«سيناريو التهجير» هاجس مصري مستمر رغم «الرفض الدولي»

«الخارجية» قالت إن إجراءات إسرائيل تدفع نحو نزوح الفلسطينيين

وزراء خارجية اللجنة العربية - الإسلامية والأمين العام لجامعة الدول العربية مع وزير خارجية إسبانيا في برشلونة (الخارجية المصرية)
وزراء خارجية اللجنة العربية - الإسلامية والأمين العام لجامعة الدول العربية مع وزير خارجية إسبانيا في برشلونة (الخارجية المصرية)
TT

«سيناريو التهجير» هاجس مصري مستمر رغم «الرفض الدولي»

وزراء خارجية اللجنة العربية - الإسلامية والأمين العام لجامعة الدول العربية مع وزير خارجية إسبانيا في برشلونة (الخارجية المصرية)
وزراء خارجية اللجنة العربية - الإسلامية والأمين العام لجامعة الدول العربية مع وزير خارجية إسبانيا في برشلونة (الخارجية المصرية)

لا تزال مصر تتحسب لسيناريو «تهجير سكان قطاع غزة» إلى شبه جزيرة سيناء، رغم الدعم الدولي العلني للموقف المصري الرافض «المخطط الإسرائيلي». وقال وزير الخارجية المصري سامح شكري، الاثنين: إن الإجراءات التي تقوم بها إسرائيل «تدفع نحو التهجير»، كما اتهم الدول - التي تعلن علانية معارضتها التهجير – بـ«عدم اتخاذ إجراءات كافية للحيلولة دون وقوعه».

تصريحات شكري جاءت خلال تواجده في برشلونة لحضور اجتماعات «المنتدى الإقليمي الثامن للاتحاد من أجل المتوسط»، بمشاركة وزراء خارجية اللجنة العربية - الإسلامية، وتضمنت التأكيد على «الموقف الجامع الرافض بشكل قاطع سياسات الجانب الإسرائيلي التي تهدف إلى التهجير القسري لسكان قطاع غزة، من خلال خلق أوضاع جديدة تجعل القطاع غير قابل للعيش».

ومنذ بداية الحرب، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، طالب الجيش الإسرائيلي سكان شمال قطاع غزة بالنزوح نحو الجنوب بالقرب من الحدود المصرية، ومع بداية «الهدنة المؤقتة» الأيام الماضية، لم تسمح إسرائيل بعودة كثير من النازحين إلى ديارهم.

وكانت وسائل إعلام إسرائيلية نشرت «وثيقة منسوبة» لوزارة الاستخبارات الإسرائيلية، في 13 أكتوبر الماضي. تقترح الوثيقة، نقل السكان المدنيين في غزة إلى شمال سيناء، بدعوى أن مثل هذه الخطة «ستكون الأفضل لأمن إسرائيل على المدى الطويل».

ورفضت مصر في مناسبات عدة أي مساعٍ لتهجير الفلسطينيين قسرياً إلى الأراضي المصرية، كما عملت على «مواجهة مخططات الإخلاء القسري الإسرائيلية بشكل واضح من اللحظة الأولى»، وفق السفير صلاح حليمة، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، الذي قال لـ«الشرق الأوسط»: إن «الموقف المصري وثباته نجح في انتزاع مساندة دولية ضد التهجير القسري، سواء من قطاع غزة أو الضفة الغربية وإنهاء المحاولات الإسرائيلية لخلخلة الوضع الديموغرافي للسكان داخل الأراضي الفلسطينية بهدف ضم مزيد من الأراضي لصالح إسرائيل».

وبخلاف اللجوء للضغط عبر المنظمات الدولية المختلفة لمساندة الموقف المصري برفض التهجير، فإن الدكتور أحمد أبو الوفا، أستاذ القانون الدولي بجامعة القاهرة، يشير في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى إمكانية توجه مصر نحو مجلس الأمن وطلب استصدار قرار وفق الباب السابع من ميثاق الأمم المتحدة يكون ملزماً للدول لاتخاذ «التدابير اللازمة» لمنع عملية التهجير، وهي «تدابير» تنقسم إلى نوعين: عسكرية وغير عسكرية تنفذ بحق إسرائيل.

