توصلت لجنة وزارية في المغرب إلى اتفاق مع النقابات الأكثر تمثيلاً في قطاع التعليم، مساء الأحد، يقضي بزيادة عامة في الأجور تقدَّر بـ1500 درهم (150 دولاراً)، إضافة إلى الاستجابة لعدد من المطالب الأخرى. وجرى الاتفاق بعد أيام من المفاوضات العسيرة في سبيل التوصل لحل ينهي الإضرابات التي شلت المدارس منذ 5 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وحُرِّر محضر الاتفاق بإشراف رئيس الحكومة عزيز أخنوش، وتوقيع 3 وزراء هم: وزير التربية الوطنية شكيب بنموسى، ووزير الإدماج الاقتصادي والتشغيل يونس السكوري، والوزير المنتدب المكلف الميزانية، فوزي لقجع.
وعن النقابات وقع كل من مسؤولي «الاتحاد المغربي للشغل»، و«الكونفدرالية الديمقراطية للشغل»، و«الاتحاد العام للشغالين بالمغرب»، و«الفيدرالية الديمقراطية للشغل».
وقال الوزير بنموسى، في تصريح صحافي، إن من شأن الاتفاق أن يعيد الأساتذة إلى صالات التدريس، داعياً إلى «انخراط الأساتذة في إصلاح منظومة التعليم».
ووفق نص الاتفاق، تشمل الزيادة في الأجور، (1500 درهم) مختلف هيئات موظفي التعليم بمختلف رتبهم ودرجاتهم، تُصْرَف عبر قسطين متساويين، القسط الأول يبدأ من أول يناير (كانون الثاني) 2024، والثاني من أول يناير 2025.
وجاء في المحضر أنه تقرر أيضاً تحسين تعويضات بعض الفئات من موظفي التعليم، والرفع من مبالغ التعويضات الخاصة بالموظفين في الدرجة الممتازة «هي أعلى درجة وتعد خارج السلم»، شريطة أن يكونوا في الرتبة 5 «درجة من درجات الترقي في الوظيفة» بمبلغ شهري يساوي 1000 درهم (100 دولار). كما تقرر منح تعويض تكميلي شهري قدره 500 درهم، (50 دولاراً) لصالح أساتذة التعليم الثانوي التأهيلي، إضافة إلى تعويض تكميلي، بمبلغ شهري يساوي 500 درهم، لفائدة المتصرفين التربويين الموظفين في الوزارة.
وتقرر منح المساعدين الإداريين والمساعدين التقنيين المدمجين في إطار المساعدين التربويين (الموظفين في الوزارة)، تعويضاً خاصاً يساوي مبلغه الشهري 500 درهم. وجرى رفع مبلغ التعويضات عن تصحيح الامتحانات إلى حد أدنى لا يقل عن 1000 درهم (100 دولار) يصرف للأستاذ المكلف التصحيح.
ومن مخرجات الاتفاق، مراجعة نظام الترقي في الرتبة بخفض عدد السنوات المطلوبة بالنسبة لبعض الرتب، وتخويل الأطر الإدارية المكلفة، بصفة مؤقتة، مزاولة مهام الإدارة التربوية، مثل المدير، الناظر، الحارس... الحصول على التعويضات نفسها عن الأعباء الإدارية المتعلقة بالمنصب، شريطة أن يجري التكليف بهذه المهام بقرار للسلطة الحكومية المكلفة التربية الوطنية.
وبالنسبة للتعويض عن الساعات الإضافية، تقررت الزيادة في مقادير التعويضات عن الساعات الإضافية بنسبة 30 في المائة، مع جعل القيام بها اختيارياً. وبالمقابل، جرى التأكيد على الالتزام بإصلاح منظومة التربية والتكوين في سياق تعميم مؤسسات الريادة (مدارس بمواصفات جديدة تروم تعزيز جودة التعليم العمومي) في أفق سنة 2027. وذلك يتطلب انخراط كل نساء ورجال التعليم من أجل إصلاح هذه المنظومة والالتزام بـ«ضمان أجواء السلم الاجتماعي» في أفق سنة 2027، ضماناً للتفعيل الأمثل لهذا المسار الإصلاحي الشامل.
وعقب الاتفاق، دعت المركزيات النقابية (الاتحادات العمالية) الأساتذة إلى العودة إلى حجرات الدراسة؛ لأن الاتفاق يتضمن مكتسبات لرجال ونساء التعليم خصوصاً على مستوى الزيادة في الأجور.
وقال الكاتب (الأمين) العام لـ«النقابة الوطنية للتعليم» (الكونفدرالية الديمقراطية للشغل)، يونس فراشين، في تصريح للصحافة، إن الاتفاق يشكل «خطوة مهمة»، مشدداً على أنه «يجب أن تعود الحياة إلى مدارسنا العمومية، وكذا تمكين أبنائنا من حقهم في متابعة الدراسة».
ومن جهته، ثمَّن «الكاتب العام للجامعة الحرة للتعليم» (الاتحاد العام للشغالين بالمغرب)، يوسف علاكوش، في تصريح صحافي «التعاطي الإيجابي للحكومة مع مطالب الأسرة التعليمية، لا سيما في الشق المالي».
ووصف نائب الأمين الوطني لـ«الجامعة الوطنية للتعليم» (الاتحاد المغربي للشغل)، محمد خفيفي، الاتفاق الموقّع بـ«التاريخي». كما أبرز الأمين العام لـ«النقابة الوطنية للتعليم» (الفيدرالية الديمقراطية للشغل)، الصادق الرغيوي، أنه جرى التوصل إلى «حل الملفات والقضايا العالقة التي تراكمت منذ أزيد من 10 سنوات»، بينما تتجه الأنظار لموقف تنسيقيات الأساتذة الذين يعملون من خارج النقابات، ويشكلون القوة الأساسية في الإضراب، وسط أنباء عن رفضهم الاتفاق، وعزمهم على مواصلة الإضراب.
وفي موقف رافض للاتفاق، رأت «التنسيقية الوطنية لأساتذة التعليم الثانوي التأهيلي»، أن اتفاق الحكومة مع النقابات التعليمية «ليس سوى إمعان منها في سياسة الإقصاء الممنهج للتنسيقيات»، في إشارة إلى أن الحكومة ترفض الحوار مع التنسيقيات، وتكتفي بالجلوس مع النقابات. وانتقدت التنسيقية عدم النصّ على سحب وإلغاء النظام الأساسي المثير للجدل بصفة قبلية، والاقتصار على تجميده بدورية متواضعة، وسجّل أساتذة التعليم الثانوي «تنصُل الحكومة من تعهد رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، بخصوص الزيادة في الأجر بمبلغ 2500 درهم (250 دولاراً) صافية بمناسبة الحملة الانتخابية».
وأشارت إلى «أن أي اتفاق عادل ومنصف ومحفز يشترط إشراك التنسيقية الوطنية لأساتذة التعليم الثانوي التأهيلي في وضع نظام أساسي بديل». ودعت إلى «رفض مخرجات الاتفاق، وتفعيل البرنامج الاحتجاجي المسطّر لهذا الأسبوع، وهو خوض إضراب مدته 4 أيام ابتداءً من الأربعاء».