مؤتمر أمني بتونس: الإنترنت يساعد الجماعات الإرهابية على القيام بهجمات كيميائية وسيبرانية

مسؤولون وخبراء عرب يوصون بـ«استراتيجية شاملة للوقاية والتصدي»

لقطة عامة من مؤتمر الأمن والإنترنت الدولية للوقاية من مخاطر الجرائم السيبرانية والإرهاب في تونس (خاص - الشرق  الأوسط)
لقطة عامة من مؤتمر الأمن والإنترنت الدولية للوقاية من مخاطر الجرائم السيبرانية والإرهاب في تونس (خاص - الشرق الأوسط)
TT

مؤتمر أمني بتونس: الإنترنت يساعد الجماعات الإرهابية على القيام بهجمات كيميائية وسيبرانية

لقطة عامة من مؤتمر الأمن والإنترنت الدولية للوقاية من مخاطر الجرائم السيبرانية والإرهاب في تونس (خاص - الشرق  الأوسط)
لقطة عامة من مؤتمر الأمن والإنترنت الدولية للوقاية من مخاطر الجرائم السيبرانية والإرهاب في تونس (خاص - الشرق الأوسط)

حذر الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية وزير العدل التونسي السابق محمد الصالح بن عيسى، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، من تزايد «مخاطر توظيف الإنترنت ووسائل الاتصال العالمية الجديدة لأغراض تخدم شبكات الإرهاب والجريمة المنظمة، وبعض اللوبيات التي تنال من السيادة الوطنية للدول، بما فيها الدول العربية والدول النامية، حيث لا تزال فرص الوقاية ضعيفة».

محمد الصالح بن عيسى رئيس مركز الجامعة العربية بتونس في مؤتمر صحافي (خاص - الشرق الأوسط)

واستدل محمد الصالح بن عيسى، خلال مؤتمر أمني إعلامي نظمه مركز جامعة الدول العربية بتونس، وحضره مسؤولون عن قطاعات الأمن والدفاع والتكنولوجيا في تونس والدول العربية، بكون بعض البلدان المتقدمة تكنولوجيا مثل بريطانيا أصدرت «تقريراً قاتماً ومخيفاً» حول توظيف الإرهابيين وشبكات الجريمة المنظمة عالمياً للأجيال الجديدة من الإنترنت وما سمي بالــ«الويب المظلم» (دارك ويب)، مع بروز مؤشرات المخاطر في حدود عام 2030.

وحسب هذه التقارير، فإنه يمكن «للأجيال الجديدة من الإنترنت أن تساعد الجماعات الإرهابية على القيام بهجمات كيميائية وسيبرانية وأعمال عنف خطيرة»، وأن تسهل القيام بعمليات تأثير على الرأي العام على نطاق واسع، وأن تعمق أزمات البطالة والفقر وانتشار قيم الكراهية والحقد والتطرف».

لقطة عامة من المؤتمر (الشرق الأوسط)

في سياق متصل، أورد طارق بوربيع، المدير المركزي في الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب والمشرف العام على «منظومة الشيخ زايد للاتصالات العصرية» في المجلس، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «مجلس وزراء الداخلية العرب يواكب عن قرب المتغيرات في عالم مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة عبر استراتيجية متكاملة للوقاية والتحرك في مجال الجرائم الإلكترونية والسيبرانية».

طارق بورييع المدير المركزي في الأمانة العامة لوزراء الداخلية العرب: لدينا استراتيجية صادق عليها وزراء الداخلية والأمن العرب ثم القمة العربية (الشرق الأوسط)

وأوضح بوربيع أن المجلس يعتمد خطة تحرك جديدة «شاملة» مع مؤسسات العمل العربي المشترك والمؤسسات الأمنية والاتصالية الأوروبية والدولية المختصة في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة والهجرة غير القانونية والاختراقات للدول والشعوب عبر برامج «الذكاء الاصطناعي» والأجيال الجديدة من وسائل الاتصال الإلكترونية التي لا يزال قطاع كبير منها خارج سيطرة كبار المؤسسات العالمية العملاقة للإنترنت. ومن بين هذه المؤسسات الأمنية الإنتربول وأجهزة الرقابة القضائية الإقليمية والدولية.

