تونس: مسؤولون أمنيون يبحثون مكافحة الإرهاب والجريمة عبر شبكات «الإنترنت»

خبراء يوصون الدول العربية بالانضمام إلى «اتفاقية بودابست»

الرئيس التونسي يلتقي الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب الذي يوجد مقره بتونس (أرشيف الرئاسة التونسية)
الرئيس التونسي يلتقي الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب الذي يوجد مقره بتونس (أرشيف الرئاسة التونسية)
TT

تونس: مسؤولون أمنيون يبحثون مكافحة الإرهاب والجريمة عبر شبكات «الإنترنت»

الرئيس التونسي يلتقي الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب الذي يوجد مقره بتونس (أرشيف الرئاسة التونسية)
الرئيس التونسي يلتقي الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب الذي يوجد مقره بتونس (أرشيف الرئاسة التونسية)

​قال شوقي قداس، أستاذ القانون في الجامعة التونسية، ورئيس الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية الحكومية، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن «الجرائم الإلكترونية والمعلوماتية والمخاطر الأمنية التي لها علاقة بالعالم الافتراضي استفحلت، وتستوجب تدخلاً دولياً، وانخراط الدول العربية في الآليات الدولية الخاصة بالأمن السيبراني».

الأكاديمي الخبير في قضايا الأمن السيبراني شوقي قداس (أرشيف الصحافة المحلية)

وأوضح قداس أن الدراسات والتقارير الأمنية والعسكرية والعلمية الحديثة، تكشف أن كل مواقع الشبكات الاجتماعية والإلكترونية المستخدمة من قبل مليارات البشر العاديين، لا تمثل إلا نحو نسبة 4 في المائة من المادة المستخدمة، ومن حجم الإنترنت الحقيقي.

في المقابل، لا يزال نحو 95 في المائة من المواد في عالم الإنترنت ضمن مواقع «الإنترنت المظلم» (الدارك ويب- Dark web)، وهو ما يفسر توظيف الشبكات العالمية للمعلومات والإنترنت من قبل الإرهابيين وتجار المخدرات، وفي جرائم مالية وأمنية خطيرة جداً في العالم أجمع.

وهناك تساؤلات حول كيفية تعامل الحكومات العربية مع هذه المخاطر الأمنية المعلوماتية الجديدة، وهل يمكنها فعلاً التحكم مستقبلاً في الجرائم التي توظف «شبكات الإنترنت المظلمة» غير الخاضعة للرقابة والمتابعة، بما في ذلك في حالات استخدام «العالم الافتراضي» في تنظيم جرائم قتل وعلميات إرهابية وجنايات أخرى، بينها بيع المخدرات والأسلحة والاتجار في البشر والرقيق الأبيض؟

مؤتمر سابق حول الجرائم المعلوماتية في مقر اتحاد إذاعات العربية بتونس (أرشيف وسائل الإعلام التونسية)

استراتيجية عربية لمكافحة الإرهاب

وقرر مركز تونس لجامعة الدول العربية فتح هذا الملف، من خلال مؤتمر علمي سياسي أمني قانوني، سينظم الأربعاء في تونس، بمقر اتحاد إذاعات الدول العربية، بمشاركة خبراء والمسؤولين الأوائل في مؤسسات العمل العربي المشترك، بينها الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب، والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، والهيئة العربية للطاقة الذرية، والمنظمة العربية لتكنولوجيا الاتصال والمعلومات.

ويتضمن برنامج هذا المؤتمر السياسي الأمني الإعلامي العربي ورقات ومداخلات، لمناقشة «استراتيجية عربية لمكافحة الإرهاب والجريمة عبر الإنترنت».

عبد الرحيم سليمان المدير العام لاتحاد إذاعات الدول العربية (أرشيف وسائل الإعلام التونسية)

وستقدم البروفات في هذا المؤتمر بالخصوص من قبل وزير تكنولوجيا الاتصالات التونسي نزار ناجي، والمدير العام لاتحاد إذاعات الدول العربية عبد الرحيم سليمان، والأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية الوزير محمد الصالح بن عيسى، ومدير عام المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم محمد ولد اعمر، ونخبة من خبراء الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب، و«الألكسو» والهيئات العربية والإقليمية المختصة في الأمن السيبراني، وفي مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة عبر «الإنترنت المظلم».

