضي في الشارع، الذي يحمل اسم بيجو، لمطالبة رئيس البلدية دوسيه بإلغاء اسمه من المكان، على أساس أنه «عرف بمجازره التي ارتكبها في الجزائر في القرن التاسع عشر».

ووصف المتظاهرون أنفسهم بأنهم «أبناء مئات الآلاف من الرجال والنساء والأطفال، الذين تم خنقهم وحرقهم أحياء على يد مارشال فرنسا توماس بيجو»، الذي حكم الجزائر من 1830 إلى 1840.

اسم المارشال بيجو على اللوحة في باريس قبل نزعه (متداولة)

ويناضل المحتجون ليحمل الشارع، الذي يقع بالقرب من القنصلية الجزائرية، اسم «شارع 17 أكتوبر 1961»، تكريماً لـ297 جزائرياً نكّل بهم محافظ شرطة باريس، موريس بابون، عندما خرجوا في مظاهرات في ذلك التاريخ لدعم ثورة التحرير (1954-1962)، التي كانت على وشك الحسم مع الاستعمار.

ووفق الصحافة المحلية في ليون، فقد أعلن غريغوري دوسيه منذ فترة عن دعمه لفكرة تغيير تسمية شارع بيجو، وأكدت أنه «من المتوقع أن تطلق مدينة ليون في الأسابيع المقبلة لجنة من الخبراء لإجراء جرد للشارع والتماثيل، وكذا اللوحات والمواقع التي تُثير الجدل، وتقديم حلول لكل منها».

عمدة مدينة ليون غريغوري دوسيه (حسابه الخاص بالإعلام الاجتماعي)

من جهته، أعلن «الاتحاد الجزائري»، وهو جمعية للمهاجرين الجزائريين في فرنسا، عزمه رفع دعوى قضائية ضد دوسيه بتهمة «تمجيد جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية»، مقترحاً أن يصبح شارع بيجو «شارع كاميل بلان»، عمدة إيفيان-ليه-بان، الذي جرى اغتياله عام 1961 من قِبَل «منظمة الجيش السري»، في حين كان يناضل من أجل السلام في الجزائر.

وقتلت هذه المنظمة المئات من الأشخاص في الجزائر غداة الإعلان عن استقلالها عام 1962، رافضة فكرة خروج فرنسا منها.

عمدة باريس تشرف على إعادة تسمية الشارع بالدائرة 16 (بلدية باريس)

وفي حين يستمر الجدل في ليون، حسمت عمدة باريس، آن هيدالغو، القضية نفسها عندما نزعت في 14 من أكتوبر الماضي، اسم المارشال بيجو من طريق رئيسي بالدائرة رقم 16 «بسبب دوره السيئ في الجزائر؛ حيث ارتكب ما يمكن أن يعد اليوم جرائم حرب»، وفق بيان للعمدة التي تنتمي لليسار، والتي سمّت الطريق نفسه باسم هوبرت جيرمان، أحد رموز تحرير فرنسا من ألمانيا النازية خلال الحرب العالمية الثانية.

وتتزامن هذه التطورات مع اقتراب العلاقات بين البلدين من القطيعة، بعد أن اشتدت الأزمة بين البلدين في يوليو (تموز) الماضي، عندما أعلنت باريس دعمها خطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء، وهو ما أثار سخط الجزائر، التي سحبت سفيرها فوراً، وألغت ترتيبات زيارة كانت ستقود الرئيس عبد المجيد تبون إلى فرنسا في خريف العام الماضي.

جانب من المظاهرة بدعم من الحزب الشيوعي الفرنسي (متداولة)

ومع ذلك ظل هدير الأزمة صامتاً، على الرغم من الحملات التي شنّها اليمين الفرنسي المتطرف بهدف إلغاء «اتفاق الهجرة 1968»، الذي يؤطر مسائل الإقامة والدراسة والعمل والتجارة، و«لمّ الشمل العائلي»، بالنسبة للجزائريين في فرنسا.