استراتيجية عربية للأمن السيبراني

في السياق نفسه، كشف محمد بن عمر، المدير العام للمنظمة العربية لتكنولوجيا الاتصال والمعلومات، المكلفة من قبل جامعة الدول العربية بملف «الأمن السيبراني والتكنولوجي والاتصالي»، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» عن أن منظمته تنسق مع وزراء الداخلية وتكنولوجيات الاتصال العرب ومع مؤسسات الأمن والإعلام والثقافة العربية والأوروبية والعالمية، من أجل «الوقاية والتوعية والتصدي للمخاطر الجديدة التي أفرزها توظيف بعض الأطراف للذكاء الاصطناعي خدمة لأجندات الإرهاب والجريمة المنظمة والتوجيه السلبي للرأي العام وللشباب في المنطقة وفي العالم أجمع».

محمد بن عمر: تنسيق عربي مع هيئات الأمن والإنترنت الدولية للوقاية من مخاطر الجرائم السيبرانية والإرهاب (الشرق الأوسط)

لكن مخاطبنا أكد كون تحقيق «السيادة الرقمية» بالنسبة للدول العربية، وكسب رهان الوقاية من المخاطر الأمنية والدفاعية المرتبط بعالم الإنترنت، و«الويب المظلم»، يستوجب رصد مزيد من الموارد البشرية والمادية، بهدف الاستفادة من تجارب بعض الدول العربية التي «نجحت في قطع خطوات إيجابية»، وبينها تحقيق السيادة الإلكترونية والتحكم في البيانات الخاصة بالبلاد وبالمواطنين وبالمعطيات الشخصية، رغم الانخراط في أنظمة بطاقات الهوية وجوازات السفر «الإلكترونية الحديثة جداً».

وسجل بن عمر أن «رهانات السيادة الرقمية لم تعد منحصرة في الجوانب التقنية والصناعية، بل أصبحت لها أبعاد أمنية ودفاعية كبيرة جداً، فضلاً عن انعكاسات كل ذلك على فرص التنمية والأمن الاقتصادي والاجتماعي وسلوكيات الأطفال والشباب وبرامج التعليم والثقافة وعلى الأمن القومي».

ودعا إلى الاستفادة من «الاستراتيجية العربية للأمن السيبراني» التي اعتمدتها مؤخراً مؤتمرات قادة الشرطة العرب واجتماعات وزراء الداخلية والعدل العرب، ثم قرارات القمة العربية. وعدَّ ذلك من بين شروط إنجاح سياسات جديدة لـ«صيانة الأمن القومي العربي»، سواء على مستوى الأمن السيبراني، أو أمن تكنولوجيات المعلومات والاتصالات وسياسات الوقاية من الإرهاب والجريمة المنظمة.

الأسلحة غير التقليدية

من جهة أخرى، توقف المشاركون في هذا المؤتمر الأمني الإعلامي عند أبعاد أخرى للعلاقة بين سوء توظيف «الذكاء الاصطناعي»، و«الجوانب السلبية فيه»، من قبل شبكات الإنترنت الجديدة للمساس بـ«المعلومات الأمنية المتعلقة بالمنشآت النووية والإشعاعية» السلمية والعسكرية، مثلما ورد في دراسة وعرض تفصيلي قدمه الخبير الليبي في الهيئة العربية للطاقة الذرية، التابعة لجامعة الدول العربية، والتي تتخذ من تونس مقراً دائماً لها.

وأكد المدير العام لهذه الهيئة سالم حامدي، خلال المؤتمر نفسه، «التداخل بين الأبعاد الاستراتيجية والقانونية واللامادية للأمن السيبراني والجرائم الإلكترونية والسياسات الأمنية والدفاعية، وفي مجال تكنولوجيا الاتصالات».

كما دعا محمد الجمني، مدير إدارة تكنولوجيا المعلومات والاتصال في المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم «الألكسو»، إلى اعتماد مقاربة شاملة عربياً ودولياً للاستفادة من مكاسب التقدم العلمي والتكنولوجي و«الذكاء الاصطناعي» مع وقاية الأجيال الجديدة، حتى يكون الانخراط في «عصر العولمة التكنولوجية والاتصالية»، في خدمة التقدم والتنمية، ولا يوظف من قبل لوبيات الجريمة المنظمة والإرهاب لمزيد من إرباك الأوضاع أمنياً».