وحسب منظمي هذا المؤتمر الأمني السياسي العربي، فإن من بين التوصيات المتوقع مناقشتها، إحداث «آلية عربية وإقليمية لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة» عبر الوسائل السيبرانية والشبكات المعلوماتية.

لكن بعض المشاركين في هذا الحدث العربي الإقليمي، مثل شوقي قداس رئيس الهيئة الوطنية في تونس لمراقبة حماية المعطيات الشخصية ما بين 2015 و2023، يعدُّون الأسلم «تشجيع الدول العربية على المصادقة على الاتفاقية الدولية الخاصة بمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة عبر الوسائل الإلكترونية» التي سبق أن اعتمدتها 30 دولة في مدينة بودابست عام 2001. وهي اتفاقية تضمن التنسيق وتبادل المعلومات الأمنية والسيبرانية بين دول العالم، في مجال هذا النوع من الجرائم.

وقد سبق لتونس وعدة دول عربية بينها المغرب أن انضمت إلى «آلية بودابست». كما تقدمت تونس في 2015 في عهد حكومة الحبيب الصيد بطلب الانضمام. وتأجل البت العام الماضي في الطلب التونسي لمدة عام بسبب «خلافات». وتقرر تمديد أجل البت في المطلب التونسي إلى شهر فبراير (شباط) من العام المقبل.

وكان الرئيس التونسي قيس سعيد قد عقد في قصر الرئاسة بقرطاج اجتماعاً أمنياً سياسياً حكومياً كبيراً في شهر أغسطس (آب) الماضي، نوه فيه بـ«آلية بودابست»، ودعا كبار المسؤولين عن قطاعات الأمن والقضاء والإعلام والدفاع إلى الاستفادة من «آلية بودابست» في مجالات توظيف شبكات الإنترنت في الجرائم الإلكترونية، وبينها التحريض على الكراهية والحقد والعنف والقتل.

يُذكر أن تونس قد استضافت خلال الأعوام الماضية سلسلة من المؤتمرات الأمنية العلمية، شارك فيها ضباط أمن وجيش، وقضاة، وخبراء مستقلون، لبحث إشكالية التوفيق بين الانفتاح على عالم الإنترنت مع التنسيق بين المؤسسات المحلية والدولية المختصة في التصدي للجريمة المنظمة والإرهاب.


مقالات ذات صلة

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

حذرت تركيا من جرّ العراق إلى «دوامة العنف» في منطقة الشرق الأوسط، في حين رجحت «انفراجة قريبة» في ملف تصدير النفط من إقليم كردستان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا صورة أرشيفية لهجوم سابق في كابول (رويترز)

مقتل 10 أشخاص في هجوم على مزار صوفي بأفغانستان

قتل 10 مصلين عندما فتح رجل النار على مزار صوفي في ولاية بغلان في شمال شرقي أفغانستان، وفق ما أفاد الناطق باسم وزارة الداخلية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية أكراد يرفعون صور أوجلان في مظاهرة للمطالبة بكسر عزلته (رويترز)

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

فرضت السلطات التركية عزلة جديدة على زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان بعد دعوة رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي للسماح له بالحديث بالبرلمان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الخليج يضطلع «اعتدال» بمهام منها رصد وتحليل المحتوى المتعاطف مع الفكر المتطرف (الشرق الأوسط)

«اعتدال» يرصد أسباب مهاجمة «الفكر المتطرف» الدول المستقرّة

أوضح «المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرّف (اعتدال)» أن استقرار الدول «يفيد التفرغ والتركيز على التنمية؛ خدمة لمصالح الناس الواقعية».

