«الخارجية السودانية»: «إيغاد» تجاهلت «شروط» البرهان للقاء حميدتي

طلبت مغادرة 15 دبلوماسياً إماراتياً للبلاد

قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان وقائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان حميدتي (أرشيفية)
قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان وقائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان حميدتي (أرشيفية)
TT

«الخارجية السودانية»: «إيغاد» تجاهلت «شروط» البرهان للقاء حميدتي

قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان وقائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان حميدتي (أرشيفية)
قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان وقائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان حميدتي (أرشيفية)

ظهر خلاف بين الخارجية السودانية ومجموعة الهيئة الحكومية للتنمية «إيغاد» على خلفية بيان أصدرته الأخيرة بشأن مخرجات قمتها التي عقدت (السبت) في جيبوتي وناقشت الوضع السوداني. وعدّت الخارجية السودانية (الأحد) أن البيان «لا يمثل ما خرجت به القمة، وأنه (أي السودان) غير معني به حتى تقوم رئاسة (إيغاد) وسكرتاريتها بتصحيح ذلك».

كما خيّم التضارب بشأن الموافقة على عقد «لقاء محتمل» بين قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، وقائد «قوات الدعم السريع»، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، إذ أفاد بيان «إيغاد» بتعهد الطرفين بالاجتماع في أقرب وقت ممكن، بينما قالت الخارجية السودانية (الأحد) إن البرهان «اشترط لعقد مثل هذا اللقاء إقرار وقف دائم لإطلاق النار، وخروج قوات التمرد من العاصمة وتجميعها في مناطق خارجها».

وحددت الخارجية السودانية عدداً من نقاط التحفظ بشأن البيان، منها الإشارة لمكالمة جمعت بين رؤساء «إيغاد» وقائد «الدعم السريع»، وقالت «إن هذه المكالمة تمت بين الرئيس الكيني (ويليام روتو)، وقائد التمرد (حميدتي)، وبعد انتهاء القمة، وبالتالي لا تعد من أعمال القمة، حتى يشار إليها في البيان الختامي».

وذكر بيان الخارجية أن السودان «أبلغ السكرتارية ملاحظاته وتحفظاته فور استلام مسودة البيان، وتتمثل في (إقحام) فقرات على المسودة، مع صياغة (معيبة) لا تعكس حقيقة ما تم التوصل إليه». وأوضحت الوزارة أنها طالبت بـ«حذف الإشارة إلى مشاركة وزير الدولة بوزارة خارجية دولة الإمارات العربية في القمة، لأنه (لم يحدث)»، وفق الخارجية السودانية.

وعلى صعيد آخر، لاحت بوادر أزمة دبلوماسية بين الخرطوم وأبوظبي بعد إعلان الخارجية السودانية، أمس، أن 15 دبلوماسياً إماراتياً «أشخاص غير مرغوب فيهم» وطلبت مغادرتهم البلاد.

ونقلت وكالة «الأنباء السودانية الرسمية» أن «وزارة الخارجية استدعت (الأحد) القائم بالأعمال بالإنابة لسفارة دولة الإمارات العربية المتحدة في السودان د. بدرية الشحي، وأبلغتها بقرار حكومة السودان إعلان أن 15 شخصاً من الدبلوماسيين العاملين في السفارة (أشخاص غير مرغوب فيهم)». ووفق البيان، طلبت «الخارجية السودانية» من الدبلوماسية الإماراتية «إبلاغ حكومة بلادها بقرار السودان، ومغادرة الدبلوماسيين الـ15 البلاد، في غضون 48 ساعة».

تجدد اشتباكات

وبعد يوم واحد من قمة «إيغاد» المخصصة لبحث النزاع السوداني (السبت)، تجددت الاشتباكات والقصف بين الجيش و«قوات الدعم السريع» في أنحاء العاصمة الخرطوم. وذكرت مصادر وشهود عيان أن مناطق محيط القيادة العامة للجيش وسط الخرطوم، وقيادة «سلاح المدرعات» جنوباً، شهدت تبادل القصف المدفعي، وشوهدت ألسنة الدخان تغطي المكانين، فيما شهدت منطقة شمال أم درمان تبادلاً للقصف المدفعي والقذائف الصاروخية، تأثرت بها أحياء المدينة، ومناطق شمال الخرطوم بحري، فضلاً عن عمليات قتال بري واشتباكات عنيفة بين القوتين في منطقة أم بدة غرب الخرطوم، واستهداف الطيران الحربي لقوات الدعم السريع في منطقة الباقير جنوب الخرطوم. في غضون ذلك طالبت السفارة الأميركية في الخرطوم، في بيان (الأحد)، طرفي القتال، بوقفه، وضمان احترام حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات، والتقيد بالتزاماتهما بتقديم المساعدات الإنسانية والشروع في بناء الثقة من أجل وقف مستدام للأعمال العدائية.