لكن صدور مثل هذا القرار حتى لو اقتصر على التدابير غير العسكرية المرتبطة بقطع العلاقات التجارية مع إسرائيل وإجراءات أخرى ذات طابع مدني، لا يعدّه أبو الوفا «أمراً سهلاً، خاصة في ظل وجود حق النقض (الفيتو) الذي يمكن استخدامه من الدول دائمة العضوية بالمجلس، والتي لن تسمح بصدور مثل هذا القرار لتبعاته الخطيرة على تل أبيب». غير أن وجهة النظر السابقة يختلف معها مساعد وزير الخارجية الأسبق الذي يعتقد بأن «موقف الدول الخمس المعلن مساند للموقف المصري برفض التهجير القسري».

ويستند حليمة في تقييمه إلى التصريحات الرسمية الصادرة عن قادة الدول الأعضاء بالمجلس والتي تشير إلى رفض الموقف الإسرائيلي الداعم التهجير؛ وهو ما سيجعل هناك حرجاً في استخدام «الفيتو» ضد قرار يتسق بشكل كامل مع القوانين الدولية والمواقف المعلنة لهذه الدول.

ويعتقد الدكتور حامد فارس، خبير العلاقات الدولية، أن التحركات المصرية بالتنسيق مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة «نجحت في حشد رفض دولي لمخططات التهجير، وهو حشد لعبت فيه الدول العربية والإسلامية دوراً مهماً ليكون الحديث عن ضرورة إدخال مزيد من المساعدات لقطاع غزة وفتح ممرات لإيصال هذه المساعدات وليس إجلاء السكان». ويرى فارس، أن الرفض المصري الثابت لتهجير أهالي غزة سيجعل كل الخيارات مفتوحة أمام مصر للحفاظ على سيادتها وأمنها القومي.


مقالات ذات صلة

«القسام»: مقتل أسيرة في هجوم إسرائيلي على شمال قطاع غزة

المشرق العربي مبنى مدمّر نتيجة القصف الإسرائيلي في جباليا بشمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

«القسام»: مقتل أسيرة في هجوم إسرائيلي على شمال قطاع غزة

أعلن المتحدث باسم «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» الفلسطينية، أبو عبيدة، اليوم (السبت)، مقتل أسيرة إسرائيلية في هجوم إسرائيلي على شمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي فتاة فلسطينية نازحة تأكل كسرة خبز في مخيم برفح جنوب قطاع غزة (د.ب.أ)

مقتل 3 فلسطينيات بسبب «ربطة خبز» في غزة

تقف يومياً ولساعات طوابير طويلة من الفلسطينيين أمام المخابز للحصول على «ربطة خبز» واحدة تتكون من نحو 22 رغيفاً.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية جنود في مقبرة بالقدس خلال تشييع رقيب قُتل في غزة يوم 20 نوفمبر (أ.ب)

صرخة جندي عائد من غزة: متى سيستيقظ الإسرائيليون؟

نشرت صحيفة «هآرتس» مقالاً بقلم «مقاتل في جيش الاحتياط»، خدم في كل من لبنان وقطاع غزة. جاء المقال بمثابة صرخة مدوية تدعو إلى وقف الحرب.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)

لا أمل لدى سكان غزة في تراجع الهجمات بعد أمري اعتقال نتنياهو وغالانت

لم يشهد سكان غزة، الجمعة، ما يدعوهم للأمل في أن يؤدي أمرا الاعتقال بحق نتنياهو وغالانت إلى إبطاء الهجوم على القطاع الفلسطيني، مع إعلان مقتل 21 شخصاً على الأقل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي جنود إسرائيليون خلال العملية البرية داخل قطاع غزة (رويترز)

الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل أحد جنوده في معارك بشمال غزة

أعلن الجيش الإسرائيلي، الخميس، مقتل أحد جنوده في معارك في شمال قطاع غزة. وأضاف أن الجندي القتيل يدعى رون إبشتاين (19 عاماً) وكان ينتمي إلى لواء غيفعاتي.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)
أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)
TT

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)
أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)

استعادت قوات الجيش السوداني، السبت، مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار في جنوب شرقي البلاد، ما يسهل على الجيش السيطرة على كامل الولاية. وأظهرت مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، مئات الأشخاص يخرجون إلى الشوارع احتفالاً باستعادة المدينة التي ظلت لأكثر من 5 أشهر تحت سيطرة «قوات الدعم السريع».