غازي الحارثي (الرياض)
أفريقيا جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)

​نيجيريا... مقتل 5 جنود وأكثر من 50 إرهابياً

سبق أن أعلن عدد من كبار قادة الجيش بنيجيريا انتصارات كاسحة في مواجهة خطر «بوكو حرام»

الشيخ محمد (نواكشوط)

الرئيس التونسي يطالب بـ«حلول جذرية» في مستوى انتظارات الشعب

الرئيس قيس سعيد (أ.ف.ب)
الرئيس قيس سعيد (أ.ف.ب)
TT

الرئيس التونسي يطالب بـ«حلول جذرية» في مستوى انتظارات الشعب

الرئيس قيس سعيد (أ.ف.ب)
الرئيس قيس سعيد (أ.ف.ب)

شدّد رئيس الجمهورية التونسية قيس سعيّد خلال اللقاء الذي جمعه، أمس الخميس، بقصر قرطاج، برئيس الحكومة، كمال المدوري، على ضرورة مضاعفة الجهود في كل المجالات، واستنباط «حلول جذرية في جميع القطاعات التي تم تدميرها». مؤكداً على أن تكون التشريعات، التي يتم إعدادها، في مستوى تطلّعات الشعب التونسي، وأن يشعر كل مسؤول، مهما كانت درجة مسؤوليته، أنّ تونس تعيش مرحلة تاريخية جديدة، وأن يستحضر في كل وقت معاناة التونسيين، وفق بلاغ صادر عن رئاسة الجمهورية.

كما أكد سعيد العمل على اقتراح حلول جذرية، «بعيداً عن الترقيع والرتق»، لأوضاع تحتاج إلى بناء صلب «في مستوى انتظارات الشعب، الذي نهبت ثرواته وتم الاستيلاء على مقدراته، وما زالت بعض الدوائر تسعى إلى عرقلة جهود الدولة لزرع بذور اليأس والإحباط»، حسب نص البلاغ. مشيراً أيضاً إلى أنه «لا مجال للتسامح مع كل مسؤول يُعطّل تقديم الخدمات للمواطنين، ومن يتعمد مثل هذه الممارسات فلا بد أن يتحمل تبعاتها القانونية».

في سياق ذلك، تم التعرض خلال اللقاء إلى وضع حد للحالة التي آلت إليها الأملاك المصادرة، ووضع إطار قانوني جديد، «تعود بموجبه الأملاك للدولة وإلى الشعب التونسي وهي من حقه المشروع، فكثيرة هي العقارات التي تم إهمالها، فتقلصت قيمتها في ترتيب مفضوح للتفويت فيها بأبخس الأثمان، وهو ما يجب التصدي له، ومحاسبة كل من تسبب في هذه الجرائم النكراء»، وفق ما جاء في البلاغ.

والتقى رئيس الجمهورية، أمس الخميس بقصر قرطاج، وزيرة العدل، ليلى جفال، وبحث معها الزمن القضائي الذي يستغرقه البت في العديد من القضايا. وأكد وفق بلاغ صادر عن رئاسة الجمهورية، أنه «لا يُمكن تطهير البلاد إلا بقضاء عادل، فلا يُظلم أحد ولا يفلت من المحاسبة أحد»، مشيراً في هذا السياق، إلى وجود كثير من القضاة الشرفاء، الذين يعون «أهمية وظيفتهم النبيلة في إرساء العدل، ويتساوى أمامهم كلّ المتقاضين، فالعدل أساس العمران وغيابه مؤذن بخرابه».

في سياق آخر، أكّد رئيس الجمهورية إعادة مشروع تنقيح مجلة الشغل، بما يضمن حقّ العمال بإنهاء عقود المناولة، ومع التحسّب في هذا المشروع لكلّ من يستبدل بعمّالٍ آخرين، حتى لا تنطبق عليه الأحكام الجديدة مع ترتيب آثار جزائية على هذه الممارسات.

وشدد الرئيس سعيد في هذا السياق على وضع حدّ لما يسمى العقود المحدودة في الزمن في أسرع الأوقات، «لأن العلاقة الشغلية يجب أن تكون عادلة، ولأن العامل له الحقّ في أجر مجز، وفي حياة مستقرّة مع التحسّب أيضاً في مشروع نصّ القانون للحالات، التي يمكن أن يستغلّها ليغمطوا العمّال حقوقهم».

وخلّص رئيس الجمهورية إلى التأكيد على أن الاستقرار الاجتماعي «لا يمكن أن يتحقّق إلا على أساس العدل».