أعلن حزب العدالة والتنمية المغربي المعارض (مرجعية إسلامية)، رفضه المساس بالمرجعية الإسلامية وثوابت الدستور المغربي خلال تعديل مدونة الأسرة (قانون الأسرة).
وجاء، في مذكرة للحزب، أُعلن عنها مساء أمس (الجمعة)، في لقاء صحافي بالرباط، أنه يرفض المساواة في الإرث بين الرجل والمرأة، كما يرفض رفع التجريم عن العلاقات الجنسية الرضائية، وإباحة زواج المسلمة بغير المسلم. وعبَّر الحزب عن استعداده للتفاعل الإيجابي مع النقاش والمقترحات في إطار المرجعية الإسلامية والمرتكزات الدستورية، لكنه سجَّل في الوقت نفسه اختلافه ورفضه التام لبعض المقترحات المتعارضة مع أحكام الشريعة الإسلامية، والمخالفة للثوابت الدستورية، مشيراً في هذا السياق إلى رفضه التام لأي مساس بالمرجعية الإسلامية لمدونة (قانون) الأسرة، بوصفها مرجعية الدولة والمجتمع. وعد الحزب أن الانفتاح المقبول والمحمود على الممارسات الفضلى المتعلقة بالأسرة في الاتفاقيات والمواثيق الدولية ذات الصلة، ينبغي أن يراعي التحفظات التي سبق أن سجَّلتها المملكة المغربية، والتي على أساسها رفض المغرب مجموعة من التوصيات أمام تقرير الفريق العامل المعني بالاستعراض الدوري الشامل. كما رفض الحزب فصل مدونة الأسرة عن أحكام الفقه المالكي المكتوبة والمتواترة، والمعلومة في مصادرها فيما لا نص فيه، ورفضه حذف المادة 400 من المدونة، التي تشير إلى العودة إلى أحكام الفقه المالكي فيما ليس فيه نص بالمدونة. كما أشار الحزب إلى أن المذهب المالكي اختاره المغاربة منذ أكثر من 12 قرناً مذهباً رسميا للدولة المغربية، وظل إلى يومنا هذا تعبيراً عن الوحدة المذهبية الدينية، والأصالة الحضارية للأمة المغربية. وعبر بهذا الخصوص عن رفضه التام للمطالب المتعلقة بالمساواة في الإرث، حيث أكد على «تشبثه بنظام الإرث في الإسلام جملة وتفصيلاً، كما قرره القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة»، في نصوص قطعية. وعدّ أن الوصية كما استقرت في الفقه المالكي «كافية لمعالجة بعض الحالات الطارئة»، وأن الصيغة المبدعة التي اعتمدتها المادة 49 من مدونة الأسرة بخصوص الأموال المكتسبة أثناء الزواج «تُعتبر من حيث المبدأ من أجود صيغ العدل»، لأنها جمعت في الآن ذاته بين تثبيت مبدأ الذمة المالية المستقلة للمرأة، وفتح المجال أمامها لإثبات أي حق مكتسَب لها، سواء اتفق على ذلك وعلى حجمه مسبقاً، أو من خلال إثبات مساهمتها الفعلية في تنمية ثروة الأسرة بمختلف وسائل الإثبات الشرعية والقانونية، والتوافق على ذلك في وثيقة ملحقة بعقد الزواج.
في سياق ذلك، عبر الحزب أيضاً عن رفضه لحذف التعصيب في الإرث، مع معالجة بعض الوضعيات التي تنجم عن التطبيق، مع إقرار ضمانات تمنع الوقوع في حالات، من شأنها أن تؤدي إلى تشرد الورثة أو تجعلهم في أوضاع هشة. وبخصوص إصلاح مدونة الأسرة، جاء في مذكرة الحزب أنه يمكن إسناد النظر للقضاء، بما لا يسمح بتشريد أرملة وبنات المتوفّى فيما يخص السكن الرئيسي، وذلك بجعل هذا السكن الذي لا يتجاوز في قيمته المالية سقفاً معيناً، يتم تحديده بموجب نص تنظيمي، غير قابل للقسمة.
من جهة أخرى، رفض الحزب الدعوة لإباحة تزويج المسلمة بغير المسلم تحت ستار المساواة، وذلك لاندراجها ضمن النصوص القرآنية القطعية، التي رخصت للرجال دون النساء الزواج بغير المسلمة، وقيدت ذلك بأن يكون من أهل الكتاب.
أما بخصوص تعدد الزوجات، فقد أعلن الحزب رفضه التام لمنعه، كما رفض إلغاء تجريم العلاقات الجنسية الرضائية خارج الزواج باسم الحريات الفردية. كما أعلن الحزب أيضاً رفضه رفع التجريم عن الإجهاض، وعدّه «قتل الجنين بغير حق» باسم «ما يُسمَّى الحق في التصرف بالجسد»، وفيما يتعلق بزواج الفتاة القاصر، اقترح الحزب الإبقاء على تحديد الاستثناء في سن الزواج بـ15 عاماً كحد أدنى، مع إلزامية إجراء القضاة المكلفين الإذن بالزواج دون سن الأهلية مقابلة الفتاة طالبة الإذن من دون حضور أبويها أو وليها، وبحضور كتابة الضبط، وجلسة استماع للأب وجلسة أخرى مع الأم، وكذا إجراء بحث اجتماعي ميداني حول المخطوبة والخاطب، قصد التأكد من توفر شرط الأهلية المادية والأخلاقية للقيام بالواجبات والحقوق المتبادلة بين الزوجين.
وتشترط المادة 19 من قانون الأسرة المغربي بلوغ سن قانونية للزواج هي 18 سنة، لكن بشكل استثنائي يمكن للقاضي الإذن لمن طلب الزواج في سن أقل. وتواصل اللجنة المكلفة إصلاح مدونة الأسرة مشاوراتها مع الأحزاب والنقابات والجمعيات لإعداد تعديلات على مدونة الأسرة، التي لم يتم إدخال تعديلات عليها منذ سنة 2004.