مقالات ذات صلة

تركيا تعلن «تطهير» مناطق عراقية من «العمال الكردستاني»

شؤون إقليمية مروحيتان حربيتان تركيتان تشاركان في قصف مواقع لـ«العمال الكردستاني» شمال العراق (أرشيفية - وزارة الدفاع التركية)

تركيا تعلن «تطهير» مناطق عراقية من «العمال الكردستاني»

أعلنت تركيا تطهير مناطق في شمال العراق من مسلحي «حزب العمال الكردستاني» المحظور، وأكدت أن علاقاتها بالعراق تحسنت في الآونة الأخيرة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية رئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي الحليف الأقرب لإردوغان متحدثاً أمام نواب حزبه بالبرلمان الثلاثاء (حزب الحركة القومية)

حليف إردوغان يؤكد دعوة أوجلان للبرلمان ويتخلى عن إطلاق سراحه

زاد رئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي الجدل المثار حول دعوته زعيم حزب العمال الكردستاني السجين عبد الله أوجلان للحديث بالبرلمان وإعلان حل الحزب وانتهاء الإرهاب

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا جهاز مكافحة الإرهاب في ألمانيا (أرشيفية - متداولة)

ألمانيا: حملة تفتيشات جديدة بحثاً عن إرهابيين سابقين في «الجيش الأحمر»

تُعد جماعة «الجيش الأحمر»، التي تأسست في عام 1970، إحدى أبرز الجماعات اليسارية بألمانيا الغربية السابقة في فترة ما بعد الحرب حيث تم تصنيفها هناك جماعة إرهابية.

«الشرق الأوسط» (برلين)
شمال افريقيا عناصر الشرطة الألمانية في حملة مداهمات سابقة (غيتي)

ألمانيا تحيل 4 يُشتبه بانتمائهم لـ«حماس» للمحاكمة بتهمة جمع أسلحة

مكتب المدعي العام الاتحادي في ألمانيا: «(حماس) نظمت عمليات تخبئة أسلحة في دول أوروبية مختلفة لتنفيذ هجمات محتملة ضد مؤسسات يهودية وغربية في أوروبا».

«الشرق الأوسط» (برلين)
شؤون إقليمية إردوغان خلال استقباله الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته بالقصر الرئاسي في أنقرة الاثنين (الرئاسة التركية)

إردوغان بحث مع روته القضايا الأمنية والإقليمية المهمة لـ«الناتو»

بحث الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) مارك روته عدداً من الملفات الأمنية والقضايا التي تهم الحلف.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

«النفوذ الروسي» في ليبيا يلاحق زيارة المبعوث الأميركي للجنوب

زيارة وفد السفارة الأميركية في ليبيا إلى سبها (السفارة الأميركية على إكس)
زيارة وفد السفارة الأميركية في ليبيا إلى سبها (السفارة الأميركية على إكس)
TT

«النفوذ الروسي» في ليبيا يلاحق زيارة المبعوث الأميركي للجنوب

زيارة وفد السفارة الأميركية في ليبيا إلى سبها (السفارة الأميركية على إكس)
زيارة وفد السفارة الأميركية في ليبيا إلى سبها (السفارة الأميركية على إكس)

ألقى «النفوذ الروسي» في ليبيا بظلاله على تقديرات محللين ليبيين بشأن أبعاد زيارة المبعوث الأميركي الخاص إلى البلاد، ريتشارد نورلاند، غير المسبوقة إلى الجنوب الليبي.

ولم تُكشف تفاصيل كافية عن نتائج مباحثات نورلاند مع رئيس أركان القوات البرية التابعة للقيادة العامة، الفريق صدام، نجل المشير خليفة حفتر، في مدينة سبها الجنوبية، في وقت سابق هذا الأسبوع. لكنّ متابعين تحدثوا عن «رمزية» زيارة نورلاند إلى سبها، خصوصاً أنها «الأولى لمسؤول أميركي للمدينة الجنوبية، في ظل أوضاع أمنية مستقرة بعد موجات انفلات أمني سابقة»، وفق أستاذ العلوم السياسية بجامعة درنة، يوسف الفارسي.

المبعوث الأميركي إلى ليبيا والقائم بالأعمال خلال زيارة لسبها (السفارة الأميركية على إكس)

ويبدو أنه لم تغب «ظلال الخطة الاستراتيجية العشرية لليبيا، ومحاولات احتواء النفوذ الروسي عن زيارة المبعوث الأميركي إلى الجنوب الليبي»، في رأي عضو معهد السياسات الخارجية بجامعة «جون هوبكنز»، حافظ الغويل، الذي يرى أن «امتداد نفوذ روسيا في الجنوب الليبي ليس بمنأى عن توجهات الاستراتيجية الأميركية للمناطق الهشة وزيارة نورلاند»، علماً بأن تسريبات ظهرت منذ مارس (آذار) الماضي تتحدث عن أكثر من جسر جوي تقوده طائرات شحن عسكرية روسية نحو قاعدة براك الشاطئ، الواقعة جنوب البلاد.