من جهتها، انتقدت «الدعم السريع»، بشدة، في بيان (الأحد)، اتهامات أميركية لقواتها والميليشيات المتحالفة معها بارتكاب جرائم منها «ترويع النساء والفتيات، والعنف الجنسي»، مشيرة إلى أن هذه «الاتهامات والمزاعم» لا تستند إلى معلومات دقيقة.

وقالت «قوات الدعم» في بيان إنها «تتعامل بجدية مع المزاعم الأميركية، والتعاون مع أي لجنة تحقيق، وتوفير الحماية لها». ووصفت بيان الخارجية بأنه «تجاوز حقيقة أن عناصر (نظام المؤتمر الوطني الإرهابي) التي تسيطر على القوات المسلحة السودانية تقف وراء إشعال الحرب للعودة إلى السلطة، وقطع الطريق أمام الانتقال المدني الديمقراطي في البلاد».

الصليب الأحمر

على صعيد قريب، قالت القوات المسلحة السودانية (الأحد)، إن عدداً من موظفي «الصليب الأحمر» تعرضوا لإصابات جراء إطلاق نار على موكب مخصص لإخلاء مدنيين، من بينهم أجانب من جنسيات مختلفة من «كنيسة القديسة مريم» بمنطقة الشجرة جنوب العاصمة الخرطوم.

وأوضح البيان أن «ممثلي (الصليب الأحمر) لم يلتزموا بخط سير الموكب المتفق عليه والمحدد عبر عدد من النقاط وإلى نقطة التسليم»، وذكر أن «الموكب حضر برفقة عربة مسلحة تتبع للمتمردين (الدعم السريع) وعليها طاقم مدفع رشاش 712 ملم اقتربت من مواقعنا الدفاعية، مما أدى إلى تعرض الموكب لإطلاق النار، وحدوث عدد من الإصابات بين ممثلي المنظمة».

وأبدت «القوات المسلحة» أسفها لهذا الحادث الذي وقع «نتيجة لعدم التزام ممثلي المنظمة بنقاط التنسيق التي تم الاتفاق عليها»، مشددة على «أهمية التقيد بأي ترتيبات مسبقة يجري الاتفاق حولها لتفادي تعريض حياة المعنيين للخطر».

من جهتها، أدانت «قوات الدعم» الهجوم الذي وصفته بـ«الإرهابي»، وقالت إن «(ميليشيا البرهان)، و(كتائب المؤتمر الوطني المتطرفة) أطلقت النار على وفد (اللجنة الدولية للصليب الأحمر)»، وقالت إنه أسفر عن «قتلى وجرحى حالة اثنين منهم خطرة، ومن بينهم سيدتان من جنسيات أجنبية».


مقالات ذات صلة

الإمارات تؤكد استهداف الجيش السوداني مقر رئيس بعثتها في الخرطوم

الخليج مقر وزارة الخارجية الإماراتية (الشرق الأوسط)

الإمارات تؤكد استهداف الجيش السوداني مقر رئيس بعثتها في الخرطوم

أكد سالم الجابري، مساعد وزير الخارجية للشؤون الأمنية والعسكرية، استهداف الجيش السوداني مقر رئيس بعثة دولة الإمارات في الخرطوم.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
شمال افريقيا رئيس مجلس الوزراء المصري خلال لقاء عدد من المفكرين والكُتاب (مجلس الوزراء المصري)

«سد النهضة»: مصر تلوح بـ«توجه آخر» حال نقص حصتها المائية

لوّحت الحكومة المصرية باتخاذ «توجه آخر» تجاه قضية «سد النهضة» الإثيوبي حال نقص حصة القاهرة من مياه النيل.