وقال مكتب المتحدث الرسمي باسم الجيش، في بيان نشر على مواقع التواصل الاجتماعي، إن «القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى دخلت رئاسة الفرقة 17 مشاة بمدينة سنجة». ولم يصدر أي تعليق من «قوات الدعم السريع» التي كانت استولت في مطلع يوليو (حزيران) الماضي، على مقر «الفرقة 17 مشاة» في مدينة سنجة بعد انسحاب قوات الجيش منها دون خوض أي معارك. ونشر الجيش السوداني مقاطع فيديو تظهر عناصره برتب مختلفة أمام مقر الفرقة العسكرية الرئيسة.

بدوره، أعلن الناطق الرسمي باسم الحكومة وزير الثقافة والإعلام، خالد الأعيسر، عودة مدينة سنجة إلى سيطرة الجيش. وقال في منشور على صفحته في «فيسبوك»، نقلته وكالة أنباء السودان الرسمية، إن «العدالة والمحاسبة مقبلتان وستطولان كل من أسهم في جرائم، وستتم معاقبة المجرمين بما يتناسب مع أفعالهم».

وأضاف أن «الشعب السوداني وقواته على موعد مع تحقيق مزيد من الانتصارات التي ستعيد للبلاد أمنها واستقرارها، وتطهرها من الفتن التي زرعها المتمردون والعملاء ومن يقف خلفهم من دول وأطراف متورطة».

وفي وقت سابق، تحدث شهود عيان عن تقدم لقوات الجيش خلال الأيام الماضية في أكثر من محور صوب المدينة، بعد أن استعادت مدينتي الدندر والسوكي الشهر الماضي، إثر انسحاب «قوات الدعم السريع». وقال سكان في المدينة لـ«الشرق الأوسط»، إن قوات الجيش وعناصر المقاومة الشعبية انتشروا بكثافة في شوارع سنجة، وإنهم فرحون بذلك الانتصار.

مسلّحون من «قوات الدعم السريع» في ولاية سنار بوسط السودان (أرشيفية - مواقع التواصل)

وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، خاض الجيش معارك ضارية ضد «قوات الدعم السريع»، نجح من خلالها في استعادة السيطرة على منطقة «جبل موية» ذات الموقع الاستراتيجي التي تربط بين ولايات سنار والجزيرة والنيل الأبيض. وبفقدان سنجة تكون «قوات الدعم السريع» قد خسرت أكثر من 80 في المائة من سيطرتها على ولاية سنار الاستراتيجية، حيث تتركز بقية قواتها في بعض البلدات الصغيرة.

يذكر أن ولاية سنار المتاخمة لولاية الجزيرة في وسط البلاد، لا تزال تحت سيطرة «قوات الدعم السريع»، التي تسيطر أيضاً على معظم أنحاء العاصمة الخرطوم ومنطقة غرب دارفور الشاسعة، إضافة إلى جزء كبير من ولاية كردفان في جنوب البلاد.

ووفقاً للأمم المتحدة نزح أكثر من نحو 200 ألف من سكان ولاية سنار بعد اجتياحها من قبل «قوات الدعم السريع».

واندلعت الحرب بين الجيش و«قوات الدعم السريع» في منتصف أبريل (نيسان) 2023، بعد خلاف حول خطط لدمج «الدعم السريع» في الجيش خلال فترة انتقالية كان من المفترض أن تنتهي بإجراء انتخابات للانتقال إلى حكم مدني، وبدأ الصراع في العاصمة الخرطوم وامتد سريعاً إلى مناطق أخرى. وأدى الصراع إلى انتشار الجوع في أنحاء البلاد وتسبب في أزمة نزوح ضخمة، كما أشعل موجات من العنف العرقي في أنحاء البلاد.