من لقاء سابق للدبيبة مع مدير وكالة الاستخبارات الأميركية ويليام بيرنز في طرابلس (الحكومة)

ومنذ أقل من عامين أطلقت إدارة بايدن ما يعرف بـ«استراتيجية الولايات المتحدة لمنع الصراع وتعزيز الاستقرار - الخطة الاستراتيجية العشرية لليبيا»، وتهدف هذه الخطة من بين بنودها إلى «دمج الجنوب الليبي المهمش تاريخياً في الهياكل الوطنية، مما يؤدي إلى توحيد أوسع، وتأمين الحدود الجنوبية».

ومع أن نورلاند اكتفى عقب لقاء صدام حفتر بحديث عام عن الدور الحيوي الذي يلعبه جنوب ليبيا في استقرار المنطقة، وحماية سيادة ليبيا، والتغلب على الانقسامات، فإن زيارته حسب الدكتور أحمد الأطرش، أستاذ العلوم السياسية بـ«جامعة طرابلس»: «قد لا تخرج عن سياقات صراع نفوذ مع موسكو، واستكشاف التمدد الروسي في المنطقة».

وكان اللافت أيضاً حديث المبعوث الأميركي عن دعم الجهود الليبية لتوحيد المؤسسات الأمنية، عبر «الانخراط مع القادة العسكريين الليبيين من جميع أنحاء البلاد»، وهو ما رآه الأطرش في تصريح إلى «الشرق الأوسط» غطاء لحقيقة هذه الزيارة، التي تستهدف موسكو بالأساس، مقللاً من رؤى تستند إلى لقاء سابق جمع بين وزير الداخلية المكلف في غرب البلاد، عماد الطرابلسي وصدام، وهو تصرف أحادي.

من زيارة سابقة لنائب وزير الدفاع الروسي رفقة وفد رفيع المستوى من الحكومة الروسية إلى بنغازي (الشرق الأوسط)

في المقابل، ذهب فريق من المحللين إلى الحديث عن مخاوف أميركية شديدة من توسيع ما سموه بالأنشطة الصينية في ليبيا، إذ إن الجنوب الليبي، وفق المحلل السياسي عز الدين عقيل «يمكن أن يكون محطة مهمة بقطع طريق الحرير الصيني، واستخدامه أيضاً بوصفه قاعدة لإزعاج ومواجهة الصينيين بأفريقيا».

ويستند عقيل إلى ما ذُكر بشأن الصين في إحاطة «الدبلوماسية الأميركية جنيفر غافيتو، حيث كان من المقرر تعيينها سفيرة لواشنطن في طرابلس قبل أن تعتذر في صيف هذا العام».

وفي يونيو (حزيران) الماضي، نبهت غافيتو في بيان أمام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، إلى «النجاحات العميقة» لشركات مرتبطة بالصين في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في ليبيا.

وسبق أن حصلت الصين على حقوق تعدين الذهب الليبي في الجزء الجنوبي من البلاد «بشروط مغرية للغاية» في عهد رئيس الحكومة الليبية السابق، فتحي باشاغا، وفق المستشار في مؤسسة «أنفرا غلوبال بارتنرز»، جوناثان باس، الذي لفت إلى دعم بكين القائد العام لقوات القيادة العامة المشير خليفة حفتر.

يُشار إلى أن منطقة الساحل شهدت خلال العامين الأخيرين الإطاحة ببعض الأنظمة الراسخة الموالية لفرنسا، تزامناً مع انخراط روسيا في المنطقة، بوصفها حليفة للأنظمة الجديدة.

اللافت أنه غداة زيارة نورلاند إلى سبها، كان السفير الروسي لدى ليبيا أيدار أغانين خلف عجلة قيادة الشاحنة الروسية «أورال»، محتفياً، في لقطة لا تخلو من الدلالات، بدخولها السوق الليبية، بعد وصولها بالفعل إلى البلاد ضمن المئات منها إلى جانب الشاحنة «أورال».