أحمد إمبابي (القاهرة )
شمال افريقيا الدخان يتصاعد نتيجة القتال في العاصمة السودانية الخرطوم (أرشيفية - أ.ف.ب)

السودان: اتهامات لكتائب موالية للجيش بـ«إعدام العشرات» جماعياً

وجه نشطاء حقوقيون سودانيون اتهامات لكتائب موالية للجيش وأفراد يرتدون الزي العسكري له بارتكاب ما وصفوه بـ«انتهاكات جسيمة» تضمنت عمليات «إعدام جماعي لعشرات».

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا الرئيس الصيني يرحب بقائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان خلال «قمة منتدى التعاون الصيني - الأفريقي» في بكين مطلع سبتمبر الماضي (مجلس السيادة)

بكين تدعو إلى احترام سيادة ووحدة السودان وعدم التدخل بشؤونه

«الشركات الصينية تهتم بالسودان، وتتابع تطورات الأحداث أولاً بأول، وترغب بعد وقف الحرب العودة مرة أخرى واستئناف عملها في الاقتصاد التجاري».

وجدان طلحة (بورتسودان)
شمال افريقيا أعمدة الدخان تتصاعد خلال اشتباكات بين «قوات الدعم السريع» والجيش في الخرطوم يوم 26 سبتمبر (رويترز)

الجيش السوداني ينفي قصف سفارة الإمارات بالخرطوم

قال الجيش السوداني في بيان إنه «لا يستهدف مقار البعثات الدبلوماسية، أو مقار ومنشآت المنظمات الأممية أو الطوعية».


​التونسيون يدلون بأصواتهم في انتخابات رئاسية يغيب عنها الحماس

الرئيس التونسي قيس سعيد يدلي بصوته في أحد مراكز الاقتراع خلال الانتخابات الرئاسية (د.ب.أ)
الرئيس التونسي قيس سعيد يدلي بصوته في أحد مراكز الاقتراع خلال الانتخابات الرئاسية (د.ب.أ)
TT

​التونسيون يدلون بأصواتهم في انتخابات رئاسية يغيب عنها الحماس

الرئيس التونسي قيس سعيد يدلي بصوته في أحد مراكز الاقتراع خلال الانتخابات الرئاسية (د.ب.أ)
الرئيس التونسي قيس سعيد يدلي بصوته في أحد مراكز الاقتراع خلال الانتخابات الرئاسية (د.ب.أ)

بدأ التونسيون، الأحد، الاقتراع من أجل انتخاب رئيس جديد للجمهورية من بين ثلاثة مرشحين يتقدّمهم الرئيس المنتهية ولايته قيس سعيّد، في أعقاب حملة انتخابية غاب عنها الحماس، مما زاد المخاوف من انعكاس فقدان الحماس على نسبة الاقتراع، مثلما حدث في الانتخابات التشريعية التي جرت في نهاية عام 2022 وبداية 2023، حين بلغت نسبة المشاركة نحو 12 في المائة فقط.

وبدأ الناخبون المسجلون البالغ عددهم 9.7 مليون الإدلاء بأصواتهم عند الثامنة صباحاً في أكثر من خمسة آلاف مركز لاختيار رئيسهم للسنوات الخمس المقبلة، على أن تستمر عمليات التصويت حتى السادسة مساء بالتوقيت المحلي، وفقاً لهيئة الانتخابات.

وبدا أن عدداً كبيراً من المقترعين، في عدد من مراكز الاقتراع في العاصمة، من الكهول والشيوخ الذين يمثلون نحو نصف الناخبين، وفق ما ذكرت «وكالة الصحافة الفرنسية». وقال النوري المصمودي (69 عاماً) في مركز اقتراع في العاصمة: «جئت مع زوجتي لدعم قيس سعيّد، العائلة بأكملها ستصوت له». وعلى مسافة قريبة منه، أفصحت فضيلة (66 عاماً) بأنها جاءت «من أجل القيام بالواجب، والرد على كل من دعا إلى مقاطعة الانتخابات».

في مركز آخر، أعرب حسني العبيدي (40 عاماً) عن خشيته من حصول عمليات تلاعب بالتصويت، لذلك: «قدمت بالتصويت حتى لا يتم الاختيار في مكاني». وتقول الطالبة وجد حرّار (22 عاماً): «في الانتخابات السابقة لم يكن لي حق التصويت والناس اختاروا رئيساً سيئاً. هذه المرة من حقي التصويت».

وأدلى سعيّد بصوته ترافقه زوجته في مركز اقتراع بمنطقة النصر في العاصمة بعد نحو ساعة من فتحه. وأفادت رئيسة المركز عائشة الزيدي بأن «الإقبال محترم للغاية». وتحدث رئيس الهيئة العليا للانتخابات فاروق بوعسكر في مؤتمر صحافي بعد فتح المراكز عن «توافد بأعداد لافتة».

ومن المنتظر أن تعلن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات النتائج الأولية «على أقصى تقدير» الأربعاء المقبل، وتظلّ إمكانية الإعلان عن النتائج قبل هذا التاريخ واردة.

3 متنافسين

المرشح الرئاسي التونسي زهير المغزاوي يدلي بصوته بأحد مراكز الاقتراع في المرسى بالقرب من تونس العاصمة (أ.ف.ب)

ويتنافس سعيّد (66 عاماً) مع النائب السابق زهير المغزاوي (59 عاماً)، والعياشي زمال، رجل الأعمال والمهندس البالغ 47 عاماً والمسجون بتهم «تزوير» تواقيع تزكيات. ولا يزال سعيّد، الذي انتخب بما يقرب من 73 في المائة من الأصوات، و58 في المائة من نسبة المشاركة في انتخابات عام 2019 يتمتّع بشعبية كبيرة لدى التونسيين حتى بعد أن حلّ البرلمان وغيّر الدستور بين عامي 2021 و2022.

وبعد مرور 5 سنوات من الحكم، يتعرّض سعيّد لانتقادات شديدة من معارضين يتهمونه بتكريس كثير من الجهد والوقت لتصفية الحسابات مع خصومه، خاصة حزب «النهضة» الإسلامي الذي هيمن على الحياة السياسية خلال السنوات العشر من التحوّل الديمقراطي التي أعقبت الإطاحة بالرئيس بن علي في عام 2011.

وتندّد المعارضة، التي يقبع أبرز زعمائها في السجون ومنظمات غير حكومية تونسية، بـ«الانجراف السلطوي» في بلد مهد ما سمّي بـ«الربيع العربي»، من خلال تسليط الرقابة على القضاء والصحافة، والتضييق على منظمات المجتمع المدني، واعتقال نقابيين وناشطين وإعلاميين.

وفي خطاب ألقاه الخميس، دعا سعيّد التونسيين إلى «موعد مع التاريخ»، قائلاً: «لا تترددوا لحظة واحدة في الإقبال بكثافة على المشاركة في الانتخابات»، لأنه «سيبدأ العبور، فهبّوا جميعاً إلى صناديق الاقتراع لبناء جديد».

أحد مراكز الاقتراع في المرسى بالقرب من تونس العاصمة (أ.ف.ب)

حملة باهتة

في الطرف المقابل، حذّر يوم الجمعة رمزي الجبابلي، مدير حملة العياشي زمال، في مؤتمر صحافي: «في رسالة موجهة إلى هيئة الانتخابات... إيّاكم والعبث بصوت التونسيين». وكانت الحملة الانتخابية باهتة دون اجتماعات أو إعلانات انتخابية أو ملصقات، ولا مناظرات تلفزيونية بين المرشحين، مثلما كانت عليه الحال في عام 2019.

ويعتقد البعض أن الرئيس سعيّد «وجّه» عملية التصويت لصالحه، «ويعتقد أنه يجب أن يفوز في الانتخابات»، حتى لو دعت المعارضة اليسارية والشخصيات المقربة من حزب «النهضة» إلى التصويت لصالح زمال.

أما المنافس الثالث فهو زهير المغزاوي، رافع شعار السيادة السياسية والاقتصادية على غرار الرئيس، وكان من بين الذين دعموا قرارات سعيّد في احتكار السلطات. وتعرّضت عملية قبول ملفات المرشحين للانتخابات من الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لانتقادات شديدة وصلت إلى حدّ اتهامها بالانحياز الكامل لصالح سعيّد حين رفضت قراراً قضائياً بإعادة قبول مرشحين معارضين بارزين في السباق الانتخابي.

وتظاهر مئات التونسيين في العاصمة تونس يوم الجمعة للتنديد بـ«القمع الزائد». وطالب المتظاهرون في شارع الحبيب بورقيبة الرئيسي في العاصمة بإنهاء حكم سعيّد، وسط حضور أمني كثيف. وتشير إحصاءات منظمة «هيومن رايتس ووتش» إلى أن «أكثر من 170 شخصاً محتجزون لدوافع سياسية أو لممارسة الحقوق الأساسية» في تونس.